أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2016
1500
التاريخ: 8-8-2016
1702
التاريخ: 5-8-2016
2038
التاريخ: 1-9-2016
1629
|
المفهوم عبارة عن قضية غير مذكورة مستفادة من القضية المذكورة عند فرض انتفاء أحد قيود الكلام ، وبينهما تقابل السلب والإيجاب بحسب الحكم .
ثمّ إنّ مسلك القدماء على ما استنبطه بعض الأكابر ـ دام ظلّه ـ(1) مخالف لما سلكه المتأخّرون من الاُصوليين ; فإنّ مشرب المتأخّرين هو استفادة الترتّب العلّي الانحصاري عن أدوات الشرط أو عن القضية الشرطية ; وضعاً أو إطلاقاً ، وليس دلالتها على ذلك بالمعنى الاسمي ; لأنّ معاني الأدوات والهيئات حرفية .
وحينئذ : يكون المفهوم على طريقتهم بحسب بعض الوجوه مـن اللوازم البيّنة للمعنى المستفاد من الكلام ، وتصير الدلالة لفظيـة ـ بناءً على كون الدلالة على الحصر بالوضع ـ لأنّ أدوات الشرط على فرض إفادتها المفهوم تدلّ على تعليق الجزاء على العلّـة المنحصرة ، ولازمـه البيّن الانتفاء عند الانتفاء . وعلى بعض الوجوه يكون طريقتهم كطريقة القدماء على ما سيأتي .
وأمّا على مسلك القدماء فليس من الدلالات اللفظية الالتزامية حتّى يكون من اللوازم البيّنة ; لأنّ الاستفادة مبنية على أنّ إتيان القيد بما أنّه فعل اختياري للمتكلّم يدلّ على دخالته في الحكم ، فينتفي الحكم بانتفائه ، وهذا لا يعدّ من الدلالة الالتزامية ، كاستفادة المفهوم من الإطلاق على مسلك المتأخّرين ، وسيجيء الفرق بين القولين .
ثمّ إنّ الحاجبي عرّف المنطوق بأنّه ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق ، والمفهوم بأنّه ما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق(2) .
ويمكن تطبيقه على كلا المسلكين :
أمّا على المسلك المنسوب إلى القدماء فبأن يقال : إنّه أراد من محلّ النطق الدلالات اللفظية مطلقاً ، وأراد من غيره دلالة اللفظ بما أ نّه فعل اختياري للمتكلّم على دخالته في موضوع الحكم، فدلّ على الانتفاء عند الانتفاء .
وأمّا على ما عليه المتأخّرون ـ بناءً على استفادة المفهوم من اللفظ الموضوع ـ فبأن يقال : إنّه أراد من دلالته في محلّ النطق دلالة المطابقة أو هي مع التضمّن ، ومن دلالته لا في محلّه دلالة الالتزام .
هذا ، ولا يبعد أن يكون مراده الثاني ; فإنّ ما يدلّ عليه اللفظ في محلّ النطق هو الدلالة المطابقية ـ أي ما هو موضوع ـ وأمّا دلالته على اللازم فبواسطة دلالته على المعنى المطابقي ، فليس دلالته عليه في محلّ النطق .
فإذا قال المتكلّم : «الشمس طالعة» فالذي دلّ عليه لفظه في محلّ النطق هو طلوع الشمس ; لأنّ لفظه قالب لهذا المعنى بحسب الوضع ، وأمّا وجود النهار فقد دلّ عليه لفظه أيضاً مع عدم التنطق به وعدم الوضع له .
وبما ذكرنا يمكن استظهار أنّ المختار عند القدماء هو المختار عند المتأخّرين ، وأنّه لا اختلاف بين المسلكين ; إذ من البعيد اتّكاؤهم في استفادة المفهوم على صرف وجود القيد مع كونه ظاهر الفساد ، فما نسب إلى القدماء محلّ شكّ ، بل منع كما سيجيء .
ثمّ إنّ كون المفهوم من صفات الدلالة أو المدلول ربّما يكون بحسب الاعتبار والإضافة ; لأنّ دلالة اللفظ على المعنى المطابقي دلالة منطوقية ، ودلالته على المعنى الالتزامي دلالة مفهومية، كما أنّ المدلول إمّا منطوق يفهم من محلّ النطق أو مفهوم يفهم لا من محلّ النطق ; وإن كان الأشبه هو الثاني .
وليعلم : أنّ النزاع في المفهوم على مسلك المتأخّرين نزاع صغروي ; لأنّ محصّل البحث يرجع إلى أنّه هل للقضية الشرطية مفهوم ، وأنّها تدلّ على العلّة المنحصرة ، أو لا ; بحيث لو ثبت له المفهوم لم يكن محيص عن كونه حجّة ؟
وأمّا على رأي القدماء : فربّما يقال إنّه كبروي ; لأنّ المفهوم على هذا لمّا لم يكن في محـلّ النطق ، وليس مـن المدلولات اللفظيـة فحينئذ يقع النزاع في أ نّـه هـل يمكن الاحتجاج عليه أو لا يمكن ; لأجل عـدم التنطّق به ؟ فإذا قال «إذا جاءك زيد فأكرمه» يفهم منه أ نّه إذا لم يجئ لا يجب الإكرام ، لكن لا يمكن الاحتجاج به على المتكلّم بأنّك قلت كذا ; لأنّـه لو سئل عنه عـن فائـدة القيد ، له أن يعتذر بأعذار(3) .
وفيه : أنّ كون المفهوم مسلّماً وجوده في الكلام عند القدماء لا يناسب ظواهر كلماتهم ; لأنّك ترى أنّ المنكر يردّ على المثبت بأنّ الصون لا ينحصر في استفادة الانتفاء عند الانتفاء ، بل يحصل باُمور اُخر ; من وقوعه مورد السؤال أو كونه مورد الابتلاء ، فما هو الممنوع هو أصل الاستفادة .
وإن شئت فطالع ما نقل(4) عن السيّد المرتضى من أنّ تأثير الشرط إنّما هو تعليق الحكم به ، وليس بممتنع أن ينوب عنه شرط آخر ... الى آخره(5) ; فإنّ ظاهره يحكي عن أنّ المستفاد من الشرط دخالته ، لا عدم دخالة شرط آخر حتّى يفيد المفهوم ، فهو حينئذ ينكر المفهوم لا حجّيته بعد ثبوته .
وبالجملة : أنّ القائل بالمفهوم على مسلك القدماء ـ على فرض صحّة النسبة ـ يدّعي أنّ إتيان القيد الزائد بما أ نّه فعل اختياري يدلّ على كون القيد ذا دخل في ترتّب الحكم وداخلاً في موضوعه ، ومع عدمه لا ينوب عنه شيء ، والمنكر إنّما ينكر هذه الدلالة لا حجّيتها .
ثمّ إنّك لو قد تدبّرت عبائر السيّد تعرف : أنّ مسلك القدماء هو عين ما اختاره المتأخّرون ; حيث يظهر منه أنّ مدّعي المفهوم يدّعي دلالة الكلام على عدم نيابة قيد آخر مناب القيد المذكور، وهو عين ما سلكه المتأخّرون ، وهو شاهد آخر على اتّحادهما ، مضافاً إلى ما عرفت، ويرشدك إليه استدلال النافين بمنع الدلالات .
_____________
1 ـ لمحات الاُصول : 267 ـ 269 .
2 ـ شرح العضدي على مختصر ابن الحاجب : 306 .
3 ـ لمحات الاُصول : 267 ـ 268 .
4 ـ معالم الدين : 78 .
5 ـ الذريعة إلى اُصول الشريعة 1 : 406 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|