المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8198 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الموطن الاصلي للفجل
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الفجل
2024-11-24
مقبرة (انحور خعوي) مقدم رب الأرضين في مكان الصدق في جبانة في دير المدينة
2024-11-24
اقسام الأسارى
2024-11-24
الوزير نفررنبت في عهد رعمسيس الرابع
2024-11-24
أصناف الكفار وكيفية قتالهم
2024-11-24

انتقاض الوضوء بكل ما يزيل العقل.
23-1-2016
اهم المراحل في تأسيس المدرسة الجعفرية
17-04-2015
هجرةُ الأنبياء ورجال الإصلاح
19-6-2019
فكرة المرفق العام
15-4-2017
شبه انتمائي hemitropic
30-1-2020
أهمية تبادل الاحترام بين الاجيال وصوره
29/10/2022


قاعدة « حرمة الإعانة على الإثم »  
  
1446   10:05 صباحاً   التاريخ: 16-9-2016
المؤلف : آية اللَّه العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ص461 - 479.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الاعانة على الاثم و العدوان /

وهي أيضاً من القواعد الفقهية التي يتمسّك بها الفقهاء رضوان اللَّه تعالى عليهم في جملة من الفروع الفقهية، ويستدلّ بها في مثل مسألة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً، والخشب ممّن يعلم أنّه يجعله صنماً، والموارد الكثيرة الاخرى، وتحقيق الحال فيها يقتضي التكلّم في جهات:

الجهة الاولى: مدركها ومستندها، وهو امور:

الأوّل: الكتاب، قال اللَّه تعالى في سورة المائدة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة: 2] ولولا كون الجملة الثانية واقعة عقيب الجملة الاولى معطوفة عليها، لكانت دلالتها على حرمة التعاون على الإثم والعدوان ممّا لا مناقشة فيها؛ لظهور النهي في التحريم على ما هو المحقّق في الاصول، ولكن وقوعها عقيبها وعطفها عليها صارت موجباً لتوهّم لزوم حمل النهي على الكراهة؛ نظراً إلى أنّه يعلم من الخارج عدم وجوب مطلق التعاون على‏ البرّ والتقوى.

نعم، يجب التعاون في بعض الموارد ممّا يكون التعاون لأجل حفظ نفس محترمة، كإنقاذ غريق أو حريق، أو يكون من مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأمّا التعاون في جميع موارد البرّ والتقوى فليس بواجب، ومقتضى وحدة السياق بعد حمل الأمر على الاستحباب حمل النهي على الكراهة أيضاً. فلا دلالة للآية على حرمة التعاون على الإثم والعدوان.

ولكنّ الظّاهر- بعد تسلّم لزوم حمل الأمر على الاستحباب- أنّه لا وجه لحمل النهي على الكراهة بعد كون الآية مشتملة على حكمين مستقلين، سيّما بعد كون أحدهما أمراً والآخر نهياً، ومجرّد تتابع الجملتين في الذكر لا يقتضي وحدة السّياق، وهذا غير ما ذكروه في مثل حديث الرفع‏ من كون وحدة السياق مقتضية لحمل «ما» الموصولة على الموضوع؛ لكون معناها في بعض الفقرات ذلك، فيجب أن يكون في الجميع كذلك.

وذلك- مضافاً إلى منع الاقتضاء في الحديث أيضاً، والتحقيق في محلّه - لأجل الفرق بين المقام وبين الحديث، من جهة أنّ الأشياء والامور التسعة المذكورة كلّها مرفوعة بعبارة واحدة وبرفع واحد، ولم يستعمل في الجميع إلّا كلمة رفع واحدة، فهي مشتركة في المرفوعية وفي إسناد الرفع اليها، وهذا بخلاف المقام الذي يشتمل على حكمين مستقلّين غير مرتبطين: أحدهما أمر، والآخر نهي، ولا ارتباط لأحدهما بالآخر أصلًا، فلا مجال فيه لدعوى وحدة السياق، كما لا يخفى.

نعم، يجري في الاستدلال بالآية للقاعدة، المناقشة من جهة اخرى؛ وهي أنّ المأخوذ في القاعدة إنّما هو عنوان الإعانة التي مرجعها إلى كون أحد الشخصين مباشراً وفاعلًا، والآخر عوناً له ومساعداً في إيجاد بعض مقدّمات فعله ، والمأخوذ في الآية الشريفة إنّما هو عنوان التعاون الذي هو من باب التفاعل، ومعناه اشتراك شخصين وتعاونهما في جهة صدور الفعل عنهما، فلا ينطبق الدليل على المدّعى.

