أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-7-2020
2983
التاريخ: 29-12-2022
1226
التاريخ: 29-9-2016
1854
التاريخ: 29-9-2016
1808
|
أنها أعظم المهلكات و أشد المعاصي ، و قد نص اللّه سبحانه على ذمها في كتابه ، و شبه صاحبها بآكل لحم الميتة ، فقال : { وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات : 12] , وقال : {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148] , وقال : {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18].
وقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) : «المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه», و الغيبة تتناول العرض , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «إياكم و الغيبة ، فان الغيبة أشد من الزنا ، فان الرجل قد يزنى و يتوب فيتوب اللّه عليه ، و إن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوهم باظافيرهم ، فقلت : يا جبرئيل ، من هؤلاء؟ , قال الذين يغتابون الناس ، و يقعون في اعراضهم» , و خطب (صلى اللّه عليه و آله) يوما حتى أسمع العواتق في بيوتها ، فقال : «يا معشر من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه! لا تغتابوا المسلمين ، و لا تتبعوا عوراتهم ، فان من تتبع عورة أخيه يتتبّع اللّه عورته حتى يفضحه في جوف بيته» , و خطب (صلى اللّه عليه و آله) يوما فذكر الربا و عظم شأنه ، فقال : «إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند اللّه في الخطيئة من ست و ثلاثين زنية يزنيها الرجل ، و إن أربى الربا عرض الرجل المسلم» , و مر (صلى اللّه عليه و آله) على قبرين يعذب صاحباهما ، فقال : «إنهما ليعذبان في كبيرة ، أما أحدهما فكان يغتاب الناس ، و اما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله» , و دعا بجريدة رطبة أو جريدتين فكسرهما ، ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبره ، وقال : «أما إنه يهون من عذابهما ما كانتا رطبتين» , و روي «أنه (صلى اللّه عليه و آله) أمر الناس بصوم يوم ، و قال : لا يفطرن أحد حتى آذن له , فصام الناس ، حتى إذا أمسوا ، جعل الرجل يجيء فيقول : يا رسول اللّه ، ظلت صائما فاذن لي لأفطر، فيأذن له ، و الرجل و الرجل ، حتى جاء رجل ، فقال : يا رسول اللّه ، فتاتان من أهلي ظلتا صائمتين ، و انهما تستحيان أن تأتياك ، فأذن لهما لتفطرا. فاعرض عنه ثم عاوده فاعرض عنه , ثم عاوده ، فقال : انهما لم تصوما ، و كيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس ، أذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن تستقيئا , فرجع إليهما فاخبرهما ، فاستقاءتا ، فقاءت كل واحدة منهما حلقة من دم , فرجع إلى النبي (صلى اللّه عليه و آله) فاخبره ، فقال : والذي نفس محمد بيده! لو بقيتا في بطنيهما لا كلتهما النار» , و أوحى اللّه تعالى الى موسى (عليه السلام) : «من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة ، و من مات مصرا عليها فهو اول من يدخل النار» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «من مشى في غيبة أخيه و كشف عورته كانت أول خطوة خطاها و ضعها في جهنم ، فكشف اللّه عورته على رءوس الخلائق.
ومن اغتاب مسلما ، بطل صومه و نقض وضوءه ، فان مات و هو كذلك مات و هو مستحل لما حرم اللّه» , وقال (صلى اللّه عليه و آله) : «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الاكلة في جوفه» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «الجلوس في المسجد انتظارا للصلاة عبادة ، ما لم يحدث» ، فقيل : يا رسول اللّه و ما الحدث؟ , قال : «الاغتياب» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة ، إلا أن يغفر له صاحبه» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «من اغتاب مسلما في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «من اغتاب مؤمنا بما فيه ، لم يجمع اللّه بينهما في الجنة أبدا ، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه ، انقطعت العصمة بينهما ، و كان المغتاب في النار خالدا فيها و بئس المصير» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة , فاجتنب الغيبة فانها إدام كلاب النار» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «ما عمر مجلس بالغيبة إلا خرب بالدين ، فنزهوا أسماعكم من استماع الغيبة ، فان القائل و المستمع لها شريكان في الإثم» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «ما النار في التبن بأسرع من الغيبة في حسنة العبد» , و قال الصادق (عليه السلام) : «من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال اللّه عز و جل : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 19].
و قال (عليه السلام) :«من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من أعين الناس ، اخرجه اللّه من ولايته إلى ولاية الشيطان ، فلا يقبله الشيطان» , وقال (عليه السلام) : «من اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان» , و قال (عليه السلام) : «الغيبة حرام على كل مسلم ، و انها لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».
