المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6255 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
هل يجوز للمكلف ان يستنيب غيره للجهاد
2024-11-30
جواز استيجار المشركين للجهاد
2024-11-30
معاونة المجاهدين
2024-11-30
السلطة التي كان في يدها إصدار الحكم، ونوع العقاب الذي كان يوقع
2024-11-30
طريقة المحاكمة
2024-11-30
كيف كان تأليف المحكمة وطبيعتها؟
2024-11-30



حقوق النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله )  
  
2174   02:52 مساءاً   التاريخ: 26-9-2016
المؤلف : ألسيد مهدي الصدر.
الكتاب أو المصدر : أخلاق أهل البيت
الجزء والصفحة : ص305-319.
القسم : الاخلاق و الادعية / حقوق /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2020 2812
التاريخ: 28-9-2016 3114
التاريخ: 3-7-2019 2702
التاريخ: 28-9-2016 2237

كان نبيّنا الأعظم محمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، المثل الأعلى في سائر نواحي الكمال اصطفاه اللّه مِن الخَلق واختاره من العباد ، وحباه بأرفع الخصائص والمواهب التي حبا بها الأنبياء (عليهم السلام) ، وجمع فيه ما تفرّق فيهم مِن صنوف العظمات والأمجاد ما جعله سيّدهم وخاتمهم .

وناهيك في عظمته أنّه استطاع بجهوده الجبّارة ومبادئه الخالدة ، أنْ يحقّق في أقلِّ من ربع قرن من الانتصارات الروحيّة والمكاسب الدينيّة ، ما لم يستطع تحقيقه سائر الأنبياء والشرائع في أكثر مِن قرون .

جاء بأكمل الشرائع الإلهيّة ، وأشدّها ملائمة لأطوار الحياة ، وأكثرها تكفّلاً بإسعاد الإنسان ماديّاً وروحيّاً ، ديناً ودنياً ، فأخرج الناس من ظلمة الكُفر إلى نور الإسلام ، ومِن شقاء الجاهليّة إلى السعادة الأبديّة , وجعل أُمّته أكمل الأُمم ديناً ، وأوفرهم عِلماً ، واسماهم أدباً وأخلاقاً ، وأرفعهم حضارةً ومجداً .

وقد عانى في سبيل ذلك مِن ضروب الشدائد والأهوال ، ما لم يعانه أيُّ نبيّ .

من أجل ذلك ، فإن القلم عاجز عن تعداد أياديه ، وحصر حقوقه على المسلمين سيّما في هذه الرسالة الوجيزة .

فلا بدّ من الإشارة إليها والتلويح عنها .

وهي ، بعد الإيمان بنبوته ، وتصديقه فيما جاء به من عند اللّه عزّ وجل ، والاعتقاد بأنّه سيّد الرسل ، وخاتم الأنبياء :

1 - طاعته :

وطاعة النبيّ فرضٌ محتّمٌ على الناس ، كطاعة اللّه تعالى ، إذ هو سفيره إلى العباد ، وأمينه على الوحي ، ومنار هدايته الوضّاء .

وواقع الطاعة هو : إتباع شريعته ، وتطبيق مبادئه الخالدة ، التي ما سعِد المسلمون ونالوا آمالهم وأمانيهم ، إلاّ بالتمسّك بها والحفاظ عليها , وما تخلفوا واستكانوا إلا بإغفالها والانحراف عنها .

أنظر كيف يحرض القرآن الكريم على طاعة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ويحذّر مغبّة عصيانه ومخالفته ، حيث قال :

{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر : 7].

وقال تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب : 36].

وقال سُبحانه : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء : 13، 14] .

وقال عزّ وجل : {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [المجادلة : 20، 21].

2 - محبّته :

تختلف دواعي الحبّ والإعجاب باختلاف نزَعات المُحبّين وميولهم ، فمِن الناس مَن يحب الجمال ويُقّدسه ، ومنهم مَن يحبّ البطولة والأبطال ويمجدهم، ومنهم من يحب الأريَحيّة ويشيد بأربابها .

وقد اجتمع في النبيّ الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) كلّ ما يفرض المحبّة ويدعو إلى الإعجاب ، حيث كان نموذجاً فذاً ، ونمطاً فريداً بين الناس , لخصّ اللّه فيه آيات الجمال والكمال ، وأودع فيه أسرار الجاذبيّة ، فلا يملك المرء إزائه إلاّ الحبّ والإجلال ، وهذا ما تشهد به شخصيّته المثاليّة ، وتأريخه المجيد .

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يصف شمائل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) :

( كان نبيُّ اللّه أبيضَ اللون ، مُشرباً حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كث اللحية ، ذا وفرة  دقيق المسربة ، كأنّما عنقه إبريق فضّة يجري في تراقيه الذهب ، له شعر مِن لبَّتِه إلى سرّته كقضيب خيط ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى كأنّه ينقلع مِن صخر ، إذا أقبل كأنّما ينحدر مِن صب ، إذا التفت التفت جمعاً بأجمعه ، ليس بالقصير ولا بالطويل ، كأنّما عرَقه في وجهه اللؤلؤ ، عرقه أطيبُ مِن المسك ) .

وقال ( عليه السلام ) وهو يصف أخلاق الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( كان أجود الناس كفّاً ، وأجرأ الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجةً ، وأوفاهم ذمّةً ، وأليَنُهم عريكةً ، وأكرمهم عِشرةً ، مَن رآه بديهة هابه ، ومَن خالطه فعرفه أحبّه ، لم أر مثله قبله ولا بعده ) (1) .

ولأجل تلك الشمائل والمآثر ، أحبّه الناس على اختلاف ميولهم في الحبّ : أحبّه الأبطال لبطولته الفذّة التي لا يجاريه فيها بطلٌ مغوار ، وأحبّه الكرام إذ كان المثل الأعلى في الأريحيّة والسخاء ، وأحبّه العُبَّاد لتولّهه في العبادة وفنائه في ذات اللّه ، وأحبّه أصحابه المخلصون المثاليّته الفذّة في الخَلق والخُلق .

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( جاء رجلٌ مِن الأنصار إلى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال : يا رسول اللّه ، ما استطيع فراقك ، وإنّي لأدخل منزلي فأذكرك ، فأترك ضَيعتي وأقبِل حتّى أنظر إليك حبّاً لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة ، وأدخلتَ الجنّة ، فرُفِعت في أعلى عِليّين  فكيف لي بك يا نبيّ اللّه ؟ ، فنزل : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء : 69] .

فدعا النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) الرجلَ فقرأها عليه وبشّره بذلك ) .

وقال أنَس : جاء رجلٌ من أهل البادية ، وكان يُعجبنا أنْ يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فقال : يا رسول اللّه متى قيام الساعة ؟ , فحضرت الصلاة ، فلمّا قضى صلاته ، قال : ( أين السائل عن الساعة ؟).

قال : أنا يا رسول اللّه.

قال : ( فما أعددتَ لها ؟).

قال : واللّه ما أعددت لها مِن كثير عمل صلاة ولا صوم ، إلا أنّي أحبّ اللّه ورسوله .

فقال له النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( المرء مع من أحبّ ) .

قال أنَس : فما رأيت المسلمين فرِحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ مِن فرحهم بهذا  .

وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، قال : ( كان رجلٌ يبيع الزيت ، وكان يحبّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حبّاً شديداً ، كان إذا أراد أنْ يذهب في حاجة لم يمضِ حتّى ينظر إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، قد عُرِف ذلك منه ، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه . حتّى إذا كان ذات يوم ، دخل فتطاول له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حتّى نظر إليه ثمّ مضى في حاجته ، فلم يكن بأسرع مِن أنْ رجَع ، فلمّا رآه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قد فعل ذلك ، أشار إليه بيده اجلس ، فجلس بين يديه ، فقال : مالك فعلت اليوم شيئاً لم تكن تفعله قبل ؟.

فقال : يا رسول اللّه ، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ، لغشى قلبي شيء مِن ذكرك ، حتّى ما استطعت أنْ أمضي في حاجتي ، رجعت إليك.

فدعا له وقال له خيراً .

ثمّ مكث رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أيّاماً لا يراه ، فلمّا فقده سأل عنه ، فقيل له : يارسول اللّه ، ما رأيناه منذ أيّام .

فانتعل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وانتعل معه أصحابه ، فانطلق حتّى أتى سوق الزيت  فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد ، فسأل عنه جيرته ، فقالوا : يا رسول اللّه ، مات...ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً ، إلاّ انّه قد كان فيه خصلة .

قال : وما هي ؟.

قالوا : كان يَزهَق ( يعنون ، يتبع النساء ) .

فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : لقد كان يحبّني حُبّاً ، لو كان بخّاساً لغفر اللّه له )(2) .

3 - الصلاة عليه :

قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب : 56] .

درَج الناس على إجلال العظماء وتوقيرهم بما يستحقّونه من صور الإجلال والتوقير ، تكريماً لهم وتقديراً لجهودهم ومساعيهم في سبيل أُممهم .

