المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

«الإيمان» و«العمل»
25-09-2014
قاعدة « لا ضرر ولا ضرار »
16-7-2022
شروط امام الجماعة
2024-10-20
قانون "بوزانكي" Bosanquet law
12-2-2018
من لا يغسل من الموتى
2024-04-03
تكوين العقد الجذرية Nodulation
5-5-2019


مصادر الإلهام للفكر الاصولي  
  
948   01:19 مساءاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد باقر الصدر
الكتاب أو المصدر : المعالم الجديدة للأصول
الجزء والصفحة : ص.92
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016 4544
التاريخ: 2-9-2016 748
التاريخ: 4-9-2016 537
التاريخ: 1-9-2016 2034

لا نستطيع ونحن لا نزال في الحلقة الاولى أن نتوسع في دراسة مصادر الالهام للفكر الاصولي ونكشف عن العوامل التي كانت تلهم الفكر الاصولي وتمده بالجديد تلو الجديد من النظريات، لان ذلك يتوقف على الاحاطة المسبقة بتلك النظريات، ولهذا سوف نلخص فيما يلي مصادر الالهام بصورة موجزة:

 1 - بحوث التطبيق في الفقيه، فإن الفقيه تنكشف لديه من خلال بحثه الفقهي التطبيقي المشاكل العامة في عملية الاستنباط، ويقوم علم الاصول عندئذ بوضع الحلول المناسبة لها، وتصبح هذه الحلول والنظريات عناصر مشتركة في عملية الاستنباط.

ولدى محاولة تطبيقها على مجالاتها المختلفة كثيرا ما ينتبه الفقيه إلى أشياء جديدة يكون لها أثر في تعديل تلك النظريات أو تعميقها.

ومثال ذلك أن علم الاصول يقرر أن الشيء إذا وجب وجبت مقدمته، فالوضوء يجب مثلا إذا وجبت الصلاة، لان الوضوء من مقدمات الصلاة، كما يقرر علم الاصول أيضا أن مقدمة الشيء إنما تجب في الظرف الذي يجب فيه ذلك الشيء ولا يمكن أن تسبقه في الوجوب، فالوضوء إنما يجب حين تجب الصلاة ولا يجب قبل الزوال، إذ لا تجب الصلاة قبل الزوال، فلا يمكن أن يصبح الوضوء واجبا قبل أن يحل وقت الصلاة وتجب.

والفقيه حين يكون على علم بهذه المقررات ويمارس عمله في الفقه فسوف يلحظ في بعض المسائل الفقهية شذوذا جديرا بالدرس، ففي الصوم يجد مثلا أن من المقرر فقهيا أن وقت الصوم يبدأ من طلوع الفجر ولا يجب الصوم قبل ذلك، وكذلك من الثابت في الفقه أن المكلف إذا أجنب في ليلة الصيام فيجب عليه أن يغتسل قبل الفجر لكي يصح صومه، لان الغسل من الجنابة مقدمة للصوم، فلا صوم بدونه، كما أن الوضوء مقدمة للصلاة ولا صلاة بدون وضوء.

 ويحاول الفقيه بطبيعة الحال أن يدرس هذه الاحكام الفقهية على ضوء تلك المقررات الاصولية، فيجد نفسه في تناقض، لان الغسل وجب على المكلف فقهيا قبل مجيء وقت الصوم، بينما يقرر علم الاصول أن مقدمة كل شيء إنما تجب في ظرف وجوب ذلك الشيء ولا تجب قبل وقته.

وهكذا يرغم الموقف الفقهي الفقيه أن يراجع من جديد النظرية الاصولية ويتأمل في طريقة للتوفيق بينهما وبين الواقع الفقهي، وينتج عن ذلك تولد أفكار أصولية جديدة بالنسبة إلى النظرية تحدده أو تعمقها وتشرحها بطريقة جديدة تتفق مع الواقع الفقهي.

وهذا المثال مستمد من الواقع، فإن مشكلة تفسير وجوب الغسل قبل وقت الصوم تكشفت من خلال البحث الفقهي، وكان أول بحث فقهي استطاع أن يكشف عنها هو بحث ابن أدريس في السرائر، وإن لم يوفق لعلاجها.

وأدى اكتشاف هذه المشكلة إلى بحوث أصولية دقيقة في طريق التوفيق بين المقررات الاصولية السابقة والواقع الفقهي، وهي البحوث التي يطلق عليها اليوم اسم بحوث المقدمات المفوتة.

