المثبطات 

تتميز الأنزيمات بحساسيتها الشديدة تجاه العديد من الظروف والمركبات الكيميائية، والتي تعيق الأنزيم عن أداء دوره التحفيزي داخل الخلية الحية، من خلال التأثير على شكله، او منافسة المادة الاساس (الهدف) على الموقع الفعال، او الاتحاد مع المواقع التي تجاور الموقع الفعال.

ان تأثير هذه المواد يؤدي الى التثبيط الجزئي او الكلي لفعالية الأنزيم، ان مثل هذه المواد تعرف عادة بمثبطات الأنزيم (Enzyme Inhibitors) ان المعلومات لاتي يتم الحصول عليها من دراسة تأثير المثبطات على فعالية الانزيمات ذات أهمية كبيرة في مجال التعرف على العلاقة بين المادة الاساس والأنزيم، وكذلك التعرف على طبيعة المجاميع الوظيفية الموجودة في المواقع الفعالة، وميكانيكية عمل الأنزيم كعامل محفز للعديد من التفاعلات الايضية المختلفة. وكما تعطي دراسة العلاقة بين المثبطات والمركبات الانزيمية معلومات مهمة ومفيدة فيما يخص المسالك الايضية في الخلايا المختلفة. وقد اهتم الصيادلة والعاملون في تحضير السموم بهذه الظاهرة واستثمروها في صناعة المضادات الحيوية والغازات السامة وغازات الأعصاب (Nerve gases) التي تستخدم للأغراض العسكرية.

ان تثبيط النشاط الانزيمي يكون على عدة انواع، النوع الأولى يسمى : (التثبيط اللاعكسي للأنزيم) (Irreversible inhibition)، والذي يحدث جراء الارتباط القوي بين الانزيم والمثبط، أو يؤدي اتحاد المثبط بالأنزيم الى تحطيم او تحوير المجاميع الفعالة الضرورية لعمل الانزيم. ان مثل هذا النوع من التثبيط يمكن ان يحدد بفعل المركب الكيميائي المسمى : (Diisopropyl fluoro phosphate) ويختصر (DFP)، والذي يثبط عمل أنزيم : استيل كولين استيريز (Acetylcholine esterase)، وكذلك غاز الأعصاب. فهذه المواد ترتبط مع جزيئة الأنزيم بواسطة الرابطة التساهمية بين ذرة الفسفور ومجموعة الهيدروكسيل العائدة لأحد جزيئات حامض السيرين والتي عادة ما تتواجد ضمن المواقع الفعالة في العديد من الانزيمات، واضافة الى انزيم : استيل كولين استيريز الذي يثبط بمركبات الفسفور، هنالك انزيمات اخرى مثل انزيمات التربسين والكيموتربسين تثبط كذلك بمركبات الفوسفور. تعزى الوفيات التي تحدث بسبب التسمم بهذه المواد الفسفورية الى تثبيط انزيم : الاستيل كولين استيريز، الأمر الذي يؤدي الى تراكم تركيز المركب استيل كولين (Acetyl Choline) المسؤول الأساسي في نقل التنبيه العصبي للعضلات، فاذا ما زاد تركيز هذا المركب نتيجة لضعف أنزيم استيل كولين استيريز (Acetyl Choline Estrase) يؤدي الى تقلص العضلات ومن ضمنها عضلات الجهاز التنفسي بشكل دائم. فتحدث الوفاة بسبب توقف عملية التنفس وكذلك وقف القلب عن العمل.

اما النوع الثاني من التثبيط فهو : (التثبيط العكسي) (Reversible Inhibirion)، ويتصف هذا النوع من التثبيط بالتوازن بين الأنزيم والمثبط، وهو يعتمد بشكل اساسي على تركيز مادة العامل المثبط، ويعبر عنه بثابت الاتزان (Ki) الذي يحدد قابلية التفاعل بين الانزيم والعامل المثبط، وغالبا ما تكون الرابطة بينهما ضعيفة وغير تساهمية، فيتكون المعقد بين الأنزيم والمثبط (EI) الذي سرعان ما يتفكك مرة اخرى الى الانزيم والعامل المثبط، وهكذا يحدث اتزان ديناميكي بين الأنزيم الحر والمرتبط وكما هو موضح في المعادلة التالية :

ومن الأمثلة على النوع من التثبيط، تأثير السيانيد على أنزيم السايتوكروم © أوكسيديز (Cytochrome (C) oxidase) وتأثير حامض المالونيك، والأوكزاليك على أنزيم السكسينات دبهايدروجينيز (Succinate dehdrigenase).

تؤثر المثبطات، كما هو الحال بالنسبة الى العوامل الاخرى على سرعة الأنزيم وتفاعلاتها، سواء كان التأثير على ثابت ميكلس – ومنتن (Km)، او على سرعة تفاعل الأنزيم، او على كليهما معاً.

فالمثبطات التي تؤثر على زيادة ثابت ميكلس – ومنتن تدعى بالمثبطات التنافسية (Competitive inhibitors) والتي تؤثر على السرعة القصوى تسمى بالمثبطات اللاتنافسية (Non Competitive Inhibitors).