أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2016
364
التاريخ: 16-9-2016
1446
|
[جهات البحث] :
الجهة الأولى: في تفسير هذه الكلمة وبيان ما يستفاد منها.
قال في المنجد: أعانه على الشيء ساعده.
والظاهر أن معنى اللفظ واضح ظاهر وهل يشترط في صدق الإعانة أن يكون المعين ذا شعور وعلى فرض الاشتراط المذكور هل يشترط أن يكون بداعي تحقق المعان عليه أم لا؟
الحق هو الثاني ويتضح المدعى بموارد الاستعمالات لاحظ قول القائل:
(أعانتني هذه العصا على المشي)، ولاحظ قوله تعالى: { اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 153] وقوله عليه السّلام: (وأعانني عليها شقوتي)، وقوله: (من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه) إلى بقية الموارد.
ومن الظاهر أن صحة الاستعمال بلا عناية وصحة الحمل علامة الحقيقة كما أن عدم صحة السلب علامة الحقيقة أيضا والعرف ببابك.
وهل يشترط في صحة الاستعمال وتحقق الإعانة حصول المعان عليه أم لا؟
الحق هو الثاني لاحظ قول القائل: (أعان جمع على أن يمشي زيد الى الحج والزيارة لكن زيد لم يمش) فإن الإعانة تصدق بما لها من المفهوم فلا يشترط صدق العنوان على تحقق المعان عليه.
الجهة الثانية: في حكم الإعانة على الإثم وما يمكن أن يذكر في مستند القول بحرمتها وجوه:
الوجه الأول: قوله تعالى: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .
بتقريب أن المستفاد من الآية الشريفة النهي عن الإعانة على الإثم.
ويرد عليه أن التعاون غير الإعانة وهذا العرف ببابك والمنهي عنه في الآية هو الأول لا الثاني.
الوجه الثاني: النصوص، منها عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللّه «1».
وفيه أولا: أن السند مخدوش فإن عنوان غير واحد لا يستلزم التواتر بل أعم منه.
وثانيا: أن الحكم المذكور وارد في إطار خاص ودائرة مخصوصة ولا وجه لإسرائه الى غيره من الموارد.
وإن شئت فقل: لا وجه للقياس بين مورد الحديث وبقية الموارد.
ومنها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال :
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه «2».
وفيه أولا: أن السند مخدوش وثانيا: أن الحديث وارد في واقعة خاصة ولا مجال لإسراء الحكم إلى غير مورده بلا دليل وإلّا يلزم التشريع.
ومنها الأحاديث الواردة في أعوان الظلمة.
لاحظ ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليه السّلام في حديث قال : إيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين «3» إلى غيره من الروايات.
وفيه أنّها واردة في إعانة خاصة ولا دليل على عموم الحكم.
ومنها ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الخمر عشرة: غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها «4».
بتقريب أن المستفاد من الحديث أن الإعانة على الإثم حرام ولذا قد استحق اللعن الجماعة المشار إليهم في الرواية لكونهم أعوانا عليه.
وفيه أولا: الإشكال في السند وثانيا: أن الموجبة الجزئية لا تكون دليلا على الكلية ومن الظاهر أن الجزم بالحكم الشرعي يتوقف على الدليل، ومما ذكرنا يظهر الإشكال فيما يكون متحدا مع هذه الرواية في المفاد.
الوجه الثالث: إن رفع المنكر واجب لوجوب النهي عن المنكر.
وفيه أولا: أن لازمه وجوب الترك لا حرمة الفعل.
وثانيا: أنّه لا دليل على وجوب دفع المنكر وملاكات الأحكام الشرعية لا تنالها عقولنا.
الوجه الرابع : الإجماع المنقول، وفيه أن الإجماع المنقول غير حجة بل المحصل منه كذلك وأما الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام فلا يمكن تحصيله إذ على فرض تحققه محتمل المدرك.
الوجه الخامس: حكم العقل، بتقريب: أن العقل حاكم بقبح المعصية لكونها مبغوضة للمولى وحيث أن الإثم مبغوض للمولى فالمعين للآثم مبغوض عمله ويلزم بحكم العقل تركه.
ويرد عليه : أن العقل إنما يحكم ويدرك لزوم الإطاعة دفعا للضرر المحتمل وأما كون شيء مبغوضا للمولى فلا يكون الزام من قبل العقل بتركه ما دام لم يتعلق به نهي من قبل الناهي.
مضافا إلى أن كون شيء مبغوضا لا يستلزم مبغوضية مقدماته وقد حقق في الأصول عدم كون مقدمة الحرام حراما وهذا الوجه أوهن الوجوه المذكورة في المقام ولا يرجع الى محصل.
