المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

تطور الدراسة الجغرافية للسياحة
28-11-2017
معاني التركيب والبساطة
31-8-2016
السمات والخصائص التي تتصف بها الدعاية 3- القوة
19-1-2021
عدد القوافي
25-03-2015
مستوى البلورة habit plane
12-11-2019
الصفائح الدموية Blood Platelets or Thrombocytes
6-6-2016


التعارض المستقر  
  
1162   10:23 صباحاً   التاريخ: 1-9-2016
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : الوسيط في أُصول الفقه
الجزء والصفحة : ج 2 ص 192- 193.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعارض الادلة /

قد عرفت أنّ التعارض على قسمين: بدويّ غير مستقر ، وتعارض مستقر، ويقع الكلام في القسم الثاني، في ضمن مباحث:

المبحث الأوّل: ما هو مقتضى القاعدة الأوّلية؟

إذا قلنا بأنّ الخبر حجّة لكونه طريقاً إلى كشف الواقع من دون أن يكون في العمل بالخبر هناك أيُّ مصلحة سوى مصلحة درك الواقع(1)، فما هو مقتضى حكم العقل؟

أقول: إنّ هنا صورتين:

الأُولى: فيما إذا لم يكن لدليل حجّية خبر الواحد إطلاق شامل لصورة التعارض، كما إذا كان دليل الحجّية أمراً لبيّاً كالسيرة العقلائية أو الإجماع، فعندئذ يكون دليل الحجية قاصراً عن الشمول للمتعارضين، لأنّ الدليل اللبيّ لا يتصوّر فيه الإطلاق، فيؤخذ بالقدر المتيقن وهو اختصاص الحجّية بما إذا كان الخبر غير معارض، فتكون النتيجة عدم الدليل على حجّية الخبرين المتعارضين وهو مساو لسقوطهما.

الثانية: إذا كان هناك إطلاق شامل لصورة التعارض، كما إذا كان دليل الحجّية أمراً لفظياً كآية النبأ والنفر، وقلنا بوجود الإطلاق فيهما الشامل لصورة

المتعارضين، فيقع الكلام في مقتضى القاعدة الأوّلية.

إنّ مقتضى القاعدة الأوّلية هو التساقط، وإلاّ فالأمر دائر بين الأُمور الثلاثة:

1. الأخذ بكليهما، وهو يستلزم الجمع بين المتناقضين.

2. الأخذ بأحدهما المعين، وهو ترجيح بلا مرجح.

3. الأخذ بأحدهما المخير، و هو لا دليل عليه.

لأنّ الأدلة دلت على حجّية كلّ واحد معيّناً لا مخيّراً، فإذا بطلت الاحتمالات الثلاثة تعين التساقط.

المبحث الثاني: في حجّية المتعارضين في نفي الثالث:

قد عرفت أنّ الأصل في المتعارضين على القول بحجّيتهما من باب الطريقية هو التساقط، لكن يقع الكلام في اختصاص التساقط بالمدلول المطابقي أو يعمّ المدلول الالتزامي أيضاً.

فعلى الوجه الأوّل يُحتج بهما في نفي الثالث دون الوجه الثاني، فلو كان هناك خبران متعارضين أحدهما يدل على أنّ نصاب الغوص دينار، والآخر على أنّ نصابه عشرون ديناراً، فعلى الاختصاص يحتج بهما في نفي الثالث، أي نفي عدم اعتبار النصاب في الغوص أوكون نصابه عشرة دنانير دون القول الآخر.

فيه وجهان:

والظاهر عدم صحة الاحتجاج، لأنّ الأخذ بالمدلول الالتزامي فرع الأخذ بالمدلول المطابقي، فإذا امتنع الأخذ بالمدلول المطابقي فكيف يمكن الأخذ بمدلوله الالتزامي؟!

وبعبارة أُخرى: الأخذ بالمدلول الالتزامي لأجل كونه من لوازم المعنى المطابقي، فإذا لم يثبت الملزوم تعبّداً فكيف يثبت اللازم؟! إلاّ أن يدل دليل على التحفظ باللازم تعبداً .

