المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28



وجوب وجود الحرية والعدالة في الدولة والاسرة  
  
2679   12:01 مساءاً   التاريخ: 28-6-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص278-283
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6/11/2022 1828
التاريخ: 20-6-2017 2191
التاريخ: 6-8-2022 1657
التاريخ: 24-6-2016 4913

من الحقيقة بمكان ان الدولة هي بمثابة الاسرة الكبيرة، وعليها متوقف من الانظمة والقوانين التي تؤمن حماية الشعب صغاره وكباره من كل الاخطار الخارجية والداخلية، وتعمل على تقدمه تطوره واسعاده وايجاد الحياة اللائقة به.

وقطعا ان هناك اوليات تفرض نفسها على الدولة للقيام بها.

ومن هذه الاوليات: ان تكون هناك حرية وعدالة ونظام تربوي صالح يستند على الايمان الخالص بالإسلام الحقيقي باعتباره الدين الخاتم والشريعة الشاملة الكاملة الملائمة لجميع بني البشر، وهو المنبع لكل خُلق حسن وفضيلة وكمال وجمال وسلام وحرية وعدالة. لكي نحصل على جيل سوي صالح متسلح بالإيمان والفضائل، والعلم والمعرفة، وقادر على ادارة الدولة، وحمياتها من أي تهديد او إرهاب او انحراف او فساد يُذكر.

وطبيعي ان الدولة الراقية، والحكومة الناجحة في العالم هي تربي شعبها على الفضائل، وتوفر لهم العزة والكرامة، وتجعلهم يعيشون امنين في ظل العدالة والقانون بأرواح ملؤها الرفاه والاطمئنان والهدوء.

اما الدولة الفاشلة، هي التي تحكم شعبها بالحديد والنار والتعنت والاستبداد والقمع والارهاب فيتحول الشعب فيها إلى عبيد للحاكم المستبد ينفذ رغباته وشهواته واوامره الجائرة ليس الا، وان لم ينفذ يعدم من الوجود فيكون الانسان في ظلها ضعيفا قلقا مضطرباً خائفاً لأنه يعلم اذا ارتكب ابسط مخالفة فان عقابه سيكون قاسياً جداً.

فأين تكون التربية وكسب العلم والفضيلة اذن ؟ في مثل هذه الاجواء، جاء في كتاب : (روح القوانين) لمونتسكيو ص32 – 33 ما نصه :

(يكون افراد الشعب عبيدا للحاكم في الحكومات الاستبدادية ولا يكون لاحد امتياز على الاخرين ان الحاكم المستبد لا يلتزم بأي قاعدة او قانون، فإرادته وشهواته فوق القانون والانظمة، انه يحاول ان يمحوا الآخرين من صفحة الوجود.....

تتطلب طبيعة الحكومة في النظام الاستبدادي نوعاً من الإطاعة اللامحدودة.

ولا يوجد في هذه الحكومة ما يتعرض للأوامر الصادرة من تغيير، او امهال، او موعد او بدلية، او مفاوضات او انتقادات او واسطة.....

وفي هذه الحكومات يُعد الانسان مخلوقا خاضعا لإرادة مخلوق اخر، ويجب ان لا يتحمل اظهار القلق او الاضطراب من وقوع بعض الحوادث الفجائية.

ويعيش الانسان في ظل الحكومة الاستبدادية كالحيوانات لا نصيب له بغير الغريزة الطبيعية والاطاعة والعقاب)

وجاء ايضا في ص 47 منه ما نصه :

(رد الحكومة الاستبدادية على قاعدة الخوف، وفي الامم الجبانة والجاهلة والمندحرة لا ضرورة للقوانين الكثيرة فكل شيء هناك يقوم على فكر شخصين او ثلاثة. وعليه فلا حاجة للأفكار الجديدة، ذلك انكم عندما تقومون بتربية حيوان تلاحظون فقط ان لا يأخذ الحيوان احد ، وان يعرف صاحبه ولا يغير سلوكه..

عندما كان (شارل الثاني عشر) في مدينة (بندر) لاحظ ان خلافا نشب تجاهه في مجلس الشيوخ السويدي، فكتب إلى المجلس:

انه سيرسل احدى جزمتيه لتحكم عليهم)(1).

