المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



اتجاه الفقه والقضاء الفرنسيين في تحديد جنسية الشركات متعددة الجنسيات  
  
10829   05:08 مساءاً   التاريخ: 26-6-2016
المؤلف : يمامة متعب مناف السامرائي .
الكتاب أو المصدر : الشركات متعددة الجنسية والقانون الواجب التطبيق
الجزء والصفحة : ص29-39.
القسم : القانون / القانون الخاص / المجموعة التجارية / قانون الشركات /

في الواقع إن إسناد جنسية لشخص معنوي يقصد منه بيان علاقة قانونية أو سياسية بين الشخص المعنوي كالشركات على سبيل المثال ودولة معينة ينتج عن هذا الإسناد المتميز بين الشخص المعنوي الوطني والشخص المعنوي الاجنبي الذي ينتسب إلى دولة معينة، لتقرير أمكانية تطبيق عقد تأسيسه، مثلاً أو تحديد القانون الذي يحكم كيانه مثل الإنشاء، التنظيم الانحلال(1). ويؤيد أغلبية الفقه الفرنسي أن الشخص المعنوي ليس له جنسية بالمعنى الخاص لجنسية الشخص الطبيعي وإن تعبير جنسية الشخص المعنوي فرضت نفسها من اجل ملاءمة العلاقة أو الرابطة بين الشركة (الشخص المعنوي) ودولة لغرض التمتع بالحماية وبالحقوق الضرورية المعاملات بشرط ألا يكون مخالفاً للنظام العام والآداب والقانون(2). إن المحاكم تستعمل تعبير الجنسية في مجال تنازع القوانين ولكن هذا الأمر لا يخلو من صعوبة، اذ لابد من معيار لتعيين الرابطة بين الشركة و الدولة، وتطبيقاً لهذا أصدرت محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ (23/تشرين الثاني/1959) قراراً جاء فيه (إن جنسية الحاكم لا يمكن أن تحدد إلا وفقاً للأحكام التشريعية و اللوائح والأنظمة التي يتوقف على تطبيقها وعدم تطبيقها معرفة فيما إذا كانت الشركة فرنسية او غير فرنسية، والحكم هنا يمكن تفسيره انه من الصعوبة إعطاء معيار لبيان إسناد صحيح من كل الوجوه، وحتى عندما يطلق معيار رئيسي دائمي لاتصال الشركة بدولة ما فان استبعاد هذا المعيار من اجل معيار آخر، في حالات معينة أو نموذج معين من المسائل المعروضة.

وهذا ما سنتناوله في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول

المعايير المختلفة لارتباط الشركات متعددة الجنسية

هناك ثلاثة نماذج مختلفة تعتبر معايير خاصة(3). لارتباط الشركة لبيان جنسيتها كون الموضوع متعلقاً بالشركات المتمتعة بالشخصية المعنوية التي تخضع للقانون الخاص.

المعيار الأول: جنسية الأفراد المكونين للشركة.

المعيار الثاني: معيار القانون الذي تكونت الشركة بموجبه.

المعيار الثالث: المركز الذي يوجد فيه الشخص المعنوي.

وسنبحث هذه المعايير حسب التفصيل الآتي:

المعيار الأول : جنسية الأفراد المكونين للشركة.

إن الشركة متكونة من مساهمين (شركاء) و ربما تكون لهم جنسيات مختلفة، لهذا فالمعيار ينصرف إلى جنسية الأكثرية الذين يمارسون السيطرة على الشخص المعنوي (الشركة). والمعيار هنا من الصعب تطبيقه في حالة الشركة الأكثر نشاطاً في التجارة الدولية اذ تكون أعمالها منتشرة في نطاق واسع، وقد تكون نسبة كبيرة من المساهمين في مثل الشركة من الأشخاص المعنويين (شركات أخرى) والأسهم في تداول يومي مما يؤدي إلى تغيير جنسية الشركة كلما تغيرت الأكثرية من حملة الأسهم بالاستناد إلى هذا المعيار(4).

