أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
1677
التاريخ: 25-1-2023
1142
التاريخ: 2-06-2015
1562
التاريخ: 4-2-2016
2212
|
قال تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص : 41 ، 44] .
رغم أنّ قصّة هذا النّبي الصابر أدرجت في أربع آيات في هذه السورة ، إلاّ أنّها وضّحت حقائق مهمّة ، منها :
أ ـ الإمتحان الإلهي واسع وكبير جدّاً ويشمل حتّى الأنبياء الكبار ، إذ يكون إمتحانهم أشدّ وأصعب من الآخرين ، لأنّ طبيعة الحياة في هذه الدنيا بنيت على هذا الأساس ، ومن دون هذا الإمتحان فإنّ الإمكانيات والطاقات الكامنة في الإنسان لا تتفجّر .
ب ـ الفرج بعد الشدّة نقطة اُخرى تكمن في مجريات هذه القصّة ، فعندما تشتدّ أمواج الحوادث والبلاء على الإنسان وتحيط به من كلّ جانب ، عليه أن لا ييأس ويفقد الأمل ، وإنّما عليه أن يدرك أنّها بداية تفتح أبواب الرحمة الإلهية عليه ، كما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : «عند تناهي الشدّة تكون الفرجة ، وعند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء» (1) .
ج ـ مجريات هذه القصّة توضّح بصورة جيّدة بعض غايات البلاء والحوادث الصعبة في الحياة ، وتجيب على من يرى في وجود الآفات والبلايا تناقضاً مع برهان النظم في بحوث التوحيد ، لأنّ وجود مثل هذه الحوادث الصعبة والشديدة في حياة الإنسان ـ من أنبياء الله الكبار وحتّى عموم الناس ـ يعدّ أمراً ضرورياً ، فالإمتحان ـ كما ذكرنا ـ يفجّر طاقات الإنسان الكامنة ، ويوصله في آخر الأمر إلى التكامل في وجوده .
لذا فقد ورد في الروايات الإسلامية عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «إنّ أشد الناس بلاءاً الأنبياء ، ثمّ الذين يلونهم ، الأمثل فالأمثل»(2).
كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «إنّ في الجنّة منزلة لا يبلغها عبد إلاّ بالإبتلاء» (3)
د ـ أحداث هذه القصّة تعطي درساً في الصبر لكلّ المؤمنين الواقعيين الرساليين ، الصبر والتحمّل الذي يعقبه الظفر والإنتصار في كلّ المجالات ، ونيل المقام المحمود والمنزلة الرفيعة عند الباريء عزّوجلّ.
هـ ـ أحياناً يكون إمتحان شخص ما ، هو إمتحان في نفس الوقت لأصدقائه وللمحيطين به ، كي يعرف حجم صداقتهم ومحبّتهم إيّاه ، ومقدار وفائهم له ، فعندما فقد أيّوب أمواله وثرواته وصحّته تفرّق عنه أصحابه ، ولم يكتفوا بالإبتعاد عنه ، وإنّما اتّحدت ألسنتهم مع ألسنة أعدائه في الشماتة به وإلقاء اللائمة عليه ، وكشفوا بفعلتهم هذه عن حقيقة أنفسهم ، وكما لاحظنا فإنّ أيّوب كان يتألّم من جراح ألسنتهم أكثر من تألّمه من مرضه ، والشعر المعروف يقول :
جراحات السنان لها التيام *** ولا يلتام ما جرح اللسان
جراح الكلام ليس لها التئام .
و ـ أحبّاء الله ليسوا من يذكر الله عند الرخاء ، وإنّما أحبّاء الله الواقعيون هم اُولئك الذين يذكرون الله دائماً في السرّاء والضرّاء ، وفي البلاء والنعمة ، وفي المرض والعافية ، وفي الفقر والغنى ، وإنّ تأثيرات الحياة الماديّة لا تترك على إيمانهم وأفكارهم أدنى أثر.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته الخاصّة بوصف المتّقين التي بيّنها لصاحبه المخلص «همام» وإستعرض فيها أكثر من (100) صفة للمتّقين ، قال في إحدى تلك الصفات : «نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء»
ز ـ هذه القصّة أكّدت مرّة اُخرى حقيقة أنّ فقدان الإمكانات الماديّة ، ونزول المصائب ، وحلول المشاكل والفقر ، لا تعني عدم شمول الإنسان بلطف الباريء عزّوجلّ ، كما أنّ إمتلاك الإمكانات الماديّة ليس دليلا على بُعد الإنسان عن الله سبحانه وتعالى ، وإنّما يمكن أن يكون الإنسان عبداً مقرّباً لله مع إمتلاكه للكثير من الإمكانات الماديّة ، بشرط أن لا يكون عبداً لأمواله وأولاده ومقامه الدنيوي ، وإنّ فقدها لا يفقد الصبر معها.
_______________________
1. نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة 351.
2. سفينة البحار ، ج1 ، ص105 ، مادة (بلاء).
3. المصدر السابق .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|