المشاكل النظرية التي تعيق تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان داخلياً |
2920
12:03 مساءاً
التاريخ: 6-4-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/9/2022
1342
التاريخ: 6-4-2016
6920
التاريخ: 6-4-2016
2984
التاريخ: 2024-09-08
236
|
من المعروف ان مبادئ ونظريات حقوق الإنسان تعد من أهم ما توصل اليه الإنسان من حيث العمق والصراع الفكري والتراكم التاريخي والقرب من طبيعة الإنسان، حيث ان ميدان هذه الحقوق كان زاخراً بالاتجاهات الفكرية والفلسفية المتصارعة منها او المتفقة فيما بينها والمستمرة بالتنافس او المنصهرة مع غيرها لتكوين الجديد في هذا المجال والمتجهة منها ضد هذه الحقوق وتطبيقها او أخرى داعمة لهذه الحقوق وساعية إلى تطبيقها , واذا كان هذا وضع مسألة هذه الحقوق من الناحية الفكرية او الفلسفية ، فان الامر قد لا يكون بعيداً عن ذلك بعد تحويل هذه الافكار إلى قواعد قانونية حيث ان القواعد القانونية بشكل عام ليست الا تأطيراً وتنظيماً للأفكار السائدة في المجتمع وتوجيهه باتجاه تحقيق اهداف معينة واذا كان امر هذه القواعد يمكن ان يكون أصلاً موضوعاً لأكثر من اتجاه فان تطبيق هذه القواعد بالتأكيد سوف لن يكون بعيداً عن ذلك، وان هذا القول تكون له احتمالية اكبر عند الكلام عن تطبيق للقاعدة الدولية ضمن النطاق الداخلي للدول. وبناءاً على ذلك فإن مشاكل تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان داخليا سوف لن تكون بعيدة عن هذه الاتجاهات ، حيث ان الامر سوف يتعلق بقاعدة دولية ضمن إطار قانوني داخلي، واذا كان هناك احتمال لإشكالية فيما يتعلق بتطبيق قاعدتين مختلفتين من حيث النظام القانوني الذي تنتمي إليه كل منهما فأن هذه الإشكالية سوف تكون أكبر بالتأكيد اذا كانت هذه القاعدة مختصة بحقوق الإنسان . وبناءاً على ما تقدم نستطيع ان نقول ان الاشكاليات النظرية بصدد القواعد الدولية لحقوق الإنسان من خلال تفاعلها مع القانون الداخلي يمكن ان ترجع اصلاً إلى الاشكاليات التقليدية المتعلقة بالعلاقة بين القانون الدولي والداخلي من جهة فضلاً عن الاشكاليات الخاصة بحقوق الإنسان فيما يخص التطبيق الداخلي من جهة أخرى. ونستطيع ان نلخص أهم المشاكل النظرية التي تعرض تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان داخلياً في مشكلتين اساسيتين . الأولى ترتبط بالعلاقة بين القانونين الدولي والداخلي ، والثانية ترتبط بمسألة عالمية او خصوصية حقوق الإنسان . وسوف نتناول فيما يأتي كل مشكلة بشكل مستقل :
أولاً- المشكلة المرتبطة بالعلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي:
ان موضوع العلاقة بين القانونين الدولي والداخلي يعد محلاً للعديد من النظريات والاتجاهات الفقهية. وعلى ضوء المواقف من هذه النظريات والاتجاهات تقوم الدول بالتعامل مع هذه المسألة. أي ان حكم المسألة يبقى راجعاً إلى النظام القانوني الداخلي لكل دولة والذي يفترض به ان يعكس أيدولوجية الدولة واتجاهاتها. وبالرجوع إلى هذه النظم القانونية نجد ان هناك العديد منها يتخذ موقفاً معيناً من التعامل مع القانون الدولي وان هذا الموقف قد يؤدي إلى إعاقة تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويكون ذلك بالتأكيد بالنسبة إلى القوانين الداخلية التي لا تقوم على أساس إعطاء سمو للقانون الدولي على القانون الداخلي . الامر الذي يعني زيادة احتمالية عدم التمكن من تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان حاله في ذلك حال بقية القواعد الدولية، واذا كان الامر يؤدي إلى بعض الضرر بالنسبة إلى القواعد الدولية الأخرى فان هذا الضرر يكون كبيراً بالنسبة إلى قواعد حقوق الإنسان حيث ان الامر يعني إفراغ القواعد من قيمتها وتجميدها وعدم الاستفادة منها بالنسبة لرعايا الدول التي تأخذ بهذا الاتجاه. واذا كانت احتمالية إعاقة التطبيق قائمة بالنسبة إلى أغلب الدول التي لا تعطي للقواعد الدولية سمو على قانونها الوطني بشكل عام فأن هذه الاحتمالية قد تزداد او تتناقص بحسب تفاصيل هذا الموقف حيث انه وكما علمنا مما تقدم في هذه الدراسة، ان هناك دولاً تعطي سمواً لقانونها الداخلي على القانون الدولي ومثل هذه الدول تكون اكثر الدول تقبلاً لاحتمال إعاقة تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، اما بالنسبة إلى الدول التي تساوي بين قانونها الداخلي والقانون الدولي فأن الاحتمال قد يكون اقل من الحالة الأولى. وهكذا فانه وبحسب الموقف العام للقانون الداخلي من القانون الدولي تتحدد كيفية التفاعل بينهما وتبعاً لذلك تتحدد مبدئياً احتمالات التطبيق للقانون الدولي لحقوق الإنسان داخليا من عدمه. وهنا ولما كانت القواعد الدولية لحقوق الإنسان بحاجة ماسة للقانون الداخلي في سبيل الوصول إلى إعمالها فأن هذا يعني ضرورة ايجاد نظام خاص للعلاقة بين هذه القواعد والقانون الاخير، ولما كان القانون الداخلي لكل الدول هو الذي يعنى بتحديد وضع العلاقة بالقانون الدولي فان تحديد وتأسيس هذا النظام لا بد وان يكون ضمن القانون الداخلي.
ثانياً- مشكلة العالمية والخصوصية لحقوق الإنسان :
تعد هذه المشكلة من اكثر المشكلات التي من الممكن ان تعترض سبيل تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال القوانين الداخلية للدول ، حيث ان هذا التطبيق لا يعني تطبيق قواعد قانونية اشتركت مجموعة من الدول في ايجادها فحسب بل ان محتوى هذه القواعد يعني قبل ذلك انها قد تكون عبارة عن مبادئ او افكار او مفاهيم وقيم اسهمت مجموعة من المجتمعات او الثقافات او الحضارات عبر التاريخ في ايجادها سواء عير أنشطة داخلية او خارجية، وتطور الامر بها إلى حين صياغتها من قبل كيانات قانونية تمثل هذه المجتمعات او الثقافات الا وهي الدول. أي ان القانون الدولي لحقوق الإنسان لا يعد ثمرة لجهود دول معينة او مجموعة صغيرة من الدول بل ان مجموعة كبيرة من الدول قد اسهمت في إيجاده وبالتالي فان تأصليه الفكري والحضاري يرجع إلى الثقافات والحضارات التي تمتد إلى تلك الدول، ومن هنا فأن هذا يعني ان تطبيقه على الصعيد الداخلي لدولة معينة قد يعني تطبيق افكار وثقافات أجنبية عن الثقافة الوطنية لتلك الدولة ، وقد تختلف معها في بعض الجوانب التي يكون لها فيها خصوصية تتميز بها عن غيرها من الدول والمجتمعات فيما يتعلق بموضوع حقوق الإنسان. وهنا تكمن المشكلة بالنسبة الى الدول التي تدعي بأن لها خصوصية وخطاباً خاصاً ونظرة خاصة إلى حقوق الإنسان تختلف عن الصفة العامة او (العمومية) التي جاء بها القانون الدولي لحقوق الإنسان باعتباره قانوناً يخاطب جميع الدول بصرف النظر عن انتماءاتها الحضارية والثقافية والفكرية. حيث ان هذه الدول قد تمتنع عن تطبيق بعض احكام القانون الدولي لحقوق الإنسان او تتحفظ عليها وقت إبرام الاتفاقية الدولية على أساس ان مثل تلك الأحكام تتناقض مع الخصوصية الثقافية لمجتمعات تلك الدول بما تتضمنه من عادات وأنماط سلوك. ونظرة إلى الكون والحياة. حيث انه من المعلوم ان قواعد حقوق الإنسان وفي حال تطبيقها في موضوعها الحقيقي والفعال أي في نطاق القانون الداخلي فانها سوف تكون على تماس واحتكاك مباشر مع مختلف جوانب الحياة البشرية وبالتأكيد فأن الجوانب المذكورة آنفاً سوف تكون من ضمنها على خلاف غير ذلك من القواعد الدولية العامة حيث انها غالباً ما تكون بعيدة عن الاحتكاك بهذه الجوانب وانها يمكن ان تخاطب أية دولة دون ان تتعرض لخصوصيات مجتمعات تلك الدول. ولكن السؤال الذي يثار هنا هو انه ولما كان الإنسان هو الإنسان في مختلف المجتمعات وفي مختلف الدول فهل هناك فعلاً خصوصية لحقوقه يتميز بها مجتمع كل دولة عن الأخرى ام ان حقوق الإنسان هي ذاتها بالنسبة إلى مجتمع بني البشر اياً كان جنسه او لونه واياً كانت ثقافته او ديانته واياً كانت جنسيته او دولته. وبالتالي فأن التمسك بمسألة الخصوصية ليس الا سبيل للتهرب والامتناع عن تطبيق احكام القانون الدولي لحقوق الإنسان؟ تعد مسألة العالمية والخصوصية لحقوق الإنسان ومالحق بها من مصطلحات مثل الاصالة والمعاصرة والنقل والعقل والتقليد والتجديد …الخ من هذه الثنائيات، من الامور التي كانت ولا تزال تشغل المفكرين(1). سواء على مستوى الفكر والسياسة بشكل عام او على مستوى المفكرين والباحثين في مجال حقوق الإنسان بشكل خاص . ويزداد البحث والاهتمام في هذه المسألة كلما كانت هناك مخاوف من مسالة فقدان الهوية والثقافة الخاصة والانصهار ضمن الغير والتأثر بثقافته ، وتزداد هذه المخاوف كلما كنا أمام مجتمعات تعاني من الجمود وعدم التطور وعدم التمكن من اللحاق بالثقافات والحضارات الأخرى ، التي تظهر بوادر على تقدمها وتطورها وهنا تزداد هذه المخاوف اكثر اذا كان هناك شعور بان هذه الحضارات او الثقافات الآخذة بالتطور والمستمرة في ذلك قد تكون لديها نوايا في التأثير في الثقافات الأخرى بأقل تقدير ان لم نقل التصارع معها وابتلاعها. واذا كانت هذه المخاوف ليست بالأمر الجديد اليوم فهي من الامور البارزة في ظل التطورات الحاصلة في المجتمع الدولي وبروز دول متطورة وبروز ظواهر مرافقة لها ضمن مفهوم العولمة والتي يعد موضوع الاهتمام بحقوق الإنسان من أهم التجليات السياسية المرافقة لها(2). وهنا وأمام زيادة هذه المخاوف وفي ظل ظروف خاصة تسود العلاقات الدولية اليوم فان احتمالية ازدياد إثارة هذه المشكلة قد تكون اكبر ، مما يعني زيادة إعاقة تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان بسبب مشكلة العالمية والخصوصية، فما المقصود بكل من عالمية وخصوصية حقوق الإنسان؟ تقوم فكرة عالمية حقوق الإنسان على أساس ان العالم ككل قد شارك بكل حضاراته وثقافاته وأديانه في ايجاد مجموعة من الحقوق الإنسانية ضمن قواعد دولية ، وان هذه القواعد قد تم التوصل اليها نتيجة للاتفاق بين هذه الثقافات في سبيل تحقيق المزيد من الاعتراف لهذه الحقوق وتوفير المزيد من الضمانات والآليات لحمايتها، بحيث يصبح العالم ككل مسؤولاً عن تحقيق ذلك على أساس التعايش والانسجام والتعاون والاعتماد المتبادل بين الثقافات المختلفة وعلى أسس أخلاقية وقانونية دولية وصولاً إلى تحقيق الإعمال لهذه الحقوق والتي لا تختلف في حقيقتها عن حقوق الخاصة في كل الثقافات حيث ان موضوعها ومحلها هو واحد الا وهو الإنسان ورفاهيته. كما ان العالمية تعني ان حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، بمعنى ان تكون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جنباً إلى جنب مع الحقوق السياسية والمدنية وهي لا تقبل بذلك التراتب (3). وتتجلى الصفة العالمية لقواعد حقوق الإنسان في عدة أدلة ، تبدأ بانتقالها من الصعيد الداخلي إلى الصعيد الدولي واحتضانها في الصعيد الاخير ونموها وتطورها فيه حتى اصبح بيئةً اكثر صحية لهذا الغرض في سبيل دعمها وتطويرها ومحاولة ايصالها إلى التمكن من الإعمال ومن ثم إعادتها إلى وسطها الأول (الداخلي) وفي حقيقة الامر فان الوسط الدولي ليس الا وسطاً يتعلق بالعالم ككل ، ومن ثم فان ما يدخل اليه ويتطور فيه من الممكن ان يتصف بالعالمية . ومن ناحية أخرى فانه عند الكلام عن عالمية للقواعد الدولية لحقوق الإنسان فان الامر مرتبط بالتأكيد بمجموعة من الاتفاقيات الدولية التي زاد عددها عن