واجيب عن ذلك بأنّ أمره تبارك وتعالى بالتعاون على البرّ والتقوى، وكذلك نهيه عن التعاون على الإثم والعدوان ليس باعتبار فعل واحد وقضيّة واحدة وفي واقعة واحدة، بل الخطاب إلى عموم المؤمنين والمسلمين؛ بأن يكون كلّ واحد منهم عوناً للآخر في البرّ والتقوى، ولا يكون عوناً لأحد في الإثم والعدوان، فإطلاق لفظ التعاون باعتبار مجموع القضايا لا باعتبار قضية واحدة وفعل واحد، فالمأمور به في الآية الشريفة إعانة كلّ مسلم لكلّ مسلم في ما يصدر عنه من فعل الخير والبرّ والتقوى، والمنهيّ عنه إعانة كلّ شخص في فعله الذي هو إثم أو عدوان، فينطبق الدليل على المدّعى.

ويؤيّد هذا الجواب: أنّه- مع وضوح كون حكم الإثم والعدوان متوجّهاً بالفاعل الذي يسند إليه الفعل- يكون مفاد الآية بيان حكم زائد؛ وهو التحريم المتعلّق بالعون من آخر على ذلك، ولو كان مفاد الآية بيان حكم متعلّق بعنوان التعاون الذي مرجعه إلى إسناد الفعل الى شخصين وصدوره منهما، فلا يكون بياناً لحكم زائد؛ لأنّ مرجع ثبوت الحكم لعنوان التعاون عدم ثبوت الحرمة للفعل الصادر من واحد منهما؛ لأنّه لا يكاد يجتمع ثبوت الحرمة للواحد مع ثبوتها للمشترك، كما لا يخفى.

نعم، يمكن ثبوت الحكم للمشترك في بعض الموارد، كما إذا توقّف حفظ نفس محترمة على عمل شخصين واشتراك رجلين مثلًا، لكنّه لا يكون في هذه الصورة إلّا حكم واحد. وأمّا في المقام فلا يجتمع الحكم الذي يتحقّق بمخالفته الإثم، مع كون المنهيّ عنه هو التعاون المتقوّم بشخصين مثلًا، فتدبّر.

ثمّ إنّ الظاهر أنّ «الإثم» بمعنى مطلق المعصية، و «العدوان» بمعنى الظلم، فإن كان معناه مطلق الظلم الشامل للظلم على النفس، المتحقّق في كلّ معصية يكونان مترادفين، وان كان معناه خصوص الظلم على الغير والعدوان عليه، يكون عطفه على الإثم من قبيل عطف الخاصّ على العام، ولعلّ النكتة فيه أهميّته وكونه من حقوق الناس. ويظهر من مجمع البيان حاكياً عن ابن عباس وأبي العالية وغيرهما من المفسّرين، أنّ «الإثم» هو ترك ما امرهم اللَّه تعالى به، و «العدوان» ارتكاب ما نهاهم عنه؛ لأنّه مجاوزة ما حدّ اللَّه لعباده في دينهم وفرض لهم في أنفسهم‏‏‏ (1) .

وعليه: فالإثم والعدوان كلاهما بمعنى العصيان. غاية الأمر أنّ الأوّل عدميّ والثاني وجوديّ، ثمّ إنّه يظهر منه أيضاً أنّ قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا... وإن كان جزءاً من الآية الثانية، إلّا أنّه كلام مستقلّ وليس بعطف على ما قبله، وعليه:

فشأن نزول أصل الآية أيّاً ما كان لا يرتبط بهذا الذيل الذي هو كلام مستأنف، فلا مجال للبحث في أنّ شأن نزول الآية هل يضرّ بحجيّة عموم مفاد الآية أم لا، كما لا يخفى.

الثاني: الروايات الورادة في الموارد الخاصّة التي تدلّ على حرمة الإعانة على الإثم فيها، أو على حرمة مصاديق الإعانة وأفرادها، ولكنّه يستظهر من مجموعها أنّ الملاك هي نفس الإعانة على الإثم بعنوانها الكلّي، سيّما بالإضافة إلى المعاصي الكبيرة، وهي كثيرة:

منها: قوله صلى الله عليه و آله: من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة اللَّه‏‏‏ (2)، ولا شبهة في أنّ الإيعاد سيّما بهذا النحو يكشف عن الحرمة، إنّما الكلام في أنّ المستفاد منه هل هو كون الإعانة على القتل‏ خصوصاً مع أهميّته حرام، أو أنّ الملاك مطلق الإعانة على الإثم؟ لا يبعد الاوّل، وذلك لأنّه لو كان المحمول هي الحرمة، لأمكن أن يقال بعدم الخصوصية، ولكنّ المحمول هو الإيعاد الخاصّ الذي لا يثبت في غير القتل ظاهراً؛ فإنّ مطلق الإعانة على الحرام لا يكون موضوعاً لمثل هذا الوعيد، وعليه فالمحمول الكاشف عن الحرمة مختصّ بالموضوع، ولا يتجاوز عنه، فكيف يمكن استفادة العموم منه؟

