المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8195 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Fiveleaper Graph
28-2-2022
أحكام صرف الشيك مع تماثل البدلين
8-1-2019
أهمية الدفاتر التجارية التقليدية والإلكترونية
31-8-2020
الأقاليم الصناعية في روسيا
24-4-2021
مصادر البيانات الجغرافية - المصادر التاريخية- المصادر الأولية
6-3-2022
GRAPHS AS MODELS
3-8-2016


الموافقة الالتزامية  
  
623   11:12 صباحاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : قريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج2. ص.343
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016 765
التاريخ: 10-8-2016 872
التاريخ: 10-8-2016 753
التاريخ: 2-9-2016 678

وتوضيحها يتوقّف على بيان مطالب :

الأوّل : أنّ الاُصول الاعتقادية على أقسام :

منها : ما ثبتت بالبرهان العقلي القطعي ، ويستقلّ العقل في إثباتها ونفي غيرها ، من دون أن يستمدّ من الكتاب والسنّة ، كوجود المبدأ وتوحيده وصفاته الكماليـة وتنزيهـه مـن النقائص والحشر والنشر وكونـه جسمانياً ـ  على ما هـو مبرهـن في محلّـه وعند أهلـه(1) ـ والنبوّة العامّـة وما ضاهاهـا مـن العقليات المستقلّـة التي لا يستأهل لنقضه وإبرامه وإثباته ونفيه غير العقل ; حتّى لو وجدنا في الكتاب والسنّة ما يخالفه ظاهراً فلا محيص عن تأويله أو ردّ علمه إلى أهله ، كما اُمرنا بذلك(2) .

ومنها : ما ثبت بضرورة الأديان أو دين الإسلام ، كالمباحث الراجعة إلى بعض خصوصيات المعاد والجنّة والنار والخلود فيهما وما ضاهاها .

ومنها : ما ثبت بالقرآن والروايات المتواترة .

ومنها : ما لا نجد فيها إلاّ روايات آحاد قد توجب العلم والاطمئنان أحياناً ، واُخرى لا توجبه .

هذا كلّه في الاُصول الاعتقادية .

وأمّا الأحكام الفرعية أيضاً : تارة ثابتة بضرورة الدين أو المذهب ، واُخرى بظواهر الكتاب والسنّة ; آحادها أو متواترها ، وربّما تثبت بالعقل أيضاً .

الثاني : أنّ العوارض النفسانية ـ كالحبّ والبغض والخضوع والخشوع ـ ليست اُموراً اختيارية حاصلة في النفس بإرادة منها واختيار ، بل وجودها في النفس إنّما تتبع لوجود مبادئها ; فإنّ لكلّ من هذه العوارض مباد وعلل تستدعي وجود تلك العوارض .

مثلاً العلم بوجود البارئ وعظمته وقهّاريته يوجب الخضوع والخشوع لدى حضرته ـ جلّت كبرياؤه ـ والخوف من مقامه والعلم برحمته الواسعة وجوده الشامل ، وقدرته النافذة يوجب الرجاء والوثوق والتطلّب والتذلّل ، وكلّما كملت المبادئ كملت النتائج بلا ريب .

فظهر : أنّ تلك العوارض نتائج قهرية لا تستتبعه إرادة ولا اختيار ، وإنّما يدور مدار وجود مبادئها المقرّرة في محلّه وعند أهله .

الثالث ـ وهو أهمّ المطالب ـ أنّ التسليم القلبي والانقياد الجناني والاعتقاد الجزمي لأمر من الاُمور لا تحصل بالإرادة والاختيار ، من دون حصول مقدّماتها ومبادئها . ولو فرضنا حصول عللها وأسبابها يمتنع تخلّف الالتزام والانقياد القلبي عند حصول مبادئها ، ويمتنع الاعتقاد بأضدادها . فتخلّفها عن المبادئ ممتنع ، كما أنّ حصولها بدونها أيضاً ممتنع .

والفرق بين هذا المطلب وما تقدّمه أوضح من أن يخفى ; إذ البحث في المتقدّم عن الكبرى الكلّية من أنّ العوارض القلبية لا تحصل بالإرادة والاختيار ، وهنا عن الصغرى الجزئية لهذه القاعدة; وهي أنّ التسليم والانقياد من العوارض القلبية ، يمتنع حصولها بلا مبادئها ، كما يمتنع حصول أضدادها عند حصولها .

