أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-03-2015
3448
التاريخ: 7-03-2015
3376
التاريخ: 9-4-2016
2997
التاريخ: 9-4-2016
4974
|
لما وصل السم الى جوفه أخذ يعاني آلام الموت فبقي في فراش المرض أربعين يوما وقيل : شهرين وفي كل يوم تزداد فعالية السم في جسمه حتى ذاب قلبه الشريف من الألم ذلك القلب الذي يضم الحب والعطف للناس جميعا ودخل عليه عائدا شقيقه الحسين فلما رآه وهو خابئ اللون معصوب الرأس قد ذابت حشاه من السم التفت إليه وقد أذهله المصاب وأفزعه الخطب قائلا : أخي من سقاك السم؟
ـ وما تريد منه؟
ـ أريد أن أقتله.
- إن يكن الذي أظنه فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا وإن لم يكن هو فما أحب أن يقتل بي بريء .
وهكذا كان (عليه السلام) محتاطا في الدماء حريصا عليها لا يحب أن يهراق في أمره ملأ محجمة دما وجيء له بطبيب ففحصه فحصا دقيقا وبعد الامعان في التشخيص يئس منه فالتفت الى أهله قائلا لهم : ان السم قد قطع أمعاءه ؛ فعند ذلك يئس الإمام من حياته ودخل عليه عائدا الصحابي العظيم جنادة بن أبي أميّة فالتفت الى الإمام قائلا : عظني يا ابن رسول الله .
فاجاب (عليه السلام) طلبته وهو في أشد الأحوال حراجة وأقساها ألما ومحنة فاتحفه بهذه الكلمات الذهبية التي هي أغلى وأثمن من الجوهر وقد كشفت عن أسرار إمامته قائلا : يا جنادة استعد لسفرك وحصل زادك قبل حلول أجلك واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك واعلم أن الدنيا في حلالها حساب وفى حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك فان كان حلالا كنت قد زهدت فيه وإن كان حراما لم يكن فيه وزر فأخذت منه كما أخذت من الميتة وإن كان العقاب فالعقاب يسير واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وإذا أردت عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الى عز طاعة الله عز وجل وإذا نازعتك الى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك وإذا أخذت منه صانك وإذا أردت منه معونة أعانك وان قلت صدق قولك وان صلت شدّ صولتك وإن مددت يدك بفضل مدها وإن بدت منك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن سألته أعطاك وإن سكت عنه ابتدأك وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك من لا تأتيك منه البوائق ولا تختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق وان تنازعتما منقسما آثرك ؛ لقد اعطى (عليه السلام) لجنادة بهذه الوصية الخالدة الدروس النافعة والحكم القيامة والآراء الصائبة التي استقاها من جده الرسول (صلى الله عليه واله) ومن أبيه أمير المؤمنين فقد أرشده الى أفضل المناهج التي تضمن له النجاح في آخرته ودنياه.
ودخل على الإمام عائدا عمير بن اسحاق فالتفت (عليه السلام) له قائلا : يا عمير سلني قبل أن لا تسلني! وثقل على عمير أن يسأله وهو بهذه الحالة فقال له : لا والله لا أسألك حتى يعافيك الله ثم أسألك .
والتفت (عليه السلام) إلى أهل بيته معربا لهم عما يعانيه من ألم السم لقد القيت طائفة من كبدي واني سقيت السم مرارا فلم اسقه مثل هذه المرة لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي ؛ ودخل عليه عائدا أخوه سيد الشهداء فلما نظر الى ما يعانيه من ألم السم غامت عيناه بالدموع فنظر إليه الحسن فقال له :
ـ ما يبكيك يا أبا عبد الله؟
ـ أبكي لما صنع بك.
واستشف الإمام الحسن بما سيجري على أخيه من بعده فهان عليه ما هو فيه وأرخى عينيه بالدموع وقال له بنبرات مرتعشة حزينة : إن الذي أوتي إلي سم اقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمّة جدنا محمد (صلى الله عليه واله) وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك .
إن جميع ما واجهته العترة الطاهرة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) من الشجون والخطوب لا يضارع كارثة أبي عبد الله (عليه السلام) فلا يوم كيومه فقد ذل فيه الإسلام وانتهكت فيه كرامة المسلمين وحرمة النبي (صلى الله عليه واله) التي هي أولى بالرعاية والعطف من كل شيء ويشتد الوجع به ويسعر عليه الألم فيجزع فيلتفت إليه بعض عواده قائلا له : يا ابن رسول الله لم هذا الجزع؟ أليس الجد رسول الله (صلى الله عليه واله) والأب علي والأم فاطمة وأنت سيد شباب أهل الجنة؟!!
فاجابه بصوت خافت : أبكي لخصلتين : هول المطلع وفراق الأحبة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|