أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
5190
التاريخ: 6-05-2015
6356
التاريخ: 28-09-2014
5056
التاريخ: 26-09-2014
4748
|
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 18 - 20]
هذه الآيات تستمر ـ كالآيات السابقة ـ في وصف القيامة ـ يوم التلاقي ـ وتحدّد سبع خصائص للقيامة والحوادث المهولة والمدهشة التي تدفع بكل انسان مؤمن نحو التفكير والتأمل بالحياة والمصير.
يقول تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ).
« الْآزِفَةِ » باللغة بمعنى (القريب) ويا لها من كناية عجيبة، حيث أطلق سبحانه على يوم القيامة يوم الآزفة كي لا يظن الجهلة أن هناك فترة طويلة تفصلهم عن ذلك اليوم، فلا ينبغي ـ والحال هذه ـ أن ينشغل المرء بالتفكير به!
وإذا نظرنا بتأمّل فسنجد أنّ عمر الدنيا بأجمعه لا يعادل سوى لحظة زائلة حيال يوم القيامة، ولأنّ الله تبارك وتعالى لم يذكر أي تأريخ لهذا اليوم المهول، حتى للأنبياء(عليهم السلام)، لذا يجب الإستعداد دائماً لاستقبال ذلك اليوم.
الوصف الثّاني ليوم الأزقة هو: (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ) من شدة الخوف. فعندما تواجه الإنسان الصعوبات يشعر وكأنّ قلبه يفر من مكانه، وكأنّهُ يريد أن يخرج من حنجرته، والعرب في ثقافتها اللغوية التي نزل بها القرآن تطلق على هَذِهِ الحالة وصف «بلغت القلوب الحناجر».
ويمكن أن يكون (القلب) كناية عن (الروح) بمعنى أنّ روحه بلغت حنجرته هلعاً وخوفاً، كأنما تريد أن تفارق بدنه تدريجياً ولم يبق منها سوى القليل.
إنّ هول الخوف من الحساب الإلهي الرباني الدقيق، والخشية من الإفتضاح وانكشاف الستر والحجب أمام جميع الخلائق، وتحمّل العذاب الأليم الذي لا يمكن الخلاص منه، كلّ هذه أُمور سيواجهها الإنسان ولا يمكن وصفها وشرحها بأي بيان.
الصفة الثّالثة لذلك اليوم تعبر عنها الآية بـ ( كاظمين) أي إنّ الهم والغم سيشمل كل وجودهم، إلاّ أنّهم لا يستطيعون إظهار ذلك أو إبداءه.
«كاظم» مشتقّة من «كظم» وهي في الأصل تعني غلق فوهة القربة المملوءة بالماء; ثمّ أطلقت بعد ذلك على الأشخاص المملوئين غضباً إلاّ أنّهم لا يظهرونه لسبب من الأسباب.
قد يستطيع الإنسان المغموم المحزون أن يهدأ او يستريح بالصراخ، لكن المصيبة حينما لا يستطيع هذا الإنسان حتى عن الصراخ ... فماذا ينفع الصراخ في محضر الخالق جلّ وعلا وفي ساحة عدله وعندما تنكشف جميع الأسرار امام جميع الخلائق.
الصفة الرّابعة ليوم التلاقي هو يوم: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ). أي صديق نعم، أنّ تلك المجموعة من الأصدقاء الكذابين التي تحيط بالشخص كذباً وتملقاً ـ كما يحيط الذباب بالحلويات ـ طمعاً في مقامه وقدرته وجاهه وماله. إنّ هؤلاء في هذا اليوم مشغولون بأنفسهم لا ينفعون أحداً... وهو يوم لا تنفع فيه لا صداقة ولا خلّة.
الصفة الخامسة تقول عنها الآية:( وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ).
ذلك أنّ شفاعة الشفعاء الحقيقيين كالأنبياء والأولياء إنّما تكون بإذن الله تعالى، وعلى هذا الأساس لا مجال لتلك التصورات السقيمة لعبدة الأصنام، الذين كانوا يعتقدون في الحياة الدنيا أنّ أصنامهم ستشفع لهم في حضرة الله جلّ وعلا.
وفي المرحلة السادسة تذكر الآية أحد صفات الخالق جلّ وعلا، والتي تعتبر في نفس الوقت وصفاً لكيفية القيامة، حيث تقول: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}(1) [غافر: 19].
