المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8091 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



أُصول الفقه وأدواره عند الشيعة الأمامية  
  
1124   08:51 صباحاً   التاريخ: 1-9-2016
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : الوسيط في أُصول الفقه
الجزء والصفحة : ج1ص 14- 34.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تاريخ علم اصول الفقه /

اجتاز علم الأُصول من لدن تأسيسه إلى زماننا هذا مرحلتين، ولكلّ منهما أدوار، وامتازت المرحلة الثانية بالإبداع والابتكار و طرح مسائل مستجّدة لم تكن مذكورة في كتب الفريقين.

المرحلة الأُولى: مرحلة النشوء والازدهار:

ابتدأتْ المرحلةُ الأُولى منذُ أوائل القرن الثالث إلى عصر العلاّمة الحلي(648ـ726) وقد اجتازت أدواراً ثلاثة.

الدور الأوّل: (دور النشوء)

وقد بُدئ هذا الدور بإفراد بعض المسائل الأُصولية بالتأليف دون أن يعمَّ كافّة المسائل المعنونة في هذا العلم يومذاك، ولم نقف في هذا الدور على كتاب عام يشمل جميع مسائله، وقد عرفت أنّ يونس بن عبد الرحمن صنَّف كتابَ «علل الحديث» ، وأبا سهل النوبختي كتابَ «الخصوص والعموم» و«إبطال القياس»، والحسن بن موسى النوبختي كتاب «خبر الواحد والعمل به» و بالرغم من ذلك فقد ازدهرتْ حركة الاستنباط والاجتهاد بين أصحابنا في هذا الدور، فهذا هو «الحسن بن علي العماني» شيخ فقهاء الشيعة، المعاصر للشيخ الكليني (المتوفّـى 329هـ)ألّف كتاب «المتمسِّك بحبل آل الرسول».

يقول النجاشي: أبو محمد العماني، فقيه متكلّم، ثقة، له كتب في الفقه والكلام، منها كتاب «المتمسّك بحبل آل الرسول » كتابٌ مشهورٌ في الطائفة.

وقيل: ما ورد الحاج من خراسان إلاّ طلَب واشترى منه نسخاً. (1)

كما ألّف الشيخ الكبير أبو علي الكاتب الإسكافي (المتوفّـى381هـ) كتاب «تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة» في الفقه، وهو كتابٌ كبيرٌ جامعٌ، ذكر فهرس كتبه، الشيخ النجاشي في رجاله، وله كتاب «الأحمدي في الفقه المحمدي».

يقول النجاشي: وجهٌ في أصحابنا، ثقةٌ، جليلُ القدرِ، صنّف فأكثر. (2)

الدور الثاني: (دور النمو)

إنّ حاجة المستنبط في علم الأُصول لم تكن مقصورة على عصر دون عصر، بل كلّما تقدّمتْ عجلة الحضارة نحوَ الأمام، ازدادت الحاجة إلى تدوين قواعد الاستنباط للإجابة على الحوادث المستجّدة وملابساتها التي كان الفقهاء يواجهونها طيّ الزمان، مما ترك تأثيراً إيجابياً على علم الأُصول وساهم في نموّه، فأفردوا جميع المسائل (بدل البعض كما في الدور الأوّل) بالتأليف، و قد تحمّل ذلك العبء ثلّة من أساطين العلم وسنامه، منهم:

4. محمد بن محمد بن النعمان المفيد (336 ـ 413هـ)

هو شيخنا وشيخ الأُمّة محمد بن محمد بن النعمان المشهور بالمفيد، صنف كتاباً باسم «التذكرة بأُصول الفقه» وطبع في ضمن مصنّفاته (3) ونقل خلاصته شيخنا الكراجكي (المتوفّـى 449هـ) في كتابه «كنز الفوائد».

5. الشريف المرتضى (355 ـ 436هـ)

هو السيد الشريف علي بن الحسين المعروف بالمرتضى.

قال عنه النجاشي: حاز من العلوم مالم يدانه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلماً، شاعراً، أديباً، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا، وعدّ من كتبه «الذريعة» (4) وقد طبع الكتاب في جزأين طباعة منقّحة، وقد عثرت على نسخة خطية منها في مدينة «قزوين» جاء في آخرها انّ المؤلف فرغ من تأليفها عام 400هـ، وقد نقل عنه جلُّ من تأخّر من السنّة والشيعة.

6. سلاّر الديلمي (المتوفّـى 448 هـ)

هو سلاّر بن عبد العزيز الديلمي. يعرّفه العلاّمة بقوله: شيخنا المقدّم في الفقه والأدب وغيرهما، كان ثقة وجهاً ألّف «التقريب في أُصول الفقه»، ذكره في الذريعة. (5)

7. الشيخ الطوسي (385 ـ460هـ)

هو محمد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي. يقول عنه النجاشي: أبو جعفر، جليل من أصحابنا، ثقةٌ، عينٌ، من تلامذة شيخنا أبي عبد اللّه المفيد، وعدَّ من كتبه كتاب «العدّة في أُصول الفقه» (6) ، وقد طُبِع غير مرّة، وهو كتابٌ مفصلٌ مبسوطٌ يحتوى على الآراء الأُصولية المطروحة في عصره.

