المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



صومه في شهر رمضان  
  
3335   04:21 مساءاً   التاريخ: 30-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص204-209.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /

قضى الإمام معظم أيام حياته صائما و قد قالت جاريته حينما سئلت عن عبادته: ما قدمت له طعاما في نهار قط و قد أحب الصوم و حث عليه فقد قال: إن الله تعالى و كل ملائكة بالصائمين و كان (عليه السلام) لا يفطر إلا في يوم العيدين و غيرهما مما كان له عذر ؛ و كان له شأن خاص في شهر رمضان المبارك فكان يعمل فيه كل ما يقربه إلى الله زلفى و يقول الرواة: إنه لم يترك نوعا من أنواع البر و الخير إلا أتى به و كان لا يتكلم إلا بالتسبيح و الاستغفار و التكبير و إذا أفطر قال: اللهم إن شئت أن تفعل فعلت‏ .

و كان (عليه السلام) يستقبل شهر رمضان بشوق و رغبة لأنه ربيع الأبرار و كان يدعو حين رؤيته لهلاله بهذا الدعاء الشريف الذي يمثل روحانية الإسلام و هدي أهل البيت (عليهم السلام) و هذا نصه:

الحمد لله الذي هدانا لحمده و جعلنا من أهله لنكون لإحسانه من الشاكرين و ليجزينا على ذلك جزاء المحسنين و الحمد لله الذي حبانا بدينه و اختصنا بملته و سبّلنا في سبل‏ إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه حمدا يتقبله منا و يرضى به عنا و الحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام و شهر الإسلام و شهر الطهور و شهر التمحيص و شهر القيام الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحرمات الموفورة و الفضائل المشهورة فحرم فيه ما أحل في غيره إعظاما و حجر فيه المطاعم و المشارب إكراما و جعل له وقتا بينا لا يجيز جل و عز أن يقدم قبله و لا يقبل أن يؤخر عنه ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر و سماها ليلة القدر تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه .

و احتوت هذه الكلمات المشرقة على تعظيم شهر رمضان و تبجيله و نعته بأسمى الأوصاف التي منها:

1- إنه شهر الإسلام فمن صامه فقد دخل في إطار الإسلام و من أفطر فيه عالما عامدا فهو ليس من الإسلام في شي‏ء.

2- إنه شهر الطهور: لأن فيه طهارة للنفس من الذنوب و تزكية لها من الآثام.

3- إنه شهر التمحيص: فيه يختبر المسلمون و يمحصون و به يظهر المطيع من العاصي.

4- إنه شهر القيام: إن هذا الشهر ربيع الأبرار و الأخيار فإنهم يحيون لياليه بالعبادة و الطاعة.

5- و من مميزات هذا الشهر انه أنزل فيه القرآن العظيم فقد أنزل في ليلة القدر التي هي من أجل لياليه ففيها {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 4، 5].

6- و من مميزات هذا الشهر الشريف أن الله تعالى جعل له من الحرمات ما ليست لغيره من سائر الشهور فقد حرم فيه تعالى على الصائم في أثناء صومه المطاعم و المشارب إكراما و تعظيما لهذا الشهر و لنستمع إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء:

 اللهم صلّ على محمد و آله و ألهمنا معرفة فضله و إجلال حرمته مما حظرت فيه و أعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك و استعمالها فيه بما يرضيك حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو و لا نسرع بأبصارنا إلى لهو و حتى لا نبسط أيدينا إلى محظور و لا نخطو بأقدامنا إلى محجور و حتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت و لا تنطق ألسنتنا إلا بما قلت و لا نتكلف إلا ما يدني من ثوابك و لا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك ثم خلص ذلك كله من رئاء المرائين و سمعة المستمعين لا نشرك فيه أحدا دونك و لا نبتغي فيه مرادا سواك .

تعرض الإمام (عليه السلام) إلى ما ينبغي أن يتصف به الصائم في هذا الشهر العظيم من كف جوارحه عما حرمه الله و التي منها صيانة لسانه من الكذب و الغيبة و البهتان و صيانة سماعه من اللغو و الباطل و عدم بسط يده إلى السرقة و الاعتداء على الناس و عدم سعيه إلى محظور و محجوب عنه و ذلك كالمشي إلى محل المعاصي و عدم أكل الحرام كما تعرض (عليه السلام) إلى أن الصائم ينبغي له أن تكون أعماله الصالحة و مبراته خالصة لوجه الله غير مشوبة برياء أو طلب جاه أو سمعة بين الناس فإن ذلك كله مما يفسد العمل و لنصغ بعد هذا إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء الشريف: اللهم صلّ على محمد و آله وقفنا على مواقيت الصلوات الخمس‏ بحدودها التي حددت و فروضها التي فرضت و وظائفها التي وظفت و أوقاتها التي وقت و أنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها الحافظين لأركانها المؤدين لها في أوقاتها على ما سنه عبدك و رسولك صلواتك عليه و آله في ركوعها و سجودها و جميع فواضلها على أتم الطهور و أسبغه و أبين الخشوع و أبلغه و وفقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبر و الصلة و أن نتعاهد جيراننا بالإفضال و العطية و أن نخلص أموالنا من التبعات و أن نطهرها بإخراج الزكوات و أن نراجع من هاجرنا و أن ننصف من ظلمنا و أن نسالم من عادانا حاشا من عودي فيك و لك‏ فإنه العدو الذي لا نواليه و الحزب الذي لا نصافيه و أن نتقرب إليك فيه من الأعمال الزاكية بما تطهرنا به من الذنوب و تعصمنا فيه مما نستأنف من العيوب حتى لا يورد عليك أحد من ملائكتك إلا دون ما نورد من أبواب الطاعة لك و القربة إليك .

