المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



مباحث في التربية  
  
3547   11:31 صباحاً   التاريخ: 26-7-2016
المؤلف : د. علي قائمي
الكتاب أو المصدر : علم النفس وتربية الأيتام
الجزء والصفحة : ص143- 148
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

إن التربية امر هام ومصيري، وقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) في أهميتها: (إن أجلت في عمرك يومين فاجعل احدهما لأدبك لتستعين به على يوم موتك).

تشمل الابحاث التربوية كل المسائل التي ترتبط بحياة الإنسان، والمسائل التالية تتمتع بأهمية تفوق على غيرها:ـ

أ‌) الأهداف والغايات :

التربية أمر هادف، وموضوع عقلي، والمربي ينشد أهدافا معينة من التربية، فهو يمسك بيد الطفل ويسير به الى هدف معين ونقطة محددة، هذا التوجيه وهذا المسير يرتبطان بأسس ومعايير تنبثق عن عقيدة (ايديولوجية) ودين معين، والتخطيط له ايضاً يعتمد على نفس الأساس.

في تحديد الأهداف: لتحديد أهداف ومقاصد التربية لهذا الجيل ينبغي اولاً ان نلتفت الى مسألة هي: ما هي الامور التي ننتظرها ونتوقعها من هذا الجيل؟ وما هي الصورة التي نريده ان يكون عليها، والاعمال التي نود ان يقوم بها؟

فإن بقيت هذه الامور غامضة ومجهولة، فإن مساعينا ستبوء بالفشل، أو انها لن تسير كالمطلوب، فوجود الهدف والغاية سيعين ويحدد جهة الحركة والتصرفات ونوعها والمسير الذي يجب اتخاذه في هذا المجال، ونستطيع تقييم الوضع التربوي في كل زمان، والى أي حد وصلنا، وما هي المراحل التي تجاوزناها، والى أي حد يجب ان نتابع حركتنا ومسيرنا، كما يمكن تحديد الامكانات المطلوبة في هذا الطريق من ناحية الوقت والمال على وجه التحديد.

انواع الاهداف: للتربية اهداف واسعة ومتعددة، وفيما يلي سنوردها باختصار وايجاز:ـ

من الناحية الشخصية: تهدف الى بناء فرد نموذجي ومثالي، قدوة في الأخلاق والفضائل، ورشيد وماهر، ويمتلك عقلاً يقظاً نقاداً ذكياً وذي قدرات وإمكانات كافية في البيان والدفاع، ويمتلك روح التسامح والفداء، ويتميز بالثقة، ويكون حراً ومستقلاً وفعالاً في الحياة الشخصية، ويتمتع بفضائل وصفات إنسانية، وسليم الجسم، ولديه قدرات نفسية كبيرة ومناسبة، ومبدع ناجح، عاطفي وحساس و.. الخ.

من الناحية الثقافية: تهدف الى بناء فرد لديه اطلاع واسع على كل النواحي المرتبطة بالحياة، ومحب للفن وملتزم بالآداب والعادات العقلائية، ومتمتع بفلسفة حياتية واضحة، وان يكون شديد التمسك بالقيم الإسلامية ومدافعاً عنها، ويتميز بنظرة ايجابية وبناءة فيما يتعلق بالتفاؤل في مستقبل العالم وتأدية الوظائف والمسؤوليات في هذا المجال و.. والخ.

من الناحية الاقتصادية: تهدف الى بناء فرد فعال ومنتج، ويسلك طريق التوازن بين الانتاج والاستهلاك، بعيداً عن الاسراف والبخل والتبذير، ومحب للعمل من الناحية الاقتصادية، عاشق للإحسان والبر والانفاق واعمال الخير والتعاون والشعور بالمسؤولية تجاه المحتاجين والمساكين، وساع لنمو الاقتصاد وتطوره.

من الناحية الاجتماعية: تهدف الى بناء فرد اجتماعي ومحب للإنسانية، وملم ومراع لحدود وحقوق الآخرين بشكل لائق في سبيل التعاون والتكافل الاجتماعي، سائر في طريق بناء الآخرين وهداية وإرشاد المجتمع، ويمتلك شعوراً بالمسؤولية والالتزام تجاه الناس، ومبتعد عن المفاسد والرذائل الأخلاقية وساع لاستئصالها من المجتمع ومنادٍ بتقدم المجتمع وازدهاره وتوجيهه في طريق الرشد والتقدم والازدهار.