إنّ الله تبارك وتعالى يعلم الحركات السرية للعيون وما تخفيه الصدور من أسرار، وسيقوم تعالى بالحكم والقضاء العادل عليها، وهو بعلمه سيجعل صباح الظالمين المذنبين مظلماً.
وعندما سئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن معنى الآية فأجاب: «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشيء وكأنّه لا ينظر إليه، فذلك خائنة الأعين»(2). أي يوهم أنّه لا ينظر إليه.
قد يتطاول البعض بنظره إلى أعراض الناس وإلى ما يحرم النظر إليه، وقد يستطيع الفاعل أن يخفي فعلته عن الآخرين، لكن ذلك لا يخفى عن علم الله المحيط بكل ذرات الوجود إذ: { لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [سبأ: 3].
وقد روي أنّه (لما جيء بعبد الله بن أبي سرح إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما اطمأن أهل مكّة وطلب له الأمان عثمان صمت رسول الله طويلا ثمّ قال (نعم) فلما انصرف قال رسول الله لمن حوله: «ما صمتّ طويلا إلاّ ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» فقال رجلٌ من الأنصار: فهلاً أومأت إليّ يا رسول الله، فقال: «إن النّبي لا تكون له خائنة الأعين»(3).
وبالطبع فإنّ لخيانة العين أشكال مختلفة، إذ تتمثل في بعض الأحيان باستراق النظر إلى ما يحرم كالنساء وغيرهن، وأحياناً تتمثل بإشارات معينة للعين تهدف تحقير الآخرين والإستهزاء بكلامهم. وقد تكون حركات العين مقدمة لمخططات شيطانية ضدّ الآخرين.
إنّ من يؤمن بالحساب الدقيق في الآخرة، عليه أن يراعي حدود التقوى في خائنة الأعين وخطرات الفكر، وواضح أنّ استحضار عناصر الرقابة هذه لها مؤدّاها التربوي الكبير في سلوك الإنسان وحياته.
وفي قصص الوعظ المتداولة في مجالس العلماء، يقال أن أحد كبار العلماء عندما أنهى دراسته الدينية في النجف الأشرف، طلب من أستاذه عندما أراد الرجوع إلى بلده أن يعظه وينصحه، فقال له الأستاذ: بعد كلّ هذا التعب وتحمّل مضاق الدراسة والتحصيل فإنّ آخر نصيحتي لك هي أن لا تنسى أبداً قوله تعالى { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14].
المؤمن الحقيقي يعتبر العالم كلّه حاضراً عند الله تعالى، وإنّ كلّ الأعمال تتمّ في حضوره، وينبغي لهذا الحضور الإلهي أن يكون رادعاً كافياً للخجل والكف عن المعاصي والذنوب.
الآية التي تليها تتحدث عن صفة سابعة للقيامة تتمثل في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ).
أمّا غيره: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ).
في ذلك اليوم يختص الله وحده بالقضاء، وهو جلّ جلاله لا يقضي إلاّ بالحق، لأنّ القضاء بغير الحق ـ بالظلم مثلا والإنحياز ـ إمّا أن يعود إلى الجهل وعدم المعرفة، والله محيط بكل شيء، حتى بما يموج في الضمائر وماتكنّه السرائر. أو أنّه يكون نتيجة للعجز والإحتياج، وهذه صفات هي أبعد ما تكون عن ذات الله جلّ جلاله.
إنّ هذا التعبير يحمل في مؤدّاه دليلا كبيراً على توحيد المعبود والعبادة، لأنّ من يكون له حق القضاء في النهاية يستحق العبادة حتماً أمّا الأصنام التي لا تنفع شيئاً في هذا العالم، ولا تكون في القيامة مرجعاً للحكم والقضاء، فكيف تستحق العبادة.
ومن الضروري أن نشير أيضاً إلى أنّ للحكم والقضاء بالحقّ معاني واسعة، إذ هي تشمل عالم التكوين وعالم التشريع، حيث وردت كلمة «قضى» في الآيات القرآنية لتشمل المعنيين، ففي مكان نقرأ قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] حيث تنطوي الآية على القضاء التشريعي. وفي آية اُخرى نقرأ قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 47].
2- تفسير الصافي , ذيل الآية مورد البحث.
3- تفسير القرطبي , ج8, ص5747 , بتلخيص.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|