الدور الثالث: (دور الازدهار)

بدأ هذا الدور منذ أواخر القرن السادس إلى أواسط القرن الثامن، وقد صنف أصحابنا كتباً خاصّة في أُصول الفقه تعرب عن الإنجازات الضخمة، والمنزلة الراقية التي بلغها علمُ الأُصول من خلال دراسة مسائله بإسهاب ودقّة وإمعان أكثر، ومن المصنّفين في هذا الحقل:

8. ابن زهرة الحلبي (511ـ 558هـ)

هو الفقيه البارع السيد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي مؤلف كتاب «غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع» وكتابه هذا يدور على محاور ثلاثة، العقائد والمعارف، أُصول الفقه، والفروع. وقد طبع الكتاب محقّقاً في مؤسسة الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ في جزأين، والناظر في قسم أُصول الفقه يرى فيه التفتح والازدهار بالنسبة إلى ما سبقه.

9. سديد الدين الحمصي (المتوفّى نحو 600 هـ)

 

هو الشيخ سديد الدين محمود بن علي بن حسن الحُمصي الرازي وقد صنف «كتابه المنقذ من التقليد، والمرشد إلى التوحيد» عام 581هـ في الحلة الفيحاء عند منصرفه من زيارة الحرمين بالحجاز. (7)

قال منتجب الدين الرازي: الشيخ الإمام سديد الدين علاّمة زمانه في الأُصوليين، ورع ثقة، و ذكر مصنّفاته الّتي منها: «المصادر في أُصول الفقه» و«التبيين والتنقيح في التحسين والتقبيح». (8)

10. نجم الدين الحلي (602ـ 676هـ)

هو نجم الدين جعفر بن الحسن بن أبي زكريا الهذلي الحلي، المكنّى بأبي القاسم، الملقّب بنجم الدين، والمشتهر بالمحقّق.

قال ابن داود في رجاله: جعفر بن الحسن، المحقّق المدقّق، الإمام، العلاّمة، واحد عصره كان ألسَنَ أهل زمانه، وأقومهم بالحجة، وأسرعهم استحضاراً، قرأت عليه وربّاني صغيراً، وكان له عليّ إحسان عظيم، وذكر من تأليفه: «المعارج في أُصول الفقه» (9) وقد طبع غير مرّة، وهو وإن كان صغير الحجم، لكنّه كثير المعنى شأنُ كلِ ما جادت به قريحتُه في عالم التأليف، فهذا كتابه «شرائع الإسلام» عكف عليه العلماء في جميع الأعصار، وكتبوا عليه شروحاً وتعاليق وقد طبع في إيران ولبنان.

وقال في أعيان الشيعة: ومن كتبه «نهج الوصول إلى معرفة علم الأُصول».(10)

11. العلاّمة الحلّي (648 ـ 726هـ)

الحسن بن يوسف المطهر المعروف بالعلاّمة الحلّـي وهو غنيٌّ عن التعريف، برع في المعقول والمنقول، وتقدَم على العلماء الفحول وهو في عصر الصبا، أخذ عن فقيه أهل البيت الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن، خاله، ومن أبيه سديد الدين يوسف بن مطهر الحلّـي، وأخذ العلوم العقلية عن نصير الدين الطوسي وغيره.

وقد ألّف في غير واحد من الموضوعات: النقلية والعقلية، كما ألّف في أُصول الفقه تصانيف عديدة ذكرها السيد الأمين في «أعيان الشيعة» نشير إليها:

1. النكت البديعة في تحرير الذريعة للسيد المرتضى.

2. غاية الوصول و إيضاح السبل في شرح مختصر منتهى الوصول لابن الحاجب.

3. «مبادئ الوصول إلى علم الأُصول» مطبوع في ذيل المعارج للمحقّق.

4. «نهاية الوصول إلى علم الأُصول» في أربعة أجزاء. (11)

5. «تهذيب الوصول في علم الأُصول» صنّفه باسم ولده فخر الدين، وهو مطبوع.

وقد كتب عليه شروح وتعاليق مذكورة في أعيان الشيعة. (12)

12. عميد الدين الأعرجي (المتوفّـى عام 754 هـ)

عبد المطلب بن أبي الفوارس بن محمد بن علي الأعرجي الحسيني ابن أُخت العلاّمة الحلّي.

وصفه الشهيد الأوّل بقوله: السيد، الإمام، فقيه أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ في زمانه، عميد الحقّ والدين، أبو عبد اللّه عبد المطلب بن الأعرج الحسيني.

