المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



المستصحب اما كليا أو شخصيا  
  
819   10:04 صباحاً   التاريخ: 1-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج4. ص.114
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /

المستصحب اما ان يكون كليا أو شخصيا  (وعلى الثاني) اما ان يكون فردا معينا قد شك في بقائه، أو يكون فردا مرددا من طبيعة واحدة أو طبيعتين أو طبائع، كما انه على الاول (تارة) يكون الشك في بقاء الكلي من جهة الشك في بقاء الفرد الذي كان الكلي متحققا في ضمنه (واخرى) من جهة تردد الخاص الذي كان الكلي في ضمنه بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مقطوع البقاء، كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر مع فعل ما يوجب رفع الحدث الاصغر، والحيوان المردد بين كونه قصير العمر أو طويله مع مضى زمان يقطع عادة بعدم بقاء القصير في طول هذا الزمان (وثالثة) من جهة احتمال وجود فرد آخر للكلى غير الفرد الذي علم بحدوثه وارتفاعه، (وهذا) ايض على قسمين، فان الفرد الآخر المحتمل، تارة يحتمل وجوده في زمان الفرد الآخر، واخرى يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاعه، وذلك ايضا (تارة) في الافراد المتواطئة (واخرى) المشككة (ثم) الاثر الشرعي في فرض كون المستصحب من الموضوعات (تارة) مترتب على نفس الكلي والجامع بين الفردين (واخرى) على احد الفردين بلا ترتبه على عنوان الجامع (وثالثة) على كل منهما، فهذه جهات وصور لهذا التقسيم.

ولنقدم الكلام في الاستصحاب الشخصي (فنقول): اما إذا كان المستصحب شخصا معينا فلا اشكال في صحة استصحابه لتمامية اركانه جميعا من اليقين السابق والشك اللاحق .

(واما) إذا كان شخصا مرددا بين الشخصين كأحد الفردين أو الانائين في مثال العلم الاجمالي بوجوب احدهما أو نجاسته (فتارة) يكون الشك في بقاء المعلوم بالإجمال من جهة ارتفاع احد الفردين أو خروجه عن الابتلاء (واخرى) من غير تلك الجهة (فان كان) الشك في البقاء من جهة ارتفاع احد فردي الترديد، فلا يجري فيه الاستصحاب (لا لتوهم) عدم اجتماع اركانه فيه من اليقين بالوجود والشك في البقاء (بل لعدم) تعلق اليقين والشك بموضوع ذي اثر شرعي (لانه) يعتبر في صحة التعبد بالشيء تعلق اليقين والشك به بالعنوان الذي يكون بذلك العنوان موضوعا للأثر الشرعي، والا فلا يكفى تعلق الشك بغيره من العناوين التي لم يكن كذلك (والاثر الشرعي) في امثال المقام انما هو لمصداق الفرد بماله من العنوان التفصيلي، كصلاة الظهر والجمعة، والقصر والتمام، ونجاسة هذا الاناء وذاك الآخر بواقعه وعنوانه التفصيلي، ومثله مما اختل فيه احد اركانه وهو الشك في البقاء، لكونه بين ما هو مقطوع البقاء وبين ما هو مقطوع الارتفاع، بل ويختل فيه كلا ركنيه جميعا (واما العنوان) الاجمالي العرضي، كعنوان احد الفردين أو الفرد المردد، أو ما هو موضوع الاثر ونحوها من العناوين العرضية الاجمالية، فهي وان كانت متعلقة لليقين والشك، ولكنها باسرها خارجة عن موضوع الاثر (إذ لم يترتب) اثر شرعي في الادلة على شيء من هذه العناوين العرضية، فلا يجرى الاستصحاب حينئذ لا في العنوان الاجمالي، ولا في العناوين التفصيلية، لانتفاء الاثر الشرعي في الاول، وانتفاء الشك في البقاء في الثاني.

(وبهذه) الجهة منعنا عن جريان الاستصحاب في المفاهيم المجملة المرددة بين المتباينين أو الاقل والاكثر، كالشك في مفهوم زيد المردد بين زيد بن عمرو وزيد ابن خالد، والشك في ان النهار تنتهى بغياب القرض أو بذهاب الحمرة المشرقية، والشك في مفهوم الرضاع الموجب لنشر الحرمة في انه ما بلغ عشر رضعات، أو خمسة عشر رضعة، وفي مفهوم الكر المردد قدره بين ما يساوي سبعة وعشرين شبرا، أو ثلاثة واربعين تقريبا، إلى غير ذلك من الامثلة، فلا يصح استصحاب المفهوم المردد بين المفهومين بعد موت زيد بن عمرو، ولا استصحاب النهار بعد غياب القرض، ولا استصحاب عدم تحقق الرضاع المحرم بعد تحقق عشر رضعات، ولا عدم كرية الماء بعد بلوغه الحد الاول، كل ذلك لم ذكرنا من انتفاء الاثر الشرعي فيما هو المشكوك، وانتفاء الشك في البقاء فيما له الاثر الشرعي، لكونه دائرا بين المقطوعين(وبذلك) ايضا يتضح الفرق بين الفرد المردد، وبين القسم الثاني من الكلي، كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر (فان) صحة الاستصحاب هناك انما هو من جهة ان لنفس الكلى اثر شرعي وهو المانعية عن الصلاة مثلا، بخلاف الفرد المردد، فان الاثر الشرعي فيه انما يكون للشخص لا لعنوان احد الشخصين والفرد المردد (وهذه) الجهة هي العمدة في الفرق بين المقامين، لا بصرف كون الجامع المتعلق للشك واليقين ذاتيا هناك وعرضيا هنا (ولذا) لو فرض ترتب اثر شرعي هنا ايضا على مثل هذا الجامع العرضي نقول: فيه بجريان الاستصحاب (كما) ان في طرف الكلى لو كان الاثر الشرعي لنفس الحصة أو الفرد لا للكلي والجامع الذاتي بين الفردين نقول فيه بعدم جريان الاستصحاب.

(وتوهم) ان الاصل انما لا يجرى في الفرد المردد إذا كان العنوان الاجمالي بما هو هو وفي حيال ذاته مقصودا في الاستصحاب (واما) إذا كان ملحوظا على وجه الطريقية والمشيرية إلى ما هو الموضوع للأثر بنحو الاجمال، فلا محذور في استصحابه، لانه بهذا اللحاظ يكون وسيلة لإيصال التعبد بالبقاء إلى ما هو الموضوع للأثر الشرعي (مدفوع) بانه لو سلم ذلك فانما هو في فرض قابلية ما يحكى عنه العنوان الاجمالي لأعمال التعبد فيه، والمفروض عدم قابليته لذلك، لعدم تعلق الشك بعنوان من العناوين التفصيلية (فانه) ان اخذ كونه وجها وعنوانا لهذا الفرد كان مقطوع البقاء (وان) اخذ كونه عنوانا للفرد الآخر كان مقطوع الارتفاع (فعلى كل تقدير) لاشك في البقاء الا بعنوان احد الفردين أو الفرد المردد أو بغيرهما من العناوين الاجمالية العرضية، وبعد خروج مثلها عن حيز الاثر الشرعي فلا يجرى الاستصحاب فيه كما هو ظاهر.

