أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016
1460
التاريخ: 19-7-2016
1860
التاريخ: 2024-07-16
451
التاريخ: 2024-03-18
704
|
[قال النراقي :على الانسان] ألا يلتفت في أموره إلى غير اللّه سبحانه , و لا يكون اتكاله في مقاصده إلا عليه ، و لا ثقته في مطالبه إلا به , يتبرى عن كل حول و قوة سوى حول اللّه و قوته ، و لا يرى لنفسه و لا لأبناء جنسه قدرة على شيء و لا منشأية لأثر , و يعلم أن ما يرد عليه منه تعالى و ما قدّر له و عليه من الخير و الشر سيساق إليه أفتستوي عنده حالة الوجود و العدم , و الزيادة و النقصان و المدح و الذم , و الفقر و الغنى , و الصحة و المرض , و العز و الذل , و لم يكن له خوف و رجاء إلا منه تعالى , و السر فيه : أنه يرى الأشياء كلها من عين واحدة هو مسبب الأسباب , و لا يلتفت إلى الوسائط ، بل يراها مسخرة تحت حكمه قال الإمام أبو عبد اللّه (عليه السلام )! «من ضعف يقينه تعلق بالأسباب ، و رخص لنفسه بذلك ، و اتبع العادات و أقاويل الناس بغير حقيقة ، و السعي في أمور الدنيا و جمعها و إمساكها ، مقرا باللسان أنه لا مانع ولا معطي إلا اللّه ، و أن العبد لا يصيب إلا ما رزق و قسم له ، و الجهد لا يزيد في الرزق ، و ينكر ذلك بفعله و قلبه ، قال اللّه سبحانه :
{يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران : 167] .
و قال (عليه السلام ) ! «ليس شيء الا و له حد» قيل ! فما حد التوكل؟ قال ! «اليقين»، قيل ! فما حد اليقين؟ قال! «ألا تخاف مع اللّه شيئا».
و عنه (عليه السلام )! «من صحة يقين المرء المسلم ألا يرضى الناس بسخط اللّه و لا يلومهم على ما لم يؤته اللّه فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص و لا ترده كراهية كاره ، و لو أن أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت».
(و منها) أن يكون في جميع الأحوال خاضعا للّه سبحانه.
خاشعا منه ، قائما بوظائف خدمته في السر و العلن ، مواظبا على امتثال ما أعطته الشريعة من الفرائض و السنن ، متوجها بشراشره إليه ، متخضعا متذللا بين يديه ، معرضا عن جميع ما عداه ، مفرغا قلبه عما سواء ، منصرفا بفكره إلى جناب قدسه ، مستغرقا في لجة حبه و أنسه و السر أن صاحب اليقين عارف باللّه و عظمته و قدرته ، و بأن اللّه تعالى مشاهد لأعماله و أفعاله مطلع على خفايا ضميره و هواجس خاطره ، و أن : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8] , فيكون دائما في مقام الشهود لديه و الحضور بين يديه، فلا ينفك لحظة عن الحياء و الخجل و الاشتغال بوظائف الأدب و الخدمة ، و يكون سعيه في تخلية باطنه عن الرذائل و تحليته بالفضائل لعين اللّه الكالئة أشد من تزيين ظاهره لأبناء نوعه.
و بالجملة : من يقينه بمشاهدته تعالى لأعماله الباطنة و الظاهرة و بالجزاء و الحساب ، يكون أبدا في مقام امتثال أوامره و اجتناب نواهيه.
و من يقينه بما فعل اللّه في حقه من إعطاء ضروب النعم و الإحسان ، يكون دائما في مقام الانفعال و الخجل و الشكر لمنعمه الحقيقي.
و من يقينه بما يعطيه المؤمنين في الدار الآخرة من البهجة و السرور، و ما أعده لخلص عبيده مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب أحد، يكون دائما في مقام الطمع و الرجاء.
و من يقينه باستناد جميع الأمور إليه سبحانه ، و بأن صدور ما يصدر في العالم إنما يكون بالحكمة و المصلحة و العناية الأزلية الراجعة إلى نظام الخير، يكون أبدا في مقام الصبر و التسليم و الرضا بالقضاء من دون عروض تغير و تفاوت في حاله.
و من يقينه بكون الموت داهية من الدواهي العظمى و ما بعده أشد و أدهى ، يكون أبدا محزونا مهموما.
و من يقينه بخساسة الدنيا و فنائها ، لا يركن إليها.
قال الصادق (عليه السلام ) في الكنز الذي قال اللّه تعالى : {كَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا } [الكهف: 82] «بسم اللّه الرحمن الرحيم : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، و عجبت لمن أيقن بالدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها».
و من يقينه بعظمة اللّه الباهرة و قوته القاهرة ، يكون دائما في مقام الهيبة و الدهشة.
و قد ورد أن سيد الرسل ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) كان من شدة خضوعه و خشوعه للّه تعالى و خشيته منه تعالى بحيث إذا كان يمشي يظن أنه يسقط على الأرض.
و من يقينه بكمالاته الغير المتناهية و كونه فوق التمام، يكون دائما في مقام الشوق و الوله و الحب.
وحكايات أصحاب اليقين من الأنبياء و المرسلين و الأولياء و الكاملين في الخوف و الشوق و ما يعتريهم من الاضطراب و التغير و التلون و أمثال ذلك في الصلاة و غيرها مشهورة ، و في كتب التواريخ و السير مسطورة ، و كذا ما يأخذهم من الوله و الاستغراق و الابتهاج و الانبساط باللّه سبحانه.
و حكاية حصول تكرر الغشيات لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام ) في أوقات الخلوات و المناجاة و غفلته عن نفسه في الصلوات مما تواتر عند الخاصة و العامة.
وكيف يتصور لصاحب اليقين الواقعي باللّه و بعظمته و جلاله و باطلاعه تعالى على دقائق أحواله ، أن يعصيه في حضوره و لا يحصل له الانفعال و الخشية و الدهشة و حضور القلب و التوجه التام إليه عند القيام لديه و المثول بين يديه ، مع أنا نرى أن الحاضر عند من له أدنى شوكة مجازية من الملوك و الأمراء مع رذالته و خساسته أولا و آخرا يحصل له من الانفعال و الدهشة و التوجه إليه بحيث يغفل عن ذاته.
(و منها) أن يكون مستجاب الدعوات ، بل له الكرامات و خرق العادات , و السر فيه أن النفس كلما ازدادت يقينا ازدادت تجردا ، فتحصل لها ملكة التصرف في موارد الكائنات.
قال الإمام أبو عبد الصادق (عليه السلام) -: اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني و مقام عجيب كذلك أخبر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله ) من عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى بن مريم (عليه السلام ) كان يمشي على الماء ، فقال : لو زاد يقينه لمشى في الهوى».
فهذا الخبر دل على أن الكرامات تزداد بازدياد اليقين ، و أن الأنبياء مع جلالة محلهم من اللّه متفاوتون في قوة اليقين و ضعفه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|