المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

قراءة القرآن وحفظه وروايته
16-10-2014
وروده الى بغداد وشهادته (عليه السلام)
21-05-2015
توزيع الضغط الجوى على القارة
2024-09-19
ظهور النقد المنهجي عند العرب
4-6-2017
دراسة تأثير درجة الحرارة
2024-01-22
Everyday Experience of Motion and Energy
18-5-2016


التعارض المستقر على ضوء دليل الحجية  
  
979   10:22 صباحاً   التاريخ: 1-9-2016
المؤلف : محمد باقر الصدر
الكتاب أو المصدر : دروس في علم الاصول
الجزء والصفحة : ح3 ص 245.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعارض الادلة /

نتناول الآن التعارض المستقر الذي تقدم ان التنافي فيه بعد استقرار التعارض يسري إلى دليل الحجية إذ يكون من الممتنع شمول دليل الحجية لهما معا وسنبحث هنا حكم هذا التعارض في ضوء دليل الحجية وبقطع النظر عن الروايات الخاصة التي عولج فيها حكم التعارض وهذا معنى البحث عما تقتضيه القاعدة في المقام. والمعروف ان القاعدة تقتضي التساقط لان شمول دليل الحجية للدليلين المتعارضين غير معقول وشموله لاحدهما المعين دون الآخر ترجيح بلا مرجح وشموله لهما على وجه التخيير لا ينطبق على مفاده العرفي وهو الحجية التعينية فيتعين التساقط.

ونلاحظ من خلال هذا البيان ان الانتهاء إلى التساقط يتوقف على ابطال الشقوق الثلاثة الاولى فلنتكلم عن ذلك: اما الشق الاول: - وهو شمول دليل الحجية لهما معا فقد يقال ان الدليلين المتعارضين تارة يكون مفاد احدهما اثبات حكم الزامي ومفاد الآخر نفيه، واخرى يكون مفاد كل منهما حكما ترخيصيا، وثالثة مفاد كل منهما حكما الزاميا، ففي الحالة الاولى يستحيل شمول دليل الحجية لهما لأنه يؤدي إلى تنجيز حكم الزامي والتعذير عنه في وقت واحد، وفي الحالة الثانية يستحيل الشمول لأدائه مع العلم بمخالفة احد الترخيصين للواقع إلى الترخيص في المخالفة القطعية لذلك الواقع المعلوم اجمالا، واما في الحالة الثالثة فان كان الحكمان الالزاميان متضادين ذاتا كما اذا دل دليل على وجوب الجمعة ودل آخر على حرمتها فالشمول محال ايضا لأدائه إلى تنجيز حكمين الزاميين في موضوع واحد وان كانا متضادين بالعرض للعلم الاجمالي من الخارج بعدم ثبوت احدهما كما إذا دل دليل على وجوب الجمعة وآخر على وجوب الظهر فلا استحالة في شمول دليل الحجية لهما معا لأنه انما يؤدي إلى تنجيز كلا الحكمين الالزاميين مع العلم بعدم ثبوت احدهما ولا محذور في ذلك.

ولكن الصحيح ان هذا التوهم يقوم على اساس ملاحظة المدلول المطابقي في مقام التعارض فقط وهو خطأ فان كلا من الدليلين المفروضين يدل بالالتزام على نفي الوجوب المفاد بالآخر فيقع التعارض بين الدلالة المطابقية لاحدهما والدلالة الالتزامية للآخر وحجيتهما معا تؤدي إلى تنجيز حكم والتعذير عنه في وقت واحد.

فان قيل هذا يعني ان المحذور نشأ من ضم الدلالتين الإلتزاميتين في الحجية إلى المطابقيتين فيتعين سقوطهما عن الحجية لانهما المنشأ للتعارض وتظل حجية الدلالة المطابقية في كل من الدليلين ثابتة. كان الجواب اننا نواجه في الحقيقة معارضتين ثنائيتين والدلالة الالتزامية تشكل احد الطرفين في كل منهما فلا مبرر لطرح الدلالة الالتزامية الا التعارض وهو ذو نسبة واحدة إلى كلا طرفي المعارضة فلا بد من سقوط الطرفين معا.

