أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-09-2014
2622
التاريخ: 6-11-2014
5159
التاريخ: 23-04-2015
2582
التاريخ: 2024-05-07
617
|
قد علم كان عاقل بلغته الدعوة الاسلامية ، أن محمدا (صلى الله عليه واله وسلم ) بشر جميع الامم بدعوتهم إلى الاسلام ، وأقام الحجة عليهم بالقرآن ، وتحداهم بإعجازه ، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ثم تنزل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحداهم إلى الاتيان بسورة واحدة. وكان من الجدير بالعرب ـ وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة ـ أن يجيبوه إلى ما يريد ، ويسقطوا حجته بالمعارضة ، لو كان ذلك ممكنا غير مستحيل. نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن ، ويأتوا بنظيرها في البلاغة ، فيسقطوا حجة هذا المدعي الذي تحداهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجلوا لأنفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمل شدائد ومكاره.
ولكن العرب فكرت في بلاغة القرآن فأذعنت لإعجازه ، وعلمت أنها مهزومة إذا أرادت المعارضة ، فصدق منها قوم داعي الحق ، وخضعوا لدعوة القرآن ، وفازوا بشرف الاسلام ، وركب آخرون جادة العناد ، فاختاروا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا المبارزة بالسنان على المعارضة في البيان ، فكان هذا العجز والمقاومة أعظم حجة على أن القرآن وحي إلهي خارج عن طوق البشر.
وقد يدعي جاهل من غير المسلمين : أن العرب قد أتت بمثل القرآن وعارضته بالحجة ، وقد اختفت علينا هذه المعارضة لطول الزمان. وجواب ذلك : أن هذه المعارضة لو كانت حاصلة لاعلنتها العرب في أنديتها ، وشهرتها في مواسمها وأسواقها. ولأخذ منه أعداء الاسلام نشيدا يوقعونه في كل مجلس ، وذكرا يرددونه في كل مناسبة ، وللقنه السلف للخلف ، وتحفظوا عليه تحفظ المدعي على حجته ، وكان ذلك أقر لعيونهم من الاحتفاظ بتاريخ السلف ، وأشعار الجاهلية التي ملات كتب التاريخ ، وجوامع الادب ، مع أنا لا نرى أثرا لهذه المعارضة ، ولا نسمع لها بذكر. على أن القرآن الكريم قد تحدى جميع البشر بذلك ، بل جميع الانس والجن ، ولم يحصر ذلك بجماعة خاصة. فقال عز من قائل :
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] .
ونحن نرى النصارى وأعداء الاسلام ، يبذلون الاموال الطائلة في الحط من كرامة هذا الدين ، والنيل من نبيه الاعظم ، وكتابه المقدس ، ويتكرر هذا العمل منهم في كل عام بل في كل شهر. فلو كان من الميسور لهم أن يعارضوا القرآن ، ولو بمقدار سورة منه ، لكان هذا أعظم لهم في الحجة ، وأقرب لحصول الامنية ، ولما احتاجوا إلى صرف هذه الاموال ، وإتعاب النفوس.
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]
على أن من مارس كلاما بليغا ، وبالغ في ممارسته زمانا ، أمكنه أن يأتي بمثله أو بما يقاربه في الاسلوب ، وهذا مشاهد في العادة ، ولا يجري مثل هذا في القرآن ، فإن كثرة ممارسته ودراسته ، لا تمكن الانسان من مشابهته في قليل ولا كثير ، وهذا يكشف لنا أن للقرآن اسلوبا خارجا عن حدود التعليم والتعلم ، ولو كان القرآن من كلام الرسول وإنشائه ، لوجدنا في بعض خطبه وكلماته ما يشبه القرآن في اسلوبه ، ويضارعه في بلاغته. وكلمات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وخطبه محفوظة مدونة تختص بأسلوب آخر. ولو كان في كلماته ما يشبه القران لشاع نقله وتدوينه ، وخصوصا من أعدائه الذين يريدون كيد الاسلام بكل وسيلة وذريعة. مع أن للبلاغة المألوفة حدودا لا تتعداها في الاغلب ، فإنا نرى البليغ العربي الشاعر أو الناثر تختص بلاغته في جهة واحدة ، أو جهتين أو ثلاث جهات ، فيجيد في الحماسة مثلا دون المديح ، أو في الرثاء دون النسيب ، والقرآن قد استطرد مواضيع عديدة ، وتعرض لفنون من الكلام كثيرة ، وأتى في جميع ذلك بما يعجز عنه غيره ، وهذا ممتنع على البشر في العادة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|