(ومن التأمل) فيما ذكرنا ظهر الحال فيما لو كان الشك في بقاء الفرد المردد من غير جهة اليقين بارتفاع احد الفردين، كما لو علم اجمالا بنجاسة احد الانائين مع احتمال زوال نجاسته بورود مطهر عليه من مطر ونحوه، فانه على ما ذكرن لا يجرى فيه الاستصحاب ايضا، لا في العنوان الاجمالي، لاعتبار قيد الاثر في متعلقه، ولا في كل واحد من الانائين، لانتفاء اليقين بالنجاسة بالنسبة اليهما (لان) اليقين انما تعلق بأحدهما اجمالا المردد انطباقه على هذا الاناء وذاك الآخر (وبعد) احتمال طهارة كلا الانائين فعلا، يرجع فيهما إلى قاعدة الطهارة، بل استصحابها لاجتماع اركانه فيهما من اليقين بالطهارة والشك في البقاء، (وان ابيت) الا عن جريان استصحاب النجاسة في هذه الصورة فليكن ذلك بإجرائه في كل واحد من الطرفين لا في العنوان الاجمالي الذي لا اثر له (بتقريب) استتباع العلم الاجمالي المزبور لليقين بنجاسة كل واحد منهما في فرض انطباق المعلوم عليه، فانه مع هذا اليقين المنوط بكل واحد منهم يتحدد متعلق الشك واليقين فيهما فيجرى فيهما الاستصحاب، وبالعلم الاجمالي بتحقق المعلق عليه في احدهما يعلم بتنجز احد الاستصحابين فيترتب عليه الاثر فتأمل (ولكن) مثل هذا التقريب لا يجري في فرض اليقين بارتفاع احد الفردين، إذ لا يعلم بتحقق المعلق عليه في طرف المشكوك الباقي، كي يترتب عليه اثر عملي كما هو ظاهر.

(ثم ان) ما ذكرنا من المنع المذكور لا يختص بالاستصحاب، بل يجري في عامة الاصول، لاطراد وجه المنع في جميعه (ويترتب) على ذلك انه لو صلى عند اشتباه القبلة إلى الجهات الاربع وبعد الفراغ منه علم بفساد واحدة منها معينة، فانه على ما ذكرنا لا يجوز الاكتفاء بالبقية في تفريغ الذمة، بل تجب اعادة تلك الصلاة بعينها، لعدم جريان قاعدة الفراغ في العنوان الاجمالي المردد، كالصلاة إلى القبلة المرددة، أو ما هو المأمورية بهذا العنوان الاجمالي، وعدم اثمار جريانها في البقية لعدم العلم بان القبلة فيها (بخلاف) ما إذ علم بفساد واحدة منها مرددة، فانه لا يجب اعادة الصلاة، لجريان قاعدة الفراغ بالنسبة إلى كل واحدة من الصلوات المأتية (فان) كل واحدة منها في فرض كونها إلى القبلة مما يشك في صحته وفساده بشك حادث بعد الفراغ فتجري فيها القاعدة (غاية الامر) يعلم اجمالا بمخالفة احد هذه الاصول للواقع، وهو ايضا غير ضائر لاحتمال كون الفاسدة هي المأتية إلى غير القبلة (ومثل هذا) التفصيل من نتائج عدم جريان الاصل في العنوان الاجمالي المردد، لاختصاص موضوعه بالشك المتعلق بماله الاثر بعنوانه التفصيلي (والا) فعلى فرض اطلاقه بالنسبة إلى الشك بكل عنوان لا مجال للتفصيل المزبور (بل اللازم) هو المصير إلى جريان القاعدة حتى في فرض العلم بفساد واحدة منها معينة (إذ حينئذ) يصدق الشك في صحة ما هو المأمور به وفساده بهذا العنوان الاجمالي بشك حاصل بعد الفراغ، مع انه لا يظن التزامه من احد، وعليه فلا يتم التفصيل المزبور بين فرضي المسألة الا بما ذكرناه.