فان قيل المبرر لطرح الدلالة الالتزامية خاصة دون المطابقية انها ساقطة عن الحجية على اي حال سواء رفعنا اليد عنها ابتداء او رفعنا اليد عن الدلالتين المطابقتين لان سقوط المطابقية عن الحجية يستتبع سقوط الالتزامية فالدلالة الالتزامية إذن ساقطة عن الحجية على اي حال اما سقوطا مستقلا او يتبع سقوط الدلالة المطابقية ومع هذا فلا موجب للالتزام بسقوط الدلالة المطابقية.

كان الجواب ان الدلالة الالتزامية في كل معارضة ثنائية تعارض الدلالة المطابقية للدليل الآخر وهي غير تابعة لها في الحجية ليدور امرها بين السقوط الابتدائي والسقوط التبعي فلا معين لحل المعارضة بأسقاط الدلالتين الإلتزاميتين خاصة.

واما الشق الثاني: - وهو شمول دليل الحجية لاحدهما المعين فقد برهن على استحالته بانه ترجيح بلا مرجح الا ان هذا البرهان لا يطرد في الحالات التالية:

الحالة الاولى: - ان نعلم بان ملاك الحجية والطريقية غير ثابت في كل من الدليلين في حالة التعارض وفي هذه الحالة لا شك في سقوطهما معا بلا حاجة إلى برهان لا المفروض عدم الملاك لحجيتهما.

الحالة الثانية: - ان نعلم - بقطع النظر عن دليل الحجية - بوجود ملاكها في كل منهما وبان الملاك في احدهما المعين اقوى منه في الآخر، ولا شك هنا في شمول دليل الحجية لذلك المعين ولا يكون ترجيحا بلا مرجح للعلم بعدم شموله للآخر وكذلك الامر إذا احتملنا أقوائية الملاك الطريقي في ذلك المعين ولم نحتمل الاقوائية في الآخر فإن هذا يعني ان اطلاق دليل الحجية للآخر معلوم السقوط لأنه إما مغلوب او مساو ملاكا لمعارضه واما اطلاق دليل الحجية لمحتمل الاقوائية فهو غير معلوم السقوط فنأخذ به.

الحالة الثالثة: - ان لا يكون الملاك محرزا بقطع النظر عن دليل الحجية لا نفيا ولا اثباتا وانما الطريق إلى احرازه نفس دليل الحجية ونفترض اننا نعلم بان الملاك لو كان ثابتا في المتعارضين فهو في احدهما المعين اقوى وهذا يعني العلم بسقوط اطلاق دليل الحجية للآخر لأنه اما لا ملاك فيه واما فيه ملاك مغلوب واما اطلاق دليل الحجية للمعين فلا علم بسقوطه فيؤخذ به، ومثل ذلك ما إذا كان احدهما المعين محتمل الاقوائية على تقدير ثبوته دون الآخر. ومن امثلة ذلك ان يكون احد الراويين اوثق وأفقه من الراوي الآخر فان نكتة الطريقية التي هي ملاك الحجية لا يحتمل كونها موجودة في غير الاوثق والافقه خاصة. وهكذا يتضح ان ابطال الشمول لاحدهما المعين ببرهان استحالة الترجيح بلا مرجح انما يتجه في مثل ما إذا كان كل من الدليلين موردا لاحتمال وجود الملاك الاقوى فيه.