و عرضت هذه الفقرات إلى أمور بالغة الأهمية ينبغي للصائم مراعاتها و القيام بها و هي:

1- الحفاظ على الإتيان بالصلاة في أوقاتها التي حددها الله مشفوعة بما سنه الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) من السنن و الآداب و الأذكار في ركوعها و سجودها بل و في جميع شؤونها و الإتيان بها على أكمل وجه من الخشوع و الخضوع لله تعالى وحده.

2- البر بالأرحام و الصلة لهم فإنها من أفضل الطاعات.

3- الإحسان إلى الجيران و إسداء المعروف لهم.

4- تطهير الأموال بإخراج الخمس و الزكاة المفروضة فيها.

5- مراجعة من هجرنا من الأصدقاء و الاخوان.

6- إنصاف الظالم و عدم الاعتداء عليه بقول أو فعل فإن ذلك من مكارم الأخلاق.

7- مسالمة العدو و عدم معاداته اللهم إلا أن تكون العداوة لله في الله تعالى فإن اللازم مقاطعته و عدم مسالمته.

8- التقرب إلى الله بالأعمال الطيبة فإنها يتأكد استحبابها في شهر رمضان المبارك.

و لنستمع بعد هذا إلى الفقرات الأخيرة من هذا الدعاء الشريف: اللهم إني أسألك بحق هذا الشهر و بحق من تعبد لك فيه من ابتدائه إلى وقت فنائه من ملك قربته أو نبي أرسلته أو عبد صالح اختصصته أن تصلي على محمد و آله و أهّلنا فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك و أوجب لنا فيه ما أوجبت لأهل المبالغة في طاعتك‏ و اجعلنا من نظم‏ من استحق الأعلى برحمتك ؛ اللهم صلّ على محمد و آله و جنبنا الإلحاد في توحيدك و التقصير في تمجيدك و الشك في دينك و العمى عن سبيلك و الإغفال لحرمتك و الانخداع لعدوك الشيطان الرجيم‏ اللهم صل على محمد و آله و إذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك أو يهبها صفحك فاجعل رقابنا من تلك الرقاب و اجعلنا لشهرنا من خير أهل و أصحاب ؛ اللهم صل على محمد و آله و امحق ذنوبنا مع إمحاق هلاله‏ و اسلخ عنا تبعاتنا مع انسلاخ أيامه حتى ينقضي عنا و قد صفيتنا فيه من الخطيئات و أخلصتنا فيه من السيئات اللهم صل على محمد و آله و إن ملنا فيه فعدلنا و إن زغنا فيه فقومنا و إن اشتمل علينا عدوك الشيطان فاستنقذنا منه , اللهم اشحنه بعبادتنا إياك و زين أوقاته بطاعتنا لك و أعنا في نهاره على صيامه و في ليله على الصلاة و التضرع إليك و الخشوع لك و الذلة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة و لا ليله بتفريط اللهم و اجعلنا في سائر الشهور و الأيام كذلك ما عمرتنا و اجعلنا من عبادك الصالحين‏ {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11] {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 60، 61] اللهم صلّ على محمد و آله في كل وقت و كل أوان و على كل حال عدد ما صليت على من صليت عليه و أضعاف ذلك بالأضعاف التي لا يحصيها غيرك إنك فعال لما تريد .

إن أدعية الإمام مدرسة للوعي الديني و هي تفيض بروح الإيمان و جوهر الإخلاص لله , و قد احتوت هذه الفقرات المشرقة من دعائه على ما يلي:

1- انه توسل إلى الله تعالى بحرمة رمضان و بحرمة من تعبد فيه من عباده الصالحين في أن يجعله من أوليائه المقربين و في عداد من استحق المنزلة الرفيعة عنده.

2- أن يجعل أعماله الصالحة و مبراته خالصة لوجهه تعالى غير مشوبة برياء و نحوه مما يفسد العمل.

3- أن يجنبه الشك و الأوهام الفاسدة في أمور الدين.

4- أن لا يسلك غير الطريق الذي شرعه الله و أن لا يغفل عن حرماته تعالى.

5- أن لا ينحرف في تيار الشيطان الرجيم.

6- أن يمنّ عليه فيجعله من جملة عتقائه في هذا الشهر العظيم.

7- أن يوفقه الله في هذا الشهر المبارك للعبادة و الطاعة و التضرع و الخشوع و الذلة له تعالى.

هذه بعض الأمور المهمة التي احتوت عليها هذه الكلمات من دعائه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.