أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2019
1034
التاريخ: 11-9-2016
599
التاريخ: 11-9-2016
407
التاريخ: 11-9-2016
463
|
ذكرت للحسن والقبح أربعة معان ، ثلاثة منها تؤول روحا الى بيان ما هو منشأ اتّصاف الأفعال بالحسن والقبح.
المعنى الاول : انّ الحسن هو ما يلائم النفس ويوجب انبساطها والقبيح هو ما يوجب انقباض النفس واستيحاشها. وبناء على هذا المعنى لا تختصّ صفتا الحسن والقبح بالأفعال الاختياريّة ، وذلك لأنّ ما يوجب انقباض النفس وانبساطها قد يكون فعلا اختياريا كالإحسان والإساءة ، وقد لا يكون كذلك كالمنظر الجميل والمنظر القبيح.
المعنى الثاني : انّ المراد من الحسن هو ما أوجب الكمال والمراد من القبيح هو ما أوجب النقص ، فكلّ فعل يساهم في كمال النفس مثلا فهو من الافعال المتّصفة بالحسن كما انّ كلّ فعل يساهم في سقوط النفس وتسافلها فهو من الأفعال المتّصفة بالقبح ، هذا لو كان المراد من الكمال هو الكمال في مصطلح علماء الأخلاق.
أمّا لو كان المراد من الكمال هو الغاية التي تنتهي عندها كلّ قوّة من القوى بحيث تبلغ معها حدّ التماميّة فإن الحسن بناء على هذا المعنى يكون صفة لكلّ ما أوجب اشتداد قوّة من القوى وسار بها نحو غايتها ، كما انّ القبح يكون بمعنى ما يوجب تسافل قوّة من القوى والمسير بها على عكس ما تقتضيه غايتها.
وباعتبار انّ القوى متفاوتة فيما بينها وقد يكون كمال بعضها على حساب كمال الاخرى يلزم ان يتّصف الفعل الواحد ـ بناء على هذا المعنى ـ بالكمال والنقص في آن واحد ولكن باعتبارين.
مثلا : التروّي والتأمل والتأني أفعال تسير بالقوّة العاقلة نحو غايتها وكمالها إلاّ انّها توجب ضمور القوّة الغضبيّة والسبعيّة وتسير بها على عكس ما يقتضيه كمالها ، فهذه الأفعال حسنة بلحاظ القوّة العاقلة وقبيحة بلحاظ القوة الغضبيّة.
وكيف كان فالحسن والقبح بناء على المعنى الثاني بصورتيه لا يختصّ بالأفعال الاختياريّة كما هو واضح.
المعنى الثالث : انّ الحسن بمعنى المصلحة والقبح بمعنى المفسدة أو انّ الحسن ما كان موجبا للمصلحة والقبيح ما كان موجبا للمفسدة.
وهذا المعنى يحتمل مجموعة من الاحتمالات :
منها : انّ المصلحة بمعنى الكمال الشخصي لكلّ قوّة من القوى والمفسدة هي النقص الشخصي أيضا.
ومنها : انّ المصلحة تعني الكمال النوعي وهو النظام الاجتماعي الأتم ، وعليه يكون كلّ فعل يسير بالمجتمع نحو النظام الأتمّ فهو حسن لأنّه موجب للمصلحة النوعيّة ، والمفسدة تعني اختلال النظام الاجتماعي وتبدّده ، فكلّ فعل ينحدر بالمجتمع نحو السقوط فهو قبيح ، بل كلّ فعل يمنع عن الصعود بالنظام الاجتماعي الى الكمال فهو قبيح.
ومنها : انّ المصلحة بمعنى ما يوجب الكمال الشخصي المتّصل بالنفس على ان لا يتنافى ذلك مع الكمال النوعي وان تنافى مع الكمال لسائر القوى ، وبتعبير آخر : المصلحة هي الكمال الشخصي الملائم للكمال النوعي والمفسدة ما كان عكس ذلك.
ولخروج هذا البحث عن محلّ الكلام نكتفي بهذا المقدار.
المعنى الرابع : انّ الحسن هو كلّ فعل يدرك العقل انبغاء فعله ، والقبيح هو ما يدرك العقل انبغاء تركه ، بمعنى انّ العقل يدرك استحقاق فاعل ما ينبغي فعله المدح واستحقاق فاعل ما ينبغي تركه الذم.
وواضح انّ الحسن والقبح بهذا المعنى يختص بالأفعال الاختياريّة ، كما انّ الحسن والقبح بهذا المعنى من مدركات العقل العملي وهو الذي وقع محلا للنزاع ، فالمعروف بين الاصوليين هو انّ الحسن والقبح من مدركات العقل العملي وانّهما من صفات بعض الأفعال الذاتيّة ، وذهب لذلك جمع من المعتزلة أيضا.
وفي مقابل هذه الدعوى ذهب جمع من الأشاعرة الى انّ صفتي الحسن والقبح ليستا من صفات الأفعال الذاتيّة ، فليس ثمّة فعل يقتضي بذاته الحسن أو القبح بل انّهما من الصفات التي تعرض الأفعال بواسطة الشارع ، فكلّ فعل حكم الشارع بحسنه فهو حسن لتحسين الشارع له لا لأنّه يقتضي الحسن بنفسه ، وكلّ فعل حكم الشارع بقبحه فهو قبيح لتقبيح الشارع له لا لأنّه يقتضي القبح بذاته.
وأمّا الأخباريّون فقد ذهبوا الى قصور العقل عن درك واقع الأفعال من حيث اتّصافها بالحسن والقبح ، فهم وان كانوا لا يمنعون عن انّ الأفعال قد تكون متّصفة ذاتا بالحسن والقبح في نفس الأمر والواقع إلاّ انّ إدراك ذلك بواسطة العقل غير ممكن لقصوره عن الإحاطة بواقع الأشياء. فالوسيلة التي يمكن بواسطتها التعرّف على واقع الأفعال من حيث اتّصافها بالحسن أو القبح هي الشارع ، فكلّ ما أخبر الشارع عن حسنه فهو حسن واقعا وكلّ ما أخبر الشارع عن قبحه فهو قبيح واقعا ، وبهذا يمتاز مبنى الإخباريين عن مبنى الأشاعرة.
وهناك مبنى رابع ذهب اليه مشهور فلاسفة المسلمين ، وهو انّ الحسن والقبح ليسا من مدركات العقل العملي ، وهذا معناه انّهما ليسا من الصفات الذاتيّة للأفعال وانّما هما من القضايا المشهورة المعبّر عنها بالآراء المحمودة ، فالحسن هو ما تبانى العقلاء على حسنه ، كما انّ القبيح هو ما تبانى العقلاء على قبحه. وهذا يرتبط بنكات عقلائيّة تختلف باختلاف الأنظمة الاجتماعيّة والظروف الموضوعيّة.
وبهذا المعنى يكون الحسن والقبح من الصفات الاعتباريّة للأفعال والتي ليس لها واقع وراء اعتبار العقلاء ، وهذا المعنى لا يختلف عن مبنى الأشاعرة إلاّ من حيث المعتبر ، فالمعتبر بنظر مشهور فلاسفة المسلمين هم العقلاء ، وأمّا بنظر الأشاعرة فالمعتبر هو الشارع المقدّس.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|