ومنها: قول النبي صلى الله عليه و آله في ما حكاه عنه أبو عبد اللَّه عليه السلام على ما رواه في الكافي:

من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه‏‏‏ (3)، فإنّه يستفاد منه مفروغية حرمة الإعانة على النفس وكونها موجبة لاستحقاق العقوبة، لكنّه لا يستفاد منها أنّ حرمة الإعانة على نفسه هل هي من جهة كون المحرّم مطلق الإعانة على الإثم، أو أنّ للإعانة على النفس خصوصية موجبة لحرمتها؟

ومنها: الروايات الكثيرة الواردة في معونة الظالمين في ظلمهم، وهي من المكاسب المحرّمة المعنونة فيها، وقد تعرّض لها الشيخ الأعظم قدس سره وفصّل الكلام فيها، ومن جملة الروايات التي أوردها ما عن كتاب الشيخ ورّام‏ بن أبي فراس قال:

قال عليه السلام: من مشى الى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام‏‏‏ (4) .

وقال عليه السلام : إذا كان يوم القيامة ينادى منادٍ: أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة حتّى من برى لهم قلماً، ولاق لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد، ثمّ يرمى به في جهنّم‏‏‏ (5) .

وفي النبوي: من علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعله اللَّه حيّة طولها سبعون ألف ذراع، فيسلّطها اللَّه عليه في نار جهنّم خالداً فيها مخلّداً‏‏ (6) ‏‏ (7).

وهذه الروايات وإن وردت في إعانة الظالم في ظلمه، ولا دلالة لها في نفسها على كون حرمة هذه الإعانة لأجل كونها من مصاديق الإعانة على الإثم حتّى يستفاد منها العموم، إلّا أنّه يمكن أن يقال: بأنّ ضمّ الآية المتقدّمة إليها، لعلّه يوجب دلالتها على التعميم أيضاً، وذلك لدلالة الآية على تساوي الإثم والعدوان من هذه الجهة، فاذا كان المراد بالعدوان هو الظلم كما هو المحتمل، يكون مقتضى تساويه مع الإثم ثبوت هذا الحكم في مطلق الإثم أيضاً، فتدبّر.

ومنها: ما ورد في مورد إجارة داره لأن يباع فيها الخمر، مثل خبر جابر قال:

سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر؟ قال: حرام أجره‏‏‏ (8)، ولكن حرمة الاجرة كاشفة عن بطلان الإجارة، وهو لا يستلزم حرمتها كما لا يخفى، والتحقيق في محلّه.

ومنها: ما رواه الكليني بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في الخمر عشرة: غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها‏‏ (9)، مع أنّ ما عدا الشارب لا ينطبق عليه إلّا عنوان الإعانة والمعين على الإثم وتحقّق المعصية. نعم، قد عرفت في الرواية المتقدّمة أنّ حرمة أكل الثمن إنّما هي من أجل بطلان المعاملة؛ لإلغاء الشارع مالية الخمر، فأكل الثمن أكل للمال بالباطل.

ومنها: غير ذلك من الروايات التي لا يبعد أن يستفاد من المجموع حرمة الإعانة على الإثم بعنوانها‏‏ (10) ، كما لا يخفى.

الثالث: حكم العقل بقبح الإعانة على الإثم؛ لأنّها مساعدة على إتيان ما هو مبغوض للمولى‏، كحكمه بقبح نفس المخالفة والمعصية؛ لكونها مبغوضة للمولى ومشتملة على المفسدة اللازمة الترك، غاية الأمر أنّ دائرة الإعانة والمساعدة لا تشمل ما إذا هيّأ له مقدّمات بعيدة، لا بقصد ترتّب المعصية وصدور ما هو المبغوض، بل كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى في معنى الإعانة ومفهومها اختصاص ذلك بالمقدّمات القريبة، أو البعيدة التي تكون مقرونة بقصد ترتّب المعصية وتحقّقها، فانتظر. وفي هذه الدائرة لا مجال لإنكار حكم العقل بالقبح الكاشف عن الحرمة الشرعية؛ لقاعدة الملازمة وإن كان حكمه بقبح نفس المعصية، والمخالفة لا تكون كاشفة عن ثبوت الحرمة الشرعية لها، كما لا يخفى وجهه.