من الناحية السياسية:ـ تهدف الى بناء فرد متمسك بالقوانين والقيم الايديولوجية ومحب للحق، رئيساً كان او مرؤوساً، مدافع عن الحرية والاستقلال، ومجاهد ضد الكفر والاستكبار والاستعمال، يناصر المظلوم ويعادي الظالم، يحشد قواه لإعلاء كلمة الله تعالى، ويسعى في إرشاد الآخرين للحفاظ والدفاع عن القيم الانسانية، ساع لتكوين روابط وعلاقات إنسانية على مستوى العالم بأسره بعيداً عن  التعصب القبلي والعرقي وما الى ذاك.. الخ.

من الناحية المعنوية: تهدف الى بناء فرد لديه ميول اعتقادية مبنية على أساس الإسلام ويتمتع بصلة جيدة مع ربه، مؤمن بأن الله تعالى، ناظر وشاهد، معتقد بالتدبير والمشيئة والقضاء والقدر التقدير، ملم وعالم ومنفذ للواجبات والالتزامات الالهية، ينجز الأعمال ويؤديها على أساس رضى الله تعالى مقدماً رضاه على كل شيء، ويسعى للتحرك والسير في الصراط المستقيم، ومعتقد بالحساب والمعاد، والجزاء، والثواب، والحشر، والنشر والعذاب، والجحيم، والرضوان، والنعيم، والجنة، والخلود و.. والخ.

القصد من انتخاب الهدف هو الالتفات الى الأهم وهدايته، وتوجيهه الى سبيل يصل من خلاله الى أعلى ذروة للكمال، ويتابع تقدمه بعد ذلك.

ب‌) البرنامج أو المحتوى:

إنهم بحاجة الى برنامج ومحتوى في طريق الرشد والتقدم ليستفيدوا منه في الحاضر والمستقبل، نقصد بالمحتوى في هذا البحث مجموعة العلوم والمعارف والفنون والمهارات التي تنتقل بشكل مباشر أو غير مباشر، رسمي او غير رسمي من جيل الى آخر.

عندما يولد الانسان فإن معارفه تتلخص بالأمور الفطرية والغريزية، ولا يملك سواها، وعليه الحصول على كل ما يحتاجه، وللعيش في هذه الحياة، فهو بحاجة للتعامل مع الناس وتبادل الآراء والافكار معهم، فيحتاج الى تكوين اسرة، والانشغال في بناء نفسه وبناء ابنائه، والتفكير في الدار الاخرى، والعمل على اختيار الزاد الافضل والمفيد و.. والخ كل هذه الامور تحتاج الى نظم وبرامج محددة.

ج) شمولية المحتوى

ما يجب إعطاؤه للأطفال امر شامل ووسيع يغطي كل المسائل والمجالات التي تهم الانسان وتتعلق به، والتي يسخرها الانسان لصياغة حياته، وبلا شك فإن إعداد المحتوى يتم وفق اهداف تربوية محددة، وكلما كانت الأهداف أوسع واسمى كلما كان المحتوى اشمل، وبشكل عام كلما كانت اهداف الناس وامنياتهم اكثر واكبر كان المحتوى اشمل وأوسع.

وبهذه المقدمة نبدأ ببحث المحتوى والذي يشمل المواضيع التالية:

1ـ جزء من هذا المحتوى يهتم بالفرد شخصياً وبأبعاده الوجودية، والذي يجب ان يضع بين ايدينا معلومات عن علاقات الفرد بنفسه وفيما يتعلق بالجسم والذهن والنفس، وكيفية النمو وتنميته، وطريقة الاستفادة منه، ويجب أن يشمل ايضاً الحفاظ على الاعضاء ونموها، والاهتمام بها وبمهاراتها، وكيفية المحافظة على سلامتها وقوتها.

2ـ ويشمل المحتوى والمضمون مواضيعا وابحاثاً ايضاً ترتبط بالثقافة ودراسة الافكار، والفلسفات، والآداب، والبلاغة، والبيان، والفنون، والقيم، والابداعات، والاختراعات، والتمدن،

ونقاط ضعفها وقوتها والتاريخ و.. الخ.

3ـ ويشير قسم من المحتوى الى المسائل الاجتماعية، والتعرف على علاقات وحدود وحقوق الناس، وكيفية هذه العلاقات، والتعايش، والحياة والاجتماعية، والأخلاق الاجتماعية، ومعرفة الجرم والفساد، وسبل منعها، وطريقة علاجها ومسألة القضاء والحكم، والجزاء والثواب و ..الخ.