(ثم انه) لو قلنا بكفاية مرآتية العنوان الاجمالي المشكوك لما له الاثر الشرعي في صحة التعبد ببقائه، لا يرد عليه اشكال بعض الاعاظم قده باختلاله في احد اركانه، لانتقاء الشك ببقاء العنوان المردد بما هو كذلك بعد العلم بارتفاع احد الفردين وبقاء الاخر، واستلزامه التعبد بما هو معلوم البقاء وبما هو معلوم العدم (بتقريب) ان معنى استصحاب الفرد المردد انما هو التعبد ببقاء الحادث على ما هو عليه من الترديد وهو يقتضي الحكم ببقاء الحادث على كل تقدير سواء كان هو الفرد الزائل أو الباقي وهو ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير وبقائه على تقدير آخر (إذ فيه) ان هذا الاشكال يتجه في فرض سراية اليقين والشك من متعلقه الذي هو العنوان الاجمالي إلى عناوين الاطراف التفصيلية (والا) ففي وقوفهما على العنوان الاجمالي وعدم سرايتهما إلى العناوين التفصيلية ولا إلى المعنونات الخارجية كما حققناه في مبحث البرائة والاشتغال بشهادة اجتماع الشك واليقين في العلوم الاجمالية، فلا مجال لهذ الاشكال، (فانه) كما ان اليقين الاجمالي بالعنوان المردد لا ينافي الشك التفصيلي بكل واحد من الاطراف بل يجتمع معه (كذلك) الشك الاجمالي ببقاء العنوان المزبور لا ينافى اليقين التفصيلي بارتفاع بعض الاطراف وبقاء البعض الاخر، ومعه لا قصور في استصحاب العنوان المردد لاجتماع اركانه فيه من اليقين السابق والشك اللاحق (فانه) من جهة احتمال انطباقه على الفرد الزائل يشك في بقاء ما تعلق به اليقين السابق فيجري فيه التعبد بالبقاء من دون اقتضائه التعدي إلى العناوين التفصيلية كي يلزم التعبد بما هو معلوم الوجود وما هو معلوم العدم (كيف) وان التعبد الاستصحابي تابع يقينه وشكه وبعد عدم تعديهما من العنوان الاجمالي إلى العناوين التفصيلية لا يكاد يتعدى التعبد بالبقاء ايضا عن مورد يقينه وشكه كما هو ظاهر (ولعمري) ان المنشاء كله للأشكال المزبور انما هو تخيل اعتبار كون المستصحب في الفرد المردد مشكوك البقاء في الزمان المتأخر بجميع عناوينه حتى بعنوانه التفصيلي المنطبق على الفرد الزائل أو الباقي (ولكنه) كما ترى فان القدر المستفاد من قوله (عليه السلام) لا تنقض اليقين بالشك انما هو اعتبار مجرد تعلق الشك في الزمان المتأخر بعين ما تعلق به اليقين السابق من العنوان، فإذا كان المتعلق للعلم هو العنوان الاجمالي المردد انطباقه على احد الفردين، يكون معنى الشك فيه عبارة عن الشك ببقاء ذاك العنوان المردد انطباقه على احد المعلومين، لا ان معناه كونه مشكوك البقاء بجميع العناوين حتى بالعنوان التفصيلي المنطبق على الفرد الزائل أو الباقي (كيف) ولازم البيان المزبور هو الاشكال في استصحاب القسم الثاني من الكلى المردد بين القصير والطويل. (فانه) بعد ان كان الكلي بعروض التشخصات عليه يتحصص في الخارج بحصص متعددة بحيث يصير مع كل شخص وخصوصية حصته من الطبيعي غير الحصة الاخرى مع شخص فرد آخر، كما اشتهر بان مع كل فرد اب من الطبيعي، لان نسبة الطبيعي إلى الافراد كنسبة الآباء إلى الاولاد، لا كالأب الواحد، فلا محالة يكون مرجع العلم الاجمالي في الكلى إلى العلم بحدوث حصة من الطبيعي متخصصة بخصوصية خاصة مرددة بين كونها مقطوع الارتفاع وبين كونها مقطوع البقاء، فيجئ فيه ايضا ما في الفرد المردد من الاشكال (وهو) كما ترى (إذ هو) مع كونه خلاف ما عليه المعظم، لا يلتزم به المستشكل المزبور ايضا (وحينئذ) فكما يدفع الاشكال في الكلى بعدم اضرار اليقين بارتفاع احد الفردين وبقاء الآخر في اركان استصحابه، بدعوى تعلق اليقين والشك فيه بالجامع الاجمالي المحتمل الانطباق على كل واحد من الفردين لا بالعناوين التفصيلية، ولا بالمحكيات الخارجية، فلا ينافي اليقين بارتفاع احد الفردين وبقاء الآخر مع اجتماع اليقين والشك في نفس الكلى والجامع المحتمل الانطباق على كل واحد من الفردين (كذلك) يدفع به الاشكال في الفرد المردد (إذ لا فرق) بينهما الا من جهة كون الجامع المتعلق للعلم ذاتيا في الكلي وعرضيا في الفرد المردد، وهو ايضا غير فارق بعد وقوف اليقين في المقامين على نفس الجامع الاجمالي وعدم سرايته إلى الخارج ولا إلى العناوين التفصيلية للأفراد (ولازم) ذلك بعد تعلق الشك ببقاء العنوان المزبور ولو من جهة الشك في انطباقه على الفرد الزائل أو الباقي هو جريان الاستصحاب فيه بعين جريانه في الكلى، لولا شبهة انتفاء الاثر الشرعي فيه (وقد تقطن) المستشكل المزبور لهذ الاشكال في الكلى، فأورد على نفسه بان اليقين في الكلى ايضا لم يتعلق الا بحدوث حصة من الكلى متخصصة بخصوصية خاصة وتلك الحصة امرها يدور بين ما يكون مقطوع البقاء، وما يكون مقطوع الارتفاع فيكون حال الكلى الموجود في ضمن الفرد المردد حال نفس الفرد المردد (ولكنه) اجاب عنه بان وجود الكلى وان كان بوجود الفرد وزواله بزواله، الا انه ليس الكلى مما ينتزع عن الفرد، بل هو متأصل الوجود في الخارج على ما هو التحقيق من وجود الكلى الطبيعي، ومن دون فرق بين الامور العينية التكوينية، وبين الامور الاعتبارية أو الشرعية (فالعلم) بوجود الفرد المردد يكون منشاء للعلم بوجود الكلى والقدر المشترك خارجا، وارتفاع احد الفردين يصير منشاء للشك في بقاء الكلى، فيثبت كلا ركني الاستصحاب (اقول): وفيه ان المقصود من تأصل الكلى الطبيعي في الخارج، ان كان وجوده في ضمن الفرد بوجود شخصي مستقل قبال الخصوصيات الفردية، ففساده اوضح من ان يبين، فان لازمه اتحاد جميع الافراد المتحدة مع الطبيعي في وجود واحد شخصي (وان كان) المقصود وجوده بوجود نوعي أو جنسي، فهو اوضح فسادا، بداهة انه لا وجود للكلى بوصف الكلية الصادقة على الكثيرين في الخارج وانما صقعه بهذا النحو في موطن الذهن لا الخارج، فالخارج هو موطن الحصص المعروضة للتقيدات والتفحصات (وان كان) المقصود من وجوده باعتبار وجود حصصه المقرونة بالخصوصيات الفردية، نظرا إلى تكثر الطبيعي في الخارج بعروض التشخصات عليه وتحصصه بحصص متعددة بنحو يصير مع كل فرد حصة من الطبيعي تغاير الحصة الاخرى الموجودة في ضمن الفرد الآخر، غاية الامران العقل ينتزع من هذه الحصص بلحاظ وحدتها السنخية وكونها تحت جنس واحد وفصل فارد مفهوما واحدا فيناله في الذهن بنحو الكلية الصادقة على الكثيرين، فهو متين جدا (ولكن) يتوجه عليه سؤال الفرق بين الكلي وبين الفرد المردد، في انه بعد عدم اضرار اليقين بارتفاع احدى الحصتين وبقاء الاخرى في اركان الاستصحاب في الكلي ولو من جهة دعوى تعلق اليقين بنفس الكلى بصورته الذهنية ووقوفه على الجامع المحتمل الانطباق في الخارج على كل واحد من الفردين، وعدم سرايته إلى عناوين الحصص الفردية (فليكن) كذلك في الفرد المردد، لان فيه ايضا يكون اليقين متعلقا بالجامع العرضي والعنوان الاجمالي المحتمل الانطباق على كل واحد من الفردين المعلوم ارتفاع احدهما وبقاء الآخر (إذ لا فرق) بينهما الا بصرف كون الجامع المعروض للعلم ذاتيا في احدهما وعرضيا في الآخر (وتوهم) ان الوحدة السنخية بين الحصص التي هي منشأ انتزاع مفهوم واحد بعد ان تكون جهة زائدة عن الحصص فلا بد من وجودها خارجا، فلا يمكن انتزاع مفهوم واحد منها مع تغاير كل واحدة من الحصص مع الاخرى (مدفوع) بمنع كونها جهة زائدة عنها بنحو يكون لها وجود مستقل قبال وجودات الحصص، بل هي جهة ذاتية لها وان وجودها بعين وجود الحصص لا بوجود زائد عن وجوده كما هو واضح (ولعله) إليه نظر من يقول بان وجود الطبيعي بمعنى وجود افراده فيكون المقصود عينية وجوده مع وجود حصصه المحفوظة في ضمن الافراد وانه لا وجود له مستقل في الخارج في قبال وجودات الحصص، لا ان المقصود هو عينية وجوده لوجود افراده، وال فمن الواضح انه بالنسبة إلى الافراد يكون وجوده ضمنيا لا عينيا (وحينئذ) فالعمدة في الاشكال على استصحاب الفرد المردد ما ذكرناه من انتفاء الاثر الشرعي فيما تم فيه اركانه وهو العنوان الاجمالي العرضي وعدم تمامية اركانه فيما له الاثر الشرعي هذا كله في استصحاب الفرد المردد (واما الاستصحاب الكلى) فهو على اقسام. (القسم الاول) استصحاب الكلي المتحقق في ضمن فرد بعينه كالانسان المتحقق في ضمن زيد ولا اشكال في صحة استصحابه (فانه بعد) ما يلازم العلم بوجود الفرد للعلم بوجود الكلى المتحقق في ضمنه ويلازم الشك في بقاء الفرد للشك في بقاء الكلى، فلا محاله يجرى الاستصحاب في كل من الفرد والكلى لتمامية اركانه فيهما (نعم) لا بد في صحة الاستصحاب من لحاظ ما يترتب عليه الاثر الشرعي، فان الاثر الشرعي تارة يكون لكل من الفرد والكلي، واخرى لخصوص الكلى دون الفرد، وثالثة بعكس ذلك، ورابعة يكون الاثر لمجموع الفرد والكلى بنحو يكون كل من الفرد والكلى جزء الموضوع للأثر (فعلى الاول) يجرى الاستصحاب في كل من الفرد والكلى، ويترتب على استصحاب كل منهما اثره الخاص (وعلى الثاني) يجرى الاستصحاب في خصوص الكلى دون الفرد (وعلى الثالث) بالعكس (وعلى الرابع) يجرى الاصل في كل من الفرد والكلى باعتبار اثره الضمني على ما هو والتحقيق من كفاية هذا المقدار من الاثر في صحة التعبد بالشيء كما يجرى في مجموع الفرد والكلى. (القسم الثاني من اقسام الكلى)استصحاب الكلى المتيقن وجوده في ضمن احد الفردين الذين يعلم بزوال احدهما بعينه على تقدير حدوثه وبقاء الآخر كذلك، كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر، والحيوان المردد بين قصير العمر وطويله، حيث انه بارتفاع احد الفردين يشك في بقاء الكلى المتيقن وجوده في ضمن احدهما (ولا ينبغي الاشكال) في جريان الاستصحاب في هذا القسم ايضا لتمامية اركانه فيه من اليقين السابق والشك اللاحق، فان العلم بحدوث احد فردي الترديد علم بوجود الكلى والقدر المشترك بينهما، والقطع بزوال احد الفردين لو كان هو الحادث وبقاء الاخر كذلك موجب للشك في بقاء الكلي، لاحتمال ان يكون الحادث هو الفرد الباقي الذي يلازم بقائه بقاء الكلى (فإذا) كان الكلي بنفسه اثرا شرعيا أو موضوعا لأثر شرعي، كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر، الحيوان المردد بين قصير العمر وطويله، فيجري فيه الاستصحاب، ويترتب على استصحابه ماله من الآثار، كالمانعية عن الدخول في الصلاة وحرمة مس كتابة القرآن في نحو الحدث المردد (نعم) لا يترتب على استصحابه الآثار الشرعية المترتبة على خصوصية الفرد من نحو حرمة الدخول في المسجد والمكث فيه وحرمة قراءة العزائم، لانها من آثار كون الحادث هو الحدث الاكبر والاصل الجاري في الكلي القدر المشترك لا يثبت مثل تلك الآثار.