المبحث الثالث: مقتضى القاعدة الثانوية في المتعارضين:

قد عرفت أنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في المتعارضين هو التساقط، إنّما الكلام في ورود دليل خارجي على خلاف القاعدة وعدمه، فعلى الثاني(عدم ورود الدليل) يؤخذ بمفاد القاعدة الأُولى ويحكم بتساقط الخبرين في جميع الحالات، وعلى الأوّل يجب أن يؤخذ بمدلول القاعدة الثانوية.

ثمّ إنّ الروايات الواردة في الخبرين المتعارضين تشعّبت إلى طوائف ثلاث:

الطائفة الأُولى: ما يدلّ على التخيير.

الطائفة الثانية: ما يدلّ على التوقّف.

الطائفة الثالثة: ما يدلّ على الأخذ بذي الترجيح.

ونذكر من القسم الأوّل ما رواه الحسن بن جهم عن الرضا ـ عليه السَّلام ـ في حديث:

قلت: يجيئنا الرجلان ـ و كلاهما ثقة ـ بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحق؟ قال: «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت».(2)

ثمّ إنّ الشيخ الأنصاري ادّعى تواتر الأخبار الدالّة على التخيير في المتعارضين، و كان سيدنا الأُستاذ قدَّس سرَّه ينكر التواتر، ولكن يعترف بالتضافر، وقد عثرنا على ما يدل على التخيير بما يناهز ثماني روايات.(3)

لكنّ المشكلة تكمن في إعراض الأصحاب عن روايات التخيير، فانّه لا يوجد مورد أفتى المشهور في الكتب الفقهية بالتخيير بين الخبرين.

وأمّا الطائفة الثانية، أعني: ما يدلّ على التوقف، فيناهز عدد رواياتها ما يناهز الخمس، نذكر منها ما يلي:

1. روى سماعة عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟

قال: «يرجئه حتى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتى يلقاه».(4)

2. روى سماعة عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ ، قلت: يرد علينا حديثان، واحد يأمرنا بالأخذ به، والآخر ينهانا عنه؟ قال: «لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله»، قلت: لابدّ أن نعمل بواحد منهما.

قال: «خذ بما فيه خلاف العامة».(5)

ويحتمل وحدة الحديثين لوحدة الراوي عن الإمام و إن اشتمل الحديث الثاني على زيادة، ولاحظ ما يدل على التوقف أيضاً.(6)

وعلى فرض حجّية أخبار التخيير فقد قام غير واحد من المحقّقين بالجمع بين الطائفتين (التخيير والتوقف) بوجوه، أوضحها ما أفاده الشيخ الأعظم من حمل روايات التوقف على صورة التمكّن من لقاء الإمام، و يشهد على ذلك ما في حديث سماعة: «يرجئه حتى يلقى من يخبره».

وفي حديث آخر عنه :«لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله».

إذا كانت الطائفة الأُولى دالة على التخيير والثانية على التوقف (وقد عرفت الجمع بينهما) فهناك طائفة ثالثة تدل على الأخذ بذي الترجيح، و يقع الكلام في هذه الطائفة في جهات:

1. التعرف على أقسام المرجحات.

2. كون الأخذ بذات المزية لازم أو لا.

3. لزوم الاقتصار على المنصوص منها أو جواز التعدّي عنه إلى غيره؟

وإليك دراسة هذه الجهات واحدة تلو الأُخرى.

الجهة الأُولى : أقسام المرجحات:

إنّ المرجحات الواردة في الروايات على أقسام، وبما انّ مقبولة عمر بن حنظلة هي بيت القصيد في هذا الباب نذكر المرجحات وفق الترتيب الوارد في الرواية المذكورة والمرجحات الواردة فيها خمسة(7):

1. الترجيح بصفات الراوي.

2. الترجيح بالشهرة العملية.

3. الترجيح بالكتاب والسنّة.

4. الترجيح بمخالفة العامة.

5. الترجيح بالأحدثية.

هذه هي المرجحات الواردة في المقام، وإليك البحث فيها على وجه التفصيل:

1. الترجيح بصفات الراوي

قد ورد الترجيح بصفات الراوي في روايات ثلاث:

أ. رواية عمر بن حنظلة.

