أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
406
التاريخ: 13-6-2019
383
التاريخ: 11-9-2016
599
التاريخ: 11-9-2016
309
|
والمراد من الحسن والقبح العقليّين هو انّ العقل يدرك انّ من الأفعال ما ينبغي فعلها وانّ من الأفعال ما ينبغي تركها ، وانّ من يفعل ما ينبغي فعله فهو مستحقّ عقلا للمدح ، ومن يفعل ما ينبغي تركه فهو مستحقّ للذم.
وبهذا يكون الحسن والقبح من مدركات العقل العملي بل قيل انّ التحسين والتقبيح هما عين العقل العملي ، وتستبطن هذه الدعوى ـ كما قلنا ـ انّ اتّصاف بعض الأفعال بالحسن والقبح ذاتي ، أي ناشئ عن مقام الذات ، وهذا هو مبنى مشهور الاصوليّين.
وقد عرّف الشهيد الصدر رحمه الله الحسن والقبح ـ بحسب مبنى الاصوليّين ـ بالضرورة الخلقيّة الثابتة في لوح الواقع بقطع النظر عن اعتبار أي معتبر ، وأفاد أنّها مباينة للضرورة التكوينيّة من حيث الماهيّة ومن حيث المرتبة ، فالضرورة التكوينيّة تعني الوجوب المقابل للإمكان والامتناع.
وأمّا الضرورة الخلقيّة فهي بمعنى اتّصاف الفعل بانبغاء فعله أو بانبغاء تركه ، وبتعبير آخر : انّ الضرورة الخلقيّة تعني انّ الفعل متّصف ذاتا بأولويّة فعله أو تركه أو قل بأن الأخرى به ان يفعل أو بأن لا يفعل.
ومن هنا تكون الضرورة الخلقيّة في طول السلطنة والتي هي بمعنى الاختيار بحسب مبنى السيّد الصدر رحمه الله.
وبهذا يتّضح معنى انّ الضرورة الخلقيّة مختلفة عن الضرورة التكوينيّة رتبة ، إذ انّ الضرورة التكوينيّة والتي هي بمعنى الوجوب واللابدّيّة تقع في عرض السلطنة وأمّا الضرورة الخلقيّة فهي في طول السلطنة باعتبار انّ الحسن والقبح صفات الأفعال الناشئة عن الاختيار « السلطنة».
وببيان آخر : انّ الموروث عن الفلسفة هو انّه إذا نسب شيء لآخر ، فإمّا أن يكون ذلك الشيء ضروري الثبوت للشيء الآخر : أو ضروري الانتفاء أو لا هو ضروري الثبوت ولا هو ضروري الانتفاء ، فالأوّل يعبّر عنه بالوجوب ، والثاني يعبّر عنه بالامتناع ، والثالث يعبّر عنه بالإمكان ، وهذه القسمة عقليّة حاصرة.
ثمّ انّ نسبة الفعل الى فاعله لا تكون إلاّ بنحو الوجوب والضرورة التكوينيّة ، بمعنى انّ الفعل ما لم يجب لا يوجد ، فلا بدّ أن تكون النسبة بين الفعل « المعلول » وفاعله « العلّة » هي الضرورة وإلاّ استحال وجود الفعل ، ولا يختلف الحال في ذلك بين الأفعال الاختياريّة وبين الأفعال غير الاختياريّة ، فهي على حدّ سواء من جهة هذه القاعدة وهي « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد » ، ولهذا وقعوا في مشكلة عويصة جدا ، وهي كيفيّة تفسير معنى الاختيار في الافعال الاختياريّة.
وأمّا السيّد الصدر رحمه الله فهو في راحة من هذه المشكلة ، وذلك لأنّه ادّعى انّ النسبة بين الفاعل وفعله قد تكون الوجوب وقد تكون الامتناع وهذه النسبة هي المعبّر عنها بالضرورة التكوينيّة ، وقد تكون النسبة بين الفاعل وفعله هي نسبة السلطنة ، والاولى هي نسبة الفاعل الى الأفعال غير الاختياريّة ، وهي موضوع قاعدة « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد » ، والثانية هي نسبة الفاعل المختار الى الأفعال الاختياريّة وهي غير مشمولة لقاعدة « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد ».
وعليه يكون تمام القاعدة هو « انّ الشيء لا يوجد إلاّ بالوجوب أو السلطنة » ، والوجوب معناه لا بدّية الفعل ، وأمّا السلطنة فهي بمعنى « انّ له أن يفعل وله أن لا يفعل » ، والتباين بين الوجوب وبين السلطنة واضح بعد بيان المراد منهما.
وعليه يتّضح الفرق بين الضرورة التكوينيّة والضرورة الخلقيّة ، فالأولى هي نسبة الفعل غير الاختياري الى الفاعل ، وأمّا الثانية فهي نسبة واقعيّة بين السلطنة وبين الفعل ، إذ انّ الضرورة الخلقيّة تعني ـ كما قلنا ـ اتّصاف الفعل الاختياري بأوليّة فعله أو تركه في مقابل الفعل الاختياري الغير المتّصف بأولويّة فعله أو تركه ، وان كان كلاهما واقعان تحت السلطنة اذا صحّ التعبير.
ومن هنا كانت الضرورة الخلقيّة مباينة للضرورة التكوينيّة ماهية ومختلفة معها رتبة ، إذ انّ الواقع في رتبة الضرورة التكوينيّة هو السلطنة ، وأمّا الضرورة الخلقيّة فهي متأخّرة رتبة عن السلطنة.
والمتحصّل ممّا ذكرناه انّ الحسن والقبح من الصفات الواقعيّة لبعض الأفعال الاختياريّة ، فالفعل الاختياري المتّصف واقعا بأولويّة فعله حسن ، والفعل الاختياري المتّصف بأولويّة تركه واقعا قبيح ، وأولويّة الفعل أو الترك ـ والذي هو الضرورة الخلقيّة أو الحسن والقبح ـ لا يتعقّل إلاّ مع افتراض السلطنة والتي هي بمعنى انّ للفاعل ان يفعل وله ان لا يفعل ، إذ لو قلنا انّ النسبة بين الفعل والفاعل هي الوجوب والضرورة التكوينيّة دائما لما كان هناك معنى معقول لأولويّة الفعل ، فإمّا أن يكون الفعل بالنسبة لفاعله ضروري الوجود أو ضروري العدم.
هذا حاصل ما أفاده السيّد الصدر رحمه الله في مقام بيان الحسن والقبح العقليّين ، ثمّ أفاد انّ المشهور عرّفوا الحسن والقبح بأن الحسن هو الذي يصحّ المدح على فعله والقبيح هو ما صحّ الذم على فعله.
وأورد على هذا التعريف بأنّ من المقطوع به عدم صحّة ذم فاعل القبيح عند جهله بقبحه وتوهّمه حسنه ، وعدم صحّة مدح فاعل الحسن عند جهله بحسنه وتوهمه قبحه ، فإذا قلنا انّ الحسن معناه صحّة المدح وانّ القبح معناه صحّة الذم لزم من ذلك أن يكون الحسن والقبح منوطين بعلم الفاعل ، إذ انّ صحّة المدح والذم منوطان بذلك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مكتب المرجع الديني الأعلى يعزّي باستشهاد عددٍ من المؤمنين في باكستان
|
|
|