(ثم) لا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون العلم بوجود الكلي المردد بين الفردين قبل العلم بارتفاع احد فردي الترديد، وبين ان يكون بعد العلم بارتفاعه، كما لو خرج منه بلل تخيل كونه بولا فتوضأ ثم بعد ذلك حصل له العلم الاجمالي بان البلل بول أو مني، كما لا فرق بين ان يكون الاثر مترتبا على صرف وجود الكلي، وبين ان يكون مترتبا على وجود الساري على اشكال في الاخير كما سنذكره (وتوهم) خروج الفرض الاول عن مجرى الاستصحاب بلحاظ ان اثر المانعية عن الدخول في الصلاة وعدم جواز مس كتابة القران مترتب بنفس العلم الاجمالي بالحدث المردد بين الاصغر والاكبر في المرتبة السابقة عل تحقق موضوع الاستصحاب وهو الشك في بقاء الحادث خصوصا على القول بعلية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية، فيكون فعل ما يوجب رفع الحدث الاصغر بمنزلة تلف احد الاطراف بعد العلم الاجمالي في تأثيره في التنجيز، فلا ينتهي التوبة معه إلى اثبات المانعية باستصحاب بقاء الحدث (مدفوع) غاية الدفع، فان مجرد علية العلم الاجمالي لحكم العقل بالاشتغال ووجوب الموافقة القطعية لا يمنع عن جريان استصحاب الحدث بعد حكومة الاصل المزبور على قاعدة الاشتغال نعم ثمرة الاستصحاب تظهر في صورة حدوث العلم الاجمالي بعد تلف احد الفردين ولكن ذلك لا يقتضي تخصيص جريانه في هذه الصورة.

(ثم انه) اورد على استصحاب الكلي بوجوه (منها) ان الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في حدوث الفرد الباقي واصالة عدم حدوثه ترفع الشك عن الكلي، لان الاصل الجاري في السبب رافع ومزيل لموضوع الاصل الجاري في المسبب ومع جريان الاصل فيه لا مجال لجريانه في الكلي والقدر المشترك (وقد) اجاب عنه الشيخ (قدس سره) بان ارتفاع القدر المشترك انما هو من لوازم كون الحادث الفرد المقطوع الارتفاع، لا من لوازم عدم حدوث الفرد الباقي، وانما لازمه ارتفاع القدر المشترك الذي كان في ضمنه لا ارتفاع القدر المشترك بين الامرين وبينهما فرق واضح (وفيه انه) كما ان احتمال ارتفاع القدر المشترك من لوازم كون الحادث هو الفرد الزائل، كذلك احتمال بقائه من لوازم كون الحادث هو الفرد الباقي، فلا وجه لجعل الشك في بقاء الكلى من لوازم خصوص احتمال كون الحادث هو الفرد الزائل (فالأولى) في الجواب عن الشبهة منع السببية والمسببية بينهما (بدعوى) ان الشك في بقاء الكلى وارتفاعه انما كان مسببا عن العلم الاجمالي بان الحادث هو الفرد الزائل أو الباقي، ولا اصل يصلح لتعيين ما هو الحادث (فان) اصالة عدم كون الحادث هو الفرد الطويل بنحو مفاد ليس الناقصة مع انها لا مجرى لها في نفسها لانتفاء ركنها الذي هو اليقين السابق، لا يثبت كون الحادث هو الفرد القصير، ولا ارتفاع القدر المشترك (وام) اصالة عدم حدوث الفرد الطويل بنحو مفاد ليس التامة فهي ايضا غير مثبتة لارتفاع القدر المشترك ولو على فرض السبية والمسببية بينهما، (لان) الترتب بينهما عقلي لا شرعي، بداهة عدم كون الترتب بين الكلى والفرد في الوجود والعدم من المجعولات الشرعية وانما هو عقلي محض حتى في مثل الحدث والجنابة (لان) ما هو مترتب عليها انما هو طبيعة الحدوث مهملة، لا الطبيعة المطلقة والقدر المشترك بينهما وبين غيرها، وترتب عدم هذه على عدم الجنابة عقلي لا شرعي، فتجرى حينئذ اصالة بقاء الكلى والقدر المشترك بلا مزاحم (نعم) لو اغمض النظر عن هذه الجهة وقيل بشرعية الترتب بين وجود الكلى ووجود الفرد اما مطلقا أو في بعض المقامات (فلا مجال) لأشكال بعض الاعاظم عليه بمعارضة الاصل فيه مع اصالة عدم حدوث الفرد القصير فيبقى استصحاب بقاء الكلي والقدر المشترك بحاله بعد تساقطهما (إذ فيه) انه مع خروج الفرد الزائل عن مورد الابتلاء لا يجري فيه الاصل كي يعارض مع الاصل الجاري في الفرد الطويل (ودعوى) انه بمجرد العلم بحدوث احد الفردين والشك فيما هو الحادث تجرى اصالة عدم الحدوث في كل منهما فتسقط بالمعارضة (مدفوع) بانه كذلك إذا كان العلم الاجمالي حاصلا قبل خروج احد الفردين عن مورد الابتلاء، لا ما إذا كان حاصلا بعد تلفه وخروجه عن الابتلاء (وحينئد) لا معنى لجريان اصلا لعدم في طرف التالف والخارج عن الابتلاء، مع ان ثمرة استصحاب الكلى انما تظهر في هذه الصورة، والا ففي الصورة الاولى تكفي قاعدة الاشتغال لأثبات المطلوب وان لم نقل بجريان استصحاب الكلى كما هو واضح. (ومنها) ان الكلى الطبيعي مما ينتزع عن الفرد ولا وجود له في الخارج حتى يتعلق العلم بوجوده وانما الخارج موطن منشاء انتزاعه من الافراد الخاصة الجزئية وهى التي تكون موضوعا للآثار الشرعية (ومع ذاك) كيف يجري الاستصحاب في الكلى بما هو كلى (ويظهر) فساده مما قد مناه سابقا، فان المراد من الكلى الذي هو معروض الاحكام هو ما يكون منشاء لانتزاع هذا المفهوم اعني الجهة المشتركة المحفوظة بين الحصص الموجودة الخارجية ولا اشكال في تحققه في الخارج بعين وجود الحصص المقرونة بالتشخصات الفردية (نعم) هي بنحو الكلية وسعة الانطباق على كل فرد لا يكون موطنها الا الذهن، حيث ينال العقل من شخص الموجود الخارجي الواجد لحيثية الطبيعي ولحيثيات اخرى صرف الجهة المشتركة بينه وبين غيره فتجئ في الذهن مجردة عن العلائق والضمائم بنحو تكون لها سعة الانطباق على كل فرد من غير ان يكون ما في الذهن من الصورة المجردة مخالفا مع ما في الخارج من صرف الشيء المقرون بالتشخصات كما هو ظاهر. (ومنها) انه مع احتمال كون الكلى في ضمن الفرد القصير الذي يعلم بارتفاعه لو كان هو الحادث، يحتمل انتقاض اليقين السابق ببقين آخر، ومع هذ الاحتمال لا مجال للتمسك بعموم حرمة نقض اليقين بالشك، لانه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لنفس العام لا للمخصص المنفصل (وفيه) مالا يخفى، فان غاية ما يقتضيه اليقين بانعدام شخص الفرد انما هو اليقين بانعدام الطبيعي المحفوظ في ضمنه، لا اليقين بانعدام الطبيعي المحفوظ في الفردين اعني الجهة المشتركة بينهما، ومتعلق اليقين السابق انما هو الجهة المحفوظة بينهما على نحو يكون له نحو تعلق بكل واحد منهما (ومثله) من المستحيل ان يتعلق به اليقين الناقض بمحض تعلقه بفرد واحد، ومعه كيف يحتمل انتقاض اليقين السابق المتعلق بالجهة المشتركة بين الفردين بمحض اليقين بانعدام احد الفردين كي يكون التمسك بعموم لا تنقض قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لنفس العام.