2 - علم الكلام، فقد لعب دورا مهما في تموين الفكر الاصولي وإمداده، وبخاصة في العصر الاول والثاني، لان الدراسات الكلامية كانت منتشرة وذات نفوذ كبير على الذهنية العامة لعلماء المسلمين حين بدأ علم الاصول يشق طريقه إلى الظهور، فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه. ومثال ذلك نظرية الحسن والقبح العقليين، وهي النظرية الكلامية القائلة بأن العقل الانساني يدرك بصورة مستقلة عن النص الشرعي قبح بعض الافعال كالظلم والخيانة وحسن بعضه كالعدل والوفاء والامانة، فإن هذه النظرية استخدمت أصوليا في العصر الثاني لحجية الاجماع، أي إن العلماء إذا اتفقوا على رأي واحد فهو الصواب، بدليل أنه لو كان خط لكان من القبيح عقلا سكوت الامام المعصوم عنه وعدم إظهاره للحقيقة، فقبح سكوت الامام عن الخطأ هو الذي يضمن صواب الرأي المجمع عليه.

 3 - الفلسفة، وهي لم تصبح مصدرا لإلهام الفكر الاصولي في نطاق واسع إلا في العصر الثالث تقريبا، نتيجة لرواج البحث الفلسفي على الصعيد الشيعي بدلا عن علم الكلام وانتشار فلسفات كبيرة ومجددة كفلسفة صدر الدين الشيرازي المتوفي (1050) ه‍، فإن ذلك أدى إلى إقبال الفكر الاصولي في العصر الثالث على الاستمداد من الفلسفة واستلهامها أكثر من استلهام علم الكلام، وبخاصة التيار الفلسفي الذي أوجده صدر الدين الشيرازي.

ومن أمثلة ذلك ما لعبته مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية في مسائل أصولية متعددة، كمسألة اجتماع الامر والنهي ومسألة تعلق الاوامر بالطبائع والافراد، الامر الذي لا يمكننا فعلا توضيحه.

 4 - الظرف الموضوعي الذي يعيشه المفكر الاصولي، فإن الاصولي قد يعيش في ظرف معين فيستمد من طبيعة ظرفه بعض أفكاره، ومثاله أولئك العلماء الذين كانوا يعيشون في العصر الاول ويجدون الدليل الشرعي الواضح ميسرا لهم في جل ما يواجهونه من حاجات وقضايا، نتيجة لقرب عهدهم بالأئمة عليهم السلام وقلة ما يحتاجون إليه من مسائل نسبيا، فقد ساعد ظرفهم ذلك وسهولة استحصال الدليل فيه على أن يتصوروا أن هذه الحالة حالة مطابقة ثابتة في جميع العصور.

وعلى هذا الاساس اِدّعوا أن من اللطف الواجب على الله أن يجعل على كل حكم شرعي دليلا واضحا ما دام الانسان مكلفا والشريعة باقية.

5 - عامل الزمن، وأعني بذلك أن الفاصل الزمني بين الفكر الفقهي وعصر النصوص كلما اتسع وازداد تجددت مشاكل وكلف علم الاصول بدراستها، فعلم الاصول يمنى نتيجة لعامل الزمن وازدياد البعد عن عصر النصوص بألوان من المشاكل، فينمو بدراستها والتفكير في وضع الحلول المناسبة لها.

ومثال ذلك أن الفكر العلمي ما دخل العصر الثاني حتى وجد نفسه قد ابتعد عن عصر النصوص بمسافة تجعل أكثر الاخبار والروايات التي لديه غير قطعية الصدور، ولا يتيسر الاطلاع المباشر على صحتها كما كان ميسورا في كثير من الاحيان لفقهاء العصر الاول، فبرزت أهمية الخبر الظني ومشاكل حجيته، وفرضت هذه الاهمية واتساع الحاجة إلى الاخبار الظنية على الفكر العلمي أن يتوسع في بحث تلك المشاكل ويعوض عن قطعية الروايات بالفحص عن دليل شرع يدل على حجيتها وإن كانت ظنية، وكان الشيخ الطوسي رائد العصر الثاني هو أول من توسع في بحث حجية الخبر الظني وإثباته. ولما دخل العلم في العصر الثالث أدى اتساع الفاصل الزمني إلى الشك حتى في مدارك حجية الخبر ودليلها الذي استند إليه الشيخ في مستهل العصر الثاني، فإن الشيخ استدل على حجية الخبر الظني بعمل أصحاب الائمة به، ومن الواضح أنا كلما ابتعدنا عن عصر أصحاب الائمة ومدارسهم يصبح الموقف أكثر غموضا والاطلاع على أحوالهم أكثر صعوبة.