كما وصفه غيره بقوله: درّة الفخر وفريد الدهر، مولانا الإمام الرباني وهو ابن أُخت العلاّمة الحلّي رحمه اللّه وقد ألّف كتباً كثيرة في الفقه وغيره، كما ألّف في أُصول الفقه كتابه «منية اللبيب في شرح التهذيب» (13) لخاله العلاّمة الحلي وقد فرغ منه في الخامس عشر من رجب سنة 740هـ. (14)

13. ضياء الدين الأعرجي

هو السيد ضياء الدين عبد اللّه بن أبي الفوارس ابن أُخت العلاّمة الحلّـي فقد شرح كتاب تهذيب الأُصول لخاله وأسماه «النقول في تهذيب الأُصول»، و قام الشهيد بالجمع بين الشرحين و أسماه «جامع البين الجامع بين شرحي الأخوين» .

14. فخر المحقّقين (682 ـ 771هـ)

هو محمد بن الحسن نجل العلاّمة الحلّـي، فقد شرح تهذيب والده وأسماه «غاية السؤول في شرح تهذيب الأُصول».

كان الأمل أن يواكب التأليفُ تقدّمَ العصر ولكن الركب توقف عن متابعة هذا التطور وأخلد إلى الركود، فلا نكاد نعثر على تصانيف أُصولية بعد شيخنا عميد الدين إلاّ ما ندر كمقدّمة المعالم للمحقّق الشيخ حسن صاحب المعالم، نجل الشهيد الثاني (المتوفّـى 1011 هـ). قد صار محور الدراسة قرابة أربعة قرون وعكف عليه العلماء بالتعليقة والشرح.

نعم انصبّت الجهود على تدوين القواعد الفقهية وتنظيمها بشكل بديع نستعرض بعضها :

1. محمد بن مكي المعروف بـ«الشهيد الأوّل» (734ـ786هـ) قد ألّف كتاب «القواعد والفوائد» وقد استعرض فيه 302 قاعدة، ومع الاعتراف بفضله وتقدّمه في التأليف، لم يفصل القواعد الفقهية عن الأُصولية أو العربية، كما لم يرتِّب القواعد الفقهية على أبواب الفقه المشهورة ممّا حدا بتلميذه المقداد عبد اللّه السيوري بترتيب تلك القواعد كما سيوافيك.

2. الفقيه المتبحر والأُصولي المتكلّم مقداد بن عبد اللّه السيوري (المتوفّـى 826هـ) من أكابر رجال العلم والتحقيق، فقد قام بترتيب كتاب القواعد لشيخه الشهيد وسمّاه بـ «نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية» وقد طبع محقّقاً عام (1404هـ).

3. الشيخ الأجل زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد المعروف بـ«الشهيد الثاني» (911ـ966هـ)، ولد في عائلة نذرت نفسها للدين والعلم، وقد ألّف في غير واحد من الموضوعات ومن آثاره كتابه : « تمهيد القواعد» جمع في هذا الكتاب بين فني تخريج الفروع على الأُصول وتخريج الفروع على القواعد العربية، وهو كتاب قلّ نظيره عظيم المنزلة ، طبع مرّة مع كتاب الذكرى للشهيد الأوّل، كما طبع أخيراً محقّقاً في مشهد الإمام الرضا استعرض المؤلِّف فيه مائتي قاعدة وفرغ منها في مستهل عام 958هـ.

عصر النكسة والركود :

ظهرت الإخبارية في أواخر القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر على يد الشيخ محمد أمين الاسترابادي (المتوفّـى1033 هـ) فشنَّ حملة شعواء على الأُصول والأُصوليّين وزيّف مسلك الاجتهاد المبني على القواعد الأُصولية، وزعم انّ طريقة أئمّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ وأصحابه تخالف ذلك المسلك، فممّـا قاله في ذم الاجتهاد:

وأوّل من غفل عن طريقة أصحاب الأئمّة ـ عليهم السَّلام ـ واعتمد على فن الكلام، وعلى أُصول الفقه المبنيّين على الأفكار العقلية المتداولة بين العامة، محمد بن أحمد ابن الجنيد العامل بالقياس، وحسن بن علي بن أبي عقيل العماني المتكلم، ولما أظهر الشيخ المفيد حسنَ الظن بتصانيفهما بين أصحابه ـ منهم السيد الأجل المرتضى، وشيخ الطائفة ـ شاعت طريقتهما بين متأخري أصحابنا، حتى وصلت النوبة إلى العلاّمة الحلّي، فالتزم في تصانيفه أكثرَ القواعد الأُصولية من العامة، ثمّ تبعه الشهيدان والفاضل الشيخ علي ـ رحمهم اللّه تعالى ـ . (15)

أقول: الأخبارية منهج مبتدع، ولم يكن بين علماء الشيعة إلى زمان ظهورها منهجان متقابلان متضادان في مجال الفروع باسم المنهج الأُصولي والأخباري حتى يكون لكل منهج مبادئ مستقلة يناقض أحدهما الآخر، بل كان الجميع على خطّ واحد، وكان الاختلاف في لون الخدمة و كيفية أداء الوظيفة.