(ومنها) معارضة استصحاب الكلى بأصالة عدمه المتحقق في ضمن الفرد الطويل بضميمة عدمه المحرز بالوجدان بالإضافة إلى الفرد القصير، حيث انه بذلك يثبت عدم الكلي فيترتب عليه نقيض الاثر المترتب على وجود الكلي، نظير الموضوع المركب المحرز بعضه بالوجدان وبعضه بالأصل فيتعارضان.

(توضيح) ذلك هو ان وجود الطبيعي إذا كان عين وجود افراده يكون عدمه ايضا عين عدم افراده بحيث يتسع ويتضيق دائرته وجودا وعدم بكثرة الافراد وقلتها (غيران) في طرف الوجود يكون تحقق الطبيعي بوجود فرد واحد، وفي طرف العدم يكون عدمه بانعدام جميع الافراد، بلحاظ ان عدمه هو العدم المنبسط في ضمن عدم تمام الافراد بنحو يكون لهذا العدم الواحد مراتب متفاوتة على حسب قلة افراده وكثرتها (وبهذه) الجهة قلنا بجريان البراءة العقلية في موارد تعلق التكليف النفسي أو الغيري بعدم الطبيعي في الشبهات المصداقية عند الشك في كون الشيء من افراد الطبيعي المأخوذ عدمه قيدا للمأمور به، كالشك في كون الحيوان المأخوذ منه الوبر من مصاديق غير المأكول، نظرا إلى اندراجه بذلك في صغريات الاقل والاكثر الارتباطيين، باعتبار مراتب عدم الطبيعي (حيث) يعلم بتعلق التكليف بمرتبة من العدم المنطبق على عدم الافراد المعلومة ويشك في تعلقه بمرتبة اخرى من العدم المنطبق على عدم ما شك كونه من افراده ومصاديقه (وعلى ذلك) نقول انه بعد ان كان لعدم الطبيعي المنبسط على اعدام الافراد مراتب متفاوتة حسب تكثر اعدام الافراد وقلتها، فلا جرم يصير بمنزلة الامر البسيط الذي له مراتب، فإذا شك في تحقق مرتبة منه مع العلم ببقية المراتب، يكون كالمركب المحرز بعضه بالأصل وبعضه بالوجدان فيجري فيه اصل العدم بالإضافة إلى الجهة المشكوكة، وبضميمة الجزم بانتفاء الفرد القصير يثبت عدم الكلي والقدر المشترك بينهما في قبال استصحاب بقاء الكلي، وان لم يثبت به عدم حدوث الجامع من قبل الحادث المشكوك، ولذا يبقى الشك فيه بحاله ويكون منشاء لجريان استصحاب بقاء الجامع (وبذلك) انقدح انه ليس المقصود من عدم الطبيعي عدمه المستند إلى عدم الحدوث رأسا، كي يشكل بانتقاضه بالعلم الاجمالي بالحدوث، بل ولا العدم المستند إلى الارتفاع ايضا، كي يشكل بان اصالة عدم حدوث الفرد الطويل لا يثبت ارتفاع الكلي والقدر المشترك، اما لعدم السببية والمسببية بينهما، واما لكون الترتب بينهما عقليا لا شرعيا (بل المقصود) هو العدم الملفق من الارتفاع ببعض المراتب، ومن عدم الحدوث ببعض المراتب الاخر (وبمثل) هذين العدمين يثبت عدم الطبيعي الذي هو نقيض الكلي، فيترتب عليه نقيض الاثر المترتب على وجود الكلي، وبعد عدم امكان الجمع بين التعبدين في طرفي النقيض يقع بينه التعارض فيتساقطان (نعم) لو كان عدم الطبيعي عبارة عن مرتبة خاصة من العدم الملازم لعدم الافراد خارجا لا عين عدم الافراد، امكن الاشكال فيه بمثبتية الاصل المزبور (ولكن) ليس كذلك جزما، والا لاقتضى كونه في طرف الوجود كذلك، وهو كما ترى خلاف التحقيق، وحينئذ فإذا كان وجود الطبيعي بعين وجود افراده فلا محالة يكون عدمه ايض بعين عدمها، ومعه يتسجل اشكال المعارضة المزبورة (هذا غاية) ما يمكن ان يقال في تشييد هذا الاشكال.

 (ولكن) التحقيق ان يقال ان ما افيد من عينية عدم الطبيعي لعدم جميع الافراد انما يصح بالنسبة إلى غير صرف الوجود مما كان له قابلية الانطباق عرضيا على كل واحد من وجودات الافراد المتعاقبة كالطبيعة المهملة والسارية (واما بالنسبة) إلى صرف الوجود الذي ليس له قابلية انطباقه الا على اول وجود الطبيعي لا ثانيه فلا يصح ذلك في مفروض البحث، لان وجود الطبيعي بهذا المعنى هو ما يكون ملازم للسبق بالعدم، ومن الواضح ان نقيض هذا المعنى لا يكون الا العدم الخاص الملازم للسبق بنفسه لأعدام الافراد لا عينها، فان نقيض كل شيء رفعه، فإذا كان صرف الوجود عبارة عن الوجود الخاص الملازم للسبق بالعدم، فنفيضه ليس الا رفع هذا المعنى، ولا يكون ذلك الا العدم الخاص الملازم للسبق لأعدام الافراد لا عينها (وحينئذ) فإذا كان الاثر الشرعي مترتبا على صرف الوجود، كالمانعية وعدم جواز مس كتابة القرآن في مثال الحدث يكون نقيض الاثر مترتبا على نقيض صرف الوجود الذي هو العدم الخاص (ومثله) مما لا يمكن اثباته بأصالة عدم حدوث الفرد الطويل بضميمة الجزم بزوال الفرد القصير، ولا يجري فيه حكم المركب المحرز بعضه بالوجدان وبعضه بالأصل، ولو مع جريانه في البسائط بالنسبة إلى مراتبه فيبقى استصحاب بقاء الكلي حينئذ بحاله (وان شئت) قلت ان ما يمكن اثباته من ضم الوجدان والاصل على فرض جريان حكم المركب المحرز بعضه بالوجدان وبعضه بالأصل في البسائط التي لها مراتب انما هو العدم المطلق، وهو من جهة عدم كونه نقيضا لصرف الوجود لا يكون موضوعا للأثر الشرعي، وما يكون موضوعا للأثر الشرعي انما هو العدم الخاص الذي هو نقيض صرف الوجود، ومثله مما لا يمكن اثباته بأصالة عدم حدوث الفرد الطويل بعد عدم جريان حكم المركب المحرز بعضه بالأصل وبعضه بالوجدان فيه، فتجري اصالة بقاء الكلي حينئذ بل معارض ويترتب على استصحابه آثاره، فتدبر فيما ذكرنا فانه دقيق وبالتحقيق حقيق.

