أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
4118
التاريخ: 24-04-2015
2223
التاريخ: 2-12-2015
11444
التاريخ: 26-11-2014
1305
|
امتاز العرب بسلامة السليقة ، وسرعة البديهة ، فقد عرفوا كثيرا عن أصول النقد الأدبي معرفة ناتجة عن ذوق ، وقد يكون ذوقا معللا في كثير من الأحيان ؛ لذلك لما سمعوا القرآن الكريم يتلى عليهم _ وقد بغلت اللغة عند نزوله أشده – استولى على مسامعهم ، وصار حديث نواديهم ومجامعهم ، تهتز له ألبابهم وأفئدتهم وكان حريا بهم وقد تذوقوا حلاوته أن يؤمنوا به كتابا منزلا ، وبالذي جاء به نبيا مرسلا ، ولكنهم كانوا أشد عنادا ، فتحداهم القرآن ، وأرخى لهم العنان في التحدي ، ولكنهم وقفوا أمام القرآن موقف العاجز فلم يستطيعوا معارضته ، مع أن الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة ، وأي شيء أقوى في استثارة حمية خصمك من ذلك التقريع البليغ المتكرر الذي توجهه إليه ، معلنا فيه عجزه عن مضاهاة عملك ؟ إن هذا التحدي وحده كاف في إثارة حفيظة الجبان وإشعال همته للدفاع عن نفسه بما تبلغه طاقته ، فكيف لو كان الذي تتحداه مجبولا على الانفة والحمية ؟ وكيف لو كان العمل الذي تتحداه به هو صناعته التي بها يفاخر ، والتي فيها المدرب الماهر ؟ وكيف لو كنت مع ذلك ترميه بسفاهة الرأي وضلال الطريق ؟ وكيف لو كانت تبتغي من وراء هذه الحرب الجدلية هدم عقائده ، ومحو عوائده ، وقطع الصلة بين ماضيه ومستقبله (1) ؟.
ولذا كان هذا القرآن الكريم شغلهم الشاغل ، فلجأوا الى وسائل كثيرة لمقاومته بالطف أو بالعنف ، فأغروا النبي (صلى الله عليه واله) بالمال ليكف عن دعوته ، وتواصوا على مقاطعته وحبسه ، ومنعوا صوت القرآن أن يخرج من دور المسلمين خشية أن يسمعه أحد من أبنائهم ، وألقوا في الشبهات والمطاعن فقالوا كاهن او مجنون أو ساحر ليصدوا عنه الآخرين ، وكل هذا ((لأنهم أحسوا في قرآنه غلابة وتيارا جارفا يريد أن يبسط سلطانه حيث يصل ، وإنهم لم يجدوا سبيلا لمقاومته من طريق المعارضة الكلامية ، فكان الطريق الوحيد لمقاومته الحيلولة بين هذا القرآن وبين الناس ، فخاضوا مع النبي (صلى الله عليه واله) الحروب الطويلة وضحوا في سبيل ذلك بالغالي والنفيس ، وهذه أحوالهم كلها تدل على عجزهم .
ومما يدل على عجزهم كذل أقوالهم ، وهي كثيرة منها : أن الوليد بن المغيرة جاء الى الرسول (صلى الله عليه واله) فلما قرأ عليه القرآن كأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال له : يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالا يعطوك ؟ فإنك أتيت محمد لتتعرض لما قبله ، قال الوليد : لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا ، قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وكاره ، قال وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ، ولا بقصيده ولا بأشعر الجن ، والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا ، ووالله إن لقوله لحلاوة ، إن عليه الطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه ، مشرق أسفله ، وأنه ليعلوا ولا يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته)).
ومنها قول أنيس أخي أبي ذر رضي الله عنه حينما سمع القرآن الكريم والله لقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد ولقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون (2).
______________
1. النبأ العظيم (ص79).
2. النبأ العظيم (ص86).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|