ومن هنا كان السلام الجمهوري والتحيّة العسكريّة فرضاً على الجنود ، تبجيلاً لقادتهم وإظهاراً لإخلاصهم لهم .

فلا غرابة أنْ يكون من حقوق النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) على أمته - وهو سيّد الخلق وأشرفهم جميعاً - تعظيمه والصلاة عليه ، عند ذكر اسمه المبارك أو سماعه ، وغيرهما من مواطن الدعاء .

وقد أعرَبت الآية الكريمة عن بالغ تكريم اللّه تعالى وملائكته للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } [الأحزاب : 56] ، ثمّ وجّهَت الخطاب إلى المؤمنين بضرورة تعظيمه والصلاة والسلام عليه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب : 56].

وجاءت نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) توضّح خصائص ورغبات الصلاة عليه بأُسلوبٍ شيّق جذّاب .

فمِن ذلك ما جاء عن ابن أبي حمزة عن أبيه ، قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن قول اللّه عزَّ وجل : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب : 56] .

فقال : ( الصلاة مِن اللّه عزّ وجل رحمة ، ومِن الملائكة تزكية ، ومِن الناس دُعاء . وأمّا قوله عزّ وجل : ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ، فإنّه يعني بالتسليم له فيما ورد عنه ) .

قال : فقلت له : فكيف نصلّي على محمّدٍ وآله ؟.

قال : ( تقولون : صلوات اللّه وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمّدٍ وآل محمّدٍ ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته ) .

قال : فقلت فما ثواب من صلّى على النبيّ وآله بهذه الصلاة ؟.

قال : الخروج من الذنوب ، واللّه ، كهيئة يومٍ ولدته أُمّه (3) .

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( من صلّى على محمٍّد وآل محمّدٍ عشراً صلّى اللّه عليه وملائكته مِئة مرّة ، ومَن صلىّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ مِئة صلّى اللّه عليه وملائكته ألفاً ، أما تسمع قول اللّه تعالى : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (} [الأحزاب : 43] (4) .

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( كلّ دعاء يُدعى اللّه تعالى به ، محجوبٌ عن السماء حتّى يُصلّى على محمّدٍ وآل محمّد ) (5) .

وعن احدهما ( عليهما السلام ) قال : ( ما في الميزان شيءٌ أثقل من الصلاة على محمّدٍ وآل محمّد ، وإنّ الرجل ليوضَع أعمالَه في الميزان فيميل به ، فيُخرج ( صلّى اللّه عليه وآله ) ( الصلاة عليه ) فيضعها في ميزانه ، فيرجح به ) (6) .

وقال الرضا ( عليه السلام ) : ( مَن لم يقدر على ما يُكفّر به ذنوبه ، فليُكثر مِن الصلاة على محمّد وآله ، فإنّها تهدِم الذنوب هَدماً ) (7) .

وجاء في الصواعق (ص 87) ، قال : ويُروى ( لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء ) .

فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ .

قال : ( تقولون : اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وتمسكون ، بل قولوا : اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد) .

مودّة أهل بيته الطاهرين :

الذين فرضَ اللّه مودّتهم في كتابه ، وجعلها أجر الرسالة ، وحقّاً مفروضاً من حقوق النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فقال تعالى { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى : 23].

وقد اتّصف أهل البيت ( عليهم السلام ) بجميع دواعي الإعجاب والإكبار ، وبواعث الحبِّ والولاء ، كما وصَفهم الشاعر :

مِـن  مـعشرٍ حُـبّهم دينٌ ii وبُغضهم          كـفرٌ  وقُـربهم مـنجىً ii ومـعتصمُ

إنْ  عُـدّ أهـلُ الـتقى كانوا ii أئمّتهم         أو قيل مِن خيرِ أهل الأرضِ قِيل هُمُ

نَعَم هُم صفوةُ الخَلق ، وحُجج العباد ، وسُفن النجاة ، وخير مَن أقلّته الأرض وأظلّته السماء - بعد جدّهم الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) - حسَباً ونسَباً وفضائل وأمجاداً .

وكيف يرتضي الوجدان السليم محبّة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) دون أهل بيته الطاهرين  الجديرين بأصدَق مفاهيم الحبِّ والودِّ ، إنّها ولا ريب محبّةٌ زائفة تنُمّ عن نفاقٍ ولؤم ، كما جاء عن عبد اللّه بن مسعود قال : كنا مع النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في بعض أسفاره ، إذ هتَف بنا أعرابي بصوتٍ جمهور ، فقال : يا محمّدٍ .

فقال له النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ما تشاء ؟.

فقال : المرء يحبّ القوم ولا يعمل بأعمالهم .

فقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( المرء مع من أحبّ ) .