 (ثم انه) لا فرق في جريان الاستصحاب في هذا القسم بين ان يكون الكلي موضوعا للاثر الشرعي، كما في مثال الحيوان المردد بين طويل العمر وقصيره إذا فرض ترتب اثر شرعي عليه، ومثال الحدث المردد بين الاصغر والاكبر، وبين ان يكون بنفسه حكما واثرا شرعي (كالمردد) بين كونه واجبا نفسيا، أو واجبا غيريا لواجب آخر قد علم بارتفاعه بنسخ ونحوه، وكما في العلم الاجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة مع الاتيان بالجمعة، فانه على المختار في مفاد حرمة النقض من رجوعه إلى الامر بالمعاملة مع اليقين الزائل أو المتيقن معاملة الباقي من حيث الجري العملي، يجري الاستصحاب بالنسبة إلى الكلى والقدر المشترك ويترتب عليه آثاره، سواء فيه بينان يكون الكلي موضوعا لأثر شرعي، وبين ان يكون بنفسه تكليفا واثرا شرعيا، كمثال الوجوب المردد بين الغيري والنفسي ووجوب الصلاة المردد بين الظهر والجمعة (نعم) على القول برجوع هذه التنزيلات إلى جعل الاثر والمماثل، يشكل جريان الاستصحاب في الكلي فيما كان اثرا شرعيا، ينشا ذلك من امتناع جعل كلي الاثر والقدر المشترك بلا كونه في ضمن فصل خاص (فانه) كما يستحيل جعل الوجوب الواقعي مجردا عن الخصوصية النفسية والغيرية، كذلك يستحيل جعل الوجوب الظاهري مجردا عن احدى الخصوصيتين (فلا بد) حينئذ، اما من الالتزام بعدم جريان الاستصحاب فيه رأسا، أو الالتزام بجريانه مع المصير إلى كونه محدودا قهرا بالحد النفسي بالملازمة العقلية، كما التزم به بعض الاعاظم (قدس سره) على ما حكى عنه (بدعوى) ان ذلك من لوازم الاعم من الواقع والظاهر، فمتى جرى الاستصحاب بالنسبة إلى الكلى وامتنع تحدده بالحد الغيرى لمكان اليقين بارتفاع ما ثبت وجوبه لأجله بنسخ ونحوه يتعين كونه محدودا بالحد النفسي (ولكنهما) كما ترى، فان الالتزام بعدم جريان الاستصحاب في الكلى في نحو المثال مشكل، كما ان الالتزام بجريانه فيه واقتضائه بالملازمة العقلية لكونه وجوبا نفسيا اشكل.

(ولكن) الذي يهون الخطب هو فساد اصل المبنى، لابتنائه على كون المتكفل للتنزيل في امثال المقام هو الشارع نظير قوله الطواف بالبيت صلاة (والا) فبناء على تكفل المكلف لذلك بإيجاب من الشارع بالبناء على بقاء اليقين أو المتيقن عملا الراجع إلى الامر بالمعاملة مع اليقين الزائل أو المتيقن السابق معاملة الباقي عند الشك في بقائه بالجري العملي على طبقه من حيث الحركة أو السكون، فلا مجال لاستفادة جعل الاثر أو المماثل من نحو هذه الاوامر الظاهرية، لوضوح ان التنزيل الناشئ من كل شخص لابد من ان يكون بلحاظ الاثر الناشئ من قبله، والاثر الناشئ من قبل المكلف في امثال المقام لا يكون الا عمله، لأجعل الاثر والمماثل كما هو ظاهر (ولا فرق) في ذلك بين القول برجوع النقض في لا تنقض إلى نفس عنوان المتيقن، أو إلى المتيقن بلحاظ اليقين مرأتا إلى المتيقن في ارجاع النقض إليه، إذا هو على الاول ظاهر لعدم ترتب اثر شرعي على اليقين الطريقي حتى يكون التنزيل راجعا إلى جعل حقيقة الاثر أو المماثل، فتعين رجوعه إلى الامر بالمعاملة بإبقائه عملا، (وكذلك) على الثاني، فانه وان امكن تصدى الشارع بنفسه للتنزيل بلحاظ جعل حقيقة الاثر أو المماثل، الا انه يلزم كون النهي المستفاد من الهيئة ارشادي مخصصا، نظير قوله اطيعوا الله، لان التنزيل مستفاد حينئذ من مادة النقض فيكون النهي المستفاد من الهيئة ارشاديا (بخلاف) ما ذكرناه، فانه عليه تكون الهيئة على ظاهرها من المولوية (وعليه) ترتفع الشبهة المتقدمة في استصحاب الكلي في نفس الآثار.

 (وهم، ودفع) قد يورد على استصحاب الكلي في هذا القسم باستلزامه المصير إلى نجاسة الملاقي لأطراف العلم الاجمالي في فرض وقوع الملاقاة بعد تطهير احد اطرافه معينا، كما لو علم بنجاسة احد جانبي عباءة من الاسفل اوال على فغسل منها جانب معين يحتمل كونه هو الجانب المتنجس.

ثم لاقى بدن المصلي مع الرطوبة كلا من جانبيها المطهر وغير المطهر (حيث) ان لازم صحة استصحاب الكلى في الفرض المزبور هو الحكم بنجاسة الملاقي لجانبي العباءة المطهر وغير المطهر، لان ملاقي مستصحب النجاسة كالملاقي للنجس محكوم شرعا بالنجاسة (مع) انه باطل قطعا، ضرورة انه لا يحكم بنجاسة الملاقي للطرف غير المغسول منها، للشك في ملاقاته مع النجس، فكيف يحكم بنجاسته بضميمة ملاقاته للطرف المطهر منها، مع وضوح عدم تأثير ملاقاته للجانب المطهر في نجاسته (وهذه) الشبهة مما اورده السيد المحقق السيد اسماعيل الصدر (قدس سره) في بعض مجالسه في النجف الاشرف وقد اشتهرت بالشبهة العبائية.

(وقد اجيب) عنها بوجوه (منها) ما عن بعض الاعاظم (قدس سره) حيث افاد في المنع عن جريان الاستصحاب في الفرض المزبور على ما في تقرير بعض تلاميذه بان محل الكلام في استصحاب الكلى هو ما يكون المتيقن السابق مما بهويته وحقيقته مرددا بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع (واما) إذا كان الاجماع والترديد في محل المتيقن وموضوعه لا في نفسه وهويته، فلا يكون من استصحاب الكلى، بل يكون كاستصحاب الفرد المردد الذي تقدم المنع عن جريان الاستصحاب فيه عند ارتفاع احد الفردين، كما لو علم بوجود الحيوان الخاص في الدار وتردد بين ان يكون في الجانب الشرقي أو الغربي ثم انهدم الجانب الغربي واحتمل ان يكون الحيوان في الجانب الغربي وتلف بانهدامه (أو علم) بوجود درهم خاص لزيد فيما بين الدراهم العشر ثم ضاع درهم من الدراهم واحتمل كونه درهم زيد (أو علم) بإصابة العباءة نجاسة خاصة وتردد بين كونها في الطرف الاسفل أو الاعلى ثم، طهر طرفها الاسفل، ففي جميع هذه الامثلة استصحاب بقاء المتيقن لا يجرى، ولا يكون من استصحاب الكلي، لان المتيقن السابق امر جزئي حقيقي لا ترديد فيه، وانما الترديد في المحل والموضوع، فهو اشبه شيء باستصحاب الفرد المردد عند ارتفاع احد فردي الترديد وليس من الاستصحاب الكلي، ثم قال: ومنه يظهر الجواب عن الشبهة العبائية المعروفة (اقول):

