حياته :

هو ابو الحسن علي بن ابي سعيد عبدالرحمن بن يونس المصري، من مشاهير الرياضيين الذين ظهروا بعد البتاني وابي الوفاء البوزجاني، ويعده المستشرق سارطون من فحول علماء القرن الرابع الهجري، وقد يكون اعظم فلكي ظهر في مصر، وفيها كانت وفاته في شوال من سنة 399هـ.

وابن يونس سليل بيت اشتهر بالعلم، فابوه سعيد كان محدث مصر ومؤرخها واحد العلماء المشهورين فيها، وجده الاعلى يونس كان صاحب الامام الشافعي ومن المتخصصين بعلم النجوم.

أهم أعماله :

عرف الخلفاء الفاطميون ابن يونس، وقدروا علمه ونبوغه، فأجزلوا له العطاء، وشجعوه على متابعة بحوثه في الهيئة والرياضيات، وبنوا له مرصدا على جبل المقطم، قرب الفسطاط، وجهزوه بكل ما يلزم من الأدوات والآلات.

وأمره العزيز الفاطمي، ابو الحكم، ان يصنع زيجاً، بدا به واتمه في عهد الحاكم ولد العزيز، وسماه الزيج الحاكمي ويقول عنه ابن خلكان : .. وهو زيج كبير رايته في اربعة مجلدات، ولم ار في الازياج، على كثرتها، اطول منه. ويعترف سيدو SEDILLOT بقيمة هذا الزيج فيقول ان هذا الزيج كان يقوم مقام المجسطي والرسائل التي الفها علماء بغداد سابقاً ويقول وستر SUTER في دائرة المعارف الاسلامية : ومن المؤسف حقاً انه لم يصل الينا كاملا وقد نشر دي برسفال DE PERCEVAL بعض فصول هذا الزيج التي فيها ارصاد الفلكيين القدماء وارصاد ابن يونس نفسه عن الخسوف والكسوف واقتران الكواكب، وذلك في باريس سنة 1804.

وكان قصده من هذه الزيج ان يتحقق من صحة ارصاد الذين تقدموه واقوالهم في الثوابت الفلكية، وان يكمل ما فاهتم، وان يضع ذلك في مجلد كبير جامع يدل على ان صاحبه كان اعلم الناس بالحساب والتسيير.

والمخطوط التي نقل عنها دي برسفال محفوظة في مكتبة جامعة ليدن بهولندا، اعارتها حكومة هولندا الى معهد فرنسا وقت ترجمتها، وليس ما يثبت كيف وصلت الى جامعة ليدن، ومن الممكن ان تكون مخطوطة ليدن احدى النسخ الازهرية التي تفرقت، بعد حصار القاهرة واقتحامها على ايد الغزاة.

وموضوعات المخطوطة تدور حول موضوعات متنوعة، كانحراف البروج، ومقاييس ظل الارض، والجداول المتصلة بذلك.

وجاء في التعلق على مقال سوتر في الترجمة العربية لدائرة المعارف الاسلامية : ان المرصد الذي اشتغل فيه على صخرة في جبل المقطم قرب الفسطاط في مكان يقال له بركة الحبش والراجع ان موقعه كان قرب سبيل الماء الذي بناه الناصر الى القلعة، وما تزال بعض اثاره ماثلة الى يومنا هذا.

ولوحظ في الترجمة الفرنسية للزيج ان الصفحات في ترجمة دي برسفال تقابل الصفحات العربية التي ترجمت عنها وملئت بحواش واسانيد عن علماء الهيئة عند العرب وادواتهم الفلكية، وطرقهم في الرصد، ما يدل على ان دي برسفال كان مالكا لناصية اللغة العربية، واسع الاطلاع على ما كتب في هذا الموضوع.

وابن يونس هو الذي اصلح زيج يحيى بن ابي منصور، وعلى هذا الاصلاح كان تعويل اهل مصر في تقويم الكواكب في القرن الخامس للهجرة، وكذلك جمع ابن يونس في مقدمة زيجه كل الآيات المتعلقة بامور السماء ورتبها ترتيبا جميلا بحسب مواضيعها، فقد كان يرى ان افضل الطرق الى معرفة الله تعالى هو التفكير في خلق السماوات والارض وعجائب المخلوقات وما اودعت من حكمة، وبذلك بشرف الناظر على عظيم قدرة الله عز وجل، وتتجلى له عظمته وسعة حكمته وجليل قدرته.

ونشر لأبن يونس فصول في الطول، العرض لبعض المدن في المناطق الجبلية، استخرجها المستشرق ويلنبروك UYLANBROEX وترجمها الى اللاتينية، ونشرها في ليدن سنة 1822.

فضلا عما تقدم ذكره من اثار ابن يونس غاية الانتفاع في معرفة الدوائر والسمت من قبل الارتفاع، التعديل المحكم جدول السمت، جداول في الشمس والقمر.