أقرأ أيضاً
التاريخ: 1/11/2022
1690
التاريخ: 11-04-2015
3451
التاريخ: 29/9/2022
1603
التاريخ: 20-10-2015
3527
|
قضى الإمام معظم أيام حياته صائما و قد قالت جاريته حينما سئلت عن عبادته: ما قدمت له طعاما في نهار قط و قد أحب الصوم و حث عليه فقد قال: إن الله تعالى و كل ملائكة بالصائمين و كان (عليه السلام) لا يفطر إلا في يوم العيدين و غيرهما مما كان له عذر ؛ و كان له شأن خاص في شهر رمضان المبارك فكان يعمل فيه كل ما يقربه إلى الله زلفى و يقول الرواة: إنه لم يترك نوعا من أنواع البر و الخير إلا أتى به و كان لا يتكلم إلا بالتسبيح و الاستغفار و التكبير و إذا أفطر قال: اللهم إن شئت أن تفعل فعلت .
و كان (عليه السلام) يستقبل شهر رمضان بشوق و رغبة لأنه ربيع الأبرار و كان يدعو حين رؤيته لهلاله بهذا الدعاء الشريف الذي يمثل روحانية الإسلام و هدي أهل البيت (عليهم السلام) و هذا نصه:
الحمد لله الذي هدانا لحمده و جعلنا من أهله لنكون لإحسانه من الشاكرين و ليجزينا على ذلك جزاء المحسنين و الحمد لله الذي حبانا بدينه و اختصنا بملته و سبّلنا في سبل إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه حمدا يتقبله منا و يرضى به عنا و الحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام و شهر الإسلام و شهر الطهور و شهر التمحيص و شهر القيام الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحرمات الموفورة و الفضائل المشهورة فحرم فيه ما أحل في غيره إعظاما و حجر فيه المطاعم و المشارب إكراما و جعل له وقتا بينا لا يجيز جل و عز أن يقدم قبله و لا يقبل أن يؤخر عنه ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر و سماها ليلة القدر تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه .
و احتوت هذه الكلمات المشرقة على تعظيم شهر رمضان و تبجيله و نعته بأسمى الأوصاف التي منها:
1- إنه شهر الإسلام فمن صامه فقد دخل في إطار الإسلام و من أفطر فيه عالما عامدا فهو ليس من الإسلام في شيء.
2- إنه شهر الطهور: لأن فيه طهارة للنفس من الذنوب و تزكية لها من الآثام.
3- إنه شهر التمحيص: فيه يختبر المسلمون و يمحصون و به يظهر المطيع من العاصي.
4- إنه شهر القيام: إن هذا الشهر ربيع الأبرار و الأخيار فإنهم يحيون لياليه بالعبادة و الطاعة.
5- و من مميزات هذا الشهر انه أنزل فيه القرآن العظيم فقد أنزل في ليلة القدر التي هي من أجل لياليه ففيها {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 4، 5].
6- و من مميزات هذا الشهر الشريف أن الله تعالى جعل له من الحرمات ما ليست لغيره من سائر الشهور فقد حرم فيه تعالى على الصائم في أثناء صومه المطاعم و المشارب إكراما و تعظيما لهذا الشهر و لنستمع إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء:
اللهم صلّ على محمد و آله و ألهمنا معرفة فضله و إجلال حرمته مما حظرت فيه و أعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك و استعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو و لا نسرع بأبصارنا إلى لهو و حتى لا نبسط أيدينا إلى محظور و لا نخطو بأقدامنا إلى محجور و حتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت و لا تنطق ألسنتنا إلا بما قلت و لا نتكلف إلا ما يدني من ثوابك و لا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك ثم خلص ذلك كله من رئاء المرائين و سمعة المستمعين لا نشرك فيه أحدا دونك و لا نبتغي فيه مرادا سواك .
تعرض الإمام (عليه السلام) إلى ما ينبغي أن يتصف به الصائم في هذا الشهر العظيم من كف جوارحه عما حرمه الله و التي منها صيانة لسانه من الكذب و الغيبة و البهتان و صيانة سماعه من اللغو و الباطل و عدم بسط يده إلى السرقة و الاعتداء على الناس و عدم سعيه إلى محظور و محجوب عنه و ذلك كالمشي إلى محل المعاصي و عدم أكل الحرام كما تعرض (عليه السلام) إلى أن الصائم ينبغي له أن تكون أعماله الصالحة و مبراته خالصة لوجه الله غير مشوبة برياء أو طلب جاه أو سمعة بين الناس فإن ذلك كله مما يفسد العمل و لنصغ بعد هذا إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء الشريف: اللهم صلّ على محمد و آله وقفنا على مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت و فروضها التي فرضت و وظائفها التي وظفت و أوقاتها التي وقت و أنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها الحافظين لأركانها المؤدين لها في أوقاتها على ما سنه عبدك و رسولك صلواتك عليه و آله في ركوعها و سجودها و جميع فواضلها على أتم الطهور و أسبغه و أبين الخشوع و أبلغه و وفقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبر و الصلة و أن نتعاهد جيراننا بالإفضال و العطية و أن نخلص أموالنا من التبعات و أن نطهرها بإخراج الزكوات و أن نراجع من هاجرنا و أن ننصف من ظلمنا و أن نسالم من عادانا حاشا من عودي فيك و لك فإنه العدو الذي لا نواليه و الحزب الذي لا نصافيه و أن نتقرب إليك فيه من الأعمال الزاكية بما تطهرنا به من الذنوب و تعصمنا فيه مما نستأنف من العيوب حتى لا يورد عليك أحد من ملائكتك إلا دون ما نورد من أبواب الطاعة لك و القربة إليك .