المائة اتفاقية وعهد دولي وافقت عليها معظم دول العالم واصبحت هذه الاتفاقيات فضلاً عن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان تمثل اليوم المرجعية او المثال الاعلى لحقوق الإنسان سواء دوليا او داخليا وان صفة هذه المنظومة المكونة لهذه المرجعية ما هي الا صفة عالمية لكل انسان في أي مكان وزمان(4). ويتأكد ذلك من خلال التذكير بما ورد في ميثاق الامم المتحدة تلك المنظمة الدولية العالمية الاهم وكذلك نصوص العديد من الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان من تأكيد على العالمية لحقوق الإنسان ، حيث ان هذه النصوص تخاطب الإنسان وتمنحه حقوقا متنوعة بصرف النظر عن لغة الانسان او دينه او لونه او عرقه او جنسه. ومن ناحية أخرى فان الرجوع إلى موضوعات العديد من الاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان والتي تكون المرجعية الدولية لهذه الحقوق ، نجد انها تتعلق بأمور تهم على الأغلب الأسرة البشرية بشكل عام ولا تتعلق بشعوب دول معينة بالذات حيث نجد ان موضوعات هذه الصكوك الدولية ترتبط بمشكلات إنسانية في حقيقتها تعد مشكلات عامة تهم الاسرة البشرية بشكل عام على اختلاف مجتمعاتها وثقافاتها ، مثل العبودية والتمييز العنصري وحقوق المرأة والطفل وحظر التعذيب والجرائم ضد الإنسانية والتنمية وحماية ضحايا الحرب وغير ذلك من الموضوعات التي تعكس في الحقيقة الصفة العالمية لهذه المشاكل وفي الوقت نفسه العلاج او الحل العالمي لها ، عن طريق آليات التعاون والاعتماد الدولي المتبادل . واذا كان هناك ثمة شك بصدد عالمية المرجعية التقليدية المعروفة لحقوق الإنسان على أساس انها تتضمن حقوقاً يتم تطبيقها في نهاية المطاف على صعيد داخلي ، فان ظهور الجيل الثالث من حقوق الإنسان بعد التطورات الحاصلة على الصعيد الدولي و الدفع و التقدم الحاصل في مسيرة حقوق الإنسان لمواكبة الحاجات و المشكلات الإنسانية المتزايدة والمستمرة والتي تمثل في حقيقتها هما إنسانياً عالمياً مشتركاً، بحيث ان استمرارها يعني تضرر الاسرة البشرية ككل ، مما اوجب التكاتف و التعاون بين الاسرة البشرية ككل لتلبية هذه الحاجات وحل هذه المشاكل ، التي لا يمكن حلها الا من خلال تعاون بهذا المستوى العالمي ، ومن الحقوق الإنسانية التي تمثل هذا الجيل ، الحق الجماعي في السلام و الحق في التضامن والحق في بيئة نظيفة و الحق في الاغاثة من الكوارث . وتتأكد عالمية حقوق الإنسان في عالمية المؤتمرات الدولية التي تعقد في مجال حقوق الإنسان ، والتي تمثل ميدانا للبحث في الهم الانساني المشترك ومنابر لاقتراح الحلول للمشاكل الإنسانية ومناسبة لفتح باب الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية او التصديق عليها او الدعوة إلى تطبيقها او انتقاد حالات عدم التصديق او سوء التطبيق …الخ . ومن المؤتمرات الدولية المهمة في هذا المجال ، مؤتمر فينا 1993 والذي طرحت فيه مسالة العالمية والخصوصية لحقوق الإنسان بشكل ملح وكانت موضوعاً للعديد من المناقشات والانقسامات الدولية ، والتي توصلت في نهاية الامر إلى الاقرار بعالمية حقوق الإنسان وترابطها وعدم جواز تجزئتها(5). وفضلاً عن كل ما تقدم والذي تعلق بحقوق الإنسان ووضعها الدولي ، فان هناك ثمة فكرة مرتبطة بفلسفة حقوق الإنسان بشكل عام تفيد بعالمية هذه الحقوق وهي تقوم على أساس أزلية هذه الحقوق و امتلاك البشر لها منذ الولادة وهي غير قابلة للتصرف بها او التنازل عنها . اما فيما يتعلق بفكرة الخصوصية لحقوق الإنسان فهي تقوم على أساس ارتباط حقوق الإنسان بالثقافة الخاصة لكل مجتمع وعلى هذا الاساس تكون لكل ثقافة قراءة خاصة لحقوق الإنسان .