واما الشق الثالث: وهو اثبات الحجية التخييرية فقد أبطل بان مفاد الدليل هو كون الفرد مركزا للحجية لا الجامع ويلاحظ ان الحجية التخييرية لا ينحصر امرها بحجية الجامع ليقال بان ذلك خلاف مفاد الدليل بل يمكن تصويرها بحجيتين مشروطتين بان يلتزم بحجية كل من الدليلين لكن لا مطلقا بل شريطة ان لا يكون الاخر صادقا فمركز كل من الحجيتين الفرد لا الجامع ولكن نرفع اليد عن اطلاق الحجية لأجل التعارض ولا تنافي بين حجيتين مشروطتين من هذا القبيل ولا محذور في ثبوتهما إذا لم يكن كذب كل من الدليلين مستلزما لصدق الآخر، والا رجعنا إلى اناطة حجية كل منهما بصدق نفسه وهو غير معقول.

فان قيل ما دمنا لا نعلم الكاذب من الصادق فلا نستطيع ان نميز ان اي الحجيتين المشروطتين تحقق شرطها لنعمل على اساسها فأي فائدة في جعلهما؟ كان الجواب ان الفائدة نفي احتمال ثالث لاننا نعلم بان احد الدليلين كاذب وهذا يعني العلم بان احدى الحجيتين المشروطتين فعلية وهذا يكفي لنفي الاحتمال الثالث.

وعلى ضوء ما تقدم يتضح:

اولا: - ان دليل الحجية يقتضي الشمول لاحدهما المعين إذا كان ملاك الحجية على تقدير ثبوته اقوى فيه او محتمل الاقوائية دون احتمال مماثل في الاخر.

ثانيا: - انه في غير ذلك لا يشمل كلا من المتعارضين شمولا منجزا.

ثالثا: - انه مع ذلك يشمل كلا منهما شمولا مشروطا بكذب الآخر لاجل نفي الثالث وذلك فيما اذا لم يكن كذب احدهما مساوقا لصدق الاخر.

هذه هي النظرية العامة للتعارض المستقر على مقتضى القاعدة.

تنبيهات النظرية العامة للتعارض المستقر:

ومن اجل تكميل الصورة عن النظرية العامة للتعارض المستقر يجب ان نشير إلى عدة امور: الاول: - ان دليل الحجية الذي يعالج حكم التعارض المستقر على ضوئه تارة يكون دليلا واحدا واخرى يكون دليلين، وتوضيح ذلك باستعراض الحالات التالية:

الاولى: - اذا افترضنا دليلين لفظيين قطعيين صدورا، ظنيين دلالة تعارضا معارضة مستقرة فالتنافي بينهما يسري إلى دليل الحجية كما تقدم وهو هنا دليل واحد وهو دليل حجية الظهور.

الثانية: - إذا فترضنا دليلين لفظيين قطعيين دلالة، ظنيين سندا تعارضا معارضة مستقرة فالتنافي بينهما يسري إلى دليل الحجية كما تقدم وهو هنا دليل واحد وهو دليل حجية السند.

الثالثة: إذا فترضنا دليلين لفظيين ظنيين دلالة وسندا فلا شك في سراية التنافي إلى دليل حجية الظهور ولكن هل يسري إلى دليل حجية السند ايضا؟ قد يقال بعدم السريان إذ لا محذور في التعبد بكلا السندين وانما المحذور في التعبد بالمفادين. ولكن الصحيح هو السريان لان حجية الدلالة وحجية السند مرتبطتان احداهما بالأخرى بمعنى ان دليل حجية السند مفاده هو التعبد بمفاد الكلام المنقول لا مجرد التعبد بصدور الكلام بقطع النظر عن مفاده.

الرابعة: - إذا افترضنا دليلين لفظيين احدهما ظني سندا قطعي دلالة والآخر بالعكس ولم يكن بالإمكان الجمع العرفي بين الدلالتين فالتنافي الذي يسري هنا لا يسري إلى دليل حجية الظهور بمفرده ولا إلى دليل حجية السند كذلك إذ لا توجد دلالتان ظنيتان ولا سندان ظنيان وانما يسري إلى مجموع الدليلين بمعنى وقوع التعارض بين دليل حجية السند في احدهما ودليل حجية الظهور في الآخر فاذا لم يكن هناك مرجح لتقديم احد الدليلين على الآخر طبقت النظرية السابقة.

