المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الشيخ يوسف الحكمي ابن المولى الشيخ محمد تقي
28-8-2020
High Repetitive Sequences
5-8-2018
شروط التوبة ودوافعها
11-12-2018
نماذج إقليمية من المناخ الاستوائي - إقليم الجزر الإندونيسية
17-10-2017
نترات الصوديوم Sodium Nitrate
4-10-2016
براعة المطلع
25-03-2015


الحياة الاقتصادية المعاصرة للأمام الباقر  
  
3708   04:35 مساءاً   التاريخ: 15-8-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الباقر(عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص184-188.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / قضايا عامة /

الحياة الاقتصادية في عصر الامام فقد كانت مشلولة ومضطربة فقد انحصرت ثروة البلاد عند الفئة الحاكمة آنذاك وعند عملائها وهم ينفقونها بسخاء على شهواتهم وملاذهم ويتفنون في أنواع الملذات في حين أن عامة الشعب كانت في حالة شديدة من البؤس والفقر فالأسعار قد أرهقت كواهل الناس وكلفتهم من أمرهم شططا قد خلت أكثر البيوت من حاجات الحياة وأصبحت الناس طاوية بطونهم عارية أجسامهم وقد صور الشاعر الأسدي سوء حياته الاقتصادية بقصيدة يمدح فيها بعض نبلاء الكوفة ويطلب منه أن يمنحه بمعروفه وبره يقول :

يا أبا طلحة الجواد أغثني           بسجال من سيبك المقسوم

أحيي نفسي ـ فدتك نفسي ـ فاني   مفلس ـ قد علمت ذاك ـ عديم

أو تطوع لنا بسلت دقيق            أجره ـ إن فعلت ذاك ـ عظيم

قد علمتم ـ فلا تعامس عني ـ       ما قضى الله في طعام اليتيم

ليس لي غير جرة واصيص        وكتاب ومنمنم كالوشوم

وكساء أبيعه برغيف                قد رقعنا خروقه بأديم

واكاف أعارنيه نشيط              هو لحاف لكل ضيف كريم

وأنت ترى أن هذا الشاعر قد استعطف هذا الكريم وطلب منه أن يسعفه بالطعام فيحي نفسه التي أماتها الجوع : وذكر ما يملكه من أثاث بسيط كان به في منتهى الفقر والبؤس.

وكان عامة الناس على هذا الغرار يعيشون حياة بائسة قد نهشهم الجوع والبؤس فقد تحول اقتصاد الأمة إلى جيوب الأمويين ومن سار في ركابهم من دون أن ينفق أي شيء منه على تطور الحياة العامة وازدهارها وتقدمها.

لقد جهد ولاة الأمويين وعمالهم في ابتزاز أموال الأمة وتجريدها من جميع مقوماتها الاقتصادية.

يقول النمري مخاطبا عبد الملك بن مروان بقصيدة يشكو فيها اضطهاد العمال لقومه :

أ خليفة الرحمن إنا معشر         حنفاء نسجد بكرة وأصيلا

إن السعاة عصوك يوم أمرتهم   وآتوا دواهي لو علمت وغولا

أخذوا العرين فقطعوا حيزومه   بالأصبحية قائما مغلولا

حتى إذا لم يتركوا العضامة      لحما ولا لفؤاده معقولا

جاءوا بصكهم وأحدر أشارت    منه السياط يراعه أجفيلا

أخذوا حمولته فاصبح قاعدا     لا يستطيع عن الديار حويلا

يدعو أمير المؤمنين ودونه      خرق تجر به الرياح ذيولا

كهداهد كسر الرماة جناحها      تدعو بقارعة الطريق هديلا

أخليفة الرحمن أن عشيرتي      أمسى سوامهم عزين فلولا

قوم على الاسلام لما يتركوا      ما عونهم ويضيعوا التهليلا

قطعوا اليمامة يطردون كأنهم    قوم أصابوا ظالمين فتيلا

شهري ربيع ما تذوق بطونهم   إلا حموضا وخمسة وذبيلا

وأتاهم يحيى فشد عليهم                   عقدا يراه المسلمون ثقيلا

كتبا تركن غنيهم ذا عيلة         بعد الغنى وفقيرهم مهزولا

فتركت قومي يقسمون أمورهم  إليك أم يتربصون قليلا

وصور النمري بهذه الأبيات الجور الهائل الذي صبه العمال على قومه حتى لم يتركوا عليهم عظما إلا هشومه قد ألهبت سياطهم أجسام قومه وتركتهم أشباحا مبهمة خالية من الحياة والروح.

واستمرت المظالم الاقتصادية حتى في دور عمر بن عبد العزيز الشهم النبيل فان عماله لم يألوا جهدا في سلب أموال الرعية واستصفاء ثرواتها بغير حق يقول كعب الأشعري مخاطبا له :

إن كنت تحفظ ما يليك فانما       عمال أرضك بالبلاد ذئاب

لن يستجيبوا للذي تدعو له       حتى تجلد بالسيوف رقاب

بأكف منصلتين أهل بصائر       في وقعهن مزاجر وعقاب

وقد أقر ملوك الأمويين جميع تصرفات عمالهم فلم يحاسبوهم على ما اقترفوه من الجور والظلم للرعية وهذا مما سبب إشعال الفتن وعدم استقرار الوضع السياسي في البلاد مما نجم منه اندلاع نار الثورة في خراسان والتهامها لحكام بني أمية والقضاء على دولتهم.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن عصر الامام أبي جعفر (عليه السلام) وفيما أحسب أنا قد ألممنا بالكثير من مظاهره وأحداثه وقد كانت هذه الدراسة ـ على إيجازها ـ ضرورة لا غنى لنا عنها لأنها تصور لنا بؤس المجتمع الذي نشأ فيه الامام أبو جعفر (عليه السلام).

ومن الطبيعي أن تلك الأوضاع المؤلمة والصور الحزينة قد تركت التياعا مستوعبا لنفس الامام (عليه السلام) لأنه بحكم قيادته الروحية وابوته العامة للمسلمين يعز عليه عنتهم وشقاءهم ويسؤه أن يراهم بتلك الحالة الراهنة من البؤس والشقاء.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.