و عرضت هذه الفقرات إلى أمور بالغة الأهمية ينبغي للصائم مراعاتها و القيام بها و هي:
1- الحفاظ على الإتيان بالصلاة في أوقاتها التي حددها الله مشفوعة بما سنه الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) من السنن و الآداب و الأذكار في ركوعها و سجودها بل و في جميع شؤونها و الإتيان بها على أكمل وجه من الخشوع و الخضوع لله تعالى وحده.
2- البر بالأرحام و الصلة لهم فإنها من أفضل الطاعات.
3- الإحسان إلى الجيران و إسداء المعروف لهم.
4- تطهير الأموال بإخراج الخمس و الزكاة المفروضة فيها.
5- مراجعة من هجرنا من الأصدقاء و الاخوان.
6- إنصاف الظالم و عدم الاعتداء عليه بقول أو فعل فإن ذلك من مكارم الأخلاق.
7- مسالمة العدو و عدم معاداته اللهم إلا أن تكون العداوة لله في الله تعالى فإن اللازم مقاطعته و عدم مسالمته.
8- التقرب إلى الله بالأعمال الطيبة فإنها يتأكد استحبابها في شهر رمضان المبارك.
و لنستمع بعد هذا إلى الفقرات الأخيرة من هذا الدعاء الشريف: اللهم إني أسألك بحق هذا الشهر و بحق من تعبد لك فيه من ابتدائه إلى وقت فنائه من ملك قربته أو نبي أرسلته أو عبد صالح اختصصته أن تصلي على محمد و آله و أهّلنا فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك و أوجب لنا فيه ما أوجبت لأهل المبالغة في طاعتك و اجعلنا من نظم من استحق الأعلى برحمتك ؛ اللهم صلّ على محمد و آله و جنبنا الإلحاد في توحيدك و التقصير في تمجيدك و الشك في دينك و العمى عن سبيلك و الإغفال لحرمتك و الانخداع لعدوك الشيطان الرجيم اللهم صل على محمد و آله و إذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك أو يهبها صفحك فاجعل رقابنا من تلك الرقاب و اجعلنا لشهرنا من خير أهل و أصحاب ؛ اللهم صل على محمد و آله و امحق ذنوبنا مع إمحاق هلاله و اسلخ عنا تبعاتنا مع انسلاخ أيامه حتى ينقضي عنا و قد صفيتنا فيه من الخطيئات و أخلصتنا فيه من السيئات اللهم صل على محمد و آله و إن ملنا فيه فعدلنا و إن زغنا فيه فقومنا و إن اشتمل علينا عدوك الشيطان فاستنقذنا منه , اللهم اشحنه بعبادتنا إياك و زين أوقاته بطاعتنا لك و أعنا في نهاره على صيامه و في ليله على الصلاة و التضرع إليك و الخشوع لك و الذلة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة و لا ليله بتفريط اللهم و اجعلنا في سائر الشهور و الأيام كذلك ما عمرتنا و اجعلنا من عبادك الصالحين {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11] {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 60، 61] اللهم صلّ على محمد و آله في كل وقت و كل أوان و على كل حال عدد ما صليت على من صليت عليه و أضعاف ذلك بالأضعاف التي لا يحصيها غيرك إنك فعال لما تريد .
إن أدعية الإمام مدرسة للوعي الديني و هي تفيض بروح الإيمان و جوهر الإخلاص لله , و قد احتوت هذه الفقرات المشرقة من دعائه على ما يلي:
1- انه توسل إلى الله تعالى بحرمة رمضان و بحرمة من تعبد فيه من عباده الصالحين في أن يجعله من أوليائه المقربين و في عداد من استحق المنزلة الرفيعة عنده.
2- أن يجعل أعماله الصالحة و مبراته خالصة لوجهه تعالى غير مشوبة برياء و نحوه مما يفسد العمل.
3- أن يجنبه الشك و الأوهام الفاسدة في أمور الدين.
4- أن لا يسلك غير الطريق الذي شرعه الله و أن لا يغفل عن حرماته تعالى.
5- أن لا ينحرف في تيار الشيطان الرجيم.
6- أن يمنّ عليه فيجعله من جملة عتقائه في هذا الشهر العظيم.
7- أن يوفقه الله في هذا الشهر المبارك للعبادة و الطاعة و التضرع و الخشوع و الذلة له تعالى.
هذه بعض الأمور المهمة التي احتوت عليها هذه الكلمات من دعائه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|