أي ان هناك اعترافاً بوجود تجميع لهذه الحقوق على نطاق دولي وخلق كتلة او منظومة عالمية لها ولكن تفسير هذه الحقوق او قراءتها قد تختلف من ثقافة إلى أخرى . وقد برزت مشكلة الخصوصية وبشكل منطقي بعد ظهور فكرة عالمية حقوق الإنسان والتي ظهرت على الصعيد الدولي بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، اذ يذهب من يتمسك بالخصوصية إلى ان الاعلان صدر متأثراً بالثقافة الغربية وانه واذا كان يحتوي على حقوق معترف بها من قبل مختلف الحضارات والثقافات الأخرى غير الغربية ولكن صياغتها في الاعلان كانت بروحية غربية لا تمثل بالضرورة بقية الثقافات بالنسبة لكل النصوص الواردة فيه(6) . وقد ظهرت مشكلة الخصوصية بشكل واضح في الواقع العملي خلال فترة مايعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الغربي و الاشتراكي، حيث ظهرت قراءتان لحقوق الإنسان الأولى هي القراءة الغربية و الثانية هي القراءة الاشتراكية وبعد ذلك ظهرت قراءة ثالثة لهذه الحقوق وهي القراءة الاكثر بروزا اليوم فيما يتعلق بالخصوصية الا وهي القراءة الاسلامية . وتقوم القراءة الأولى على الخطاب الثقافي الغربي لحقوق الإنسان و الذي كان سباقاً في استخدام مصطلح (حقوق الإنسان) والذي تبلور في عـدة وثـائـق تاريخية معروفة كوثيقة (فرجيينا) الامريكية لعام 1776 وإعلان الحقوق الفرنسي لعام 1789 وغير ذلك من الوثائق الغربية التي تقوم على أساس تقديس الفرد والملكية الخاصة والحقوق المدنية . اما القراءة الثانية فتقوم على أساس الخطاب الاشتراكي الذي يرفض عزل الفرد عن المجتمع وان الديمقراطية الاشتراكية تقوم على أساس زيادة مشاركة المواطن في ادارة الدولة و المجتمع وتنمية قدراته السياسية وان مصلحة المجتمع تفضل على مصلحة الفرد وان هناك اهمية كبيرة للعدل الاجتماعي وبالتالي كان الاهتمام بالحقوق الاقتصادية يسبق كثيرا الحقوق السياسية والمدنية التي تعمد الخطاب الاشتراكي اهمالها . اما القراءة الإسلامية لحقوق الإنسان فقد برزت بتصاعد التيارات الاسلامية وظهور الحركات الاسلامية المختلفة وقيام الثورة الايرانية وظهور ظاهرة الاسلام السياسي . وقد تبلور هذا الخطاب في عدة وثائق و بيانات اسلامية ، مثل اعلان حقوق الإنسان وواجباته في الاسلام الصادر عن رابطة العالم الاسلامي عام 1979، والبيان الاسلامي العالمي الصادر عن المجلس الاسلامي الاوربي في لندن عام1980 واعلان القاهرة لعام 1990 وغير ذلك من الوثائق (7). ويرتبط مفهوم الخطاب الاسلامي لحقوق الإنسان بمصادر الشريعة الاسلامية ومن ذلك تكون للحقوق الإنسانية المعترف بها في هذه الشريعة قدسية تتعالى على سيطرة ملك او حاكم او حزب وان هذه الحقوق تمثل تكليفاً على كل المؤمنين العمل على تحقيقها كمسؤولية وأمانة في عنق الجميع وواجباً دينياً على كل مسلم وان هذه الحقوق قد تم تقريرها للبشر من قبل الخالق وهو الاعلم بحاجات الإنسان وليست منحةً او تنازلاً من قبل السلطة الدنيوية ، ويقوم المفهوم الاسلامي ايضا على أساس التلازم بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة ، فكل حق للفرد يتضمن حقا للجماعة وتكون الاولوية للجماعة كلما حدث تقاطع (8). يتضح ان هناك اتفاقاً على وجود حقوق للإنسان وان هذه الحقوق من الممكن ان تكون عالمية ولكل البشر ولكن كل ثقافة او خصوصية تذهب إلى ان نظرتها او خطابها بشان هذه الحقوق هو الذي يجب ان يطبق لانه هو الاصح وان تطبيق غيره ممن يختلف معه قد يعني الاعتداء على هذه الحقوق من خلال الاعتداء على الخصوصية وربما يكون السبيل غير الصحيح لإعمال حقوق الإنسان . وأمام هذه النظرة قد تمتنع بعض الدول عن تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان باعتباره خليط من عدة ثقافات بصدد حقوق الإنسان وان هناك من بين القواعد التي يتضمنه ما يكون