المعيار الثاني: معيار القانون الذي تكونت بموجبه الشركة

يقصد بهذا المعيار القانون الذي تم بموجبه إعطاء شهادة الميلاد للشركة، وعليه فالشركة التي تكونت على وفق القانون الفرنسي أو الانجليزي أو السويسري تحمل جنسية الدولة التي تكون بموجبه قانون تلك الدول ويوجد معيار قريب من معيار التأسيس هو مركز الإدارة الرئيسي النظامي الذي يعينه القانون وتأسست الشركة بموجبه Slege statutaire وعادة يكون في نفس الدولة. ولكن إذا سمح هذا القانون باتخاذ المركز الرئيسي خارج دولة هذا القانون، عندئذ يقتضي إعطاء الأولوية للقانون الذي تحمل الشركة جنسية دولته وهو قانون دولة التأسيس للبحث في الحالة التي يمنحها القانون(5). إن مؤسسي الشركة لهم الحرية في تأسيس الشركة في دولة ما أو غيرها من الدول وفي تحديد حالتها والقانون الذي يحكم نشاطها، وهو اختيار يتوقف على نوعية النشاط واختلاف التشريعات. ولكن قد يكون اختيارهم لدولة التأسيس بقصد الهروب من القواعد الآمرة في الدولة التي تكون مرتبطة بشكل أوثق، أو أن قانون الدولة المختارة كان أكثر تسامحاً أو إن المؤسسين يأملون بالتمتع بالحماية الدبلوماسية لدولة معينة(6). كما إن تأسيس شركة في دولة أجنبية تكون هناك احتمالية تكوين غطاء لممارسة الأجانب نشاطاً قاصراً في هذه الدولة على مواطنيها، وعلى الرغم من هذه المحاذير فأن هناك معالجات لهذه السلبيات(7). بنصوص قانونية كفيلة بالرقابة ، ويبقى في الأخير معيار التأسيس (Incorporation) هو المرجع نظراً لبساطتة و يقينه.

المعيار الثالث: المركز الذي يوجد فيه الشخص المعنوي  Siege Social

تسعى الشركة إلى تحقيق غرض اقتصادي من ناحية، ومن ناحية أخرى فان نشاطها له علاقة بالاغيار(8)، لهذا فهي ترتبط من الناحية الدولية بمنطقية جغرافية تمارس نشاطها فيها وهذا المعيار (معيار الارتباط) أشبه ما يكون بالتوطين أو التركز ، ومعيار كهذا من مصلحة الاغيار المرتبطين بعلاقات مع الشركة . فهم دائنون من ناحية ومدخرون من ناحية أخرى تتوجه إليهم الشركات للحصول على راس المال، فهؤلاء يجب ألا يفاجئوا بتطبيق قانون أجنبي اقل حماية لهم من القانون المحلي.  وهناك تصوران لغرض تحديد مركز الارتباط بصورة حقيقية هما:

مكان الاستغلال الرئيسي وهو المكان الذي يظهر النشاط الأعظم الخارجي للشركة    (أي أكثر أعمالها) وهو المكان المندمج فيه عادة، والمقصود من هذا النشاط الدولي، وهذا التصور ينقصه الاستقرار، وقد يحدد دولة لا تتفق مع المكان الذي ترتبط به الدولة، اذ لا تقوم الشركة فيه إلا بمهام تنفيذية تنتج عن حركتها الدافعة من مكان أخر، أما التصور الثاني فهو أن تعبير (مركز الشركة)، لا بد أن يفهم على انه المكان الذي يمارس فيه التوجيه الفعلي (الحقيقي) للشركة، أي مركز قيادتها اذ تجمع فيه أجهزة الشركة وتجتمع جمعيتها العامة، إذاً المقصود بمركز الشركة وهو المركز الحقيقي المحدد في عقد التأسيس للشركة والمفترض انه المركز الحقيقي ما لم يثبت عكس ذلك.

