أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016
10496
التاريخ: 12-6-2022
1448
التاريخ: 7-03-2015
3133
التاريخ: 19-10-2015
3450
|
لا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر فى تحقيق الشروط التي اشترطها الإمام على معاوية كما لا بد من دراستها والإحاطة بها ولو إجمالا لأنها قد احتوت على امور بالغة الأهمية فقد الغمت نصر معاوية ببارود وعادت عليه بالخزي واخرجته من حكام العدل الى حكام الجور والظالمين ؛ اما الشروط فانا نؤمن بجميعها سوى شرطين وهما : ان يكون للإمام ما في بيت مال الكوفة ومنحه راتب سنوي له ولأخيه ؛ اما الاول فهو بعيد لأن ما في خزانة الكوفة من الأمتعة والأموال قد كانت تحت قبضة الإمام وبيده يتصرف فيها حيثما اراد ولم تكن محجوبة عنه أو ممنوعة عليه حتى يشترط على معاوية أن يمكنه منها على أنا نشك ان خزانة الدولة قد احتوت على أموال كثيرة لأن سياسة أهل البيت تقضي بصرف المال فورا على ما خصصه الإسلام لها.
وأما الثاني فهو بعيد لأن الإمام كان في غنى عن أموال معاوية وليس بحاجة لها ولو سلمنا ذلك فانه لا ضير على الإمام من أخذها لأن انقاذ أموال المسلمين من حكام الجور أمر لازم , والذي أراه أن معاوية قد أعطى الامام فى بداية الأمر هذين الشرطين فتوهم بعض المؤرخين أنهما من جملة الشروط التي اشترطها الإمام عليه ؛ وعلى أي حال فان تلك الشروط كانت تهدف الى طلب الأمن العام والسلم الشامل لجميع المسلمين وتدعوهم في نفس الوقت الى اليقظة والتحرر من الاستعباد الأموي كما دلت على براعة الإمام في الاحتفاظ بحقه الشرعي والتدليل على غصب معاوية له وإنه لم يتنازل له عن حقه اما محتويات الشروط فهي كما يلي :
1 ـ العمل بكتاب الله : لم يخل الإمام بين معاوية وبين المسلمين يتصرف في شؤونهم حيثما شاء فقد أخذ عليه أن لا يعدو الكتاب والسنة في سياسته وسياسة عماله ولو كان يراه يسير على ضوء القرآن ويسير على منهج الإسلام لما شرط عليه ذلك وجعله من أهم الشروط الأساسية التي ألزمه بها.
2 ـ ولاية العهد : عالج الإمام نقطة مهمة في تلك المعاهدة وهي مصير الخلافة الاسلامية بعد هلاك معاوية فقد شرط عليه أن تكون الخلافة له ولأخيه من بعده وصرحت بعض المصادر ان الامام اشترط عليه أن يكون الأمر شورى بين المسلمين بعد هلاك معاوية وعلى كلا القولين فقد أرجع الامام الخلافة الى كيانها الرفيع وإنما شرط عليه ذلك لعلمه باتجاهاته السيئة وانه لا بد أن ينقل الخلافة الاسلامية من واقعها الى الملك العضوض ويجعلها في عقبه من شذاذ الآفاق والمجرمين فأراد الامام ايقاظ المجتمع وبعثه الى مناجزته إن قدم على ذلك.
3 ـ الأمن العام : أهم ما ينشده الإمام من تلكم الشروط هو بسط الأمن ونشر العافية بين جميع المسلمين سواء الأسود منهم والأحمر وقد دلّ ذلك على مدى حنانه وعطفه على جميع المسلمين كما نصت هذه المادة على أن لا يتبع أحدا بما مضى وأن لا يأخذ أهل العراق بإحنة مما قد مضى وإنما شرط عليه ذلك لعلمه بما سيعاملهم به من الارهاق والتنكيل انتقاما لما صدر منهم فى أيام صفين.
4 ـ عدم تسميته بأمير المؤمنين : في رفض الامام (عليه السلام) تسمية معاوية بأمير المؤمنين تجريد له من السلطة الدينية عليه وعلى سائر المسلمين ولم يلتفت معاوية الى هذه الطعنة النجلاء فانه إذا لم يكن على الحسن أميرا لم تكن له بالطبع على المسلمين امرة أو سلطان وكان بذلك حاكم جور وبغي وقد جرده بذلك من منصب الامامة والخلافة وأثبت له الغصب لهذا المركز العظيم.
5 ـ عدم اقامة الشهادة : هذه المادة قد فضحت معاوية وأخزته ودلت على أنه من حكام الجور فان اقامة الشهادة حسب ما ذكره الفقهاء إنما تقام عند الحاكم الشرعي فهي من الوظائف المختصة به وإذا لم تصح إقامة الشهادة عند معاوية فهو ليس بحاكم عدل وإنما هو حاكم جور وحكام الجور لا يكون حكمهم نافذا ولا تصرفهم ماضيا عند الشرع ويجب على الأمّة أن تزيلهم عن هذا المنصب الذي انيط به حفظ الدماء وصيانة الاعراض وحفظ الأموال وفى هذا الشرط بيّن الامام أنه صاحب الحق وان معاوية غاصب له .