ب. رواية داود بن الحصين.

ج. رواية موسى بن أكيل.

ولكن الجميع يرجع إلى ترجيح حكم أحد القاضيين على الآخر بهذه الصفات ولا تمت بترجيح أحد الخبرين على الآخر بصفات الرواة.

أمّا رواية عمر بن حنظلة، فحاصل الرواية انّه فرض حكمين من أصحابنا حكما في موضوع بحكمين وكلاهما صدرا عن الحديث المروي عن الأئمّة ـ عليهم السَّلام ـ ، فقال الإمام ـ عليه السَّلام ـ : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر».(8)

يلاحظ عليه: بما عرفت من أنّ مورد الرواية هو ترجيح حكم أحد القاضيين بصفاتهما، وأين هو من ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى بصفات الراوي؟

أمّا رواية داود بن الحصين، فهي ما رواه الصدوق بسند كالصحيح عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قال: «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر».(9)

وهذه الرواية كسابقتها ناظرة إلى ترجيح أحد الحكمين على الآخر.

وأمّا رواية موسى بن أكيل، ما رواه الشيخ الطوسي بسند صحيح، عن ذُبيان بن حُكيم، عن موسى بن أكيل، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ قال: سئل عن رجل يكون بينه و بين أخ له منازعة في حقّ، فيتفقان على رجلين، يكونان بينهما، فحكما، فاختلفا فيما حكما، قال: «وكيف يختلفان»؟

قال: حكم كلّ واحد منهما للذي اختاره الخصمان، فقال: «ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين اللّه، فيمضي حكمه».(10)

وهذا الحديث أيضاً أجنبي عن المقام، لأنّ الضمائر ترجع إلى الحكمين اللّذين اختارهما كلّ واحد من المتحاكمين، وبما انّ القضاء أمر لا يخلو تأخيره من مضارّ ناسب أن تكون صفات القاضي من المزايا، بخلاف الإفتاء.

نعم اختلاف الحكمين في القضاء ، وإن نشأ عن الاختلاف في الحديث المروي عنهما عليمها السَّلام لكنّ الاختلاف الحديث سبب الاختلاف في القضاء وليس الإمام بصدد ترجيح رواية على رواية أُخرى، بل بترجيح قضاء، على قضاء آخر.

إلى هنا تمّ الكلام في المرجح الأوّل، و ثبت انّه لا يمتُّ إلى ترجيح الرواية بصلة.

2. الترجيح بالشهرة العملية:

قد ورد الترجيح بالشهرة العملية في رواية واحدة وهي مقبولة عمر بن حنظلة، فقد فرض عمر بن حنظلة مساواة الحكمين في الصفات، قائلاً:

قلت: فانّهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضّل واحد منهما على الآخر.

قال: فقال: «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمعَ عليه من أصحابنا فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فانّ المجمع عليه لا ريب فيه، وإنّما الأُمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيُتّبع ،وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه وإلى رسوله، قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ :حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم».(11)

فإن قلت: إنّ صدر الحديث راجع إلى ترجيح أحد الحكمين على الآخر، فليكن الترجيح بالشهرة العملية راجعاً إليهما لا إلى الخبرين.

قلت: إنّ صدر الحديث وإن كان راجعاً إلى ترجيح حكم أحد القاضيين

على حكم الآخر، لكن بعد ما فرض الراوي مساواة القاضيين من حيث الصفات أرجع الإمام السائل إلى ملاحظة مصدر فتاواهما، وانّه يقدم قضاء من حكم بخبر مجمع عليه بين الأصحاب، على من قضى بمصدر شاذ.

ومن هنا توجه كلام الإمام إلى بيان مرجحات الرواية في مقام الإفتاء ليكون حلاً في مقام القضاء أيضاً، فكلامه في المجمع عليه وما بعده كموافقة الكتاب ومخالفته راجع إلى ترجيح أحد الخبرين على الآخر في مقام الإفتاء.