فقال : يا محمّد ، اعرض عليَّ الإسلام .

فقال : ( أشهد أنْ لا إله إلاّ اللّه ، وانّي رسول اللّه ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحجّ البيت ) .

فقال : يا محمّد ، تأخذ على هذا أجرأ ؟.

فقال : ( لا ، إلاّ المودّة في القربى ) .

قال : قرباي أو قرباك ؟.

 فقال : ( بل قرباي ) .

قال : هلمّ يدك حتّى أُبايعك ، لا خير فيمن يودّك ولا يودّ قرباك (8) .

وقد أجمع الإماميّة أنّ المراد بالقربى في الآية الكريمة ، هُم الأئمّة الطاهرون مِن أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ووافقهم على ذلك ثُلّة مِن أعلام غيرهم مِن المفسّرين والمحدّثين ، كأحمد بن حنبل ، والطبراني ، والحاكم عن ابن عبّاس .

كما نصّ عليه ابن حجَر ، في الفصل الأوّل من الباب الحادي عشر من صواعقه ، قال : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول اللّه مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم ؟.

 قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( عليّ وفاطمة وابناهما ) (9) .

انظر، كيف يحرّض النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أُمّته على مودّة قرباه وأهل بيته ، كما يحدّثنا به رواة الفريقين : فمّما ورد من طرقنا :

عن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن أحبّنا أهل البيت فليحمد اللّه على أوّل النِّعَم ) .

قيل : وما أوّل النعم ؟ .

قال : ( طيب الولادة ، ولا يحبّنا إلاَّ مَن طابت ولادته ) (10) .

وعن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : حُبّي وحبُّ أهل بيتي نافعٌ في سبعةِ مواطن ، أهوالهنّ عظيمة : عند الوفاة ، وفي القبر ، وعند النشور ، وعند الكتاب ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ) (11) .

وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : لو أنّ عبداً عبَد اللّه ألف عام ، ثمّ يُذبح كما يُذبح الكبش ، ثمّ أتى اللّه ببغضنا أهل البيت ، لرُدّ اللّه عليه عمله)(12) .

وعن الباقر ( عليه السلام ) عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ( لا تزول قدَم عبدٍ يوم القيامة مِن بين يدَيّ اللّه ، حتّى يسأله عن أربع خِصال : عمرِك فيما أفنيته ، وجسدِك فيما أبليته  ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته ، وعن حبنا أهل البيت ) (13) .

وعن الحكم بن عتيبة ، قال : بينا أنا مع أبي جعفر ( عليه السلام ) ، والبيت غاصٌّ بأهله ، إذ أقبل شيخٌ يتوكّأ على عنزة له ، حتّى وقف على باب البيت فقال : السلام عليك يابن رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته ، ثمّ سكت .

فقال أبو جعفر : ( وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته ) .

ثمّ أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال : السلام عليكم ، ثمّ سكت ، حتّى أجابه القوم جميعاً وردّوا عليه السلام .

ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، ثمّ قال : يابن رسول اللّه ، أدنني منك ، جعلني اللّه فداك ، فو اللّه إنّي لأحبّكم وأحبُّ مَن يحبّكم ، وواللّه ما أحبّكم وما أحبّ مَن يحبّكم لطمعٍ في دنيا , وإنّي لأبغض عدوّكم وأبرأ منه ، وواللّه ما أبغضه وأبرأ منه لوترٍ كان بيني وبينه , واللّه إنّي لأُحلّ حلالكم ، وأُحرّم حرامكم ، وأنتظر أمركم , فهل ترجو لي ، جعلني اللّه فِداك ؟!.

فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ( إليّ , إليّ ) ، حتّى أقعَده إلى جنبه .

ثمّ قال : ( أيّها الشيخ ، إنّ أبي عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) ، أتاه رجلٌ فسأله عن مثل الذي سألتني عنه ، فقال له أبي : إنْ تمُت ترِد على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وعليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ( عليهم السلام ) ، ويثلج قلبُك ، ويبرد فؤادُك ، وتقرّ عينيك ، وتستقبل بالرَّوح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسك هاهنا ـ وأهوى بيده إلى حلقه - وإنْ تعش ترَ ما يقرُّ اللّه به عينك ، وتكون معنا في السنام الأعلى ) (14) .

وممّا جاء مِن طُرق إخواننا :

وأخرج ابن حنبل والترمذي ، كما في الصواعق (ص 91) : أنّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أخذ بيد الحسنَين ، وقال : ( مَن أحبّني ، وأحبَّ هذين وأباهما وأُمّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة ) (15) .

