أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
769
التاريخ: 26-5-2020
1343
التاريخ: 23-8-2016
1094
التاريخ: 1-8-2016
970
|
لا ريب في أنّه لا فرق في جريان الاستصحاب بين أن يكون المستصحب محرزاً باليقين الوجداني أو بمحرز تعبّدي كالأمارات، فلو قامت أمارة على الطهارة أو العدالة ثمّ شككنا في بقائها فلا إشكال في جريان استصحابها، مع أنّ الأمارة من الأدلّة الظنّية ولا توجب اليقين الوجداني.
هذا ـ مع أنّ الظاهر من أدلّة الاستصحاب إنّما هو اليقين الوجداني، نعم حجّية الأمارة يقينية بالوجدان ولكنّها لا توجب اليقين بالواقع، لأنّ معناها إنّه لو أصابت الأمارة الواقع كانت منجّزة، ولو أخطأت كانت عذراً، فلم يحصل اليقين بالواقع، مع أنّه أحد ركني الاستصحاب الظاهر من أدلّة الاستصحاب اليقين بالواقع لا اليقين بالحجّية فإنّه لا يراد استصحاب الحجّية لعدم الشكّ فيها.
إن قلت: اليقين بالحكم الظاهري يكفي في الاستصحاب وهو حاصل في المقام.
قلنا: أنّه مبنى على القول بجعل الحكم المماثل الذي لا نقول به.
هذا كلّه هو بيان الإشكال، وقد ذكر لحلّه طرق عديدة:
1 ـ ما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) وحاصله: أنّ الاستصحاب ممّا يتكفّل بقاء الحكم الواقعي على تقدير ثبوته، فتكون الحجّة على ثبوته حجّة أيضاً على بقائه، لما ثبت من الملازمة بين الثبوت والبقاء بالاستصحاب، نظير ما إذا قام الدليل الشرعي على طلوع الشمس فيكون دليلا على وجود النهار، أيضاً بعد ما ثبتت الملازمة بين طلوع الشمس ووجود النهار غايته أنّ الملازمة في المثال وجدانيّة وفي المقام تعبّديّة.
وأورد عليه أوّلا: بأنّه معارض مع ما مرّ منه نفسه من اعتبار فعلية اليقين «فوقع التهافت بين ما اختاره في التنبيه الأوّل من اعتبار فعليّة الشكّ واليقين في الاستصحاب وبين ما اختاره في التنبيه الثاني من الإكتفاء في صحّة الاستصحاب بالشكّ في بقاء شيء على تقدير ثبوته وإن لم يحرز ثبوته ... وذلك لأنّ لازم القول باعتبار فعلية اليقين والشكّ هو أخذهما في موضوعه، ولازم ما اختاره في التنبيه الثاني هو عدم أخذهما فيه أو لا أقلّ من عدم أخذ اليقين فيه»(1).
ولكن يرد عليه: أنّه وقع الخلط بين الموضوعيّة والطريقيّة وبين الفعليّة والتقديريّة، فإنّ البحث في المقام في أنّ اليقين المأخوذ في أدلّة الاستصحاب طريقي لا موضوعي بينما البحث في التنبيه السابق كان في أنّ هذا اليقين الطريقي يعتبر أن يكون فعليّاً، وبعبارة اُخرى: يكون البحث في المقام في أنّ اليقين المعتبر فعليته هل أخذ في أدلّة الاستصحاب بعنوان الموضوع، أو أنّه طريق إلى الواقع؟ أي هل المعتبر هو الثبوت الواقعي أو المعتبر صفة اليقين، فلا تناقض بين التنبيهين كما لا يخفى.
وثانياً: بما أفاده المحقّق الأصفهاني(رحمه الله) من أنّ ظاهر أدلّة الاستصحاب الثبوت العنواني المقوّم لصفة اليقين لا الثبوت الواقعي(2).
ولكن لنا أن نقول: أنّ ظاهر أدلّة الاستصحاب أخذ صفة اليقين والشكّ في موضوع الاستصحاب كركنين له.