هذا كلّه لا غبار عليه لكن هنا إشكالاً آخر، وهو انّ المراد من المرجّح، هو تقديم إحدى الحجتين على الأُخرى، لا تقديم الحجّة على اللاحجّة، والتقديم بالشهرة العملية من قبيل القسم الثاني، ويعلم ذلك من تحليل مقاطع الرواية في ضمن أُمور:

1. المراد من «المجمع عليه» ليس ما اتّفق الكل على روايته، بل المراد ما هو المشهور بين الأصحاب في مقابل ما ليس بمشهور، والدليل على ذلك قول الإمام ـ عليه السَّلام ـ : «ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك».

2. المراد من اشتهار الرواية بين الأصحاب هو اشتهارها مع الإفتاء بمضمونها، إذ هو الذي يمكن أن يكون مصداقاً لما لا ريب فيه، وإلاّ فلو نقلوا الرواية بلا إفتاء وفق مضمونها ففيه كلّ الريب والشكّ.

3. المراد من قوله: «لا ريب فيه» هو نفي الريب على وجه الإطلاق، لأنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم، فالرواية المشهورة نقلاً وعملاً ليس فيها أي ريب وشك.

وأمّا ما يقابلها، أعني :الشاذ ممّا لا ريب في بطلانه، وذلك لأنّه إذا كانت النسبة في إحدى القضيتين صحيحة قطعاً تكون النسبة في القضية المناقضة لها باطلة قطعاً، وهذا هو المهم فيما نرتئيه.

4. انّ هذا البيان يثبت انّ الخبر المشهور المفتي به داخل في «بيّن الرشد» في تثليث الإمام ـ عليه السَّلام ـ والخبر الشاذ داخل في «البيّن الغي» من تثليثه، وذلك لما تبيّن انّ المشهور لا ريب في صحته والمخالف لا ريب في بطلانه.

ويظهر من ذلك ما ذكرنا من الإشكال، وهو انّ الشهرة العملية إذا كانت سبباً لطرد الريب عن نفسها وإلصاقه بمخالفها تكون أمارة على تمييز الحجّة عن اللاحجة، وبيّن الرشد عن بيّن الغي، ومثل ذلك لا يعدّ مرجحاً أصلاً.

إلى هنا تبيّن انّ ذينك الأمرين، الترجيح بصفات الراوي، والترجيح بالشهرة العملية لا يمتّ إلى ترجيح أحد الخبرين على الآخر بصلة، امّا لكونه راجعاً إلى ترجيح أحد الحكمين، أو إلى تمييز الحجّة عن غيرها، لا تقديم إحداهما على الأُخرى كما هو المقصود، وإليك دراسة الباقي:

3. الترجيح بالكتاب والسنّة:

قد ورد الترجيح بالكتاب والسنّة في غير واحد من الروايات، ونحن نذكر في هذا المقام بعضاً منها:

1. مقبولة عمر بن حنظلة

فقد جاء في المقطع الثالث منها:

قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم.

قال:« ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة(وخالف العامة) فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة».(12)

2. ما رواه الميثمي عن الرضا ـ عليه السَّلام ـ أنّه قال: «فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فأعرضوهما على كتاب اللّه، فما كان في كتاب اللّه موجوداً حلالاً أو حراماً، فاتّبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنّة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فما كان في السنّة موجوداً منهيّاً عنه نهي حرام، ومأموراً به عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أمر إلزام، فاتّبعوا ما وافق نهي رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وأمره».(13)

3. ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن الصادق ـ عليه السَّلام ـ أنّه قال: «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، وما خالف كتاب اللّه فردّوه».(14)

4. ما رواه الحسن بن الجهم، عن الرضا ـ عليه السَّلام ـ قال: قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟

فقال: «ما جاءك عنّا فقس على كتاب اللّه عزّ وجلّ وأحاديثنا، فإن كان يشبههما فهو منّا، وإن لم يكن يشبهها فليس منّا».(15)

5. ما رواه الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح ـ عليه السَّلام ـ أنّه قال: «إذا جاءك الحديثان المختلفان، فقسهما على كتاب اللّه وأحاديثنا، فإن أشبههما فهو حقّ، وإن لم يشبههما فهو باطل».(16)

والظاهر انّ موافقة الكتاب ليست من وجوه الترجيح، بل المخالف ليس بحجّة، وذلك لأجل أمرين:

إنّ الأخبار الواردة حول الخبر المخالف للكتاب على صنفين:

أ. ما يصف الخبر المخالف ـ و إن لم يكن له معارض ـ بكونه زخرفاً.(17) وانّه ممّا لم «أقله»(18) أو «لا يصدق علينا إلاّ ما وافق كتاب اللّه».(19)

ب. ما يصف الخبر المخالف للكتاب مع كونه معارضاً لما هو موافق له فيصف المخالف بقوله «فردّوه»(20)، أو «فليس منّا»(21)، أو «فهو باطل»(22) ، فانّ هذه التعابير تناسب كون الخبر المخالف ممّا لم يصدر عن الأئمّة بتاتاً فيكون من قبيل تقديم الحجّة على اللاحجّة فيخرج عن محط البحث.

4. الترجيح بمخالفة العامة:

تضافرت الروايات على أنّه إذا اختلفت الأخبار، يُقدّم ما خالف العامة، وما ذلك إلاّ لأنّ الظروف القاسية دفعت بالأئمة إلى الإفتاء وفق مذاهبهم صيانة لدمائهم وصيانة نفوس شيعتهم، ولذلك جعل ما يشبه قولهم ممّا فيه التقية.(23)

وإليك نقل ما ورد في هذا المجال:

1. ما رواه عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ في مقبولته : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟

قال: «ما خالف العامة ففيه الرَّشاد».

فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً؟

قال:« ينظر إلى ما هم إليه أميل، حكامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر».(24)

وقد مرّ آنفاً انّ صدر الحديث وإن كان راجعاً إلى ترجيح حكم أحد القاضيين على حكم الآخر، لكن بعد ما فرض الراوي مساواة القاضيين من حيث الصفات ارجع الإمام السائل إلى ملاحظة مصدر فتواهما، وانّه يقدم قضاء من حكم بخبر مجمع عليه بين الأصحاب على من قضى بمصدر شاذ...

ومن هنا انحدر كلام الإمام من بيان مرجّحات الحكمين إلى مرجّحات

الرواية في مقام الإفتاء ليكون حلاً في مقام القضاء أيضاً، و كلّ ما جاء بعد الكلام في المجمع عليه يرجع إلى مرجحات الرواية.

وقد ورد الترجيح بمخالفة العامة في غير واحد من الروايات.(25) وظهر انحصار المرجّح فيها.

5. الترجيح بالأحدثية:

هناك روايات عديدة دلّت على لزوم الأخذ بالأحدث من الحكمين، وإليك بعض ما يدلّ عليه.

1. روى المعلّى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما نأخذ؟ فقال: «خذوا به حتى يبلغكم عن الحيّ فخذوا بقوله».(26)

ولكن هذا القسم لا صلة له بباب المرجحات، لأنّ الأخذ بالأحدث ليس لأجل كونه بياناً للحكم الواقعي والآخر على خلافه بل يمكن أن يكون على العكس، وإنّما وجب الأخذ بالأحدث، لأجل انّ إمام كلّ عصر أعرف بمصالح شيعته، مع أنّ كلاً من الخبرين بالنسبة إلى بيان الحكم الواقعي وعدمه سواء، وعلى هذا يختص الترجيح بهذه المزيّة لعصرهم دون عصر الغيبة، لأنّه بالنسبة إلى الخبرين متساو.

نعم الأخذ بالأحدث إذا كان في كلام النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ربما يكون لأجل كونه ناسخاً للأوّل، وأمّا في كلام الإمامين أو الإمام الواحد فلا يتصور فيه ذلك.

تمّ الكلام في الجهة الأُولى، وإليك الكلام في الجهة الثانية.

الجهة الثانية : لزوم الأخذ بالمرجِّح:

المشهور هو لزوم الأخذ بذات المزية من الخبرين، وقد استدلّ على القول المشهور بوجوه نشير إلى بعضها بوجه موجز:

أ. دعوى الإجماع على الأخذ بأقوى الدليلين.

ب. لو لم يجب ترجيح ذي المزية لزم ترجيح المرجوح على الراجح، وهو قبيح عقلاً بل ممتنع قطعاً.