متأثراً بثقافات تختلف او تتناقض مع الخصوصية لدول معينة بصدد مسائل و مواضيع معينة من حقوق الإنسان . وامام ما تقدم حول العالمية والخصوصية نجد ان عالمية حقوق الإنسان تعد من الامور المعترف بها من قبل اغلب المفكرين المتخصصين بحقوق الإنسان بشكل عام كما انها تعد أمراً قريباً من الاعتراف التام ، اما فيما يتعلق بهذه الحقوق في النطاق الدولي ، و ذلك بالاستناد إلى التأصيل التاريخي لعملية انتقال هذه الحقوق وواقع العمل الدولي الذي يفيد بوجود اعتراف دولي بذلك والى الأسانيد الأخرى التي تناولناها بصدد عالمية هذه الحقوق الامر الذي يعني وجوب تطبيقها من قبل كل الدول الأعضاء في الأسرة الدولية و كما ينبغي ومن ضمن ذلك تطبيقها بواسطة القوانين الداخلية . ومن ناحية أخرى نجد انه على الرغم من الاعتراف بعالمية حقوق الإنسان على النطاق الدولي فان هناك تطبيقات وواقعاً يفيد بالاعتراف بالخصوصية ايضا لهذه الحقوق او بأقل تقدير التمسك بها على نطاق دولي واسع و الدليل على ذلك أعقاب تكون الشرعة الدولية العالمية لحقوق الانسان بعد الاعلان العالمي بالعديد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية الاقليمية لحقوق الإنسان مثل الاتفاقيات الاوروبية والامريكية والافريقية والاسلامية لحقوق الإنسان حيث ان مثل هذا الاتجاه قد يعكس في حقيقته تمسكا بالخصوصيات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وخاصة وان هذه الصكوك لها واقع إلزامي وحظ أوفر في التطبيق من المرجعية الدولية العالمية لهذه الحقوق من جهة ومن جهة أخرى نجد ان مثل هذه الصكوك غالباً ما تشير إلى الصلة بالمرجعية العالمية لحقوق الإنسان وخاصة اعلان عام 1948 . الامر الذي يعني الاعتراف بوجود عالمية لحقوق الإنسان وفي نفس الوقت أقران ذلك بتقرير خصوصية تظهر بشكل واضح عند البحث في موضوعات الصكوك الخاصة حيث انها غالبا ما تتناول ذات الحقوق التي جاءت بها المرجعية العالمية ولكن قد تكون هذه المعالجات الخاصة تراعي الخصوصية بالنسبة إلى مجموعة من الدول على الاغلب تجمع بينها ثقافة مشتركة يتم الاشارة اليها ضمن المصطلح الدولي العام المستخدم وهو (الاقليمية). وأمام هذا الواقع نتساءل بالقول أي من القواعد تكون واجبة التطبيق من قبل جميع الدول او أي منها هي التي تمنح مزاياها لجميع الافراد ، هل تلك الواردة ضمن الصكوك العالمية ام تلك الواردة ضمن الصكوك الاقليمية ؟ ان الاجابة عن هذا التساؤل تعتمد على ارادة الاعضاء في المجتمع الدولي سواء فيما يتعلق بايجاد القواعد العالمية او القواعد الاقليمية . حيث ان هذه الارادة هي التي يمكن ان تبين لنا طبيعة القواعد والقصد من ايجادها . فهل وجدت القاعدة العالمية فقط كي تؤخذ وتوضع ضمن قاعدة اقليمية تحدد لها كيفية وتفاصيل التطبيق ام انها وجدت لتكون قابلة للتطبيق على عموميتها على جميع الدول ؟ وهل ان القواعد الاقليمية لحقوق الإنسان وجدت في سبيل ايجاد طرق او قراءة خاصة للتطبيق تتفق مع خصوصيات الدول التي تجمع بينها ثقافة خاصة مشتركة . ام انها وجدت في سبيل ضمان التطبيق للقاعدة العالمية وإقران ذلك باليات عملية للوصول إلى أفضل تطبيق ؟ بالعودة إلى المرجعية العالمية لحقوق الإنسان وبالذات إلى الاعلان العالمي لهذه الحقوق نجد ان هذه المرجعية بشكل عام وهذا الاعلان بذاته لم يكن نتاج ثقافة معينة بذاتها بل ان مجموعة من الثقافات قد اسهمت في إيجاده والدليل على ذلك ان اكثر من دولة اشتركت في الصياغة الأولى له و كانت هذه الدول تمثل ثقافات مختلفة وليس ثقافة معينة بالذاتها والدليل على ذلك ان اول لجنة للصياغة تشكلت من مندوبي (15) دولة هي مصر ولبنان والفلبين واستراليا والاتحاد السوفياتي وتشيلي والصين وفرنسا والهند وايران وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية والاورغواي ويوغسلافيا ، حيث ان انتقاء هذه الدول يمثل انتقاءً لممثلين عن ثقافات مختلفة من ثقافات العالم . وان التوصل إلى الصياغة كان نتيجة لحوارات ونقاشات ومساهمات من قبل كل هذه الثقافات وبالتالي فان التوصل إلى صياغة نهائية واصدار الاعلان يمثل اتفاقا بين جميع هذه الثقافات يمكن اعتباره بمثابة عمل انساني يمثل الحد الادنى من التوافق بين كل هذه الدول بحضاراتها المختلفة (9). وبهذا الاتجاه يذهب محمد عابد الجابري إلى نفي الصيغة الغربية البحتة عن الاعلان كما يرى ذلك انصار الخصوصية ويذهب إلى القول بان الاعلان كان ثورة في وعلى الثقافة الغربية نفسها وبالتالي فهو يحمل صفة عالمية بعيدا عن التأثر بالثقافة الغربية فقط (10). واذا كان الاعلان وكما ينعته أنصار الخصوصية متأثراً بالثقافة الغربية اكثر من غيرها من الثقافات فان ما قام به الغربيون من تأسيس لحقوق الإنسان في الاعلان يتجاوز الخصوصية والثقافة الاوروبية او فكرة الخصوصيات بشكل عام حيث انه يرجع حقوق الإنسان إلى (البداية) أي إلى ما قبل كل ثقافة او حضارة ، أي إلى الحالة الطبيعية و منها إلى فكرة العقد الاجتماعي المؤسسة علـى فكـرة الاجتماع البشري وبالتالي الوصول الى صفة العالمية لحقوق الإنسان(11). وان هذا التأسيس هو ذاته التأسيس الذي ترجع اليه أي ثقافة او حضارة فيما يتعلق بحقوق الإنسان ، أي إلى ان حقوق الإنسان انما تنطلق من الإنسان من حيث انه انسان بغض النظر عن طائفته او موطنه او مذهبه (12). وعلى هذا الاساس وكما هو ظاهر بمقياس قانوني نجد ان المرجعية الدولية العالية لحقوق الإنسان والتي تكون الجزء الاهم في القانون الدولي لحقوق الإنسان ، قد تم ايجادها من قبل الاعضاء في الاسرة الدولية بناءً على حد أدنى من التوافق بين الثقافات المتنوعة لكي تكون قواعد قانونية دولية ملزمة وقابلة للتطبيق وليس مجرد قواعد توجد في سبيل الاخذ منها او الاختيار من ضمنها بحسب إرادة الدول . اما بخصوص القواعد الإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان والتي تمثل جزءا مهما أيضاً من القانون الدولي فان وجودها في الساحة الدولية ظهر فعلا بعد صدور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وبداية البناء للقانون الدولي الاتفاقي لحقوق الإنسان ولكن هذا الظهور لا يعني انه وجد في سبيل منع القواعد العالمية من التطبيق لوجود قواعد إقليمية خاصة ، وان هذه القواعد وجدت لتأخذ الحقوق الواردة في المرجعية العالمية وتجعل لها حيزا للتطبيق وفق خصوصيات معينة . ان حقيقة الامر تفيد بان الأسرة الدولية ومن عدة اتجاهات ووفقا لتحديدات اقليمية بدأت بالاتجاه إلى الصكوك الإقليمية لحقوق الإنسان في خضم الاتجاه او الفكر العام الذي ساد العالم اجمع والمتجه إلى الاهتمام بحقوق الإنسان في اعقاب الحربين العالميتين وسواء على الصعيد الوطني او الدولي . وبالتالي فان هذا النشاط ليس الا جزءً من الاتجاه العالمي في تلك الفترة . اما عن علاقته بالمرجعية العالمية لحقوق الإنسان فان ظهور هذه الصكوك كان على الاغلب متجهاً إلى تعزيز المرجعية العالمية وليس التقاطع معها ويكون هذا التعزيز اما باقران حقوق الإنسان باليات تطبيق أقوى من الآيات المحددة في القانون الدولي العام بشكل عام او من خلال سد الثغرات او تناول ما لم يتم تناوله في الصكوك العالمية من خلال معالجة ذلك في الصكوك الاقليمية وبالتأكيد فان كل ذلك لا يختلف مع مضمون حقوق الإنسان وعالميتها ، حيث أن العالمية بشكل عام لا تتناقض مع الخصوصيات ما دامت لا تخالف ما جاءت به بشكل عام . اذ ان فكـرة و فلسفة العالمية بشكل عام تقوم على أساس الجمع بين مجموعة من الخصوصيات و تكون شيء مشترك