الخامسة: - إذا افترضنا دليلا ظنيا دلالة وسندا معارضا لدليل قطعي دلالة وظني سندا وتعذر الجمع العرفي سرى التنافي بمعنى وقوع التعارض بين دليل حجية الظهور في ظني الدلالة ودليل السند في الاخر ويؤدي ذلك إلى دخول دليل السند لظني الدلالة في التعارض ايضا لما عرفت من الترابط. والمحصل النهائي لذلك ان دليل السند في احدهما يعارض كلا من دليل حجية الظهور ودليل السند في الآخر.

السادسة: - إذا فترضنا دليلا ظنيا دلالة وسندا معارضا لدليل ظني دلالة وقطعي سندا سرى التنافي إلى دليل حجية الظهور لوجود ظهورين متعارضين ودخل دليل التعبد بالسند الظني في المعارضة لمكان الترابط المشار اليه.

الثاني: - ان التعارض المستقر تارة يستوعب تمام مدلول الدليل كما في الدليلين المتعارضين الواردين على موضوع واحد واخرى يشمل جزء ا من المدلول كما في العامين من وجه وما تقدم من نظرية التعارض كما ينطبق على التعارض المستوعب كذلك ينطبق على التعارض غير المستوعب ولكن يختلف هذان القسمان في نقطة وهي انه في حالات التعارض المستوعب بين دليلين ظنيين دلالة وسندا يسري التنافي إلى دليل حجية الظهور وبالتالي إلى دليل التعبد بالسند واما في حالات التعارض غير المستوعب بينهما فالتنافي يسري إلى دليل حجية الظهور ولكن لا يمتد إلى دليل التعبد بالسند بمعنى انه لا موجب لرفع اليد عن سند كل من العامين من وجه رأسا.

فان قيل ان التنافي في دليل حجية الظهور يتوقف على افتراض ظهورين متعارضين ونحن لا نحرز ذلك في المقام الا بدليل التعبد بالسند فالتنافي في الحقيقة نشأ من دليل التعبد بالسند. كان الجواب ان هذا صحيح ولكنه لا يعني طرح السند رأسا فان مفاد دليل التعبد بالسند ثبوت الكلام المنقول بلحاظ تمام ما له من آثار ومن آثاره حجية عمومه في مادة الاجتماع وحجية عمومه في مادة الافتراق فاذا تعذر ثبوت الاثر الاول للتعارض ثبت الاثر الثاني وهو معنى عدم سقوط السند رأسا واما حين يتعذر ثبوت كل ما للكلام المنقول من آثار كما في حالات التعارض المستوعب فيقوم التعارض بين السندين لا محالة.

ومن هنا نستطيع ان نعرف انه في كل حالات التعارض بين مدلولي دليلين ظنيين سندا يقع التعارض ابتداء في دليل التعبد بالسند لا في دليل حجية الظهور - لأننا لا نحرز وجود ظهورين متعارضين الا من ناحية التعبد بالسند - فان كان التعارض مستوعبا سقط التعبد بالسند رأسا في كل منهما والا سقط بمقداره، واما ما كنا نقوله من ان التنافي يسري إلى دليل حجية الظهور ويمتد منه إلى دليل التعبد بالسند فهو بقصد تبسيط الفكرة حيث ان التنافي بين السندين في مقام التعبد متفرع على التنافي بين الظهورين في مقام الحجية على تقدير ثبوتهما فكأن التنافي سرى من دليل حجية الظهور إلى دليل التعبد بالسند واما من الناحية الواقعية وبقدر ما نمسك بأيدينا فالتعارض منصب ابتداء على دليل التعبد بالسند لأننا لا نمسك بأيدينا سوى السندين.