الفرع الثاني

اتجاه القضاء الفرنسي

اتجه القضاء الفرنسي إلى الاخذ بمعيار مركز الشركة(9). Sigel social نظراً لغياب النص القانوني في حينه ، فقد قام القضاء بالاجتهاد في تحديد جنسية الأشخاص المعنوية بشكل عام ، وجنسية الشركات بشكل خاص ، وكان القضاء يأخذ بمعيار مركز الشركة كقاعدة عامة، ويأخذ بمعيار الرقابة(Control) استثناء في قضايا معينة و في ظروف معينة ، ففي أثناء الحروب ، يمكن تجميد أموال العدو وحجزها ومصادرتها باللجوء إلى معيار الرقابة(10). والتخلي عن معيار مركز الشركة اذ اعترفت المحاكم في بداية الحرب العالمية الأولى بوجود شركة قد تأسست في فرنسا ومركزها حدد في مكان خارج فرنسا بشكل صوري ، وفي هذه الحالة تم التخلي عن معيار مركز الشركة . ثم تلا ذلك صدور تشريعات لتطبيق مثل هذه الإجراءات على الشركات التي يديرها العدو او اكثرية رأس مالها تعود اليه وإن كانت الشركة قد تأسست في فرنسا فاتخذت مركزها فيها مرسوم 25/أيلول /1915 ولما انتهت الحرب و لم تعد هناك ضرورة لهذا المرسوم الذي يسببه تم التخلي عن معيار مركز الشركة وعاد القضاء إليه. ثم جاءت الحرب العالمية الثانية وكانت مناسبة أو ضرورة أخرى بالرجوع إلى المرسوم، أما خلال المدة بين الحربين فكانت العودة إلى الحقوق المدنية، وعلى الرغم من أن القضاء الفرنسي يطبق معيار مركز الشركة فانه يلجأ في حالات معينة إلى التفرقة بين الشركة الوطنية الفرنسية المسيطر عليها من قبل الفرنسيين والشركات المؤسسة في فرنسا ولكن تحت رقابة أجنبية، وكانت الدعوى التي واجه فيها القضاء الفرنسي هذه المسألة خاصة قضية شركة الحرير الصناعي التي يوجد مركزها الرئيسي في فرنسا ولكن أغلبية راس مالها مملوكة لرعايا بريطانيين و كان الأمر المعروض على القضاء هو هل تفيد الشركة من مزايا هذا القانون ام لا ؟ أجابت محكمة الاستئناف في حكمها بالإيجاب وأيدتها في ذلك محكمة النقض(11). لان راس مال الشركة وإن كان اجنبياً ، فانه مستثمر في فرنسا ثم إن الشركة ليست فرعاً لشركة بريطانية ولا شخصاً منجزاً يعمل لحساب الشركة البريطانية وبهذا الحكم يفهم من مفهوم المخالفة إن الشركة أي الشركة الفرنسية لو كانت وليدة أو تابعة لشركة أو تعمل لحساب مثل هذه الشركة فإنها لا تفيد من قانون الملكية التجارية. وإن كان الظاهر هو جنسيتها الفرنسية. وجاء في حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية في سنة 1931 في قضية Remington Typariters عدم إمكان الشركات المستأجرة الاستفادة من النشر الخاص بالإيجار كون الأخيرة تحت رقابة وسيطرة أجنبية وعلى الرغم من أن مركزها في فرنسا(12). وعلى عكس ما كان ينتظر من هذا الموقف العدواني تجاه الشركات الوليدة حتى جاءت قضية shell-Berle التي حكمت فيها محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 8 فبراير/1972 بحكم لا يتفق وأحكامها السابقة، وتتلخص الدعوى إن الشركة كانت مستأجرة عقاراً لبعض منشآتها ووقع خلاف بينها وبين مالك العقار الذي أعلمها بوجوب الإخلاء و طلبت الشركة منه دفع تعويض لها مقابل التخلية على وفق المرسوم الصادر في 3/ أيلول / 1953 المعدل لقانون الملكية التجارية ، ورفض المالك دفع تعويض لأنه ميزة مقررة للطرفين وحدهما ، ولان الشركة ليست فرنسية وإنما هي وليدة لشركة أجنبية ومن ثم لا تستحق التعويض وعلى ما استقر عليه القضاء ومحكمة النقض مستنداً إلى قضيتين وهما قضية الحرير الصناعي وقضية ريمينجتون كمثال على ذلك ، قرار محكمة الاستئناف قضت بضرورة استحقاق الشركة التعويض وأيدتها محكمة النقض ما قضت به محكمة الاستئناف لان الشركة (فرنسية يوجد مركزها الرئيس كما توجد منشآتها ومراكز نشاطها بفرنسا وهي خاضعة للقانون الفرنسي)(13). وقد ولد هذا الحكم القلق في الفقه الفرنسي وصار من العسير معه الجزم في أي اتجاه يسير القضاء في الوقت الحاضر. هل العبرة باكتساب الشركة الوليدة للجنسية الفرنسية بوجود مركزها الرئيس في فرنسا وخضوعها للقانون الفرنسي؟ كما يفهم من الحكم الفرنسي الذي نحن بصدده أم يجب أن يضاف الى شرط أخر هو غلبة العنصر الوطني في راس المال والإدارة كما استلزم الحكم في قضية شركة الحرير الصناعي. وبسبب هذا القلق بحث الفقه عن ضوابط لجنسية الشركات تختلف عن الضوابط التقليدية وأهم ما اقترح(14). ضابطان .