يقول شيخنا البحراني: إنّ العصر الأوّل كان مملوءاً من المجتهدين والمحدّثين مع أنّه لم يرتفع بينهم مثل هذا الخلاف و لم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف و إن ناقش بعضهم بعضاً في جزئيات المسائل. (16)

والعجب انّ الشيخ الاسترابادي رحمه اللّه استدلّ على انقسام علماء الإمامية إلى أخباريّين و أُصوليّين بأمرين:

1. ما ذكره شارح المواقف، حيث قال:

كانت الإمامية أوّلاً على مذهب أئمّتهم حتى تمادى بهم الزمان فاختلفوا وتشعّب متأخّروهم إلى المعتزلة وإلى الأخباريين، و ما ذكره الشهرستاني في أوّل كتاب الملل و النحل: من أنّ الإمامية كانوا في الأوّل على مذهب أئمّتهم في الأُصول ثمّ اختلفوا في الروايات عن أئمّتهم حتى تمادى بهم الزمان، فاختارت كلّ فرقة طريقة، فصارت الإمامية بعضها معتزلة إمّا وعيدية وإمّا تفضيلية، بعضها أخبارية مشبِّهة وإمّا سلفية.

2. ما ذكره العلاّمة في «نهاية الوصول إلى علم الأُصول» عند البحث عن جواز العمل بخبر الواحد، فقال:

أمّا الإمامية فالأخباريون منهم لم يعولوا في أُصول الدين وفروعه إلاّ على أخبار الآحاد، و الأُصوليّون منهم كأبي جعفر الطوسي وغيره وافقوا على خبر الواحد ولم ينكره سوى المرتضى وأتباعه.

لكن كلا الشاهدين أجنبيان عمّا يرومه الأمين.

أمّا الشاهد الأوّل: فقد نقله بالمعنى، ولو نقل النصّ بلفظه لظهر للقارئ الكريم ما رامه شارح المواقف، و إليك نصه:...وتشعب متأخّروهم إلى «المعتزلة»: إمّا وعيدية أو تفضيلية (تفضلية) وإلى «أخبارية» يعتقدون ظاهر ما ورد به الأخبار المتشابهة، وهؤلاء ينقسمون إلى «مشبّهة» يجرون المتشابهات على أنّ المراد بها ظواهرها، و«سلفية» يعتقدون أنّ ما أراد اللّه بها حقّ بلا تشبيه كما عليه السلف وإلى ملتحقة بالفرقة الضالة».

وبالتأمل في نصّ كتاب المواقف يظهر فساد الاستنتاج، وذلك لأنّ مسلك الأخبارية الذي ابتدعه الشيخ الأمين ليس إلاّ مسلكاً فقهياً قوامه عدم حجّية ظواهر الكتاب أوّلاً، ولزوم العمل بالأخبار قاطبة من دون إمعان النظر في الاسناد، وعلاج التعارض بالحمل على التقية وغيرها ثانياً، وعدم حجّية العقل في استنباط الأحكام ثالثاً.

وما ذكره شارح «المواقف» و«الشهرستاني» من تقسيم الشيعة إلى أخبارية وغيرها راجع إلى المسائل العقائدية دون الفقهية، فعلى ما ذكراه فالشيعة تشعّبت في تفسير الصفات الخبرية كاليد والاستواء والوجه وغير ذلك ممّا ورد في الأخبار بل الآيات إلى طوائف ثلاث: مشبِّهة، و سلفية، وملتحقة بالفرق الضالة.

والحكم بأنّ ما ذكره شارح المواقف راجع إلى المسلك الذي ابتدعه الاسترآبادي عجيب جداً مع اختلافهما في موضوع البحث، فأين العمل بظواهر الأخبار في صفاته سبحانه، عن الأخبارية التي ابتدعها الأمين الاسترآبادي في سبيل استخراج الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، مضافاً إلى أنّ مسلكه مبني على أسس وقوائم لم تكن معروفة عند غيره.

وأمّا الشاهد الثاني أعني ما ذكره العلاّمة، فهو أيضاً لا يمتُ بصلة إلى مسلك الأخبارية المبتدَع، بل هو راجع إلى مسألة خلافية بين علماء الإمامية منذ زمن بعيد، وهو هل الخبر الواحد حجّة في الأُصول كما هو حجّة في الفروع أو لا ؟ فالمحدّثون والذين سبروا غور الأخبار، ذهبوا إلى القول الأوّل، والأُصوليون الذين حكَّموا العقل في مجال العقائد قالوا بالثاني.

فالأخباري في كلام العلاّمة هو ما يمارس الخبر ويدوّنه شأن كل محدّث، لا من يسلك مسلك الأخباريّين في استنباط الأحكام الشرعية.