4ـ ويتطرق المحتوى الى امور سياسية ايضاً كمعرفة انواع الحكومات وتمييز الأفضل منها، والطرق للوصول اليها او حمايتها والدفاع عنها، ونوع العلاقات المتبادلة بين الشعب والطبقة الحاكمة، والتعرف على القوانين والمقررات، وقيمة الحرية والاستقلال، وفنون التعبئة والحرم والجهاد، والعلاقات الدولية والعالمية و.. الخ.

5ـ ويحتوي هذا المضمون ايضاً على مسائل ومواضيع اقتصادية، كقيمة العمل وضرورته، والانتاج ونوعيته، وشكل الاستهلاك والتوزيع، وموضوع المال والملكية وحدودها، والمواضيع المتعلقة بالتعاون والتكافل الاجتماعي، والانفاق، والصدقات، والزكاة، والوقف واعمال الخير و.. والخ.

6ـ وقسم من هذا المضمون يبحث في معنويات الإنسان ونوعية صلته بالخالق عز وجل، والواجبات والالتزامات المفروضة عليه من خلال ذلك، ومعرفة الله، وقدرته، وجلاله، وعظمته، ومالكيته، رزقه وعلمه، الاشارة الى كون الله سميعاً وبصيراً وناظراً، إرادته ومشيئته، عدله وقسطه، معاده وحسابه، نفوذه في العالم، وآثاره ومظاهره، الواجبات العقلية تجاهه، والدعاء، والخضوع، والخشوع، والاستغاثة، والاستعانة به، والاعتماد والتوكل عليه.

7ـ وبشكل عام يهتم من خلال البرامج التعليمية بكافة الامور التي تهم الانسان وتواجهه في الحياة، من كيفية كسب الرزق الى استهلاكه، واستغلال القوة الناتجة في سبيل هدف وغاية خاصة، وينبغي ان يشمل المضمون كل أوقات العمر وساعاته، وحتى لحظات الفراغ أوقات النوم والاستراحة.

ـ نوع المضمون والمحتوى:

ينبغي ان يكون المضمون المعد لهذا الجيل شاملاً لأفضل انواع البرامج والاساليب والطرق، لما لدماء الشهداء من قيمة غالية، كونها افضل واغلى هدية يقدمها البشر قربة لله تعالى فلنخصهم بعناية واهتمام خاص، ولنزرع فيهم السجايا الإنسانية والأخلاقية الحميدة.

يجب ان نلتفت الى نقطة هامة في مجال التربية، وهي انه ليس الجسم فقط بحاجة نمو ورشد، بل ان خُلُقَ الانسان وصفاته وخصاله وانسانيته ايضاً يجب ان تنمو وتتقدم وتنضج.

و لنسع لتربيته ومن خلال عناية ومراقبة خاصة بطريقة يستطيع المضمون في ظلها تعريفه بآلام الناس، ومحنهم وأحزانهم، ليطلع على ما يجري في المجتمع والوسط المحيط به مع الآخرين، حتى لا يقصر اذا امكنه ان يخطو في سبيل التخفيف عنهم.

ويجب تربيته على أساس أن لا تضعف صلته بالله تعالى، وان لا يقوم بعمل لا يرضي الله سبحانه وتعالى.

د) المعلم:

من هو القادر على أن يكون معلماً ومربياً لهذا الجيل؟ برأينا هو الذي تتوفر فيه الشروط الآتية:ـ

- لديه الصفات العامة والشروط اللازمة لأن يكون معلماً في كل المؤسسات التعليمية والمدارس.

- الشخص العالم والعارف بألم ومصيبة هذه الأسر وهؤلاء الابناء.

- ان يكون متزوجاً ولديه ابناء واسرة، ومحباً للأولاد، وخصوصاً اولئك الذين يشعرون بالحاجة

الى مأوى وملجأ.

- أن يكون محباً لهذا الجيل، ولديه إدراك كافٍ عن منزلة الشهيد والشهادة، ومؤمن بهذه المنزلة والمكانة.

- الاحساس بالمسؤولية والواجب والشعور بالتقصير تجاه هذا الجيل وهذه الطبقة الشريفة.

- المعرفة بالفنون والمهارات الخاصة واللازمة لتربية هذا الجيل، وخصوصاً في إعادة الثقة الى انفسهم، وتعريفهم بوضعهم وحالتهم الخاصة.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.