أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
1658
التاريخ: 31-8-2016
1217
التاريخ: 29-8-2016
1667
التاريخ: 31-8-2016
1545
|
وفيه جهات من البحث :
الاُولى : في معاني لفظ الأمر:
اعلم أنّ المعروف بين الاُصوليين أنّ لفظ الأمـر مشترك لفظـي ـ بما أنّـه لفـظ واحـد ـ بين الطلب الـذي هـو أمـر حـدثي وقابل للتصريف وبين غيره الذي ليس كذلك(1) .
وعن بعضهم : أنّه مشترك معنوي بينهما(2) .
ولكنّه غفلة وذهول ; لامتناع وجود جامع حقيقي بين الحدث وغيره . وعلى فرض وجوده لا يكون حدثياً حتّى يقبل الاشتقاق إلاّ بنحو من التجوّز .
كما أنّ القول باشتراكه لفظاً غير صحيح ; إذ الموضوع للحدث هي المادّة السارية في فروعها التي لم تتحصّل بهيئة خاصّة ، بل خالية عن جميع الفعليات والتحصّلات . والموضوع لمعان اُخر هو لفظ الأمر جامداً المتحصّل بهيئة خاصّة ، كلفظ الإنسان والحيوان .
وعليه : فالوضعان لم ينحدرا على شيء واحد حتّى يجعل من الاشتراك اللفظي ، بل على مادّة غير متحصّلة تارة ، وعلى اللفظ الجامد اُخرى . ولعلّ القائل بالاشتراك يرى مادّة المشتقّات هو المصدر ، وتبعـه غيره في ذلك ، من غير توجّه إلى تاليه .
ثمّ الظاهر ـ كما هو مقتضى التبادر ـ من قولنا «أمر فلان زيداً» أنّ مادّته موضوعة لجامع اسمي بين هيئات الصيغ الخاصّة بما لها من المعنى ، لا الطلب ولا الإرادة المظهرة ، ولا البعث وأمثالها .
ولا يبعد أن يكون المعنى الاصطلاحي مساوقاً للّغوي ; أي لا يكون له اصطلاح خاصّ ، مثلا إذا قال «اضرب زيداً» يصدق على قوله أ نّه أمره ، وهو غير قولنا : إنّه «طلب منه» أو «أراد منه» أو «بعثه» ; فإنّ هذه المفاهيم الثلاثة غير مفهوم الأمر عرفاً .
وبعبارة أوضح : أنّ مادّة الأمر موضوعة لمفهوم اسمي منتزع من الهيئات بمالها من المعاني ، لا بمعنى دخول المعاني في الموضوع له ، بل بمعنى أنّ الموضوع له جامع الهيئات المستعملة في معانيها ، لا نفس الهيئات ; ولو استعملت لغواً أو في غير معناها ، فالمعنى مفهوم اسمي مشترك بين الهيئات التي هي الحروف الإيجادية .
فإن قلت : البحث في لفظ الأمر الذي له معنى اشتقاقي ، وما ذكرت من الجامع يستلزم كونه غير قابل للتصريف .
قلت : ما ذكرنا من الجامع الاسمي بما أنّه قابل للانتساب والتصرّف يصحّ منه الاشتقاق ، كما أن الكلام واللفظ والقول مشتقّات باعتبار ذلك ، فلا إشكال من هذه الجهة بوجه . ولو سلّم أنّ الأمر لغةً بمعنى الطلب فالاشتقاق كما يمكن باعتباره كذلك يمكن باعتبار المعنى الاصطلاحي ; أي القول الخاصّ ، لكن باعتبار كونه حدثاً صادراً عن المتكلّم .
وما يقال : من أنّ المعنى الاصطلاحي غير قابل للتصريف(3) ناشٍ عن جعل لفظ الأمر بإزاء معنى محصّل الذي لا يصدق إلاّ على الصيغ المحصّلة ، وقد عرفت أنّ الاشتقاق منه باعتبار انتسابه وكونه حدثاً صادراً عن الآمر .
الثانية : في اعتبار العلوّ والاستعلاء في معنى الأمر:
الأقوى هو اعتبار العلوّ في معناه ; للتبادر ، ولـذا يذمّ العقلاء خطاب المساوي والسافل لمن هو مساو معه أو أعلى منه إذا كان بلفظ الأمر ، وهو آية أخذ العلوّ فيه .