وهكذا بدأ الاصوليون في مستهل العصر الثالث يتساءلون هل يمكننا أن نظفر بدليل شرعي على حجية الخبر الظني أو لا؟ وعلى هذا الاساس وجد في مستهل العصر الثالث اتجاه جديد يدعي انسداد باب العلم، لان الاخبار ليست قطعية وانسداد باب الحجة لانه لا دليل شرعي على حجية الاخبار الظنية، ويدعو إلى إقامة علم الاصول على أساس الاعتراف بهذا الانسداد، كما يدعو إلى جعل الظن بالحكم الشرعي أي ظن اساس للعمل، دون فرق بين الظن الحاصل من الخبر وغيره ما دمنا لا نملك دليلا شرعيا خاص على حجة الخبر يميزه عن سائر الظنون.

وقد أخذ بهذا الاتجاه عدد كبير من رواد العصر الثالث ورجالات المدرسة التي افتتحت هذه العصر كالأستاذ البهبهاني وتلميذه المحقق القمي وتلميذه صاحب الرياض وغيرهما، وبقي هذا الاتجاه قيد الدرس والبحث العلمي حتى يومنا هذا.

وبالرغم من أن لهذا الاتجاه الإنسدادي بوادره في أواخر العصر الثاني فقد صرح المحقق الشيخ محمد باقر بن صاحب الحاشية على المعالم بأن الالتزام بهذا الاتجاه لم يعرف عن أحد قبل الاستاذ الوحيد البهبهاني وتلامذته، كما أكد أبوه المحقق الشيخ محمد تقي في حاشيته على المعالم أن الاسئلة التي يطرحها هذه الاتجاه حديثة ولم تدخل في الفكر العلمي قبل عصره. وهكذا نتبين كيف تظهر بين فترة وفترة اتجاهات جديدة، وتتضخم أهميتها العلمية بحكم المشاكل التي يفرضها عامل الزمن.

 6 - عنصر الابداع الذاتي، فإن كل علم حين ينمو ويشتد يمتلك بالتدريج قدرة على الخلق والتوليد الذاتي نتيجة لمواهب النوابغ في ذلك العلم والتفاعل بين أفكاره.

ومثال ذلك في علم الاصول بحوث الاصول العملية وبحوث الملازمات والعلاقات بين الاحكام الشرعية، فإن أكثر هذه البحوث نتائج أصولي خالص.

 ونقصد ببحوث الاصول العملية تلك البحوث التي تدرس نوعية القواعد الاصولية والعناصر المشتركة التي يجب على الفقيه الرجوع إليها لتحديد موقفه العملي إذا لم يجد دليلا على الحكم وظل الحكم الشرعي مجهولا لديه.

 ونقصد ببحوث الملازمات والعلاقات بين الاحكام ما يقوم به علم الاصول من دراسة الروابط المختلفة بين الاحكام، من قبيل مسألة أن النهي عن المعاملة هل يقتضي فسادها أو لا؟

 إذ تدرس في هذه المسألة العلاقة بين حرمة البيع وفساده وهل يفقد أثره في نقل الملكية من البائع إلى المشتري إذا أصبح حراما أو يظل صحيحا ومؤثرا في نقل الملكية بالرغم من حرمته؟ أي إن العلاقة بين الحرمة والصحة هل هي علاقة تضاد أو لا ؟

عطاء الفكر الاصولي وابداعه :

وبودي أن أشير بهذا الصدد إلى حقيقة يجب أن يعلمها الطالب ولو بصورة مجملة، حيث لا يمكن توضيحها والتوسع فيها على مستوى هذه الحلقة.

وهذه الحقيقة هي أن علم الاصول لم يقتصر إبداعه الذاتي على مجاله الاصيل أي مجال تحديد العناصر المشتركة في عملية الاستنباط بل كان له إبداع كبير في عدد من أهم مشاكل الفكر البشري، وذلك إن علم الاصول بلغ في العصر العلمي الثالث وفي المرحلة الاخيرة من هذا العصر بصورة خاصة قمة الدقة والعمق، ووعى بفهم وذكاء مشاكل الفلسفة وطرائقها في التفكير والاستدلال وبحثها متحررا من التقاليد الفلسفية التي تقيد بها البحث الفلسفي منذ ثلاثة قرون، إذ كان يسير في خط مرسوم ولا يجسر على التفكير في الخروج عن القواعد العامة للتفكير الفلسفي، ويستشعر الهيبة للفلاسفة الكبار وللمسلمات الاساسية في الفلسفة بالدرجة التي تجعل هدفه الاقصى استيعاب أفكارهم والقدرة على الدفاع عنها، وبينما كان البحث الفلسفي على هذه الصورة كان البحث الاصولي يخوض بذكاء وعمق في درس المشاكل الفلسفية متحرر من سلطان الفلاسفة التقليديين وهيبتهم. وعلى هذا الاساس تناول علم الاصول جملة من قضايا الفلسفة والمنطق التي تتصل بأهدافه، وأبدع فيها إبداعا أصيلا لا نجده في البحث الفلسفي التقليدي، ولهذا يمكننا القول بأن الفكر الذي أعطاه علم الاصول في المجالات التي درسها من الفلسفة والمنطق أكثر جدة من الفكر الذي قدمته فلسفة الفلاسفة المسلمين نفسهم في تلك المجالات.