6 ـ ترك سب أمير المؤمنين : أظهر (عليه السلام) بهذا الشرط تمادي معاوية فى الاثم فقد علم أنه لا يترك سبّ أمير المؤمنين والحطّ من كرامته فأراد (عليه السلام) أن يبيّن للمجتمع الإسلامي مدى استهتاره وعدم اعتنائه بشئون الإسلام وتعاليمه فان سب المسلم وانتقاصه قد حرّمه الاسلام ولكن ابن هند لم يقم للإسلام وزنا فقد أخذ بعد إبرام الصلح يسب أمير المؤمنين على رؤوس الأشهاد ؛ ولا يخفى أن الامام قد فضحه بهذا الشرط وأماط عنه الستر الصفيق الذي تستر به باسم الدين.
7 ـ الامن العام للشيعة : كان الامام (عليه السلام) حريصا أشد الحرص على شيعته وشيعة أبيه فقد صالح معاوية حقنا لدمائهم وحفظا عليهم وقد اشترط على معاوية أن لا يتعرض لهم بمكروه وسوء وهذا الشرط عنده من أهم الشروط وأعظمها قال سماحة المغفور له آل ياسين : واعتصم فيها أي في المعاهدة بالأمان لشيعته وشيعة أبيه وإنعاش أيتامهم ليجزيهم بذلك على ثباتهم معه ووفائهم مع أبيه وليحتفظ بهم امناء على مبدئه وانصارا مخلصين لتمكين مركزه ومركز أخيه يوم يعود الحق الى نصابه .
إن أغلب الشروط التي اشترطها الامام كانت تهدف لصالح شيعته وضمان حقوقهم وعدم التعرض لهم بأذى أو مكروه.
8 ـ خراج دار ابجرد : اشترط الامام على معاوية أموالا خاصة ينفقها على شيعته وشيعة أبيه وهي خراج دار ابجرد والوجه في هذا التخصيص إن الذي يجلب الى الدولة من الأموال يسمى بعضه بالفيء وهو المال المأخوذ من الأراضي المفتوحة عنوة وهذا يصرف على المصالح العامة وعلى الشؤون الاجتماعية وذلك كتحسين الجيش وإنشاء المؤسسات وما شاكل ذلك من المشاريع الحيوية وقسم من الأموال يسمى بالصدقة وهي الضرائب المالية التي فرضها الاسلام في اموال مخصوصة وانواع من الواردات يدور عليها رحى سوق التجارة في العالم فرضها على الأغنياء تجلب منهم وتدفع الى الفقراء لمكافحة الفقر وقلع بذور البؤس فقد قال (صلى الله عليه واله) : أمرت في الصدقة ان آخذها من اغنيائكم واردها فى فقرائكم وقد كره الحسن ان يأخذ من هذه الأموال لنفسه أو لشيعته اما له فانها محرمة عليه لأن الصدقة حرام على آل البيت واما كراهة اخذها لشيعته فلأن اموال الصدقة لا تخلو من حزازة عليهم لأنها اوساخ الناس وقد كره (عليه السلام) ان يأخذ منها لشيعته وخصّ ما يأخذه لهم من دار ابجرد لأنها قد فتحت عنوة وما فتح عنوة فهو ليس بصدقة وبذلك قد اختار لشيعته من الأموال ما هو ابعد عن الشبهة الشرعية وهي خراج دار ابجرد التي هي للمسلمين وعلى الامام أن ينفقها على صالحهم.
9 ـ عدم البغى عليهم : من مواد المعاهدة أن لا يبغي معاوية للحسن والحسين ولا لأهل بيت النبي (صلى الله عيه واله) غائلة ولا يخيف أحدا منهم وإنما شرط عليه ذلك لعلمه بما سيبغيه لهم من الشر والمكر فكان من غوائله لهم أنه دس السم للإمام فأراد الإمام بهذا الشرط وبغيره من بنود الصلح أن يكشف الستار عن معاوية ويبدي عاره وعياره وانه لا ذمة ولا حريجة له في الدين.
هذه بعض بنود الصلح وقد حفلت بعناصر ذات أهمية بالغة دلت على براعة الإمام وقابلياته الفذة فى التغلب على خصمه يقول سماحة المغفور له آل ياسين فى هذه المعاهدة : ومن الحق أن نعترف للحسن بن علي على ضوء ما أثر عنه من تدابير ودساتير هي خير ما تتوصل إليه اللباقة الدبلوماسية لمثل ظروفه من زمانه وأهل زمانه بالقابليات السياسية الرائعة التي لو قدر لها أن تلي الحكم في ظرف غير هذا الظرف وفي شعب أو بلاد رتيبة بحوافزها ودوافعها لجاءت بصاحبها على رأس القائمة من السياسيين المحنكين وحكام الاسلام اللامعين ولن يكون الحرمان يوما من الأيام ولا الفشل في ميدان من الميادين بدوافعه القائمة على طبيعة الزمان دليلا على ضعف أو منفذا الى نقد ما دامت الشواهد على بعد النظر وقوة التدبير وسمو الرأي كثيرة متضافرة تكبر على الريب وتنبو عن النقاش ؛ وللقابليات الشخصية مضاؤها الذي لا يعدم مجال العمل مهما حدّ من تيارها الحرمان أو ثنى من عنانها الفشل وها هي من لدن هذا الرجل تستجد منذ الآن ميدانها البكر القائم على الفكرة الجديدة القائمة على صيانة حياة أمّة بكاملها في حاضرها ومستقبلها بما تضعه المعاهدة من خطوط وبما تستقبل به خصومها من شروط .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|