فمن قام عنده البرهان الواضح بوجود المبدأ المتعال ووحدته لا يمكن له عقد القلب عن صميمه; بعدم وجوده وعدم وحدته .

ومن قام عنده البرهان الرياضي على أنّ زوايا المثلّث مساوية لقائمتيه يمتنع مع وجود هذه المبادئ عقد القلب على عدم التساوي . فكما لا يمكن الالتزام على ضدّ أمر تكويني مقطوع به فكذلك لا يمكن عقد القلب على ضدّ أمر تشريعي ثبت بالدليل القطعي .

نعم ، لا مانع من إنكاره ظاهراً وجحده لساناً لا جناناً واعتقاداً ، وإليه يشير قوله عزّ وجلّ {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } [النمل: 14] .

وما يقال : من أنّ الكفر الجحودي يرجع إلى الالتزام القلبي على خلاف اليقين الحاصل في نفسه(3) ، فاسد جدّاً .

هذا هو الحقّ القراح في هذا المطلب ، من غير فرق بين الاُصول الاعتقادية والفروع العلمية ، من غير فرق أيضاً بين أن يقوم عليها برهان عقلي أو ثبت بضرورة الكتاب والسنّة أو قام عليه الأدلّة الثابتة حجّيتها بأدلّة قطعية ; من الأدلّة الاجتهادية والفقاهية .

فلو قام الحجّة عند المكلّف على نجاسة الغسالة وحرمة استعمالها يمتنع عليه أن يعقّد القلب على خلافها أو يلتزم جدّاً على طهارته ، إلاّ أن يرجع إلى تخطئة الشارع ـ والعياذ بالله ـ وهو خارج عن المقام .

وبذلك يظهر : أنّ وجوب الموافقة الالتزامية وحرمة التشريع لا يرجع إلى محصّل إن كان المراد من التشريع هو البناء والالتزام القلبي على كون حكم من الشارع ، مع العلم بأنّه لم يكن من الشرع ، أو لم يعلم كونه منه . ومثله وجوب الموافقة ; وهو عقد القلب اختياراً على الاُصول والعقائد والفروع الثابتة بأدلّتها القطعية الواقعية .

والحاصل : أنّ التشريع بهذا المعنى أمر غير معقول ، بل لا يتحقّق من القاطع حتّى يتعلّق به النهي ، كما أنّ الاعتقاد بكلّ ما ثبت بالأدلّة أمر قهري تتبع مبادئها ، ويوجد غِبّ عللها بلا إرادة واختيار ، ولا يمكن التخلّف عنها ولا للحاصل له مخالفتها ، فلا يصحّ تعلّق التكليف لأمر يستحيل وجوده ، أو يجب وجوده بلا إرادة واختيار .

نعم ، التظاهر والتديّن ظاهراً وعملاً بشيء ليس من الدين ـ افتراءً عليه وكذباً على الله ورسوله وعترته الطاهرين ـ أمر ممكن محرّم لا كلام فيه .

فظهر : أنّ وجوب الموافقة الالتزامية عين وجوب العقد والتصميم اختياراً على الأحكام ، والفروع الثابتة من الشرع بعد قيام الحجّة أمر غير معقول لا تقع مصبّ التكليف . وحمل كلامهم على وجوب تحصيل مقدّمات الموافقة الالتزامية وحرمة تحصيل مقدّمات خلافها كما ترى .

وأمّا إن كان المراد منه هو البناء القلبي على الالتزام العملي وإطاعة أمر مولاه ، ويقابله البناء على المخالفة العملية فهما ـ بهذا المعنى ـ أمران معقولان يعدّان من شعب الانقياد والتجرّي .

وبذلك يتّضح : أنّ ما ذهب إليه سيّد الأساتذة ، المحقّق الفشاركي ـ رحمه الله ـ من وجود التجزّم في القضايا الكاذبة على طبقها ; حتّى جعله ـ قدس سره ـ مناطاً لصيرورة القضايا ممّا يصحّ السكوت عليها ، وأنّ العقد القلبي عليها يكون جعلياً اختيارياً(4)  لا يخلو من ضعف .

وقد أوضحه شيخنا العلاّمة ـ قدس سره ـ  ، وقال : إنّ حاصل كلامه  أنّه كما أنّ العلم قد  يتحقّق في النفس بوجود أسبابه كذلك قد يخلق النفس حالة وصفة على نحو العلم حاكية عن الخارج ، فإذا تحقّق هذا المعنى في الكلام يصير جملة يصحّ السكوت عليها ; لأنّ تلك الصفة الموجودة يحكي جزماً عن تحقّق في الخارج(5) .

