أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2016
1678
التاريخ: 23-3-2022
1403
التاريخ: 2023-12-19
1156
التاريخ: 2023-12-19
1077
|
الآخرة ، لا ضيق فيها ، ولا تنازع بين أهلها , و مثالها في الدنيا العلم ، فإنه منزه عن المزاحمة ، فمن يحب العلم باللّه و صفاته و أفعاله و معرفة النظام الجملي من البدو إلى النهاية لم يحسد غيره إذا عرف ذلك أيضا.
إذ العلم لا يضيق عن كثرة العالمين ، و المعلوم الواحد يعرفه ألف ألف عالم ، و يفرح كل واحد منهم بمعرفته و يلتذ به ، و لا ينقص ما لديه بمعرفة غيره ، بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس و ثمرة الإفادة و الاستفادة.
إذ معرفة اللّه بحر واسع لا ضيق فيه ، و كل علم يزيد بالإنفاق و تشريك غيره من أبناء النوع يصير منشأ لزيادة اللذة و البهجة ، و قس على العلم التقرب و المنزلة عند اللّه و غيرهما من النعم الأخروية.
فإن أجل ما عند اللّه من النعم و أعلى مراتب المنزلة و القرب عنده تعالى لذة لقائه ، و ليس فيها ممانعة و مزاحمة ، ولا يضيق بعض أهل اللقاء على بعض، بل يزيد الأنس بكثرتهم.
وقد ظهر مما ذكر : أنه لا تحاسد بين علماء الآخرة ، لأنهم يلتذون و يبتهجون بكثرة المشاركين في معرفة اللّه و حبه و أنسه ، و إنما يقع التحاسد بين علماء الدنيا ، و هم الذين يقصدون بعلمهم طلب المال و الجاه.
إذ المال أعيان و أجسام ، إذا وقعت في يد واحد خلت عنها أيدي الآخرين , و الجاه ملك القلوب ، وإذا امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم ، انصرف عن تعظيم الآخر، أو نقص عنه لا محالة فيكون ذلك سببا للتحاسد.
وأما إذا امتلأ قلبه من الابتهاج بمعرفة اللّه ، لم يمنع ذلك من أن يمتلئ غيره به.
فلو ملك إنسان جميع ما في الأرض ، لم يبق بعده مال يملكه غيره لضيقه و انحصاره , وأما العلم فلا نهاية له ، و مع ذلك لو ملك إنسان بعض العلوم لم يمنع ذلك من تملك غيره له.
فظهر أن الحسد إنما هو في التوارد على مقصود مضيق عن الوفاء بالكل ، فلا حسد بين العارفين و لا بين أهل العليين ، لعدم ضيق و مزاحمة في المعرفة و نعيم الجنة ، و لذا قال اللّه سبحانه فيهم :
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر : 47] .
بل الحسد من صفات المسجونين في سجن السجين.
فيا حبيبي ، إن كنت مشفقا على نفسك ، طالبا لعمارة رمسك ، فاطلب نعمة لا مزاحمة فيها ، و لذة لا مكدر لها.
وما هي إلا لذة معرفة اللّه و حبه و أنسه ، و الانقطاع إلى جناب قدسه ، و إن كنت لا تلتذ بذلك ولا تشتاق إليه ، وتنحصر لذاتك بالأمور الحسية والوهمية ، فاعلم أن جوهر ذاتك معيوب ، و عن عالم الأنوار محجوب ، وعن قريب تحشر مع البهائم و الشياطين ، وتكون مغلولا معهم في أسفل السافلين.
ومثلك في عدم درك هذه اللذة ، مثل الصبي و العنين في عدم درك لذة الوقاع . فكما أن هذه اللذة يختص بإدراكها رجال أصحاء ، فكذلك لذة المعرفة يختص بإدراكها : {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور : 37].
ولا يشتاق غيرهم إليها ، إذ الشوق بعد الذوق ، فمن لم يذق لم يعرف ، و من لم يعرف لم يشتق ، و من لم يشتق لم يطلب ، ومن لم يطلب لم يدرك ، و من لم يدرك كان مطرودا عن العليين ممنوعا عن مجاورة المقربين ، محبوسا مع المحرومين في أضيق دركات السجين.
{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف : 36] .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|