الضابط الأول: مركز القرار  Le centre de desion.

وبموجب هذا الضابط تكتسب الشركة جنسية الدولة التي يوجد فيها المركز الذي تصدر عنه القرارات الأساسية الخاصة بالشركة وبموجبه لا تكتسب الشركة الوليدة التابعة للشركات متعددة الجنسية إلا جنسية الدولة التي يوجد فيها المركز الذي تصدر عنه القرارات المتعلقة بالستراتيجية الاقتصادية العامة للشركة ومعنى هذا إن مجموعة الوحدات التي تتركب منها الشركات متعددة الجنسية لا تكون لها إلا جنسية واحدة هي جنسية الدولة التي يكون فيها مركز القرار ، بيد أن الأمر ليس بهذه السهولة ، فهناك فروض يصعب معها معرفة مركز القرار ، خذ مثلاً شركة I.B.M. للحاسبات الالكترونية التي يوجد مركزها الأصلي Head quarter  في الولايات المتحدة الأمريكية و لكنها أنشأت  مراكز أصلية جزئية Partial في بعض المناطق الجغرافية ومنها مركز في باريس تتبعه جميع الشركات الوليدة التي تؤسس في أوربا ، وبالنسبة الى هذه الشركات الوليدة ايهما يكون مصدر إصدار القرارات، أهو المركز العام في أمريكا أم الجزئي في فرنسا ؟ خذ صورة أخرى قد تكون الشركات متعددة الجنسية ثمرة لانضمام شركتين كبيرتين لكل منهما مركزها الأصلي وشركاتها الوليدة التابعة لهذا المركز، ويحتفظ كل منها بمركزه الأصلي وشركاته الوليدة التابعة لهذا المركز الذي يصير بعد الانضمام بمثابة مركز جزئي بالنظر إلى المركز العام، ومثال على ذلك مشروع Royal shell وهو ثمرة انضمام شركة شل الهولندية و شركة The British Petrolem الإنجليزية اللتين احتفظتا بمركزيهما بعد الانضمام، فأيهما يعتبر مركز إصدار القرارات للشركات الوليدة ؟

الضابط الثاني : معيار المشاركة أو المراقبة .