لكن فيه : أنّ العلم والجزم من الاُمور التكوينية التي لا توجد في النفس إلاّ بعللها وأسبابها التكوينية ، وليس من الاُمور الجعلية الاعتبارية ، وإلاّ لزم جواز الجزم في النفس بأنّ الاثنين نصف الثلاثة ، أو أنّ الكلّ أصغر من الجزء ، وما أشبهه من القضايا البديهية . وبالجملـة : ليس الجـزم والعلم مـن الأفعال الاختياريـة ; حتّى نوجـده بالإرادة والاختيار .

وأمّا ما ذكره : من كون الجزم هو المناط في القضايا الصادقة والكاذبة فهو وإن كان حقّاً إلاّ أنّ الجزم في القضايا الصادقة حقيقي واقعي ، وفي الكاذبة ليست إلاّ صورة الجزم وإظهاره . وما هو المناط في الصدق والكذب هو الإخبار الجزمي والإخبار عن شيء بصورة الجزم والبتّ ، وأمّا التجزّم القلبي فلا ربط له لصحّة السكوت وعدمها ، ولا للصدق والكذب .

والشاهد عليه : أنّه لو أظهر المتكلّم ما هو مقطوع بصورة التردّد فلا يتّصف بالصدق والكذب ولا يصحّ السكوت عليه .

وتوهّم أنّ المتكلّم ينشأ حقيقة التردّد في الذهن ، ويصير مردّداً بلا جعل واختراع كما ترى .

نقل مقال وتوضيح حال:

إنّ بعض الأعيان من المحقّقين ـ رحمه الله ـ ذكر وجهاً لصحّة تعلّق الأمر والنهي بالالتزام والتسليم ، فقال : إنّ الفعل القلبي ضرب من الوجود النوري ، والوجود في قبال المقولات ; وهو من العلوم الفعلية دون الانفعالية ، والأفعال القلبية اُمور يساعدها الوجدان ; فإنّ الإنسان كثيراً ما يعلم بأهلية المنصوب من قِبَل من له النصب ، لكنّه لا ينقاد له قلباً ، ولا يقرّ به باطناً ; لخباثة نفسه أو لجهة اُخرى ; وإن كان في مقام العمل يتحرّك بحركته خوفاً من سوطه وسطوته.

وهكذا كان حال كثير من الكفّار بالنسبة إلى نبيّنا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ  ; حيث إنّهم كانوا عالمين بحقيته ، كما نطق به القرآن ، ومع ذلك لم يكونوا منقادين ـ ولو كان ملاك الإيمان الحقيقي نفس العلم ـ لزم أن يكونوا مؤمنين به ، أو جعل الإيمان الذي هو أشرف الكمالات مجرّد الإقرار باللسان ; حتّى يلزم كفرهم لأجل عدم الإقرار(6) .

وأنت خبير : بأنّه ـ قدس سره ـ لم يبرهن على أنّ الالتزام من العلوم الفعلية دون الانفعالية ، بل من القريب كونه من انفعالات النفس ومن الكيفيات الحاصلة لها من المبادئ الموجودة فيها أو حاصلة لها .

وما قال : إنّ الكيفيات النفسانية(7)  محصورة غير وجيه ; لعدم قيام برهان على حصرها . فالأشبه أن تكون نحو تلك الحالات من مقولة الكيف ، ومن الكيفيات النفسانية التي تنفعل بها النفس .

فما ادّعاه من  أنّه ضرب من الوجود ، وهو لا يدخل تحت مقولة غير صحيح ; لأنّ الموجود في صقع الإمكان لا يمكن أن يكون موجوداً مطلقاً ، فيلزم وجوب وجوده ، وهو خلف ، بل يكون موجوداً مقروناً بالحدّ والحدود ، فيتألّف من وجود وماهية ، ويدخل على وجه التسامح تحت إحدى المقولات .

أضف إلى ذلك ما عرفت : أنّ الالتزام لا ينفكّ عن العلم بالشيء ، وأنّه يستتبع الالتزام في كمّه وكيفه في تفصيله وإجماله على مقدار علمه ، ويوجد ذلك الالتزام في لوح النفس غبّ حصول العلم .