الرّابع: الإجماع واتّفاق الأصحاب على حرمة الإعانة على الإثم‏‏‏ (11)، وهذا الأمر مفروغ عنه عندهم ويرسلونه إرسال المسلّمات، ولكنّا قد ذكرنا مراراً أنّه لا أصالة لمثل هذا الإجماع بعد دلالة الكتاب والسنّة، بل وحكم العقل على ما عرفت، فلا يكون دليلًا مستقلّاً في مقابلها.

الجهة الثانية: في المراد من القاعدة، فنقول:

أمّا الإثم، فهو في القاعدة بمعنى مطلق المخالفة والمعصية؛ سواء كان في التكليف الوجوبي أو التحريمي وإن كان المراد به في الآية بلحاظ عطف العدوان عليه معصية، خاصّة على ما عرفت من مجمع البيان، إلّا أنّه لا مجال للإشكال في أنّ المراد به في القاعدة هو مطلق المخالفة.

وأمّا الإعانة التي هي العمدة، فهي لغة بمعنى المساعدة، يقال: أعانه على ذلك، أي: ساعده عليه، وعليه: فالمُعِين للإنسان هو المساعد له في جهة خاصّة أو سائر الجهات. ولكنّ الظاهر عدم اختصاص المساعدة بالمساعدة العملية، بل تعمّ المساعدة الفكرية، وإراءة الطريق والإرشاد إلى ما هو مطلوبه ومقصده، وعليه:

فالإعانة على الإثم معناها مساعدة الآثم وإعانته في جهة تحقّق الإثم وصدور المعصية؛ سواء كانت مساعدة عملية، أم مساعدة فكرية إرشاديّة، والظاهر أنّه لا كلام في ذلك، إنّما الكلام في أمرين:

أحدهما: أنّه هل يتوقّف صدق الإعانة على الإثم على قصد ترتّب الإثم وتحقّق المعصية، بحيث لو لم يكن المُعِين قاصداً لترتّبها وصدورها من الآثم لم تتحقّق الإعانة أصلًا، أو لا يتوقّف صدقها على قصد صدور المعصية منه بوجه؟

ثانيهما: هل يتوقّف الصدق المذكور على تحقّق الحرام في الخارج وصدور الإثم من الآثم، أم يتحقّق ولو لم يصدر المعصية منه في الخارج أصلًا؟

قد يقال بلزوم كلا الأمرين من القصد وتحقّق الحرام في الخارج، وقد يقال بعدم لزوم شي‏ء من الأمرين، بل بمحض إيجاد المقدّمة تتحقّق الإعانة؛ سواء قصد ترتّب الحرام أم لا، وسواء تحقّق الحرام في الخارج أم لا، وقد يقال بالتفصيل بين الأمرين؛ نظراً إلى اعتبار الأمر الأوّل دون الثاني، أو العكس، فيتحصّل أربعة احتمالات، بل أقوال، واللّازم البحث في كلّ واحدة من الصّور الأربع، فنقول :

أمّا الصورة الاولى: وهي التي كانت مقرونة بالقصد وترتّب الحرام عليها خارجاً، فلا إشكال في صدق الإعانة على الإثم فيها وإن كان العمل الصّادر من المعِين مقدّمة بعيدة، كالغرس في الرواية النبوية المتقدّمة، فإنّ غرس شجر العنب إن كان بقصد أن يصنع الخمر من عنبه، وترتّب هذا القصد عليه في الخارج، يكون‏ إعانة على الإثم، ويصير الغارس ملعوناً كما في الرواية.

كما أنّ‏ الصورة الثانية - وهي عكس الصورة الاولى- تكون فاقدة للقصد والترتّب معاً، فلا ينبغي الإشكال في عدم كونها إعانة وإن قيل بالصدق فيها أيضاً. ولعلّ مستنده إطلاق الغارس في الرواية النبويّة، حيث لم يقيّد بالقصد أو الترتّب أصلًا، ولكنّ الظاهر أنّه لامجال للالتزام به، وإلّا يلزم أن يكون أكثر الأفعال محرّمة بعنوان الإعانة؛ لصلاحيتها لاستفادة المعصية منها وترتّب الحرام عليها.

ويمكن‏ أن يقال : إنّ إضافة الغارس إلى الخمر في الرّواية- مع عدم قابليّة الخمر للمغروسية ، وإنّما القابل هو النخل وشجر العنب- إنّما تصحّ على تقدير كون الغرض من الغرس ذلك، وإلّا فمطلق غرس النخل لا يصحّح إطلاق غرس الخمر، فالرواية حينئذ لا دلالة لها ولو بظاهرها على حرمة مطلق الغرس واللّعن عليه، كما لا يخفى.

وأمّا الصورة الثالثة: فهي ما إذا كان هناك قصد، ولكنّه لا يكون ترتّب وصدور إثم وعدوان، والظاهر أنّه لا مجال لتوهّم صدق الإعانة على الإثم والعدوان هنا، بعد عدم تحقّق إثم ومعصية في الخارج حتّى يعان عليها. نعم، لو كان المعِين قاطعاً بتحقّق الحرام وترتّبه عليه بالقطع الوجداني أو الحكمي، يصدق عليه عنوان المتجرّي؛ لقطعه بأنّ عمله إعانة على الإثم مع عدم كونه في الواقع كذلك، كما أنّه يمكن أن يقال بالحرمة لا من جهة الإعانة بل من جهة اخرى غيرها، وأمّا الإعانة فلا مجال لتوهّمها بوجه.

والعجب من الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره، حيث إنّه يظهر منه في مسألة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً، بل يصرّح بتقوّم الإعانة بالقصد والإتيان بالفعل بقصد حصول المعان عليه؛ سواء حصل أم لم يحصل، حيث إنّه ذكر في مقام الجواب عن بعض المعاصرين، القائل باعتبار القصد وباعتبار وقوع المعان عليه في تحقّق‏ مفهوم الإعانة في الخارج، وتخيّله أنّه لو فعل فعلًا بقصد تحقّق الإثم الفلاني من الغير فلم يتحقّق منه، لم يحرم من جهة صدق الإعانة، بل من جهة قصدها، بناءً على ما حرّره من حرمة الاشتغال بمقدّمات الحرام بقصد تحقّقه، وأنّه لو تحقّق الفعل كان حراماً من جهة القصد إلى المحرّم، ومن جهة الإعانة‏‏ (12)، أنّ فيه تأمّلًا، قال:

فإنّ حقيقة الإعانة على الشي‏ء هو الفعل بقصد حصول الشي‏ء؛ سواء حصل أم لا، ومن اشتغل ببعض مقدّمات الحرام الصادر عن الغير بقصد التوصّل إليه، فهو داخل في الإعانة على الإثم، ولو تحقّق الحرام لم يتعدّد العقاب‏‏‏ (13).

وجه التعجّب أنّ كون المعان عليه إثماً ومعصية لا يوجب التغيير في معنى الإعانة، ومن الواضح أنّه مع عدم تحقّق المعان عليه في الخارج كيف يعقل تحقّق الإعانة عليه؟ فاذا لم يتحقّق التزويج مثلًا لمانع، هل يجوز دعوى أنّ زيداً أعان عمراً على التزويج، ولو كان هناك إطلاق فهو مبنيّ على التسامح، وإلّا فالإطلاق الحقيقي لا يكون له وجه أصلًا.

وأمّا الصورة الرّابعة: فهي عكس الصورة الثالثة، وهي ما إذا كان هناك ترتّب وصدور معصية، ولكنّه لم يكن في البين قصد، والظاهر أ نّ المسألة خلافية، فقد استظهر الشيخ من الأكثر عدم اعتبار القصد، وحكى عن الشيخ في المبسوط الاستدلال على وجوب بذل الطّعام لمن يخاف تلفه بقوله صلى الله عليه و آله : من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة اللَّه‏‏‏ (14).

وعن العلّامة في التذكرة: أنّه استدلّ على حرمة بيع السّلاح من أعداء الدين بأنّ فيه إعانة على الظّلم‏‏‏ (15).

وعن المحقّق الثاني: أنّه استدلّ على حرمة بيع العصير المتنجّس ممّن يستحلّه بأنّ فيه إعانة على الإثم‏‏‏ (16).

وعن المحكي عن المحقّق الأردبيلي: أنّه استدلّ على حرمة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً بأنّ فيه إعانة على الإثم‏‏‏ (17).

وعن الحدائق: أنّه قرّره على ذلك‏‏‏ (18).

وعن الرياض: أنّه بعد ذكر الأخبار الدالّة على الجواز في مسألة بيع العنب قال: وهذه النصوص وإن كثرت واشتهرت وظهرت دلالتها، بل وربما كان بعضها صريحاً، لكن في مقابلتها للُاصول والنصوص المعتضدة بالعقول إشكال‏‏‏ (19).

ثمّ استظهر أنّ مراده بالاصول قاعدة «حرمة الإعانة على الإثم»، ومن العقول حكم العقل بوجوب التوصّل الى دفع المنكر مهما أمكن، ثمّ أيّد الشيخ ما ذكروه- من صدق الإعانة بدون القصد- بإطلاقها في غير واحد من الأخبار، مع عدم تحقّق القصد في مواردها، مثل النبويّ ‏ «من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه»، وغيره من الرّوايات‏‏‏ (20).

ولكن يظهر من المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد اعتبار القصد في تحقّق مفهوم الإعانة‏‏ (21)، ووافقه جماعة من متأخّري المتأخّرين، منهم: صاحب الكفاية‏‏ (22) وصاحب الجواهر‏‏ (23).

وهنا قول ثالث؛ وهو التفصيل بين ما إذا كانت تلك المقدّمة بعد إرادة الآثم لذلك الإثم وعزمه على ذلك الفعل، ولكن يتوقّف إيجاده على تلك المقدّمة، كما إذا أراد ضرب شخص وعزم على ذلك، ولكن يتوقّف وقوع الضرب في الخارج على وصول عصا بيده، فأعطاه العصا بيده في هذه الحالة مع علمه بإرادته وعزمه، فإنّ إعطاء العصا في هذه الحالة مع العلم المذكور يكون إعانة على الإثم وإن لم يقصد ترتّب الضرب، بل يرجو أن لا يضرب، وبين ما إذا كانت تلك المقدّمة من مبادئ الإرادة على الإثم.

وبعبارة اخرى: التفصيل بين ما إذا كانت المقدّمة جزءاً أخيراً من العلّة التامّة لتحقّق الإثم، وبين ما إذا لم تكن كذلك، ففي الصورة الاولى تتحقّق الإعانة ولو لم تكن المقدّمة مقرونة بقصد المعِين، وفي الصورة الثانية يتوقّف تحقّق الإعانة على القصد وترتّب المحرّم والمعصية.

أمّا توقّف الصورة الثانية على القصد فواضح، وقد عرفت أنّ رواية لعن الغارس ناظرة إلى هذا الفرض‏ .

وأمّا عدم توقّف الصورة الاولى على القصد؛ فلأنّ المفروض تماميّة مقدّمات وقوع الحرام وتحقّق الإثم ونقصان هذه المقدّمة، فإذا علم أنّه بإيجادها يتحقّق الحرام في الخارج، فهو إعانة لا محالة وإن لم يكن قاصداً لتحقّقه، بل كان الغرض من إعطاء العصا في المثال المذكور أنّه لا يريد مخالفة الآثم والإباء عن إيجاد مطلوبه؛ وهو التمكّن من العصا. وقد اختار هذا القول جماعة، منهم: المحقّق البجنوردي‏‏‏ (24)، وقبله الشيخ الأنصاري في آخر كلامه‏‏‏ (25)، وقبله المحقّق الأردبيلي في آيات أحكامه. قال في كتاب الحجّ منه عند بيان آية: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] :

والظاهر أنّ المراد الإعانة على المعاصي مع القصد، أو على الوجه الذي يقال عرفاً أنّه كذلك، مثل أن يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إيّاها، أو يطلب منه القلم لكتابة ظلم فيعطيه إيّاه، ونحو ذلك ممّا يعدّ ذلك معاونة عرفاً، فلا يصدق على التاجر الذي يتّجر لتحصيل غرضه أنّه معاون للظالم العاشر في أخذ العشور، ولا على الحاجّ الذي يؤخذ منه بعض المال في طريقه ظلماً، وغير ذلك ممّا لا يحصى، فلا يعلم صدقها على شراء من لم يحرم عليه شراء السلعة من الذي يحرم عليه البيع، ولا على بيع العنب ممّن يعمل خمراً، والخشب ممّن يعمل صنماً، ولهذا ورد في الروايات الكثيرة الصحيحة جوازه‏‏‏ (26)، وعليه الأكثر‏‏ (27)، ونحو ذلك ممّا لا يحصى‏‏‏ (28).

قال صاحب العوائد بعد نقل العبارة المذكورة: وهو جيّد في غاية الجودة‏‏ (29).

ولكن الشيخ الأعظم قدس سره أورد على المحقّق الأردبيلي بعد جعل مورد الإشكال في بحث الإعانة ما إذا قصد الفاعل بفعله وصول الغير إلى مقدّمة مشتركة بين المعصية وغيرها. مع العلم بصرف الغير إيّاها في المعصية. وبعبارة اخرى: ما إذا كان هناك إعانة على شرط الحرام مع العلم بصرفه في الحرام، بأنّ الفرق بين إعطاء السّوط للظالم، وبين بيع العنب لا وجه له؛ فإنّ إعطاء السوط إذا كان إعانة- كما اعترف به‏ في آيات الأحكام- كان بيع العنب كذلك، كما اعترف به في شرح الإرشاد‏‏ (30)،‏‏ (31).

ويرد عليه ما أفاده في ذيل كلامه من الفرق من جهة انحصار فائدة الشرط عرفاً في الحالة الخاصّة في الضّرب، بخلاف تمليك الخمّار؛ فإنّه لا تنحصر فائدته عرفاً في التخمير، ولو مع العلم بترتّبه عليه، فالانحصار وعدمه هو الفارق بين المسألتين‏‏ (32).

فحاصل الكلام يرجع إلى أنّ العرف هو الفارق بين الفرضين، وملاكه الانحصار العرفي وعدمه، كما أنّ ثبوت الإعانة مع فرض القصد في غير هذه الصورة إنّما هو لحكم العرف بذلك؛ فإنّه يرى الفرق بين غارس النخل لأجل استفادة الخمر، وبين الغارس لا لذلك. نعم، يبقى الكلام في مثل قوله صلى الله عليه و آله: من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه‏ ، واللازم أن يقال- بعد ظهور عدم كونه في مقام الإخبار عن تحقّق الإعانة العرفية بذلك-: إنّ المراد هو تحقّق الإعانة تعبّداً وترتّب آثارها عليه كذلك، ولا مانع من الالتزام به بعد دلالة الرّواية عليه، ويمكن أن يقال بأنّه حيث يترتّب الموت غالباً على أكل الطين، فآكل الطين لا يكاد ينفكّ عن القصد، والإعانة إنّما هي بلحاظ ثبوت القصد، فتدبّر.

ثمّ إنّ الموارد المرتبطة بهذه القاعدة في الفقه كثيرة: مثل مسألة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً، وبيع الخشب ممّن يعلم أنّه يجعله صنماً، وإجارة الدكّان لبيع الخمر، أو الدار لصنعها، وإجارة الدابّة أو السفينة لحمل الخمر، وبيع السلاح من أعداء الدين، وإن كان يحتمل فيه أن لا تكون حرمته من باب الإعانة، بل من حيث نفسه.

والضابط في الموارد الخالية عن النصّ جوازاً أو منعاً مراعاة ما ذكرناه في معنى الإعانة من اعتبار أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ، إمّا القصد إلى ترتّب‏ فعل الحرام عليه؛ بمعنى كون الغرض من الفعل وإيجاد المقدّمة ترتّب الحرام عليه ووجوده في الخارج. وإمّا كون الفعل قريباً إلى الحرام وجزءاً أخيراً من العلّة التامّة، الذي يوجب صدق الإعانة بنظر العرف وإن لم يكن في البين قصد أصلًا.

الجهة الثالثة: في أنّه لا إشكال في صدق الإعانة فيما إذا كان هناك شخصان:

أحدهما المعِين، والآخر: المعان، وأمّا بالإضافة إلى شخص واحد، فهل تتحقّق الإعانة أم لا؟ فالمشتري في مثال بيع العنب إذا كان قاصداً باشترائه تخمير العنب المشترى، وكان غرضه من الشراء ذلك، هل يكون عمله حراماً بعنوان الإعانة أم لا؟ يظهر من الشيخ الأعظم قدس سره الثاني، حيث إنّه ذكر أنّ محلّ الكلام فيما يعدّ شرطاً للمعصية الصادرة عن الغير... من المبسوط من حرمة ترك بذل الطعام لخائف التلف مستنداً إلى قوله عليه السلام: «من أعان على قتل مسلم...» محلّ تأمّل، إلّا أن يريد الفحوى‏‏ (33).

ويؤيّد التعميم الرواية الواردة في لعن الغارس؛ فإنّ حملها على كون المراد من الغرس تخمير الغير، وعدم شمولها لما إذا كان المراد تخميره بنفسه في غاية البعد، وكذا الرواية الواردة في أكل الطين، الدالّة على أنّه إعانة على نفسه ولو بالمعنى الذي ذكرناه في معنى الرواية.

وبالجملة: إن كان مراد الشيخ قدس سره مدخليّة وجود الغير في معنى الإعانة عرفاً، بحيث لا يكاد يتحقّق عندهم بدونه، فالظاهر أنّه لا دليل عليه، خصوصاً بعد ما عرفت من الإطلاق في النصوص وبعض الفتاوى، وإن كان مراده مدخليّته زائداً على المعنى العرفي، فلا مجال له كما هو ظاهر.

الجهة الرّابعة: في أنّه إذا صارت المعاملة محرّمة لأجل الإعانة على الإثم- كبيع العنب لأجل صرفه في التخمير- لا يوجب ذلك بطلان المعاملة وإن قلنا بأنّ النهي والتحريم المتعلّق بالمعاملة يوجب فسادها على خلاف ما هو مقتضى التحقيق، كما بيّن في محلّه؛ وذلك لأنّ التحريم بمقتضى النصوص والفتاوى إنّما تعلّق بعنوان الإعانة على الإثم والعدوان، وقد حقّق في محلّه أنّه لا يعقل أن يسري الحكم من متعلّقه إلى شي‏ء آخر، ولو كان بينهما اتّحاد في الخارج‏ (34).