وأخرج الثعلبي في تفسيره الكبير ، قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( ألا مَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات شهيداً ، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات مغفوراً له ، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ مات تائباً ، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبِّ آل محمّدٍ بشّره ملَك الموت بالجنّة ، ثمّ منكر ونكير ألا ومات على حبِّ آل محمّدٍ يُزَفُّ إلى الجنّة كما تُزفّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومِن مات على حبّ آل محمّدٍ فُتِح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبِّ آل محمّد جعل اللّه قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بُغض آل محمّدٍ جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ مِن رحمة اللّه ) (16) .

(وأورد ابن حجَر ص 103 من صواعقه حديثاً ، هذا نصّه) : إنّ النبيّ خرَج على أصحابه ذات يوم ، ووجهه مشرقٌ كدائرة القمر , فسأله عبد الرحمان بن عوف عن ذلك ، فقال ( صلّى الّله عليه وآله ) : ( بشارةٌ أتتني من ربّي في أخي وابن عمّي وابنتي ، بأنّ زوِّج عليّاً من فاطمة  وأمَر رَضوان خازن الجِنان فهزّ شجرة طوبى ، فحملت رِقاقاً ( يعني صكاكاً ) بعدد مُحبّي أهل بيتي ، وأنشأ تحتها ملائكةً مِن نور ، دفع إلى كلّ ملَك صكّاً ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق ، فلا يبقى محبٌّ لأهل البيت إلاّ دفعت إليه صكّاً فيه فكاكه مِن النار فصار أخي وابن عمّي وابنتي فِكاك رِقاب رجالٍ ونِساءٍ من أُمّتي مِن النار )(17) .

(وجاء في مستدرك الصحيحين ج 3 ، 127) ، عن ابن عبّاس قال : نظر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) إلى عليّ ( عليه السلام ) فقال : ( يا عليّ ، أنت سيّدٌ في الدنيا وسيّدٌ في الآخرة  حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب اللّه ، وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ اللّه ، والويل لِمَن أبغضك بعدي ) (18) .

وأخرج الحافظ الطبري ، في كتاب الولاية ، بإسناده عن عليّ ( عليه السلام ) أنّه قال : ( لا يحبّني ثلاثة : ولدُ زنا ، ومنافق ، ورجلٌ حمَلت به أُمّه في بعض حيضها ) (19) .

وأخرج الطبراني في الأوسط ، والسيوطي في إحياء الميّت ، وابن حجَر في صواعقه في باب الحثّ على حبّهم : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( الزموا مودّتنا أهل البيت ، فإنّه مَن لقيَ اللّه وهو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا ، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا )(20).

ولا ريب أنّ المراد بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، هُم الأئمّة الاثنا عشر المعصومون (صلوات اللّه عليهم) ، دون سواهم ؛ لأنّ هذه الخصائص الجليلة ، والمزايا الفذّة ، لا يستحقّها إلاّ حُججُ اللّه تعالى على العباد ، وخلفاء رسوله الميامين .

_____________________

1- سفينة البحار : م 2 , ص 414 .

2- الوافي : ج 3 ، ص 143 - 144.

3- البحار : م 19 ، ص 78 ، عن معاني الأخبار للصدوق (ره) .

4- الوافي : ج 5 ، ص 228 ، عن الكافي .

5- الوافي : ج 5 ، ص 227 ، عن الكافي .

6- الوافي : ج 5، ص 228 ، عن الكافي.

7- البحار : م 19 ، ص76 ، عن عيون أخبار الرضا وأمالي الشيخ الصدوق (ره) .

8- البحار : م 7 ، ص 389 ، عن مجالس الشيخ المفيد (ره) .

9- انظر الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء ، للإمام شرف الدين (ره) : ص 18.

10- البحار : م 7 ، ص 389 ، عن علل اِلشرائع ومعاني الأخبار وأمالي الصدوق(ره) .

11- البحار : م 7 ، ص 391 ، عن الخصال .

12- البحار : م 7 ، ص 397 ، عن محاسن البرقي .

13- البحار : م 7 ، ص 389 ، عن مجالس الشيخ المفيد .

14- الوافي : ج 3 ، ص 139 ، عن الكافي .

15- الفصول المهمّة للإمام شرف الدين : ص 41 .

16- الفصول المهمّة للإمام شرف الدين : ص 42 .

17- الفصول المهمّة ، للإمام شرف الدين : ص 43 .

18- فضائل الخمسة ، من الصحاح الستّة : ج 1 ، ص 200 .

19- الغدير : ج 4 ، ص 322 .

20 المراجعات ، للإمام شرف الدين : ص 22 .

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.