وقد عرفت : أنّ جحد الكفّار لم يكن إلاّ جحداً في الظاهر ; لعنادهم وعداوتهم وحبّ الرياسة والعصبية الجاهلية ، وإلاّ فكيف يمكن الإنكار الباطني مع العلم الوجداني بالخلاف ؟ فهل يمكن إنكار وجود اليوم مع العلم بوجوده ؟

ولا يلزم ممّا ذكـر أن يكون الإيمان هـو العلم فقط حتّى يقال : إنّ الشيطان كان عالماً بجميع المعارف ، مع  أنّه عدّ مـن الكفّار ، كما لا يلزم مـن ذلك أيضاً كون الانقياد والتسليم القلبي حاصلين في النفس بالاختيار ، بل الإيمان عبارة عـن مرتبة من العلم الملازم لخضوع القلب للنبوّة .

وقد فصّلنا حقيقة العلم والإيمان في بعض مسفوراتنا ، وأوضحنا فيه أنّ الإيمان ليس مطلق العلم الذي يناله العقل ، ويعدّ حظّاً فريداً له ، وبما أنّ المقام لا يسع طرح تلك الأبحاث فليرجع من أراد التفصيل إلى محالّه(8) .

فظهر :  أنّه لا يلزم من عدم كون العلم عين الإيمان كون الالتزام والانقياد اختيارياً متحقّقاً بالإرادة .

هذا كلّه في إمكان تعلّق الوجوب على الالتزام وعدمه .

ثمّ إنّـه لو فرضنا إمكان التعلّق فالظاهـر عـدم وجـوبه ; لعدم الدليل عليه في الفرعيات نقـلاً ولا عقـلاً ، وعـدم اقتضاء التكليف إلاّ الموافقـة العملية ، وحكـم الوجـدان بعدم استحقاق العبد لعقوبتين على فرض مخالفـة التكليف عملاً والتزاماً ، وعـدم استحقاقـه للعقوبة مع العمل بلا التزام ، واستحقاقـه لمثوبة واحـدة مع العمل والالتزام .

كيفية الالتزام بالأحكام:

ثمّ إنّك قد عرفت(9)  أنّ الموافقة الالتزامية من الاُمور القهرية التابعة للعلم بالشيء ، وليس من الاُمور الجعلية الاختيارية . وعليه : فتتبع الموافقة الالتزامية في الخصوصيات للعلم بالأحكام ; فإن تعلّق العلم بالحكم تفصيلاً يتعلّق الالتزام تفصيلاً ، وإن تعلّق به إجمالاً يصير الالتزام كذلك، ولو تعلّق العلم بما يتردّد بين المحذورين يكون الالتزام مثله .

فلو بنينا على جواز جعل حكم ظاهري في مورد الدوران بين المحذورين يكون الالتزام على طبق الحكم الظاهري غير مناف للالتزام بالحكم الواقعي ، كما لا تنافي بين الحكم الواقعي المجعول على الذات والحكم الظاهري المجعول بعنوان المشكوك فيه ، فكما يمكن جعل الحكمين والعلم بهما يمكن الالتزام بهما .

فجريان الاُصول لا مانع منه في الأطراف من ناحية لزوم الالتزام بالحكم الواقعي ، كما أنّ جريانها لا يدفع الالتزام بالحكم الواقعي ; لمكان الطولية(10) .

____________

1 ـ راجع الحكمة المتعالية 9 : 185 ـ 207 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 339 .

2 ـ راجـع النسـاء (4) : 59 ، الكافي 1 : 68 ، بحـار الأنوار 2 : 234  /  15 و 236  /  21 و 245  /  55 .

3 ـ نهاية الدراية 1 : 271 ـ 272 .

4 ـ اُنظر درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 70 .

5 ـ نفس المصدر .

6 ـ نهاية الدراية 3 : 77 .

7 ـ نفس المصدر 3 : 76 .

8 ـ جنود عقل وجهل : 87 .

9 ـ تقدّم في الصفحة 344 .

10 ـ ثمّ إنّ سيّدنا الاُستاذ ـ دام ظلّـه ـ قـد استقصى الكلام في الـدورة السابقـة في توضيح أحكام القطع ، فأوضح مقالة الأخباريين في المقام ، كما تكلّم في حجّية قطع القطّاع ، غير  أنّه ـ دام ظلّـه ـ قد أسقط في هـذه الـدورة هاتيك المباحث ، ونحـن قد اقتفينا أثره ، أطـال الله بقاه . [المؤلّف].

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.