وعلى هذا المبنى قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي في المسألة الاصولية، وفي المقام بيع العنب في المثال المذكور وإن كان منطبقاً عليه عنوان الإعانة على الإثم، إلّا أنّه لا يكاد يسري الحكم من عنوان الإعانة إلى عنوان البيع، فالمحرّم في جميع الحالات وفي جميع المقامات هو نفس هذا العنوان، وأمّا عنوان البيع فهو محكوم بحكمه الأوّلي وهو الجواز، فلا مجال لأن يصير باطلًا لأجل الحرمة بعد كون متعلّقها هو عنوان الإعانة دون المعاملة.

هذا تمام الكلام في قاعدة حرمة الإعانة على الإثم.

________________

( 1) مجمع البيان: 3/ 257- 258.

( 2) المبسوط: 6/ 285، عوالي اللئالي: 2/ 333 ح 48.

( 3) الكافي : 6/ 266 ح 8، تهذيب الأحكام: 9/ 89 ح 376، المحاسن: 2/ 387 ح 2370، وعنها وسائل ‏الشيعة: 24/ 222، كتاب الأطعمة والأشرب ، أبواب الأطعمة المحرّمة ب 58 ح 7، وفي البحار : 60/ 154 ح 15 عن المحاسن.

( 4) تنبيه الخواطر: 54- 55، وعنه وسائل الشيعة: 17/ 182، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح 15 و 16.

( 5) تنبيه الخواطر : 54- 55، وعنه وسائل الشيعة: 17/ 182، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح 15 و 16.

( 6) عقاب الأعمال : 335، وعنه وسائل الشيعة: 17/ 181، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح 14.

( 7) المكاسب ( تراث الشيخ الأعظم): 2/ 53- 54.

( 8) الكافي: 5/ 227 ح 8، تهذيب الأحكام: 7/ 134 ح 593 و ج 6/ 371 ح 1077، الاستبصار: 3/ 55 ح 179، وعنها وسائل الشيعة: 17/ 174، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 39 ح 1.

( 9) الكافي: 6/ 429 ح 4، الخصال: 444 ح 41، عقاب الأعمال: 291 ح 11، وعنها وسائل الشيعة: 25/ 375، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المحرّمة ب 34 ح 1.

( 10) وسائل الشيعة: 17/ 223- 225 ب 55 و ج 25/ 375- 377 ب 34.

( 11) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 2/ 53، مفتاح الكرامة: 4/ 60 عوائد الأيّام: 75، العناوين: 565.

( 12) عوائد الأيّام: 79.

( 13) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 1/ 133.

( 14) المبسوط: 6/ 285.

( 15) تذكرة الفقهاء: 12/ 139.

( 16) حاشية الإرشاد للمحقّق الثاني المطبوع مع حياة المحقّق الكركي و آثاره: 9/ 317.

( 17) مجمع الفائدة و البرهان: 8/ 50.

( 18) الحدائق الناضرة: 18/ 205.

( 19) رياض المسائل: 8/ 55.

( 20) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 1/ 133- 135.

( 21) حاشية الإرشاد: 318.

( 22) كفاية الأحكام: 85.

( 23) جواهر الكلام: 22/ 30- 33.

( 24) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي: 1/ 368- 369.

( 25) المكاسب ( تراث الشيخ الأعظم): 1/ 140- 141.

( 26) وسائل الشيعة: 17/ 176، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب 41 و ص 229 ب 59.

( 27) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع: 2/ 9، والكركي في جامع المقاصد: 4/ 18 و ج 7/ 122، والشهيد الثاني في روضة البهيّة: 3/ 211، ومسالك الأفهام: 3/ 124، والسبزواري في كفاية الأحكام: 85، والسيّد علي الطباطبائي في رياض المسائل: 8/ 50- 55، والعاملي في مفتاح الكرامة: 12/ 123- 131 وغيرها.

( 28) زبدة البيان: 382- 383.

( 29) عوائد الأيّام: 78.

( 30) مجمع الفائدة والبرهان: 8/ 50.

( 31) المكاسب ( تراث الشيخ الأعظم): 1/ 136- 138.

( 32) المكاسب ( تراث الشيخ الاعظم): 1/ 140.

( 33) المكاسب( تراث الشيخ الأعظم): 1/ 139.

( 34) اصول فقه الشيعة: 5/ 349.

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.