والأخبار الواردة في ذم الغيبة مما لا يكاد يمكن حصرها ، و ما ذكرناه كاف لأيقاظ الطالبين والعقل أيضا حاكم بأنها أخبث الرذائل ، و قد كان السلف لا يرون العبادة في الصوم و الصلاة بل في الكف عن اعراض الناس ، لأنه كان عندهم أفضل الأعمال ، و يرون خلافه صفة المنافقين ، و يعتقدون أن الوصول إلى المراتب العالية في الجنة يتوقف على ترك الغيبة ، لما ورد عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) أنه قال : «من حسنت صلاته و كثرت عياله ، و قل ماله ، و لم يغتب المسلمين ، كان معي في الجنة كهاتين» , وما أقبح بالرجل المسلم أن يغفل عن عيوب نفسه ، و يتجسس على عيوب اخوانه ، و يظهرها بين الناس ، فما باله يبصر القذى في عين أخيه ، و لا يبصر الجذع في عين نفسه.
فيا حبيبي ، اذا أردت أن تذكر عيوب غيرك ، فاذكر عيوبك ، و تيقن بأنك لن تصيب حقيقة الايمان ، حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك ، و حتى تبدأ باصلاح ذلك العيب , و إذا كان شغلك إصلاح عيوب نفسك ، كان شغلك في خاصة نفسك ، و لم تكن لك فرصة للاشتغال بغيرك ، و حينئذ كنت من أحب العباد إلى اللّه ، لقول النبي (صلى اللّه عليه و آله) : «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس!» , و اعلم أن عجز غيرك في الاجتناب عن ذلك العيب و صعوبة ازالته عليه كعجزك عن الاجتناب عنه إن كان ذلك العيب فعلا اختياريا ، و إن كان أمرا خلقيا ، فالذم له ذم للخالق تعالى.
فإن من ذم صنعة فقد ذم صانعها , قيل لبعض الحكماء : يا قبيح الوجه! فقال : «ما كان خلق وجهي إلي فاحسنه».
ولو فرض براءتك عن جميع العيوب ، فلتشكر اللّه ، و لا تلوث نفسك بأعظم العيوب , إذا أكل لحوم الميتات أشد العيوب و أقبحها ، مع انك لو ظننت خلوّك عن جميع العيوب لكنت أجهل الناس ، و لا عيب أعظم من مثل هذا الجهل.
ثم ينبغي أن يعلم المغتاب ان الغيبة تحبط حسناته و تزيد في سيئاته , لما ثبت من الأخبار الكثيرة : ان الغيبة تنقل حسنات المغتاب يوم القيامة إلى من اغتابه ، و ان لم تكن له حسنة نقل إليه من سيئاته , قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) : «يؤتى أحدكم يوم القيامة ، فيوقف بين يدي اللّه تعالى و يدفع إليه كتابه ، فلا يرى حسناته ، فيقول : إلهي ليس هذا كتابي ، فإني لا أرى فيه طاعتي ، فيقول له : إن ربك لا يضل و لا ينسى ، ذهب عملك باغتياب الناس , ثم يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه ، فيرى فيه طاعات كثيرة ، فيقول : إلهي ما هذا كتابي ، فإني ما عملت هذه الطاعات ، فيقول له : إن فلانا اغتابك فدفعت حسناته إليك» , و في معناه أخبار اخر.
ولا ريب في أن العبد يدخل النار بأن تترجح كفة سيئاته ، و ربما تنقل إليه سيئة واحدة مما اغتاب به مسلما ، فيحصل به الرجحان و يدخل لأجله النار.
وأقل ما في الباب أن ينقص من ثواب صالحات أعماله ، و ذلك بعد المخاصمة و المطالبة و السؤال و الجواب و المناقشة في الحساب.
وروي عن بعضهم : «أن رجلا قيل له : ان فلانا قد اغتابك ، فبعث إليه طبقا من الرطب ، و قال : بلغني أنك قد أهديت الي من حسناتك ، فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني ، فاني لا أقدر أن أكافئك على التمام».
والحاصل : أن العاقل ينبغي أن يتأمل في أن من يغتابه ان كان صديقا و محبا له ، فإظهار عيوبه وعثراته بعيد عن المروة و الإنصاف ، و ان كان عدوا له ، فتحمل خطاياه و معاصيه و نقل حسناته إلى ديوانه غاية الحماقة و الجهل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|