إلى غيرها من الوجوه التي ربما ترتقي إلى خمسة، والأولى أن يستدلّ على وجوب الأخذ بالوجه التالي:

إنّ لسان الروايات هو لزوم الأخذ لا استحبابه، أمّا على القول بأنّ الجميع يرجع إلى تميز الحجة عن اللاحجة فواضح، وأمّا على القول بأنّها من مقولة المرجحات بعد وصف الخبرين بالحجّية، فلأنّ المتبادر من الجمل التالية هو اللزوم لا الفضل والاستحباب.

أ: انّ المجمع عليه لا ريب فيه.

ب: ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة فيؤخذ به ويترك ما خالف.

ج: ما خالف العامّة ففيه الرشاد.

د: ما وافق القوم فاجتنبه.

إلى غير ذلك من العنوانات الصريحة في لزوم الأخذ بالمرجح وترك الآخر.

الجهة الثالثة : التعدّي من المنصوص إلى غيره:

لو افترضنا انّ ما ذكر من المزايا مرجّحات للرواية، فهل يقتصر عليها في مقام الترجيح أو يتعدّى عنه إلى غيره كموافقة الإجماع المنقول أو موافقة الأصل وغيرهما؟

إنّ التعدّي يحتاج إلى حجة قطعية يقيد بها إطلاقات التخيير، وقد عرفت تضافر الروايات على التخيير.(27) فالترجيح بغير المنصوص نوع تقييد لها ولم يدلّ دليل على لزوم التعدي، ويؤيد المختار أمران:

الأوّل: لو كان الملاك هو العمل بكلّ مزية في أحد الطرفين، لكان الأنسب في الروايات الإشارة إلى الضابطة الكلية من دون حاجة إلى تفصيل المرجحات.

ولو قيل: إنّ الغاية من التفصيل هو إرشاد المخاطب إلى تلك المرجّحات، ولولا بيان الإمام لما كان المخاطب على علم بها.

قلت: نعم ولكن لا منافاة بين تفصيل المرجّحات وإعطاء الضابطة ليقف المخاطب على وظيفته العملية في باب التعارض.

الثاني: انّ الإمام في مقبولة عمر بن حنظلة ـ بعد فرض تساوي الخبرين ـ أمر بالتوقف وإرجاء حكم الواقعة حتى يلقى الإمام، ولو كان العمل بكلّ ذي مزية واجباً لما وصلت النوبة إلى التوقّف إلاّ نادراً.

1. على القول بعدم اعراض الأصحاب عن روايات التخيير كما عليه الشيخ الأعظم قدَّس سرَّه .

الجهة الرابعة : في التعارض على نحو العموم والخصوص من وجه:

قد عرفت أنّ الجمع المقبول بين الروايتين مقدّم على الأخبار العلاجية من التخيير والترجيح.

كما عرفت أنّه إذا كانت النسبة بين الخبرين هو التباين، يجب العمل بالرواية ذات المزية وإلاّ فالتخيير.

بقي الكلام فيما إذا كان التعارض بين الخبرين على نحو العموم من وجه، كما إذا دلّ الدليل على نجاسة عذرة ما لا يؤكل لحمه، ودلّ دليل آخر على طهارة عذرة كلّ طائر، فيفترق الدليلان في موردين: أحدهما: عذرة الوحوش، فانّها داخلة تحت إطلاق الدليل الأوّل; وثانيهما: عذرة الطائر الذي يؤكل لحمه، فانّها داخلة تحت إطلاق الدليل الثاني; وإنّما يتعارضان في الطائر غير المأكول لحمه كما فيما إذا كانت له مخالب، فهل المرجع هو التساقط والرجوع إلى دليل آخر من اجتهادي كالعموم والإطلاق، وأصل عملي إذا لم يكن دليل اجتهادي، أو المرجع هو الأخبار العلاجية من الترجيح أوّلاً والتخيير ثانياً؟

والظاهر هو القول الأوّل، لأنّ المتبادر من الأخبار العلاجية هو دوران الأمر بين الأخذ بالشيء بتمامه وترك الآخر كذلك، أو بالعكس كما هو الظاهر من قوله:

«أحدهما يأمر والآخر ينهى» والأمر في العامين من وجه ليس كذلك، إذ لا يدور الأمر بين الأخذ بواحد منهما وترك الآخر أو بالعكس، بل يؤخذ بكلّ في موردي الافتراق، وإنّما الاختلاف في مورد الاجتماع، فالعُقاب بما انّه حيوان غير مأكول يحكم على فضلته بالنجاسة، و بما انّه طائر يحكم عليها بالطهارة.