نعم ، ليس المراد من العلوّ كونه عالياً واقعاً بأوصاف معنوية وملكات علمية ، بل هو أمر اعتباري له منشأ عقلائي ، يختلف بحسب الزمان والمكان ، ومداره : كون الشخص نافذاً كلمته ومسموعاً قوله واسعاً قدرته وعظمته ; بحيث يقتدر على إجراء أوامره وتكاليفه .
وعلى ذلك : فالملك المحبوس المتجرّد من النفوذ وإعمال القدرة لا يعدّ إنشاؤه أمراً بل التماساً ، ورئيس المحبس النافذ في محيطه يكون آمراً بالنسبة إليه .
والظاهر : أنّ الاستعلاء أيضاً مأخوذ فيه ، فلا يعدّ مكالمة المولى مع عبيده على طريق الاستدعاء والالتماس أمراً ، كما هـو واضح .
فحينئذ لا مناص عـن القول بأنّ معنى الأمر ومفهومه أمر مضيّق ، لا ينطبق إلاّ على أمر العالي المستعلي عند التحليل .
وربّما يقال : إنّ العلوّ والاستعلاء لم يعتبرا في معنى الأمر بنحو القيدية ، بل الطلب على قسمين; أحـدهما ما صدر بغرض أنّـه بنفسه يكون باعثاً بلا ضميمة مـن دعـاء والتماس ، فيرى الآمـر نفسه بمكان يكون نفس أمـره باعثاً ومحـرّكاً ، وهـذا الأمـر لا ينبغي صدوره إلاّ مـن العالي المستعلي ، وهـو غير الأخـذ في المفهوم(4) .
وفيه : أنّ عدم صدقه على غير العالي والمستعلي كاشف عن تضيّق مفهومه ; إذ لو أبقى على سعته كان عدم صدقه على غيرهما بلا ملاك .
وبالجملة : فالأمر دائر بين وضعه لمطلق القول الصادر ووضعه للصادر عن علوّ واستعلاء ، فعلى الثاني لا محيص عن الالتزام بتقييده بقيد حتّى لا يصدق على غيرهما ، وعلى الأوّل لا يتمّ قوله : إنّ الأمر الكذائي لا ينبغي صدوره خارجاً إلاّ من العالي المستعلي ، مع أنّ المفهوم باق على سعته .
الثالثة : في دلالة مادّة الأمر على الوجوب:
قد عرفت أنّ مادّة الأمر موضوع لمفهوم جامع بين الهيئات الصادرة عن العالي المستعلي ، فهل هو الموضوع له بقول مطلق أو ذاك مع قيد آخر ; أعني كونه صادراً على سبيل الإلزام والإيجاب ؟
والدليل الوحيد هو التبادر ، ولا يبعد موافقته للثاني ، ويؤيّده بعض الآيات(5) ، والرواية المأثورة عن النبي الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلَّم ـ «لولا أن أشقّ على اُمّتي لأمرتهم بالسواك»(6) ، وهو ظاهر في أنّ الأمر يوجب المشقّة والكلفة ، وهذا يساوق الوجوب دون الاستحباب . مضافاً إلى أنّ السواك مطلوب استحباباً ، فلو كان ذلك كافياً في صدق الأمر لما صدر منه ـ صلّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ذلك الكلام .
وما قاله بعض محقّقي العصر ـ بعد اختياره كون لفظ الأمر حقيقة في مطلق الطلب ـ أ نّه لا شبهة في ظهوره حين إطلاقه في خصوص الطلب الوجوبي ، ومنشأ ذلك إمّا غلبة استعماله في الوجوب أو قضية الإطلاق ، ولا وجه لدعوى الأوّل ; لكثرة استعماله في الاستحباب ، كما ذكره صاحب «المعالم»(7) ; فينحصر الوجه في الثاني ، ثمّ استقربه بوجهين(8) .
غير مفيد ، بل من الغرائب ; لأنّ ما ذكره صاحب «المعالم» إنّما هو في صيغة الأمر دون مادّته ، كما أنّ مورد التمسّك بالإطلاق هو صيغة الأمر دون مادّته .
____________
1 ـ الفصول الغروية : 62 / السطر35 ، نهاية الأفكار 1 : 156 .
2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 128 ، أجود التقريرات 1 : 86 .
3 ـ كفاية الاُصول : 82 .
4 ـ نهاية الاُصول : 86 .
5 ـ وهي قوله تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63].
6 ـ الفقيه 1 : 34 / 123 ، وسائل الشيعة 2 : 17 ، كتاب الطهارة ، أبواب السواك ، الباب 3 ، الحديث 4 .
7 ـ معالم الدين : 53 .
8 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 196 ـ 197
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|