أما الضابط الثاني: فيستهله أنصاره بقولهم إن تعيين جنسية الشركة وفقاً لضوابط ثابتة يمثل جموداً يضطر الشارع إلى مخالفة نصوصه خاصة كلما أراد أن يقصد حقاً أو التزاماً على شركات معينة وإن ضابط الجنسية العام لا يصلح إلا لتعيين القانون الواجب التطبيق على الشركة أما تعيين الحقوق التي تتمتع بها أو الواجبات التي تلتزم بها فمرجعه إلى النصوص التي تقرر هذه الحقوق أو الواجبات فقد ينشىء الشارع الحق أو الالتزام ويطلقه على جميع الشركات وطنية كانت أم أجنبية و قد ينشىء حقاً ويقصره على الوطنية بالقياس إلى ضابط الجنسية وحده، وقد يستلزم فضلاً عن هذا الضابط شروطاً توجد روابط سياسية أو اقتصادية توطد انتماء الشركة إلى الدولة. فيجب إذاً التفرقة بين الجنسية والروابط السياسية و الاقتصادية الخاصة فالأولى ثابتة لأنها تقوم على ضابط ثابت، إما الثانية فهي متحركة تبعاً لهذا الذي يتبناه الشارع.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع العراقي تأثر في تحديد جنسية الشركات بالفقه والقضاء الفرنسيين لان المشرع العراقي تأثر بالفقه والقضاء الفرنسيين عند وضع القانون المدني العراقي بالنسبة الى جنسية الشخص المعنوي بصورة عامة، وإن كان لم يستعمل تعبير جنسية بل أستعمل تعبير النظام القانوني بدلا منه للغرض نفسه، اذ جاء نص(15). في المادة 49 من القانون المذكور وكما يأتي: ((يسري على النظام القانوني للأشخاص المعنوية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها من قانون الدولة التي يوجد فيها مركز إدارتها الرئيس الفعلي)). اذ أعتمد معيار الإدارة كقاعدة واعتمد معيار مركز النشاط استثناءاً وكذا القانون العراقي بالنسبة الى الشركات العراقية فيما بعدْ بعدَ أن أخذت قوانين الشركات بمعيار التأسيس، اذ قضت المادة (23) من قانون الشركات النافذ رقم (21) لعام 1997 ما يأتي:

