أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
7290
التاريخ: 5-11-2014
3025
التاريخ: 5-11-2014
1773
التاريخ: 2-12-2015
11444
|
التصوير ـ وهو تجسيد المعاني ـ هي الأداة المفضّلة في أُسلوب القرآن ، فهو يُعبّر بالصورة المتمثلة عن معنىً ذهني أو حالة نفسية ، أو عن حوادث غابرة أو مشاهد آتية ، أو عن نموذج إنساني وغرائزه وتصرّفاته في هذه الحياة ، فكأنّما هي صورة شاخصة ، وهيئة مشهودة ، ثمّ يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة ويفيض عليها الحركة ، فإذا ما أضاف إليها الحوار فقد استوت لها كل عناصر التجسيد ، فما يكاد يبدأ العرض حتى يُحيل المستمعين نُظارة ، وحتى ينقلهم نقلاً إلى مسرح الحوادث فيُشرفهم عليها ، حيث تتوالى المناظر وتتجدّد الحركات ... وحتى ينسى المستمع أنّ هذا كلامٌ يُتلى أو مثلٌ يُضرب ، وإنّما يتخيّل أنّه حاضر المشهد بمرأى منه ومسمع ، ومِن ثَمّ ترتسم في نفسه سِمات الانفعال بشتّى الوجدانات المنبعثة من مُشاهدة المنظر ، المتساوقة مع الحوادث .
نعم إنّها الحياة هنا ، وليست حكاية حياة ، فإذا كانت الألفاظ ـ وهي كلمات جامدة وتعابير هامدة ، وليست بألوان تصوير وأرياش تحبير ـ هي التي تُصوّر من المعنى الذهني نموذجاً إنسانيّاً ، ومن الحادث المرويّ أو الحالة النفسية لوحةً مشهودةً أو منظراً مشهوداً ، أدركنا بعض أسرار الإعجاز في تعبير القرآن (1) .
قال السيد رشيد رضا : وهذا النوع من التشبيه ـ وهو إبراز المعاني في صورة التمثيل ـ نادر فذّ بديع ، ويقلّ في كلام البلغاء ، لكنّه كثير وافر في القرآن العزيز (2) .
وقلّما يوجد في سائر الكلام تشبيه غير معيب ، وقد عقد ابن الأثير باباً ذكر فيه معايب التشبيه الواقع في كلام البلغاء ؛ لقصورهم عن الإحاطة بجوانب فنّ التصوير ، هذا أبو تمّام ـ الشاعر المفلّق ـ يُريد أن يصف السخاء فيجسّده في صورة ذي حياة ، فيجعل له رَوثاً وفَرثاً ممّا تأباه طبيعة السخاء المترفّع عن الأدناس ، قال في قصيدة يمدح بها أبا سعيد كرمه وجوده :
وتـقاسمَ الناسُ السخاءَ مجزّأً وذهـبتَ أنتَ برأسهِ وسَنامِهِ
وتركتَ للناسِ الإهابَ وما بقي مِـن فَـرثِه وعروقِه وعظامِه
قال ابن الأثير : والقبح الفاحش في البيت الثاني ، وكل هذا التعسّف في التشبيه البعيد دندندة (3) حول معنى ليس بطائل ، فإنّ غرضه أن يقول : ذهب بالأعلى وترك للناس الأدنى ، أو أذهبت بالجيّد وتركت للناس الرديّ (4) .
نعم إنّه صَوّر من السخاء حيواناً له رأس وسنام ، وهذا لا عيب فيه ، إنّما العيب في جعل الإهاب والفرث ـ وهو السرجين داخل الكرش ـ له ، الأمر الذي تتجافاه سجية السخاء التي هي مكرمة خالصة .
________________________
(1) سيد قطب في تصويره الفني : ص29 .
(2) هامش أسرار البلاغة : ص92 .
(3) الدندنة : طنين الذباب .
(4) المَثل السائر : ج2 ، ص154 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|