ومنه يعلم حكم أخبار العرض على الكتاب والسنّة وفتاوى العامة، فإنّ الظاهر هو الأخذ بتمام ما وافق كتاب اللّه وترك تمام ما خالفه، ومثله ما وافق العامة أو خالفها، فإنّ المتبادر هو أخذ تمام ما خالف العامة وترك كلّ ما وافقهم، والأمر في العموم من وجه ليس كذلك، لأنّه يؤخذ بكلا الدليلين ولا يترك الآخر بتاتاً.

سؤال و إجابة:

ما الفرق بين «صل» و «لا تغصب»، وقولنا :«أكرم العلماء» و «لا تكرم الفساق»؟

حيث يعد الأوّل من باب التزاحم بخلاف الآخر حيث يعد من باب التعارض، ولم نجد أحداً يعالج المثال الأوّل من باب التعارض، كما لم نجد من يعالج المثال الثاني من باب التزاحم مع أنّ المثالين من باب واحد.

والجواب: انّه إذا أحرز الملاك والمناط في متعلّق كلّ واحد من الإيجاب والتحريم مطلقاً حتى في مورد التصادق والاجتماع، فهو من باب التزاحم; وأمّا إذا لم يحرز مناط كلّ من الحكمين في مورد التصادق، سواء أحرز مناط أحد الحكمين بلا تعيين، كما إذا كان أحد الدليلين قطعياً أو لم يحرز المناط في كلّ من المتعلّقين كالخبرين الواحدين فهما من باب التعارض. وقد مرّ الايعاز إليه في الجز الأوّل عند البحث في اجتماع الأمر والنهي.

____________
1. في مقابل احتمال حجّية الخبر الواحد من باب السببية، وبما انّ الاحتمال باطل عند أصحابنا تركنا البحث فيها وبيان أحكامها. ومن أراد التفصيل فلنرجع إلى المحصول:ج3/110 ـ 126.

2. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث40.

3. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث6،21، 39، 40، 41، 44; المستدرك:17، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 2، 12.

4. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث5و 42.

5. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث5و 42.

6. الوسائل:18 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1، 36; المستدرك:17، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث10، 2.

7. ولم نأخذ بمرفوعة العلاّمة عن زرارة، لإرسالها، لاحظ المستدرك:17، الباب9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 2، نقلاً عن عوالي اللآلي، عن العلاّمة مرفوعاً عن زرارة.

8. الكافي:1/67، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم، الحديث10. وسيوافيك بقية الحديث ضمن المرجحات.

9. الوسائل: 18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20و 45.

10. الوسائل: 18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20و 45.

11. الكافي:1، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم، الحديث 10.

12. الكافي:1/68، باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم، الحديث 10.

13. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

14. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

15. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

16. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

17. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

18. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

19. الوسائل:18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 29، 40، 48، 12، 15، 47.

20. قد مضت هذه العنوانات في الأحاديث الآنفة الذكر.

21. قد مضت هذه العنوانات في الأحاديث الآنفة الذكر.

22. قد مضت هذه العنوانات في الأحاديث الآنفة الذكر.

23. قد مضت هذه العنوانات في الأحاديث الآنفة الذكر.

24. الوسائل: 18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 46.

25. لاحظ الوسائل: 18، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 29، 30، 31، 34.

26. الوسائل: 18، الباب 9من أبواب صفات القاضي، الحديث 8; وانظر أيضاً الحديث 9و17 من نفس الباب.

27. على القول بعدم اعراض الأصحاب عن روايات التخيير كما عليه الشيخ الأعظم قدَّس سرَّه.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.