المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



انتقال الامام إلى حظيرة القدس  
  
3828   09:15 صباحاً   التاريخ: 2-8-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الرضا (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص373-376.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن موسى الرّضا / شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة /

امتحن الامام امتحانا عسيرا في تقلده لولاية العهد فقد ضيق عليه المأمون غاية التضييق ففرض عليه الرقابة الشديدة و احاطه بقوى مكثفة من الأمن و قد سئم الامام من الحياة و راح يدعو اللّه تعالى أن ينقله من دار الدنيا إلى دار الخلود قائلا: اللهم إن كان فرجي مما أنا فيه بالموت فعجل لي الساعة  .

و استجاب اللّه دعاء وليه العظيم فنقله من دار الدنيا المحفوفة بالمكاره و الآلام الى دار الحق و نعرض إلى كيفية وفاته فقد دعا الامام (عليه السّلام) في غلس الليل البهيم هرثمة بن أعين فلما مثل عنده قال له: يا هرثمة هذا أوان رحيلي إلى اللّه تعالى و لحوقي بجدي و آبائي (عليهم السّلام) و قد بلغ الكتاب أجله و قد عزم هذا الطاغي - يعني المأمون- على سمي في عنب و رمان مفروك فأما العنب فانه يغمس السلك في السم و يجذبه بالخيط بالعنب و أما الرمان فانه يطرح السم في كف بعض غلمانه و يفرك الرمان بيده ليتلطخ حبه في ذلك السم و انه سيدعوني في اليوم المقبل و يقرب إلي الرمان و العنب و يسألني اكلها فاكلها ثم ينفذ الحكم و يحضر القضاء ؛ فاذا أنا مت فسيقول: أنا أغسله بيدي فاذا قال: ذلك فقل له عني: بينك و بينه أنه قال لي: لا تتعرض لغسلي و لا لتكفيني و لا لدفني فانك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما أخر عنك و حل بك أليم ما تحذر فانه سينتهي.

و أضاف الامام قائلا: فاذا خلى بينك و بين غسلي حتى ترى فيجلس في علو من ابنيته مشرفا على موضع غسلي لينظر فلا تتعرض يا هرثمة لشيء من غسلي حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضرب في جانب الدار فاذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي انا فيها وضعني من وراء الفسطاط وقف وراؤه و يكون من معك دونك و لا تكشف عني الفسطاط حتى تراني فتهلك.

و انه - اي المأمون- سيشرف عليك و يقول لك : يا هرثمة أ ليس زعمتم أن‏ الامام لا يغسله إلا إمام مثله فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى و ابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز و نحن ب (طوس)؟

فاذا قال ذلك: فقل له: إنا نقول: ان الامام لا يجب أن يغسله إلّا إمام مثله فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله و لا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه و لو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)  بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا و لا يغسله الآن أيضا إلّا هو من حيث يخفى فاذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في اكفاني فضعني على نعشي و احملني فاذا اراد أن يحفر قبري فانه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري و لا يكون ذلك ابدا فاذا ضربت المعاول ينب عن الأرض‏  و لم يحفر لهم منها شي‏ء و لا مثل قلامة ظفر فاذا اجتهدوا في ذلك و صعب عليهم فقل لهم عني: اني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد فاذا ضربت تقذفه في الأرض إلى قبر محفور و ضريح قائم فاذا انفرج القبر فلا تنزلني حتى يفور من ضريحه الماء الأبيض فيمتلى‏ء منه ذلك القبر  فاذا غار الماء فانزلني في ذلك القبر و الحدني في ذلك الضريح‏ .

و أمر الامام (عليه السّلام) هرثمة بحفظ ما قاله فاجابه هرثمة إلى ما اراد و في اليوم الثاني بعث المأمون خلف الامام فلما حضر عنده قام إليه فعانقه و قبل ما بين عينيه و اجلسه إلى جانبه و اقبل عليه يحادثه و امر بعض غلمانه أن يأتيه بعنب و رمان قال هرثمة: فلم استطع الصبر و اصابتني رعدة.

و ناول المأمون الامام العنقود من العنب و قال له: يا بن رسول اللّه ما رأيت عنبا احسن من هذا؟ .

فرد عليه الامام: ربما كان عنبا حسنا منه في الجنة .

و طلب من الامام أن يتناول منه شيئا فامتنع (عليه السّلام) منه فصاح المأمون: لعلك تتهمنا بشي‏ء؟ .

و تناول المأمون ثلاث حبات ثم رمى به و قام فقال له المأمون: الى اين؟ .

فنظر إليه الامام و قال له بنبرات خافتة: الى حيث وجهتني  .

و سارع الامام إلى الدار و قد تفاعل السم في جميع أجزاء بدنه و قد ايقن بنزول الرزء القاصم و بعث إليه المأمون يطلب منه وصيته و نصيحة له فقال (عليه السّلام) لرسوله: قل له: يوصيك أن لا تعطي أحدا ما تندم عليه  .

و سرى السم في جميع أجزاء بدن الامام و أخذ يعاني من أقسى الآلام و قد علم ان لقاءه بربه لقريب فأخذ يتلو آيات من الذكر الحكيم و يستغفر اللّه تعالى و يدعو للمؤمنين و يقول الرواة: انه لما ثقل حاله امتنع أهل بيته و اصحابه من الأكل و الشرب فالتفت (عليه السّلام) الى ياسر و قال له: هل اكل الناس شيئا؟ .

فرد عليه بصوت خافت حزين النبرات قائلا: من يأكل مع ما أنت فيه.

فانتصب (عليه السّلام) ثم قال: هاتوا المائدة و لم يدع أحدا من حشمه إلّا اجلسه على المائدة و جعل يتفقد واحدا بعد واحد و لما فرغوا من تناول الطعام أمر بحمله إلى النساء و لما فرغوا من الأكل أغمي عليه‏ .

و في غلس الليل البهيم كان الامام يتلو آيات من الذكر الحكيم و كان آخر آية قرأها قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] ثم فاضت نفسه الزكية إلى بارئها تحفها ملائكة الرحمن و تستقبلها في رياض الخلد ارواح الأنبياء و الاوصياء لقد اظلمت الدنيا بفقده و اشرقت الآخرة بقدومه و كانت وفاته رزأ على العلماء و الفقهاء و رجال الفكر الذين كانوا ينتهلون من نمير علومه كما كانت وفاته رزأ شعبيا عاما فقد فقدت الأوساط الشعبية من كان يسهر على مصالحهم و يناضل عن قضاياهم.

لقد انتقل الامام إلى حظيرة القدس بعد ما ادى رسالة ربه فلم يشترك باي عمل ايجابي في جهاز دولة المأمون و رفض أي تعاون معه و قد سلب بذلك شرعية حكومة المأمون و انها لم تكن قائمة على حكم اللّه تعالى و قد عانى من أجل ذلك جميع الوان الاضطهاد حتى قضى عليه المأمون.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.