بينها يصلح للعالم اجمع (13). واذا كان الامر كما تقدم يقوم على أساس ان الصكوك الاقليمية ولو من حيث المبدا جاءت متفقة وغير مخالفة للصكوك العالمية ، فهل ان هذا يعني جواز تغليب القاعدة العالمية والتحيز لها ووجوب تطبيقها حتى وان كانت مخالفة لخصوصيات ثقافية معينة او مجتمع معين او دولة معينة ، او بتعبير اخر اقرب إلى موضوع هذه الدراسة ، هل ان ما تقدم يعني وجوب تطبيق قاعدة القانون الدولي لحقوق الإنسان ذات الصفة العالمية في دولة معينة وان كانت لا تتفق مع خصوصية مجتمع تلك الدولة ؟ علمنا مما تقدم ان موضوع وجود خصوصيات ثقافية لحقوق الإنسان امر مؤكد ولا خلاف عليه ، وان العالمية المتحققة لهذه الحقوق عبارة عن التوصل إلى مستوى معين مشترك بين مختلف الثقافات ، وان العالمية المتحققة لا تعني التناقص مع الخصوصيات ، ويؤسس ذلك على أساسين الأول هو، ان العالمية ناشئة اصلاً من مجموعة من الخصوصيات اما الاساس الثاني فهو مرتبط بفلسفة حقوق الإنسان وارتباطها الوثيق بالديمقراطية واحترام ارادة الشعوب وثقافتها إلى الدرجة التي أصبحت فيه الديمقراطية حقاً من حقوق الإنسان وفي الوقت نفسه فان ممارستها تعني انها تحتاج إلى العديد من الحقوق الإنسانية الأخرى كحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع والانتخاب الحر وغير ذلك. وبناءاً على ما تقدم فانه قد يكون من غير المنطقي ان تكون العالمية على حساب الخصوصيات الثقافية للشعوب وخاصة تلك المتعلقة منها بحقوق الإنسان ، حيث ان هذا الافتراض سيكون على حساب ما يعرف (بالشرعية الثقافية) وهو أمر غير مقبول حسب الفلسفة العامة لحقوق الإنسان(14). وبذلك يكون التمسك بالخصوصية جائزاً من ناحية منطقية قائمة على أساس احترام الاخر.
__________________________
[1]- محمد فائق، حقوق الانسان بين الخصوصية والعالمية، ضمن كتاب حقوق الانسان العربي، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1999، ص195.
2- للمزيد حول تاثير العولمة على القانون الدولي لحقوق الانسان ، انظر: د.اسامة ثابت الالوسي. القانون الدولي لحقوق الانسان في ظل العولمة ، مجلة دراسات دولية، سلسلة دراسات استراتيجية ، العدد (49)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد ،2003.
3- انظر: محمد فائق ، مصدر سابق ، ص196 .
4- انظر: محمد فائق ، مصدر سابق ، ص196 .
5- انظر : المصدر السابق ، ص203 .
6- انظر: محمد عبد الملك المتوكل ، الاسلام وحقوق الانسان ، ضمن كتاب حقوق الانسان العربي ، مصدر سابق ، ص93.
7- انظر :محمد فائق ، مصدر سابق ، ص201
8- انظر: محمد عبد الملك المتوكل ، مصدر سابق ،ص95. وللمزيد حول القراءة الإسلامية لحقوق الانسان انظر: رضوان زيادة ، الاسلاميون وحقوق الانسان اشكالية الخصوصية والعالمية ، ضمن كتاب حقوق الانسان العربي ، مصدر سابق ، ص133 ؛ وكذلك محمد عمارة ، الاسلام وحقوق الانسان – ضرورات لا حقوق ، سلسة عالم المعرفة ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ، الكويت ، 1985 .
9- محمد فائق ، مصدر سابق ، ص 206 .
0[1]- محمد عابد الجابري ، الديمقراطية وحقوق الانسان ، سلسلة الثقافة القومية (26) قضايا الفكر العربي (2) ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1997 ، ص 145 .
1[1]- المصدر نفسه .
2[1]- رضوان زيادة ، مصدر سابق ، ، ص 149.
3[1]- انظر : محمد عابد الجابري ، العولمة والهوية الثقافية ، تقييم نقدي لممارسات العولمة في المجال الثقافي، ضمن كتاب العرب والعولمة ، تحرير اسامة امين الخولي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط3، بيروت ، 2000، ص 301.
4[1]- محمد فائق ، مصدر سابق ، ص273.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|