 وفيما يلي نذكر بعض الحقول التي أبدع فيها الفكر الاصولي (1) :

 1 - في مجال نظرية المعرفة، وهي النظرية التي تدرس قيمة المعرفة البشرية ومدى إمكان الاعتماد عليها، وتبحث عن المصادر الرئيسية لها. فقد امتد البحث الاصولي إلى مجال هذه النظرية وانعكس ذلك في الصراع الفكري الشديد بين الاخباريين والمجتهدين الذي كان ولا يزال يتمخض عن أفكار جديدة في هذا الحقل، وقد عرفنا سابقا كيف أن التيار الحسي تسرب عن طريق هذا الصراع إلى الفكر العلمي عند فقهائنا، بينما لم يكن قد وجد في الفلسفة الاوروبية إلى ذلك الوقت.

 2 - في مجال فلسفة اللغة فقد سبق الفكر الاصولي أحدث اتجاه عالمي في المنطق الصوري اليوم، وهو اتجاه المناطقة الرياضيين الذين يردون الرياضيات إلى المنطق والمنطق إلى اللغة، ويرون أن الواجب الرئيسي على الفيلسوف أن يحلل اللغة ويفلسفها بدلا عن أن يحلل الوجود الخارجي ويفلسفه.

فإن المفكرين الاصوليين قد سبقوا في عملية التحليل اللغوي، وليست بحوث المعنى الحرفي والهيئات في الاصول إلا دليلا على هذا السبق. ومن الطريف أن يكتب اليوم "برتراند رسل " رائد ذلك الاتجاه الحديث في العالم المعاصر محاول التفرقة بين جملتين لغويتين في دراسته التحليلية للغة وهم : مات قيصر و موت قيصر أو صدق موت قيصر فلا ينتهي إلى نتيجة وإنما يعلق على مشكلة التمييز المنطقي بين الجملتين فيقول: لست أدري كيف أعالج هذه المشكلة علاجا مقبول (2).

أقول: من الطريف أن يعجز باحث في قمة ذلك الاتجاه الحديث عن تحليل الفرق بين تلك الجملتين، بينما يكون علم الاصول قد سبق إلى دراسة هذا الفرق في دراساته الفلسفية التحليلية للغة ووضع له أكثر من تفسير.

 3 - وكذا نجد لدى بعض المفكرين الاصوليين بذور نظرية الانماط المنطقية، فقد حاول المحقق الشيخ محمد كاظم الخراساني في الكفاية أن يميز بين الطلب الحقيقي والطلب الانشائي بما يتفق مع الفكرة الرئيسية في تلك النظرية. وبهذا يكون الفكر الاصولي قد استطاع أن يسبق برتراند رسل صاحب تلك النظرية، بل استطاع بعد ذلك أكثر من هذا فقام بمناقشتها ودحضها وحل التناقضات التي بنى رسل نظريته على أساسها.

 4 - ومن أهم المشاكل التي درستها الفلسفة القديمة وتناولتها البحوث الجديدة في التحليل الفلسفي للغة هي مشكلة الكلمات التي لا يبدو أنها تعبر عن شيء موجود، فماذا نقصد بقولنا مثل الملازمة بين النار والحرارة وهل هذه الملازمة موجودة إلى جانب وجود النار والحرارة أو معدومة؟ وإذا كانت موجودة فأين هي موجودة؟ وإذا كانت معدومة ولا وجود لها فكيف نتحدث عنها. وقد درس الفكر الاصولي هذه المشكلة متحررا عن القيود الفلسفية التي كانت تحصر المسألة في نطاق الوجود والعدم، فأبدع فيها.

وكل هذه الامثلة والنماذج نذكرها الآن لينفتح لها الطالب على سبيل الاجمال...

______________
(1) هذه النماذج لا يطلب تدريسها بالتفصيل وإنما يكتفي المدرس إذا رأى مجال بالإشارة إلى بعضها، وسوف نستعرضها بصورة أوضح في الحلقات المقبلة إنشاء الله تعالى.

(2) أصول الرياضيات ج 1 ص 96 ترجمة الدكتور محمد موسى أحمد والدكتور أحمد فؤاد الاهواني.

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.