ولا يخفي ما فيه (اما المثال) الاول، فهو وان كانت تام المطابقة مع الممثل في ان الترديد فيه في محل المستصحب لا في حقيقته وهويته (ولكن نقول) انه بعدما كان الشك في المحل موجبا للشك في وجود ما هو معلوم الهوية، فلا قصور في استصحابه واذ هو نظير مالو علم بوجود زيد في الدار وقد علم بانه شرب مائعا مرددا بين كونا ماء أو سم قاتلا من حيث اقتضاء الترديد في المشروب الترديد في حيوته (فكما) يجري فيه الاستصحاب ويترتب على بقائه في الزمان المتأخر آثاره الشرعية من حرمة تزويج زوجته وعدم جواز تقسيم امواله ونحو ذلك (كذلك) في نحو المثال، ومجرد عدم كونه من باب الاستصحاب الكلى غير ضائر بالمقصود، لان المقصود جريان الاستصحاب في نحو المثال المزبور وان لم يكن من استصحاب الكلى المردد في هويته، بل كان من باب الاستصحاب الشخصي (واما المثالين) الاخيرين، (ففيه) اولا في كونهما من قبيل المثال الاول مناقشة واضحة، وذلك في الاول منهما وهو مثال الدرهم ظاهر (لوضوح) ان الترديد فيه انما يكون من الترديد في الوجود الملازم للترديد في الهوية، لا من الترديد في محل المتيقن وموضوعه، فكان الاجمال والترديد في شخص الدرهم الذي كان لزيد في كونه هو الدرهم التالف أو الباقي (وكذلك) المثال الاخير، فانه بعد الجزم بان النجاسة كالقذارات الخارجية من سنخ الاعراض الخارجية المتقومة بالموضوع والمحل والجزم ايض بامتناع انتقال العرض القائم بالمحل المتقوم به إلى محل آخر (نقول) ان الترديد المتصور في المثال يكون من الترديد بين الوجودين الراجع إلى الترديد في الهوية لا من الترديد في المحل والموضوع، حيث كان مرجع ذلك إلى تردد تلك النجاسة المعلومة في المثال بين الوجودين احدهما مقطوع البقاء والآخر مقطوع الارتفاع، فلا يرتبط ذلك بباب اجمال موضوع المتيقن ومحله كما في مثال الحيوان المردد كونه في جانب الشرقي من الدار أو الغربي منها كما هو واضح (وثانيا) على فرض تمامية الامثلة المزبورة في كونها من باب الترديد في محل المتيقن وموضوعه: لا في حقيقته (نقول): ان الترديد في المحل بعد ما كان موجبا للترديد في وجود ما هو المتيقن سابقا بشخصيته وهويته، فلا قصور في استصحابه لتمامية اركانه فيه من اليقين بالوجود والشك في البقاء، فيستصحب بقاء شخص الدرهم الذي كان لزيد، وبقاء شخص تلك النجاسة التي اصابت العباءة بعد غسل الجانب الاسفل منها، فيترتب على بقائها في الزمان المتأخر آثارها الشرعية من المانعية عن صحة الصلاة معها، فيتوجه حينئذ الشبهة المعروفة (إذ هي) غير مبتنية على كون الاستصحاب المزبور من باب الاستصحاب الكلى، بل هي جارية ولو على فرض كونه من باب استصحاب الشخصي (واما) دعوى عدم جريان الاستصحاب في امثال المقام ولو شخصيا حتى بلحاظ اثر المانعية عن صحة الصلاة، فهو كما ترى. (فالإنصاف) ان ايراد ما افيد تقريبا للأشكال اولى من كونه دفعا له (فالتحقيق) في دفع الشبهة ان يقال: انه بعد الجزم بان الطهارة والنجاسة من سنخ الاعراض الخارجية الطارئة على الموجودات الخارجية بحيث لابد في عروضها على الشيء من كونه في ظرف الفراغ عن وجوده خارجا، لا من سنخ الاحكام التكليفية المتعلقة بالطبيعة الصرفة القابلة للانطباق خارج (والجزم) ايضا بان في صحة استصحاب الشيء والتعبد ببقائه لابد من لحاظ الاثر الشرعي المصحح له في كونه من آثار وجوده بنحو مفاد كان التامة أو من آثاره بنحو مفاد كان الناقصة (ان عدم الحكم) بنجاسته الملاقي في الفرض المزبور انما هو لأجل ان نجاسة الملاقي من آثار نجاسة الملاقي بالفتح بنحو مفاد كان الناقصة، لا من آثار صرف وجود النجاسة بنحو مفاد كان التامة (ومن المعلوم) ان مثل هذا العنوان لم يتعلق به اليقين السابق حتى يجري فيه الاستصحاب، إذ كل واحد من طرفي العباءة من الاسفل والاعلى يكون مشكوك النجاسة من الازل، والقدر الجامع بين المحلين ايضا بمقتضى المقدمة الاولى لا يكون معروضا للنجاسة وانما المعروض لها هو الطبيعي الموجود في ظرف انطباقه على الفرد وهو لا يكون الا هذا الفرد والمحل أو ذاك الفرد والمحل الآخر الذي عرفت عدم تعلق اليقين به.

 (واما) استصحاب نجاسة القطعة الشخصية المرددة فهو من استصحاب الفرد المردد الذي عرفت عدم جريانه فيه .

(واما) صرف وجود النجاسة في العباءة بنحو مفاد كان التامة، فاستصحابه وان كان جاريا لتمامية اركانه فيه من اليقين بالوجود، والشك في البقاء (ولكنه) بهذا العنوان لا يجدي في الحكم بنجاسة الملاقي بالكسر إذ هي من آثار كون الملاقى بالفتح نجسا بنحو مفاد كان الناقصة بحكم سراية النجاسة من الملاقي إلى الملاقي بالكسر (نعم) هو بهذا العنوان موضوع لأثر المانعية عن صحة الصلاة، فأنها على ما يستفاد من الاخبار وكلمات الاصحاب من آثار وجود النجاسة في ثوب المصلى أو بدنه بمفاد كان التامة، فيجري فيه الاستصحاب بلحاظ الاثر المزبور، لا بلحاظ اثر نجاسة الملاقي (وحينئذ) تندفع الشبهة المعروفة، إذا لا يلزم من استصحاب طبيعة النجاسة المرددة انطباقها على الجانب الاسفل من العباءة أو الاعلى بلحاظ اثر المانعية بعد تطهير الجانب المعين منه نجاسة الملاقي لطرفي الزائل والباقي كي ترد الشبهة المعروفة فافهم واغتنم (هذا كله) فيما يتعلق بالقسم الثاني من استصحاب الكلي.

(القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي)

 ما يكون الشك في بقاء الكلى لاحتمال قيام فرد آخر مقام الفرد المعلوم الذي كان الكلى في ضمنه (وهذ) يتصور على وجوه (فان) الفرد المحتمل الآخر (تارة) يحتمل وجوده مع الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه، كما لو علم بوجود زيد في الدار يوم الجمعة وخروجه عنها يوم السبت واحتمل وجود عمرو في الدار في حال وجود زيد فيها بحيث بقى هو فيها بعد خروج زيد عنها (واخرى) يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاع الفرد المعلوم، كما لو احتمل دخول عمرو في الدار مقارنا لخروج زيد عنها (وفي هذا القسم) (تارة) يكون المحتمل بقائه فردا مبائنا في الوجود مع الفرد المعلوم وان اشتركا في النوع أو الجنس، كالمثال المتقدم (واخرى) يكون من مراتبه، كالسواد الضعيف المحتمل قيامه مقام السواد الشديد، مع كونه (تارة) بمثابة يعد كونه عرفا من مراتب الموجود السابق (واخرى) بنحو يعد كونه عرفا مبائنا معه، كالحمرة الشديدة التي زالت بورود الماء عليها ولم يبق منها الا مرتبة ضعيفة كادت تلحق الصفرة، وهذان القسمان تختصان بالتشكيكيات بخلاف الاول فانه مختص بالمتواطئات وفيه يكون الشك في تبدل فرد بفرد آخر مغاير معه في الوجود، وفيهما في تبدل حد بحد آخر (فهذه) وجوه متصورة للقسم الثالث من اقسام الكلى (وفي جريان) الاستصحاب في الجمع، أو عدم جريانه كذلك، أو التفصيل فيها بجريانه في الوجهين الاخيرين دون الاولين، أو جريانه في الوجه الثالث وهو ما يكون المشكوك اللاحق على نحو يعد عرفا من مراتب الموجود السابق، دون الاولين والوجه الرابع، وجوه واقوال (أقواها الاخير) اما عدم جريانه في الوجهين الاولين، وهما صورتا كون الشك في بقاء الكلى لأجل احتمال وجود فرد آخر مع الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه، أو حدوثه مقارنا لارتفاعه (فلانه) لا منشاء لتوهم جريان استصحاب الكلى فيهما الا تخيل ان الطبيعي بعد ما كان وجوده في الخارج بعين وجود فرده وحصته، فلا محالة يكون العلم بوجود الفرد والحصة ملازم للعلم بوجود الكلى في الخارج، وبارتفاع الفرد المعلوم والشك في وجود فرد آخر مقارن لوجود الفرد الاول أو مقارنا لارتفاعه، يشك في بقاء الكلى وارتفاعه، فيجري فيه الاستصحاب لاجتماع اركانه جميعا من اليقين بالوجود والشك في البقاء (ولكنه) تخيل فاسد، فان الطبيعي وان كان موجودا في الخارج بعين وجود فرده لا بوجود آخر ممتاز عن وجود فرده (ولكن) بعد ما يغاير وجوده في الخارج في ضمن كل فرد وجوده في ضمن الفرد الآخر وكان بقائه ايضا كحدوثه تابع بقاء الفرد وحدوثه بلحاظ ان بقاء الشيء هو عين حدوثه حدا في كونه من تبعات الخصوصية الفردية حدوثا وبقاء، فلا محالة يكون العلم بانعدام الفرد ملازما مع العلم بارتفاع وجود الطبيعي الذي حدث في ضمنه (لاستحالة) بقائه بحده بحدوث فرد آخر منه، لان ما حدث في ضمن فرد آخر انما هو وجود آخر للكلي غير ما علم بحدوثه في ضمن الفرد السابق (وحينئذ) فاحتمال وجود فرد آخر للكلى وان كان احتمالا لوجود الكلى في الخارج في الزمان اللاحق، ولكن الوجود المشكوك لا يكون بقاء للوجود المعلوم سابقا، لانه مما علم بارتفاعه بارتفاع الفرد المعلوم، فلا يكون الشك في الوجود المشكوك شكا في بقاء ما علم بحدوثه حدا حتى يجرى فيه الاستصحاب (وبذلك)يتضح الفرق بين هذا القسم من الكلى وبين القسم السابق، فان في القسم السابق يكون نفس الكلي والقدر المشترك بين الفردين بوجوده المتحقق في ضمن احد الفردين مشكوك البقاء والارتفاع في الزمان المتأخر من جهة احتمال كون الحادث هو الفرد الباقي، ففيه يكون وجود الكلي بحده مركزا لليقين والشك، بخلاف هذا القسم فان الشك فيه لم يتعلق بعين ما تعلق به اليقين السابق، وانما هو متعلق بوجود آخر للكلى غير ما علم بحدوثه، فلدلك لا يجرى فيه الاستصحاب (نعم) غاية ما تقتضيه العينية بينهما انما هو العينية الذاتية (ولكن) مثله لا يكون مدارا لصدق النقض والابقاء في باب الاستصحاب كما لا يخفى. (وقد اورد) على الاستصحاب المزبور بوجه آخر وحاصله منع ملازمة العلم بوجود الفرد للعلم لوجود الكلي والقدر المشترك، بدعوى ان العلم بوجود الفرد انما يلازم العلم بوجود حصة من الكلى المتحقق في ضمنه، لا العلم بوجود الكلى بما هو هو، فمع تغاير الحصص لا مجال لجريان الاستصحاب، لان ما علم بوجوده هي الحصة المتحققة في ضمن الفرد المعلوم، وقد علم بارتفاعها، وما شك فيه هي الحصة الاخرى من الكلى غير الحصة المعلومة سابقا (وفيه) مالا يخفي، فان الكلى بعد ما كان بنفسه موجودا في الخارج بعين وجود فرده وحصته، لا بوجود آخر مغاير لوجود فرده، لا وجه للمنع عن ملازمة العلم بوجود الفرد والحصة للعلم بوجود الكلى والقدر المشترك الذي هو منشاء انتزاع هذا المفهوم (كيف) ولازم المنع المزبور هو المنع عن استصحاب الكلى في القسم الثاني ايضا، بلحاظ اقتضاء تغاير الحصص لتردد المعلوم بين الحصتين الموجب لعدم جريان الاستصحاب فيه بعين ما التزم في المنع عن استصحاب الفرد المردد كما اشرنا إليه سابقا (وحينئذ) فالعمدة في المنع عن استصحاب الكلى في هذا القسم هو ما ذكرناه (هذا كله) في استصحاب الوجه الاول والثاني من القسم الثالث من استصحاب الكلى. (واما الوجه الثالث) من القسم المزبور، وهو ما كان الشك في البقاء لأجل احتمال بقاء مرتبة من المستصحب بعد اليقين بارتفاعه بمرتبة اخرى، كالسواد الشديد الذي علم بورود الماء عليه فشك في زواله بالمرة أو بقائه بمرتبة اخرى دونه، فقد عرفت كونه على وجهين من حيث ان المرتبة التي تحتمل بقائه تارة تكون في الضعف بمثابة يحسبها العرف مبائنة مع الموجود السابق، واخرى بمثابة تعد كونها عرفا من مراتبه (اما الوجه) الاول، فجريان الاستصحاب فيه مبني على كفاية وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة بالمداقة العقلية في جريان الاستصحاب، والا فعلى ما سيأتي من عدم كفاية ذلك واعتبار وحدتهما بالأنظار العرفية، فلا يجرى فيه الاستصحاب (واما) الوجه الثاني، فيجرى فيه الاستصحاب بلا كلام لاجتماع اركانه فيه من اليقين بالوجود والشك في البقاء واتحاد القضيتين بالمداقة العقلية والانظار العرفية، حيث انه بعد عدم اقتضاء تبادل الحدود اختلافا في ذات المحدود، كان الموجود السابق بذاته وهويته محفوظا في جميع المراتب المتبادلة شدة وضعفا، لان التبادل انما كان ممحضا في خصوص الحدود الموجبة لتشخص المرتبة وتميزها عما عداه، لا في ذات المحدود المحفوظ في جميع المراتب (فإذا) احتمل بقاء المستصحب ولو بمرتبة ضعيفة، فلا جرم يجرى فيه الاستصحاب الكلي لصدق البقاء في مثله على كل من النظر الدقي والعرفي (بل ان تأملت) ترى اندراج مثل الفرض في القسم الاول من اقسام استصحاب الكلي الجاري فيه استصحاب كل من الشخص والكلي، لانحفاظ الموجود الاول بهويته وشخصيته في جميع المراتب المتبادلة وعدم كون الحدودات المختلفة الا من الحدودات العارضة على الفرد فارغا عن فرديته للطبيعي لا من الحدودات المقومة لفردية الفرد - فتأمل.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.