اجل ان من اكبر النعم التي يحصل عليها البشر في هذه الحياة هي : نعمة العدالة والقانون، والحرية والفضيلة، لان في ظل هذه المفاهيم الانسانية يشعر الانسان بإنسانيته ويحس بوجوده كبشر له قيمة في الحياة، وبفقدانها تكون الامم أوطأ الامم، ويكون الناس اشقى الناس وتغدو حياتهم أوطأ وأحط من حياة الحيوان بكثير، كما يقول شارل الثاني عشر أنه سيرسل احدى جزمتيه ـ ولم يقل جزمتيه بل احدى جزمتيه ـ لتحكم بينهم وتحل الخلاف الذي حصل تجاهه في مجلس الشيوخ السويدي !! انه قمة العنجهية والتكبر والاحتقار والاضطهاد والاستبداد والقسوة والنظرة الخاطئة التي تحط من قيمة الانسان ولم تعتبره شيئاً ؟!!

إذن، فكيف تكون التربية في تلك الشعوب والامم ؟ !!

فأين هم من تربية الاسلام وتربية قائد الاسلام الذي افنى عمره الشريف في الجهاد من اجل ارساء قواعد النظام الاسلامي في حكومته على اساس من العدالة والحرية والفضيلة والقانون ليعيش الجميع في ظلها امنين هانئين مسرورين مسلمين وغير مسلمين؟!

نعم، لقد عمل الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار سلام الله عليهم اجمعين، وحواريوهم النجباء الصالحون على منح العدل والامن الروحي والهدوء النفسي لكل الناس، وحتى زال الخوف والاضطراب اللذين كانا يحكمان العصر الجاهلية، فاصبح الانسان آنذاك لا يخاف الا من ذنبه وعصيانه لله سبحانه، وجرمه بحق الآخرين فقط.

فالإسلام قد ضمن بحق، الامن والهدوء واجواء التربية الصالحة للجميع، لذلك حصل التطور النوعي السريع والتقدم الهائل المدهش على كل الاصعدة وجميع المستويات، ولولا السياسة الخاطئة، والتوجه المنحرف الذي مارسه الحكام اللا مبدئيون المنحرفون الذين استولوا على السلطة ومقاليد الحكم من امويين وعباسيين ورجال حفاة لا ايمان لهم ولا حسب ولا نسب لظلت البشرية تنعم بعدالة الاسلام وقوانينه الاخلاقية وفضائله الانسانية وقيمه السامية.

ولأصبحت الحياة غير هذه الحياة التي نعيشها الآن ولغدت التربية تختلف تماما عن التربية التي تسود العالم الان، حيث الظلم والجور والتعدي على حقوق الافراد والشعوب والامم، والبغي والانحراف والشذوذ والارهاب، وانعدام القيم الرفيعة والقانون والحرية...

ولا نسلم من ذلك البتّ الا بالرجوع إلى الاسلام الاصيل اسلام محمد (صلى الله عليه واله) وأهل بيته المعصومين الطاهرين سلام الله وصلواته عليهم اجمعين، وقوانينه العادلة، واحكامه الواقعية والانسانية. التي ينطلق منها نسيم الحرية، وشذى المحبة والتعاون وعطر الفضيلة والامل والتكامل والتطور الهادف البناّء.

وبناءً على ما تقدم يجب ان تكون هناك حرية وعدالة وانضباط اخلاقي وقانوني يسري على الجميع في الدولة لكي تتحقق الاهداف التربوية والتعليمية والاخلاقية في الحياة، وتستمر المسيرة الانسانية نحو التكامل والرقي وينعم الاطفال كما ينعم الكبار في ظلها وتنفتح اساريرهم وتقوى قدراتهم، وتنشط قابلياتهم وتتكثف جهودهم ومساعيهم من اجل كسب العلم والمعرفة والفضيلة وقطعا ان في كل هذا مردودا ايجابيا يعود بالنفع العميم على الفرد والمجتمع والدولة.

وكما هو الحال في الدولة يجب ان يكون الحال نفسه في الاسرة.

أي يجب ان تكون هناك حرية وعدالة واخلاق رفيعة في الاسرة لكي يتسنى لأبنائها المواصلة

والاستمرارية في التحصيل العلمي والتربوي المثمر.

______________

1ـ روح القوانين لمونتسكو : ص32 و 33 و47.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.