2 ـ ما ذكره المحقّق الأصفهاني(رحمه الله) أيضاً في مقام حلّ الإشكال وحاصله: أنّ المراد من اليقين في أدلّة الاستصحاب هو مطلق المنجّز، يعني «كلّ قاطع للعذر» وهذا له مصداقان: القاطع للعذر عقلا وهو اليقين الوجداني، والقاطع للعذر شرعاً وهو الأمارة، ومفاد أدلّة الاستصحاب هو إيجاد الملازمة بين المنجّز على الحدوث والمنجّز على البقاء(3).
3 ـ ما أفاده المحقّق الأصفهاني(رحمه الله) أيضاً وهو «إرادة مطلق الحجّة ـ القاطعة للعذر ـ من اليقين، لكن جعل منجّز الثبوت منجّزاً للبقاء كما هو ظاهر الأخبار، لأنّ مفادها إبقاء اليقين ـ أي المنجّز ـ لا التمسّك باحتمال البقاء، ويتعيّن حينئذ كون الاستصحاب حكماً طريقياً»(4).
أقول: هيهنا نكات يتّضح بها الحقّ في المسألة:
الاُولى: أنّه لا ريب في جريان الاستصحاب في ما ثبت بالأمارات، وإنّما المهمّ حلّ ما اُورد عليه من الإشكال صناعياً.
الثانية: أنّه لابدّ من حلّ المشكلة على المباني المختلفة في باب الأمارات، فنقول: أمّا بناءً على مبنى جعل الحكم المماثل لمؤدّى الأمارة فلا موضوع للإشكال، لأنّ قيام الأمارة حينئذ يوجب اليقين بالحكم الظاهري الطريقي وجداناً.
وكذلك بناءً على القول بأنّ مفاد الأمارة إلغاء احتمال الخلاف الذي قد مرّ أنّه يرجع إلى جعل الحكم المماثل.
وكذلك بناءً على مبنى المحقّق النائيني(رحمه الله) من جعل صفة العلم لأنّ اليقين حاصل حينئذ بتعبّد من الشارع.
فيختصّ الإشكال حينئذ بالقول بأنّ مفاد الأمارة هو جعل المنجّزيّة، والمعذّريّة وحيث إنّ المختار هو جعل الحكم المماثل فنحن في فسحة من ناحية هذا الإشكال.
الثالثة: أنّ لليقين معنيين: اليقين المنطقي وهو ما لا يوجد فيه احتمال الخلاف، واليقين العرفي، ولا ريب في أنّ الثاني هو الموضوع في باب الاستصحاب وغيره ممّا أخذ في موضوعه اليقين كما مرّ بيانه تفصيلا في محلّه (مبحث حجّية خبر الواحد) كما لا ريب في أنّ هذا النوع من اليقين حاصل في باب الأمارات، فتنحلّ المشكلة من الأساس في جريان الاستصحاب في باب الأمارات، كما تنحلّ المشكلة في كثير من أبواب الشهادات، وكذا في مسألة قيام الأمارات مقام العلم المأخوذ في الموضوع وأشباهها.
الرابعة: أنّه لو أغمضنا عن جميع ذلك فلا أقلّ ممّا أفاده المحقّق الأصفهاني(رحمه الله)من الطريقين المذكورين، والإنصاف أنّ كليهما في محلّه، نعم أنّه إستظهر من أدلّة الاستصحاب الطريق الثاني مع أنّ الظاهر منها هو الأوّل.
وحاصل الكلام أنّ اليقين المأخوذ في لسان أدلّة الاستصحاب هو بمعنى مطلق الحجّة، ومفاد الاستصحاب جعل الملازمة بين حجّية الاستصحاب وحجّية تلك الأمارة.
______________
1. رسائل الإمام الخميني (قدس سره): ص122.
2. راجع نهاية الدراية: ج5 ـ 6، ص132، طبع مؤسسة آل البيت.
3. المصدر السابق: ص133.
4. المصدر السابق.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|