إنّ هذه الفكرة الخاطئة الشاذة عن الكتاب والسنّة وإجماع الأصحاب الأوائل شغلت بال العلماء من أصحابنا ما يقرب من قرنين، وأضحت تلك البرهة فترة ركود الأُصول وتألق نجم الأخبارية، فترى أنّ أكثر مؤلّفاتهم تعلو عليها صبغة الأخبارية، وهم بين متطرِّف كالأمين الاسترابادي، ومعتدل كالشيخ يوسف البحراني (المتوفّـى 1186هـ) صاحب الحدائق الناضرة.

ومن سوء الحظ انّ النزاع بين أصحاب المسلكين لم يقتصر على نطاق المحافل العلمية، بل تسرّب إلى الأوساط العامة والمجتمعات، فأُريقت دماء طاهرة وهتكت أعراض من جرّاء ذلك، وقتل فيها الشيخ أبو أحمد الشريف محمد بن عبد النبي المحدِّث النيسابوري المعروف بميرزا محمد الأخباري (1178ـ1233هـ) لمّا تجاهر بذمِّ الأُصوليين قاطبة والنيل منهم، فلقي حتفه عند هجوم العامة عليه عن عمر يناهز 55 عاماً.

بالرغم من الهجوم العنيف الذي شنّه الأمين الاستر ابادي وأتباعه على الحركة الأُصولية، نرى أنّ هناك من أخذ بزمام الحركة بتأليف كتب استطاعت حينها أن تصمد بوجه الأخبارية وتذود عن كيانها و قاموا بمحاولات :

15. الفاضل التوني (المتوفّـى 1071 هـ)

هو عبد اللّه بن محمد التوني البشروي. وصفه الحر العاملي بقوله: عالم، فاضل، ماهر، فقيه، صنّف «الوافية» في أُصول الفقه فرغ منها عام 1059 هـ، وقد طبعت وانتشرت وله حاشية على معالم الأُصول.

16. حسين الخوانساري (المتوفّـى 1098 هـ)

هو المحقّق الجليل السيد حسين بن محمد الخوانساري مؤلّف كتاب «مشارق الشموس في شرح الدروس» وكتابه هذا يشتمل على أغلب القواعد الأُصولية والضوابط الاجتهادية، طرح فيه أفكاراً أُصولية بلون فلسفي.

17. محمد الشيرواني (المتوفّـى 1098هـ)

هو محمد بن الحسن الشيرواني.

له تعاليق على «المعالم» ومصنّفات جمة، مثل حاشية على «شرح المطالع»

وأُخرى على «شرح المختصر» للعضدي.

18. جمال الدين الخوانساري (المتوفّـى عام 1121 هـ أو 1125)

هو المحقق الكبير جمال الدين محمد بن الحسين الخوانساري، له تعليقة على شرح مختصر الأُصول للعضدي كما هو مذكور في ترجمته.

وهذه الكتب ـ المؤلفة في فترة انقضاض الحركة الأخبارية على المدرسة الأُصولية ـ مهّدت لظهور حركة أُصولية جديدة تبنّاها المحقّق الوحيد البهبهاني (1118ـ 1206هـ) الذي فتح بأفكاره آفاقاً جديدة في علم الأُصول.

إلى هنا تمت المرحلة الأُولى التي طواها علم الأُصول وحان استعراض المرحلة الثانية التي هي مرحلة الإبداع والابتكار.

المرحلة الثانية : مرحلة الإبداع والابتكار

ابتدأت هذه المرحلة من عصر المحقّق البهبهاني وامتدت إلى يومنا هذا، مع ما لها من أدوار مختلفة، وإليك بيانها:

19. المحقق البهبهاني (1118 ـ 1206هـ)

كان للأُستاذ الأكبر الشيخ محمد باقر الوحيد البهبهاني دور فعال في إخماد نائرة الفتنة، بالرد القاطع على الأخباريين، وتزييف أفكارهم، وتربية جيل من العلماء والمفكّرين على أُسس مستقاة من الكتاب والسنّة والعقل الصريح، واتّفاق الأصحاب، واستطاع أن يشيِّدَ للأُصولِ أركاناً جديدةً، ودعامات رصينة، فنهض بالأُصول من خموله الذي دام قرنين، مذعناً بانتهاء عصر الركود وابتداء عصر التطور والابتكار.

وبلغت تصانيفه 103 ما بين رسائل مختصرة وكتب مفصّلة، منها: الرسائل الأُصولية، إبطال القياس; إثبات التحسين والتقبيح العقليين; الاجتهاد والتقليد، والفوائد الحائرية، وغيرها.

وبذر البذرة الأُولى لهذه المرحلة التي تلقّفها العلماء بعده بالرعاية حتى أينعت وأثمرت ثمارها على أيدي أساطين من العلماء في غضون الأدوار: وبها امتازت هذه المرحلة عمّا سبقها من المرحلة الأُولى:

الدور الأوّل: (دور الانفتاح)

ابتدأ هذا الدور بنخبة من تلامذة الوحيد البهبهاني وفي طليعتهم:

20. جعفر كاشف الغطاء (1156ـ 1228هـ)

هو الشيخ الأكبر جعفر بن خضر بن يحيى النجفي المعروف بكاشف الغطاء، تلمّذ عند: الشيخ محمد مهدي الفتوني، والمحقّق البهبهاني.

قال عنه شيخنا الطهراني : وهو من الشخصيات العلمية النادرة المثيل، وانّ القلم لقاصر عن وصفه وتحديد مكانته وإن بلغ الغاية في التحليل، وفي شهرته وسطوع فضله غنى عن إطراء الواصفين.

ومن جملة تصانيفه «كشف الغطاء»، و«غاية المأمول في علم الأُصول».(17)

21. أبو القاسم القمي (1151ـ 1231هـ)

هو أبو القاسم محمد حسن الجيلاني القمي، تلمّذ عند: المحقّق البهبهاني، والشيخ محمد مهدي الفتوني، ومحمد باقر الهزار جريبي.

حطّ الرحال في قم، وعكف فيها على التدريس والتصنيف حتى أصبح من كبار المحقّقين وأعاظم الفقهاء المتبحّرين، واشتهر أمره وطار صيته ولقب بالمحقّق القمي.

من تصانيفه الأُصولية «القوانين».

22. السيد علي الطباطبائي (1161ـ1231هـ)

هو السيد علي بن محمد بن علي الطباطبائي، يعرفه الرجالي الحائري بقوله: ثقة، عالم، جليل القدر، وحيد العصر، ومن ت آليفه في الأُصول: «رسالة في الإجماع والاستصحاب»، وتعليقة على معالم الدين، وتعليقة على مبادئ الوصول إلى علم الأُصول.(18)

الدور الثاني: (دور النضوج)

ابتدأ هذا الدور بتلاميذ خرّيجي مدرسة البهبهاني، فقاموا بوضع صياغة جديدة للأُسس الأُصولية من منظار جديد وعلى رأسهم:

23. محمد تقي بن عبد الرحيم الاصفهاني (المتوفّى 1248هـ)

هو محمد تقي بن عبد الرحيم الطهراني الاصفهاني عالم جليل، محقّق، له: «شرح الوافية»، و «شرح طهارة الوافي» من تقرير أُستاذه بحر العلوم، و«حاشية على المعالم».(19)

24. شريف العلماء (المتوفّـى 1245 هـ)

هو الشيخ الجليل محمد شريف الآملي المازندراني المعروف بشريف العلماء،

و كفى به فخراً انّ الشيخ مرتضى الأنصاري ذلك النجم اللامع في سماء الأُصول، ممّن استسقى من فيّاض علمه، وقد بقيت من آثاره العلمية رسالة «جواز أمر الأمر مع العلم بانتفاء الشرط».

25. محمد حسين بن عبد الرحيم الاصفهاني (المتوفّى 1261هـ)

الفقيه الأُصولي الشهير، أخذ عن أخيه الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين، وعن الشيخ علي بن الشيخ جعفر، قطن كربلاء فرحل إليه الطلاب.

له مؤلفات في الأُصول، منها: «الفصول» وهو من كتب القراءة في هذا الفن، أورد فيه مطالب القوانين وحلّها واعترض عليها، وهو مشهور.(20)

الدور الثالث: (دور التكامل)

بلغ فيه علم الأُصول الذروةَ في التحقيق والتعميق والبحث وتطرّقت إليه مسائل جديدة لم تكن مألوفة فيما سبق، ويُعتبر الشيخ مرتضى الأنصاري هو البطل المِقْدام في هذا الحقل حيث استطاع بعقليّته الفذّة أن يشيّد أركاناً جديدة لعلم الأُصول بلغ بها قمةَ التطور والتكامل.

وأنت إذا قارنت المؤلفات الأُصولية في هذه البرهة مع ما ألّف في المرحلة الأُولى وحتى مستهلّ المرحلة الثانية تجد بينهما بوناً شاسعاً يُتراءى في بادئ النظر كعلمين، وما هذا إلاّ بفضل التطور والتكامل الذي طرأ على بِنْية الأُصول بيد هذا العبقري الفذّ ولم يزل ينبوعه فيّاضاً إلى يومنا هذا.

26. مرتضى الأنصاري (1214ـ 1281هـ)

هو مرتضى بن محمد أمين الدزفولي الأنصاري، مؤسس النهضة الأُصولية المعاصرة، قرأ أوائل عمره على عمّه الشيخ حسين من وجوه علماء دزفول، ثمّ مكث في كربلاء وتلمّذ عند السيد محمد المجاهد و شريف العلماء، ثمّ عزم على الطواف في البلاد للقاء علمائها، فخرج إلى خراسان مارّاً بكاشان حيث فاز بلقاء النراقي صاحب المناهج وتلمذ عنده نحو ثلاث سنين، ثمّ إلى إصفهان، ثمّ إلى دزفول، ومنها إلى النجف، فحط الرحال فيها، وقد انتهت الرئاسة العلمية فيها آنذاك إلى الشيخ علي بن الشيخ جعفر وصاحب الجواهر، فتلمذ عندهما إلى أن انتهت إليه الرئاسة الإمامية العامة بعد وفاتهما، وكان مجلس درسه يغص بالفقهاء، وقد تخرّج به أكثر الفحول من بعده، مثل: الميرزا الشيرازي، والميرزا الرشتي، والسيد حسين الكوهكمري، والمامقاني، والخراساني. وقد ذاع صيته و انتشرت آثاره في الآفاق.

أمّا مصنّفاته الأُصولية فيعد كتابه «فرائد الأُصول» من أهم الكتب الأُصولية التي عوّل عليها قاطبة الأُصوليين من الإمامية في كلّ زمان ومكان، وهذا الكتاب يضم في طياته خمس رسائل أُصولية هي:

1. أحكام القطع.

2.رسالة حجّية الظنّ.

3. أصل البراءة والاشتغال.

4. الاستصحاب.

5. التعادل والترجيح.

وقد طبعت مراراً، وعلق عليها مشاهير العلماء بعده، أخص منهم بالذكر:

موسى التبريزي، والشيخ حسناً الآشتياني، والشيخ محمد حسن المامقاني، والشيخ محمد كاظم الخراساني، والشيخ محمد رضا الهمداني.(21)

إنّ عصر الشيخ الأنصاري كوّن منعطفاً رائعاً في تاريخ علم الأُصول، وقد تخرّج في مدرسته مئات المحقّقين، وأُلّفت عشرات الكتب في الأُصول التي تحمل في طياتها الفكر الأُصولي الذي صاغه الأنصاري، وهذه الكتب بين تأليف مستقل أو تعليقة أو تحشية على فرائد الشيخ الأنصاري، أو على كفاية الأُصول لتلميذه المحقّق الخراساني، أو بين تقرير يمليه الأُستاذ ويكتبه التلميذ أثناء الدرس أو خارجه.

وبما انّ الإفاضة في هذا المجال على ما هو حقّه تورث الإطناب، فلنقتصر على سرد أسماء المشاهير من الأُصوليين في هذا العصر اعتماداً على ما فصلنا ترجمتهم وترجمة تلاميذهم إلى نهاية القرن الرابع عشر في آخر موسوعة طبقات الفقهاء.

و خرج من مدرسته العديد من الفطاحل و العباقرة، و أخص بالذكر منهم:

27. السيد المجدّد الشيرازي (1224ـ 1312هـ)

هو السيد محمد حسن بن محمود بن إسماعيل الحسيني الشيرازي، كان فقيهاً، عالماً، ماهراً، محقّقاً، مدقّقاً، ورعاً، تقياً، انتهت إليه رئاسة الإمامية العامة في عصره، وطار صيته واشتهر ذكره ووصلت رسائله التقليدية وفتاواه إلى جميع الأصقاع.

من مؤلّفاته الأُصولية : رسالة في اجتماع الأمر والنهي، وتلخيص إفادات أُستاذه الأنصاري، ورسالة في المشتق.(22)

28. محمد كاظم الخراساني (1255 ـ 1329هـ)

هو المحقّق الكبير الشيخ محمّد كاظم الخراساني الهروي، مؤلّف كتاب «كفاية الأُصول» ويُعدّ كتابه هذا محور البحوث الأُصولية في الحوزات العلمية إلى يومنا هذا.

وقد تخرّج على يديه، نخبة من رجال الفكر والعلماء البارعين في علم الأُصول .

29. الميرزا حسين النائيني (1274ـ1355هـ)

المحقّق البارع الميرزا حسين النائيني له محاضرات قيّمة في الأُصول وقد دوّن آراءه تلميذه البارع الشيخ محمد علي الكاظمي (1309ـ 1365هـ) و قد نشرت باسم «فوائد الأُصول»، كما دوّن تلك الآراء أيضاً تلميذه الآخر المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي ونشرت باسم «أجود التقريرات».

30. عبد الكريم الحائري (1274 ـ 1355هـ)

هو الشيخ الكبير عبد الكريم بن محمد جعفر الحائري اليزدي مؤسس الحوزة العلمية في قم المحمية، وشيخنا هذا ضمّ إلى عمله وفقهه الجمّ حصافة في العقل ودراية في الحياة، مؤلّف كتاب «درر الفوائد» وكان محوراً لمحاضراته التي كان يلقيها على طلاب الحوزة العلمية، و تخرج على يديه نخبة من الفطاحل وجيل من الأعاظم لو قام باحث بتدوين أسمائهم وسيرتهم لخرج بكتاب مفرد كبير.

31.ضياء الدين العراقي (1278ـ1361هـ)

الأُستاذ الكبير الشيخ ضياء الدين العراقي صاحب كتاب «المقالات في علم الأُصول» وقد دون أفكاره العلاّمة الحجّة الشيخ محمد تقي البروجردي ونشرها تحت عنوان «نهاية الأفكار» طبعت في ثلاثة أجزاء، والعالم البارع الشيخ هاشم الآملي (1322ـ1412هـ) في كتاب «بدائع الأفكار».

32. محمد حسين الاصفهاني (1296ـ1361هـ)

المحقّق الكبير الشيخ محمّد حسين الإصفهاني من أعاظم تلاميذ المحقّق الخراساني، وقد تخرّج عليه طليعة من العلماء، منهم: المحقّق العلاّمة السيد محمد حسين الطباطبائي (1321ـ1401هـ) والسيد المحقّق محمد هادي الميلاني (1313ـ1395هـ) ومن مصنفاته كتاب «نهاية الدراية في التعليقة على الكفاية» طبعت في أجزاء ثلاثة.

33. السيّد محمد الحجّة الكوهكمري(1301ـ 1372هـ)

أُستاذنا الكبير والفقيه البارع السيد محمّد الحجّة الكوهكمري تخرج على أعلام عصره في النجف الأشرف كالسيد الطباطبائي اليزدي وشيخ الشريعة الاصفهاني والمحقّق النائيني. لعب دوراً كبيراً في تنشيط حوزتي النجف وقم وتخرّج على يده العديد من الفقهاء والمجتهدين. ودوّن غير واحد من تلاميذه آراءه وأفكاره وأخصّ بالذكر سماحة آية اللّه الحاج علي الصافي الكلبايكاني فقد نشر ما تلقى عنه تحت عنوان «المحجة في تقريرات الحجّة».

34. السيد حسين البروجردي (1392ـ 1380هـ)

هو السيد حسين البروجردي الطباطبائي سيد مشايخنا العظام تخرج على أعلام عصره في النجف الأشرف وتردد كثيراً إلى أندية دروس المحقّق الخراساني ونال منه إجازة الاجتهاد (عام 1328هـ) ، وللسيّد البروجردي دور كبير في تنقيح مباني الاجتهاد وأُصول الفقه والرجال، وقد حضرنا درسه سنين طوالاً وكتبنا شيئاً من تقريراته وله تعليقة على كفاية الأُصول في جزأين لم تر النور.

35. السيّد روح اللّه الموسوي الخميني(1320ـ 1409هـ)

المجاهد الكبير قائد الثورة الإسلامية المباركة والذاب عن حياض الإسلام بقلمه ولسانه وما أُوتي من حول وقوة السيّد روح اللّه بن السيد مصطفى الخميني فقد ربى جيلاً كبيراً في الجامعة الإسلامية ودرّس الأُصول دورة بعد دورة. وقد برز بقلمه الشريف «مناهج الوصول إلى علم الأُصول» في المباحث اللفظية ، و«الرسائل» في المباحث العقلية، إلى غير ذلك وقد قمنا بتدوين محاضراته الأُصولية ونشرناها تحت عنوان «تهذيب الأُصول» عام 1375ـ 1383.وله على الإسلام والمسلمين أياد بيضاء تشكر.

36. السيد أبو القاسم الخوئي(1317ـ 1411هـ)

 

هو السيّد أبو القاسم بن السيد علي أكبر الخوئي أحد المراجع العظام وزعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف. تخرج على يديه جيل كبير من الفضلاء والمحقّقين، وقد ألقى محاضرات في الأُصول سنين عديدة حتى تجاوزت دوراته عن الخمس. ودوّنت آراؤه عن طريق تلامذته وانتشرت بعنوانات مختلفة، وقد تألّق نجمه في علم الأُصول منذ شبابه إلى أوان رحيله.

_______________________
1. رجال النجاشي:1/153.

2. رجال النجاشي:2/306: برقم 1048.

3. المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد، المصنّفات: 9/5.

4. رجال النجاشي: 1/102 برقم 706.

5. الذريعة: 4/ 365 و ذكر أنّه توفّي في السفر سنة 448.

6. رجال النجاشي:2/332 برقم 1069.

7. لاحظ المنقذ من التقليد: 17، مقدّمة المؤلف.

8. الفهرست: برقم 389.

9. رجال ابن داود: 83.

10. أعيان الشيعة:4/92. لاحظ الذريعة: 24/426.

11. نحتفظ بنسخة منها في مكتبة مؤسسة الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ في قم المقدّسة.

12. أعيان الشيعة:5/404.

13. نحتفظ بنسخة من هذا الكتاب في مكتبة مؤسسة الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ في قم المقدّسة. وربما ينسب المنية لأخيه ضياء الدين الأعرجي والنقول في تهذيب الأُصول لعميد الدين.

14. السيد الخوانساري: روضات الجنات: 261.

15. الفوائد المدنيّة: 44، الطبعة الحجريّة.

16. الحدائق الناضرة: 1/167ـ170، المقدمة الثانية عشرة.

17. الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة:1/248 برقم 506.

18. راجع ترجمته في مقدّمة كتاب «رياض المسائل» الذي طبع عام 1412هـ.

19. أعيان الشيعة:9/198.

20. أعيان الشيعة:9/233.

21. أعيان الشيعة:10/117ـ 118.

22. أعيان الشيعة:5/304.

 

 

 

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.