أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-7-2020
2201
التاريخ: 1-9-2016
1527
التاريخ: 9-8-2016
1217
التاريخ: 31-8-2016
1423
|
من البحوث المهمة هي تحقيق مفاد صيغة الأمر وانّها هل هي موضوعة للوجوب أو للأعم منه ومن الندب؟ و المشهور عند الأُصوليّين دلالتها على الوجوب على نحو يأتي، ولتحقيق ذلك نقدّم بحثاً في تبيين حقيقة الوجوب والندب والآراء المطروحة في هذا الصدد.
لا شكّ انّ الوجوب والندب من أقسام البعث الإنشائي ، وإنّما الكلام فيما يحصل به امتياز أحدهما عن الآخر، فقيل فيه وجوه:
أ: الوجوب هو البعث الإنشائي مع المنع من الترك، والندب هو البعث الإنشائي لا مع المنع من الترك.
يلاحظ عليه: أنّ المتبادر من الوجوب والندب هو الحتمية وعدمها، وما ذكره تحليل عقلي لهذين المعنيين البسيطين وليسا بموضوع له لهذين اللفظين.
ب: الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عند مخالفته، و الاستحباب هو الطلب غير الموجب له.
يلاحظ عليه: أنّ الاستحقاق وعدمه من آثارهما بعد تحقّقهما، والكلام في المقام في مقوّماتها، والمقوّم يجب أن يكون مقارناً لا متأخّراً.
ج: الوجوب هو البعث المسبوق بالإرادة الشديدة، والندب هو البعث المسبوق بإرادة غير شديدة، وذلك انّ البعث الإنشائي فعل اختياري للنفس فلابدّ في تحقّقه من سبق إرادة تكوينية، فهي تختلف شدّة وقوّة حسب اختلاف الغايات والأغراض والمصالح في لزوم إحرازها وعدمه. فالذي يميّز الوجوب عن الندب المشتركين في البعث، إنّما هو نشوء البعث عن الإرادة الشديدة أو الضعيفة، وهذا هو المختار.
هذا كلّه في امتيازهما حسب الثبوت، وأمّا امتيازهما حسب الإثبات فإنّما يحصل بالمقارنات، فإذا كان إنشاء البعث مقروناً بصوت عال وحركات خاصة تدلّ على عدم رضا المولى بتركه فينتزع منه الوجوب، وإذا كان مقارناً بما يفيد عكس ذلك ينتزع منه الندب.
إلى هنا تبيّن مفاد الوجوب والندب ثبوتاً وإثباتاً وانّ التفاوت بينهما ثبوتاً يرجع إلى شدّة الإرادة وضعفها، وإثباتاً إلى المقارنات الحاكية عن أحدهما.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى صلب الموضوع، أي دلالة الصيغة على الوجوب، فنقول:
إذا تبيّن أحد الأمرين من خلال المقارنات في مقام الإثبات فيُتبع، إنّما الكلام فيما إذا لم يتبيّن أحد الأمرين، و كان الكلام مجرّداً عن المقارنات فالمعروف هو تبادر الوجوب، واختلفت كلمتهم في سبب التبادر.
1. ذهب بعضهم إلى أنّ الصيغة تدلّ على الوجوب دلالة لفظية.
يلاحظ عليه: أنّ الهيئة وضعت لإنشاء البعث وهو مشترك بين الوجوب والندب، فكيف تدلّ على الوجوب دلالة لفظية.
2. انصراف صيغة الأمر إلى الوجوب
يلاحظ عليه: أنّ الانصراف إمّا لكثرة الوجود أو لكثرة الاستعمال، وكلا الأمرين موجودان في جانب الندب أيضاً.
3. كون الصيغة كاشفة عند العقلاء عن الإرادة الحتمية.
يلاحظ عليه: أنّ الكشف لا يمكن أن يكون إلاّ بملاك، و الملاك إمّا كونه موضوعاً للوجوب، أو الانصراف، أو كونه مقتضى مقدّمات الحكمة; والأوّلان غير تامّين كما عرفت، والثالث يعود إلى الوجه الرابع الذي نتلوه عليك.
4. انّ مقتضى مقدّمات الحكمة هو حمل الصيغة على الوجوب وحاصله: انّ الإرادة الوجوبية تفترق عن الإرادة الندبية بالشدة، فانّها ليست شيئاً سوى الإرادة، وأمّا الإرادة الندبية فهي تفترق عن الوجوبية بالضعف وهو غير الإرادة، فالإرادة الوجوبية إرادة خالصة، بخلاف الإرادة الندبية فإنّها محدودة بحدّ خاص (الضعف) فتكون الإرادة الندبية أمراً ممزوجاً منها و من غيرها، و على هذا فإطلاق الكلام كاف في مقام الدلالة على الإرادة الوجوبية إذ لا حدّلها ليفتقر المتكلّم في مقام إفادته إلى بيان ذلك الحدّ، بخلاف الإرادة الندبية فانّ الحدّ ليس من سنخ المحدود فيفتقر إلى تقييد الكلام به.(1)
يلاحظ عليه: أنّ ما ذكره غفلة عن حقيقة التشكيك، فهي عبارة عمّا يكون ما به التفاوت نفس ما به الاشتراك، وعلى ذلك فالضعف أيضاً مثل الشدة من سنخ المحدود (الإرادة) وليس الضعف أمراً وجوديّاً منضمّاً إلى النور كما أنّ
الشدّة كذلك، بل النور الضعيف مثل النور القوي، نور، لا انّه نور وضعف، كما أنّ القوي ليس نوراً وقوة، فصار القيدان على منوال واحد في لزوم البيان إذا كان المتكلّم في مقامه.
5. كون مطلق الأمر موضوعاً لوجوب الإطاعة عند العقل، واستحقاق العقوبة عند الترك ما لم يحرز كون الطلب ندبياً. وهذا معنى كون الأمر ظاهراً في الوجوب.
وبعبارة أُخرى: وظيفة المولى هي إنشاء البعث وإصدار الأمر، وأمّا بيان أنّه للوجوب أو الندب فهو ليس من وظائفه. بل على العبد السعي، فإن تبيّن له أحدهما عمل على طبق ما تبيّن، وإلاّ عمل على مقتضى حكم العقل وهو أنّ أمر المولى لا يترك بلا جواب، وهذا هو المختار في وجه حمل الأمر على الوجوب.
_____________
1. بدايع الأفكار:1/214.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|