الثالث: وقع البحث في ان المتعارضين بعد عجز كل منهما عن اثبات مدلوله الخاص هل يمكن نفي الاحتمال الثالث بهما؟ وقد يقرب ذلك بوجوه:

 اولها: التمسك بالدلالة الالتزامية في كل منهما لنفي الثالث فانها غير معارضة فتبقي حجة وهذا مبني على انكار تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الحجية.

 ثانيها: - التمسك بدليل الحجية لأثبات حجية غير ما علم اجمالا بكذبه فان المتعذر تطبيق دليل الحجية على هذا بعينه او ذاك بعينه للمعارضة واما تطبيقه على عنوان غير معلوم الكذب اجمالا فلا محذور فيه لأنه غير معارض لا بتطبيقه على عنوان معلوم الكذب، لوضوح ان جعل الحجية لهذا العنوان غير معقول ولا بتطبيقه على عنوان تفصيلي كهذا او ذاك، لعدم احراز مغايرة العنوان التفصيلي لعنوان غير المعلوم. ونلاحظ على ذلك ان الخبرين المتعارضين اما ان يحتمل كذبهما معا او لا فان احتمل ففي حالة كذبهما معا لا تعين للمعلوم بالإجمال ولا لغير المعلوم بالإجمال لتجعل الحجية له، وان لم يحتمل كذبهما معا فهذا بنفسه ينفي احتمال الثالث بلا حاجة إلى التمسك بدليل الحجية.

 ثالثها: - وهو تعميق للوجه الثاني وحاصله الالتزام بحجية كل من المتعارضين ولكن على نحو مشروط بكذب الآخر وحيث يعلم بكذب احدهما فيعلم بحجية احدهما فعلا وهذا يكفي لنفي الثالث وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك.

الرابع: - ينبغي ان يعلم انا في تنقيح القاعدة على ضوء دليل الحجية كنا نستبطن افتراضا وهو التعامل مع ادلة الحجية بوصفها ادلة لفظية لا ترفع اليد عن اطلاقها الا بقدر الضرورة الا ان هذا الافتراض لا ينطبق على الواقع لان دليل الحجية في الغالب لبي مرجعه إلى السيرة

العقلائية وسيرة المتشرعة والاجماع والادلة اللفظية إذا تمت تعتبر إمضائية فتنصرف إلى نفس مفاد تلك الادلة اللبية وتتحدد بحدودها. وعلى هذا الاساس سوف تتغير نتيجتان من النتائج التي انتهينا اليها سابقا.

الاولى: - ما كنا نفترضه من التمسك بأطلاق دليل الحجية لأثبات حجية في كل من المتعارضين مشروطة بكذب الآخر وكنا نستفيد من ذلك لنفي احتمال الثالث فان هذا الافتراض يناسب الدليل اللفظي الذي له اطلاق يشمل المتعارضين بحد ذاته واما إذا كان مدرك الحجية الادلة اللبية من السيرة العقلائية وغيرها فلا اطلاق فيها للمتعارضين رأسا فلا يمكن ان نثبت بها حجيتين مشروطتين على النحو المذكور.

الثانية: - ما كنا نفترضه في حالة تعارض الدليل اللفظي القطعي سندا مع الدليل اللفظي الظني سندا وعدم امكان الجمع العرفي. من وقوع التعارض بين دليل حجية الظهور في الاول ودليل حجية السند في الثاني فان هذا يناسب الاقرار بتمامية كل من هذين الدليلين في نفسه وصلاحيته لمعارضة الآخر مع ان الواقع بناء على ان دليل حجية السند - اي حجية خبر الواحد - السيرة.. قصوره في نفسه عن الشمول لمورد المعارضة المستقرة لظاهر كلام قطعي الصدور من الشارع لعدم انعقاد السيرة في مثل ذلك على التعبد بنقل المعارض.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.