(تكون الشركة مؤسسة في العراق وفق أحكام هذا القانون عراقية) واخذ بهذا المعيار بخصوص الشركات الأجنبية، إذ نصت الفقرة الثالثة المادة الأولى من نظام فروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الملحق رقم (5) لعام 1989حيث نص على (يقصد بالشركة الأجنبية الأشخاص المعنوية المجازة وفقاً لتشريعاتها المحلية بالإضافة إلى المشاريع الفردية). إن معيار التأسيس بالنسبة للشركات الأجنبية يستخلص من مفهوم المخالفة لنص (م32) من قانون الشركات المشار إليه، وهو معيار اخذ به في إنكلترا والدول الانكلوامريكية ودول عربية مثل الأردن والعراق كما هو مبين. أما القانون الفرنسي فانه يمنح الأخير جنسية الدولة التي بها المركز الحقيقي الفعلي لإدارتها مع تعزيزها بفكرة الرقابة وهنا لدينا معيار مزدوج من الرقابة والإشراف ومكان المقر الرئيسي(16). ويثار بشأن الشركات متعددة الجنسية مسألة جنسيتها في المجال الدولي والحماية الدبلوماسية التي تسبغها الدولة على رعاياها عندما يقع عليهم ضرر في دولة أخرى لمخالفته لإحكام القانون الدولي(17). ولا تقتصر أهمية تعيين جنسية للشركة أو موطنها على تعيين القانون الواجب التطبيق على قضايا الشركة أمام القضاء وإنما تتجاوز إلى مسألة الحماية الدبلوماسية تلك الحماية التي لا تقتصر على الأشخاص الطبيعيين بل تتعدى إلى الأشخاص الاعتباريين أيضا ومنها الشركات اذ يمكنها الاستفادة من جنسية الدولة التي تنتسب إليها لتتمتع بحمايتها، وبما أن لابد للأجنبي المقصود شخصاً طبيعياً أو معنوياً استنفاذ جميع الطرق القانونية لدى الدولة التي تضرر فيها فإذا لم ترفع مظلمته رغم ذلك بقصد أو بخطأ يلجأ إلى حكومته فإذا تبنت الأخيرة مظلمته أصبحت القضية دولية بين دولة المتضرر و الدولة التي اسند إليها التقصير وبعدها ينتقل النزاع من الصعيد الداخلي إلى الصعيد الدولي أي القضاء الدولي أو التحكيم . ولكن الذي يهمنا هنا هو إن ممارسة الحماية الدبلوماسية فضلا عن استنفاذ الطرق القانونية الداخلية تقتضي رابطة قانونية بين الشخص المتضرر والدولة التي تحميه و هي مادة رابطة الجنسية، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية الدائمة في قرارها الصادر بتاريخ 28/شباط /1939، في قضية استونيا و لتوانيا بشأن قضية سكك الحديد، وحيث أن القضاء الدولي لا يكتفي بضابط الجنسية حتى يجيز للدولة ممارسة حمايتها بل يشترط وجود روابط جدية بين المتضرر والدولة التي يطلب حمايتها، هذا بالنسبة للأشخاص الطبيعيين في حكمها الصادر بتاريخ 6/ نيسان / 1955 (قضية Nottebohn)(18). اذ قضت المحكمة بان الجنسية وحدها ليست ضابطاً للحماية الدبلوماسية وإنما يجب أن تكون هناك روابط اجتماعية سابقة او لاحقة لها وعلى سبيل القياس ما يسري على الأشخاص الطبيعيين يسري على الأشخاص الاعتباريين ما لم يمنع ذلك عقلاً أو حكماً(19).اذ لابد من توافر روابط جدية أخرى للشخص المعنوي فضلاً عن الجنسية. وطبق هذا المبدأ لدى اللجنة التحكيمية الدولية ( في نزاع بين الحكومتين الكندية والأمريكية ) تتلخص وقائعه إن كتيبة من خفر السواحل الأمريكية أغرقت سفينة تابعة للملكية الكندية بحجة إنها تقوم بتسريب الخمور إلى أمريكا، وتدخلت الحكومة الكندية استناداً إلى الحماية الدبلوماسية لتأييد طلب التعويض الذي تقدمت به الشركة التي تحمل جنسيتها، وكانت الحجة الرئيسية التي استندت إليها الحكومة الأمريكية ترفض الحماية الدبلوماسية: أي الشركة طالبة التعويض برغم كونها تحمل الجنسية الكندية فإنها من حيث الواقع تعمل لحساب رعايا أمريكيين مالكين للسفينة ويستترون وراء الشركة للقيام بإعمال غير مشروعة وقد أخذت اللجنة بهذا النظر، وأوصت برفض الحماية وطلب التعويض، وتثار الحماية الدبلوماسية للمساهمين بصرف النظر عن انتماء الشركة إلى دولة معينة تتمتع بحمايتها، فهل يستطيع المساهمون وحملة الأسهم المطالبة بالحماية الدبلوماسية ولا شك أن من حق المساهم بحماية الدولة التي ينتمي إليها بجنسيتها وبعد استنفاذ الطرق القانونية الإجرائية الداخلية واتفاقات ضمان الاستثمار في كل من دولة المتضرر ودولة المشتكي عليها، مع ملاحظة إن ضمان الاستثمار لا يشمل المخاطر التجارية، خسارة أو تلفاً، وغيرهما وإنما يشمل المخاطر غير التجارية مثل نزع الملكية والاستيلاء والمصادرة، وعليه عندما نريد أن نطبق قانوناً معيناً فان المعيار الذي نرجحه بخصوص الشركات متعددة الجنسية ومهما تكن الانتقادات موجهة إليه هو معيار الرقابة والإشراف، اذ أنه يقضي على ظاهرة ازدواج الجنسية، لان بعض الشركات تستغل اختلاف أسس منح الجنسية للشركات في قوانين دول العالم لتتأسس في دولة يمنح قانونها الجنسية على أساس معيار التأسيس مع بقاء مركز إدارتها الرئيس في الدولة الأصل، وحيث تستغل صفتها الوطنية لاستغلال ثروات البلاد وإتباع نشاطها التجاري والهيمنة على وسائل الإنتاج فالتبعية القانونية تخضع للنظام القانوني للبلد التي تزاول نشاطها الرئيسي فيه لتطبيق المعيار محل التأسيس، أما تحديد التبعية السياسية فأن سيطرة الشركة ألام على إدارتها ورأسمالها مما يجب معه تطبيق معيار الرقابة والاشراف(20). وهو المعيار الذي نأمل أن يتبع في في تشريعنا العراقي في حالة وجود مثل هذه الشركات الأجنبية فيها وهو رأي يؤيده المرسوم التونسي عدد (14) لسنة 1961(21). وبذلك ندعو المشرع العراقي للأخذ بهذا المعيار ليواكب التطور الهائل في التجارة الدولية .