فانقدح بما ذكرنا عدم قيام دليل على المدّعى ويضاف الى ذلك كله أن هناك نصوص تدل على جواز الإعانة منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن بيع العصير فيصير خمرا قبل أن يقبض الثمن فقال: لو باع ثمرته ممن يعلم أنه يجعله حراما لم يكن بذلك بأس فأما إذا كان عصيرا فلا يباع الّا بالنقد «5».
ومنها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ثمن العصير قبل أن يغلي لمن يبتاعه ليطبخه أو يجعله خمرا قال: إذا بعته قبل أن يكون خمرا وهو حلال فلا بأس «6» ومنها ما رواه محمد الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بيع عصير العنب ممّن يجعله حراما فقال: لا بأس به تبيعه حلالا ليجعله حراما فأبعده اللّه وأسحقه «7».
ومنها ما رواه عمر بن أذينة قال: كتبت الى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رجل له كرم أ يبيع العنب والتمر ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو سكرا، فقال: إنما باعه حلالا في الابان الذي يحل شربه أو أكله فلا بأس ببيعه «8».
ومنها ما رواه أبو كهمس قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العصير فقال: لي كرم وأنا أعصره كل سنة وأجعله في الدنان وأبيعه قبل أن يغلي قال: لا بأس به وإن غلا فلا يحل بيعه «9».
ومنها ما رواه رفاعة بن موسى قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام وأنا حاضر عن بيع العصير ممّن يخمره، قال: حلال ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شرابا خبيثا «10».
ومنها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن بيع العصير ممّن يصنعه خمرا فقال : بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب إليّ ولا أرى بالأول بأسا «11».
ومنها ما رواه يزيد بن خليفة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل وأنا حاضر قال: إن لي الكرم قال: تبيعه عنبا قال فإنه يشتريه من يجعله خمرا قال : فبعه إذا عصيرا قال فإنه يشتريه مني عصيرا فيجعله خمرا في قربتي قال: بعته حلالا فجعله حراما فأبعده اللّه ثم سكت هنيهة ثم قال : لا تذرن ثمنه عليه حتى يصير خمرا فتكون تأخذ ثمن الخمر «12».
ويضاف إلى جميع ما ذكر أن الإعانة على الاثم لو كانت حراما لكان سقي الناصب حراما لأن الماء ينفعل بملاقاة شفته فيكون شرب الماء حراما عليه فإن الكافر مكلف بالفروع كما يكون مكلفا بالأصول على ما حقّقناه.
ثم إنه على القول بالحرمة هل يكون إعانة المكلف على الإثم الذي يصدر عن نفسه حراما أم لا؟
الظاهر هو الثاني فإن الظاهر من الجملة المذكورة أن المعين غير المعان.
مضافا الى أن القول بالتعميم يستلزم القول بحرمة مقدمة الحرام وقد حقق في محله أنّ مقدمة الحرام لا تكون حراما.
أضف إلى ذلك: أن القول بالتعميم يستلزم القول بأنّه لو كان عشرون مقدمة يكون المرتكب لذلك الحرام معاقبا بعدد تلك المقدمات وهل يمكن الالتزام به؟
ثم إنه لو لم نقل بالحرمة- كما لا نقول- فهل يستحق العقاب من يكون معينا إذا كان قاصدا لتحقق ذلك الحرام أي يعينه لأن يشرب الخمر ويكون تحقق الحرام غاية للإعانة؟
الظاهر أنه لا دليل على الحرمة في هذه الصورة أيضا نعم إذا كان الغرض من الإعانة هتك مقام المولى- نستجير باللّه- الظاهر عدم إمكان التشكيك في الحرمة بل لو ادعى أحد أنه يوجب عنوان النصب وصيرورة المعين ناصبيا ويصير بذلك أنجس من الكلب والخنزير لعله لا يكون مجازفا في القول.
_______________
(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 4.
(2) فروع الكافى: ج 6 ص 266، الحديث 8.
(3) الوسائل: الباب 42 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
(4) الوسائل: الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
(5) الوسائل: الباب 59 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
(6) نفس المصدر الحديث 2.
(7) نفس المصدر: الحديث 4.
(8) نفس المصدر: الحديث 5.
(9) نفس المصدر: الحديث 6.
(10) نفس المصدر: الحديث 8.
(11) نفس المصدر: الحديث 9.
(12) نفس المصدر: الحديث 10.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
الزائرون يؤدون مراسم قراءة دعاء الندبة عند مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)
|
|
|