أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
5235
التاريخ: 10/9/2022
1376
التاريخ: 26-09-2014
5114
التاريخ: 26-09-2014
7906
|
ما رأيت آية في كتاب اللَّه تتصل بالدين الا وأحسست بالبعد والتفاوت بين الدين كما حدده اللَّه في كتابه ، والدين كما نمارسه في سلوكنا . . نحن نتحدث عن الدين ، وندعو إليه على انه من اللَّه ، وانه ليس لنا من أمره شيء ، واننا عبيد له ، تماما كما نحن عبيد للَّه . . هذا ما أعلمناه وجهرنا به . . ولكن بين الدين كما أعلمناه ودعونا إليه ، وبين سلوكنا الذي وصفناه بالدين - بون شاسع ، وتضاد واضح . . وان دل هذا على شيء فإنما يدل على انّا في حقيقة الأمر والواقع منافقون ، سواء أشعرنا بذلك ، أم لم نشعر .
ولو فسرنا الدين بأن اللَّه فوّض تشريع الحلال والحرام إلى الهيئة الدينية ، كما يزعم بعض أهل الأديان ، لكان بينه وبين سلوكنا شيء من الانسجام ، اما ان نقول : ان الدين للَّه ، ومن اللَّه ، ثم لا ننسجم معه في سلوكنا فهو النفاق بعينه .
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]. وفي الآية 152 من سورة الانعام : {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} [الأنعام: 152] ومعناه ان الدين حاكم علينا وعلى آبائنا وأبنائنا ، وانه إذا تصادمت المصلحة الشخصية مع الدين فعلينا ان نؤثر الدين ، ولو أدى ذلك إلى ذهاب النفس والنفيس ، تماما كما فعل سيد الشهداء الحسين بن علي ( عليه السلام ) . . ولو قارن واحد من الناس هذه الحقيقة القرآنية مع سلوكنا لأنتهي إلى اننا نؤثر مصالحنا ومصالح ذوينا على الدين ، وإذا حقق ودقق في البحث آمن بأن المصدر الأول والأخير للدين عندنا هو المصلحة والمنفعة ، لا كتاب اللَّه ، ولا سنة رسول اللَّه .
هذا هو واقعنا ، أو واقع أكثرنا ، أو واقع الكثير منا . . ولكن لا نشعر بهذا الواقع ، ولا ننتبه إليه ، لأن الأنانية قد طغت على عقولنا ، وفصلتنا عن واقعنا وعن أنفسنا ، وأعمتنا عن الحق ، وأوهمتنا ان دين اللَّه هو مصلحتنا بالذات ، وما عداها فليس بشيء .
أقول هذا ، لا حقدا على أحد ، ولا بدافع الحاجة والحرمان . . فاني بفضل اللَّه في غنى عن خلقه . . ولكن هذا ما أحسه في أعماقي ، ويحس به كثيرون غيري من العارفين المنصفين ، ولا بد لهذا الاحساس من واقع يعكسه – فيما أعتقد - كما اعتقد انه لا دواء لهذا الداء إلا أن نتهم أنفسنا ، ونعتقد انّا عاديون كغيرنا ، لنا ميول وأهواء يجب أن نحذرها ونخالفها . . أقول هذا ، وأنا على علم بأنه صرخة في واد ، لأنه شكوى من أنفسنا لأنفسنا التي هي أعدى أعدائنا .
{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] . في كل فرد من أفراد الإنسان استعداد لتقبل الخير والشر ، وهو في الوقت نفسه مفطور على تخير الأول دون الثاني ، بحيث لو خلي وفطرته لفعل ما يعتقد انه خير ، ولا ينحرف عنه إلا لعلة خارجة عن ذاته وفطرته . . ومما استدل به علماء الكلام على هذه الحقيقة ان العاقل لو خيّر بين ان يصدق ويعطى دينارا ، وبين أن يكذب ويعطى دينارا ، ولا ضرر عليه فيهما لاختار الصدق على الكذب .
إذن ، العاقل لا يكذب إلا لعلة ، كالخوف أو الطمع ، أو هوى مع قريب ، أو كراهة لعدو ، أو رحمة بفقير ، أو مجاملة لغني ، وما إلى ذلك . . وقد نهى سبحانه عن الامتناع من الشهادة على الغني خوفا أو طمعا أو مجاملة ، وعن الامتناع منها على الفقير لفقره ومسكنته ، وقال ، عظم من قال : { إِنْ يَكُنْ - المشهود عليه – غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما} . أي أنه أرحم بالفقير منا ، وأعرف بمصلحته ومصلحة الغني ، وما علينا نحن إلا أن نقول الحق ، سواء أكان لهما ، أم عليهما .
ولم يذكر سبحانه من الدوافع الموجبة للزيغ والانحراف إلا مجاملة الغني ، والرحمة بالفقير . . ولكن السبب عام ، فالحق يجب أن يقال في كل موطن ، والعدل يجب أن يتبع حتى مع أعداء الدين .
{فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا} . أي لكي تعدلوا ، والمعنى على هذا انكم تصيرون من أهل العدل بترك الهوى ومخالفته . وقيل : التقدير كراهة ان تعدلوا ، أي انكم تتبعون الهوى كرها بالعدل ، وان اللَّه نهاهم عن ذلك . والأول أقرب .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|