________________________

1-Brnard Aduit "Droitinternational prive"  3rd Edition, Economica, Paris, 2000,p.680.

2- للمزيد انظر د.عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، جزء الأول، ط2، القاهرة، 1968، ص614 ؛ د.شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، ط2، الإسكندرية، 1966، ص452 ؛   د.احمد مسلم، القانون الدولي الخاص، ط1، القاهرة ، 1954، ص 416.

3- وذلك لو كانت الشركة الوليدة مسجلة في الدولة المضيفة وكان يوجد فيها مركزها الرئيس الحقيقي أو توافر فيها الإشراف الوطني، وتلك هي الضوابط التقليدية في العالم. والضابط الأول (التسجيل Incorporation) سائد في الدول الانكلوسكسونية والضابط الثاني ( المركز الحقيقي الرئيسي) سائد في فرنسا وكثير من الدول الأخرى. والضابط الثالث (الإشراف controle) سائد أيضا في دول عديدة وتفضله الاتفاقيات الدولية. والضابط الرابع هو محل مزاولة النشاط . أما الضابط الخامس فهو محل وجود رأس المال، د. غالب علي الداؤدي ، مصدر سابق ، ص236 وما بعدها.

4- للمزيد انظر د.حسن الهداوي، الجنسية ومركز الأجانب وأحكامها في القانون العراقي ساعدت جامعة بغداد في نشره، ط4، ص386. وانظر د. جابر جاد عبد الرحمن، القانون الدولي الخاص العربي في الموطن ومركز الأجانب في البلاد العربية، ج2 ، القاهرة، سنة 1986، ص435 ؛ وانظر حسن الهداوي، الجنسية ومركز وأحكامها في القانون العراقي، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1972، ص337.

-5Bernard Aduit, Op. Cit., p.686.

6- مجموعة محكمة العدل الدولية .

7- في البداية قانون بلد الإبرام يحكم شكل العقد وموضوعه ثم بعد ذلك أصبحت تقتصر على شكل دون الموضوع . د.عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص المصري، ج1، ط2، مكتبة النهضة العربية، 1969، ص493 .

8-Las actives et les biens, delienterprise melanoes offert C,Hean Derruppe Litec, 1991 , 1081 .P 910

9- محسن شفيق ، المصدر السابق ، ص268.

0- للمزيد انظر: فؤاد عبد المنعم رياض، مصدر سابق، ص207ما بعدها.

1- مشار إليه في مؤلف د. عوني الفخري ، مصدر سابق ، ص44.

2- المصدر نفسه ، ص45.

3- مشار إليه في مؤلف د. محسن شفيق ، مصدر سابق ، ص ص278-279.

4- المصدر نفسه ، ص273.

5- نشر النظام في جريدة الوقائع العراقية العدد 3268 الصادر بتاريخ 14/8/1989.

6- د . محسن شفيق، المصدر السابق، ص278.

7- المصدر نفسه ، ص279.

-18 Les activites et les biens de lien terprise Melanges of fert a Jean Derruppe Litec 1991 IQ 96, p.992 .

9- انظر نص الفصل الثالث من المرسوم عدد14 لسنة 1961 في تونس.

20- د. محسن شفيق، المصدر سابق، ص ص 279-280

21- ينص الفصل الثالث من المرسوم عدد (14) سنة 1961 الصادر في تونس والخاص ببيان شروط مباشرة بعض انواع النشاط التجاري على ما يأتي : (ان الاشخاص المعنويين تكون لهم الجنسية التونسية اذا توفرت فيهم جملة الشروط الآتية :

1- ان يقع تأسيسهم طبقاً للقوانين الجاري بها العمل وان يكون مقره الرئيسي في البلاد التونسية .

2- ان يشتمل رأس مالهم لحد خمسين في المائة على الاقل على اسهم رسمية يمسكها اشخاصاً ماديون او معنويون تونسيون .

3- ان يتألف مجلس الادارة او المجلس المكلف بالتصرف او الرقابة من اغلبية اشخاص ماديين لهم الجنسية التونسية .

4- ان يقوم بالادارة العامة او التصرف اشخاص ماديون لهم الجنسية التونسية) .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .