أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2016
3395
التاريخ: 29-3-2016
3001
التاريخ: 26-7-2022
2205
التاريخ: 29-3-2016
3363
|
جزع الامام زين العابدين كأشد ما يكون الجزع حينما رأى جثمان أبيه وجثث أهل بيته وأصحابه منبوذة بالعراء لم ينبر أحد الى مواراتها وبصرت به عمته زينب فبادرت إليه مسلية قائلة : ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي واخوتي فو اللّه إن هذا لعهد من اللّه الى جدك وأبيك ولقد أخذ اللّه ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات انهم يجمعون ؛ هذه الأعضاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام وليجتهدن أئمة الكفر واشياع الضلال في محوه وطمسه فلا يزداد أثره الا علوا , وازالت حفيدة الرسول (صلى الله عليه واله) ما ألم بالامام زين العابدين من الحزن العميق على عدم مواراة أبيه فقد أخبرته بما سمعته من أبيها وأخيها من قيام جماعة من المؤمنين بمواراة تلك الجثث الطاهرة وسينصب لها علم لا يمحى أثره ويبقى خالدا حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها وقد جدّ ملوك الأمويين والعباسيين على محوها وازالة آثارها وجاهدوا نفوسهم وسخروا جميع امكانياتهم الا انهم لم يفلحوا ومضى مرقد الامام شامخا على الدهر ومضت ذكراه تملأ رحاب الأرض نورا وفخرا وشرفا كأسمى صورة تعتز بها الانسانية في جميع أدوارها.
وبقيت جثة الامام العظيم وجثث الشهداء الممجدين من أهل بيته واصحابه ملقاة على صعيد كربلاء تصهرها الشمس وتسفي عليها الرياح وقد انبرى جماعة من المؤمنين الذين لم يتلوثوا في الاشتراك بحرب ريحانة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) الى مواراتها وقد اختلف المؤرخون في اليوم الذي دفنت فيه وفيما يلي ذلك :
1 ـ يوم الحادي عشر
2 ـ يوم الثاني عشر
3 ـ يوم الثالث عشر
اما الذين حظوا بمواراتها فهم قوم من بني أسد كانوا ينزلون بالقرب من مكان المعركة فخفوا إليها بعد أن نزحت جيوش ابن سعد فرأوا الجثث الزواكي ملقاة بالعراء فأيقنوا انها جثث أهل البيت وجثث أصحابهم فعجوا بالبكاء والعويل وصرخت نساؤهم وقاموا في هدأة الليل حيث امنوا الرقباء فحفروا قبرا لسيد الشهداء وقبرا آخر لبقية الشهداء وقد حفروها على ضوء القمر حيث كان على وشك التمام ولم يطلع القمر على مثلها شرفا في جميع الاحقاب والآباد.
يقول الشيخ المفيد : ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية الى الحسين وأصحابه فصلوا عليهم ودفنوا الحسين (عليه السلام) حيث قبره الآن ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عند رجله : وحفروا للشهداء من أهل بيته واصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين وجمعوهم فدفنوهم جميعا ودفنوا العباس بن علي في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن .
وتنص بعض المصادر الشيعية على أن بني أسد كانوا متحيرين في شأن تلك الجثث الزواكي ولم يهتدوا لمعرفتها لأن الرؤوس قد فصلت عنها وبينما هم كذلك اذ أطل عليهم الامام زين العابدين فأوقفهم على شهداء أهل البيت وغيرهم من الأصحاب وبادر الى حمل جثمان أبيه فواراه في مثواه الأخير وهو يذرف أحر الدموع قائلا : طوبى لأرض تضمنت جسدك الطاهر فان الدنيا بعدك مظلمة والآخرة بنورك مشرقة أما الليل فمسهد والحزن سرمد أو يختار اللّه لأهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم وعليك مني السلام يا ابن رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته.
ورسم على القبر الشريف هذه الكلمات : هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتلوه عطشانا غريبا ودفن عند رجلي الامام ولده علي الأكبر ودفن بقية الشهداء الممجدين من هاشميين وغيرهم في حفرة واحدة وانطلق الامام زين العابدين مع الأسديين الى نهر العلقمي فواروا قمر بني هاشم العباس بن أمير المؤمنين وجعل الامام يبكي احر البكاء قائلا : على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم وعليك مني السلام من شهيد محتسب ورحمة اللّه وبركاته .
وأصبحت تلك القبور الطاهرة رمزا للكرامة الانسانية ورمزا لكل تضحية تقوم على العدل يقول العقاد : فهي اليوم مزار يطيف به المسلمون متفقين ومختلفين ومن حقه أن يطيف به كل انسان لأنه عنوان قائم لأقدس ما يشرف به هذا الحي الآدمي من بين سائر الأحياء فما اظلت قبة السماء مكانا لشهيد قط هو اشرف من تلك القباب بما حوته من معنى الشهادة وذكرى الشهداء ويقول يوسف رجيب : وليس لقبر من قبور أولياء اللّه الصالحين البررة غير قبر الحسين هو قبلة الدنيا وكعبة بني الأرض لأن اللّه شرفه بجهاد اعدائه الذين اعتزموا طمس الدين الحنيف وانتهاك الشريعة واتخاذ الخلافة أمرة زمنية استباحوا بها كل محرم يتلذذون بما حرم اللّه وحرمته كتبه .
لقد ضمت تلك البقعة المباركة خلاصة الاباء والشرف والدين وقد أصبحت أقدس مراكز العبادة وافضلها في الاسلام ففي كل وقت يطيف بها المسلمون متبركين ومتقربين إلى اللّه كما اصبحت مطافا لملائكة اللّه المقربين فقد روى الفضل بن يسار عن أبي عبد اللّه أنه سئل عن أفضل قبور الشهداء فقال (عليه السلام) : أو ليس أفضل الشهداء الحسين بن علي؟ فو الذي نفسي بيده ان حول قبره اربعين الف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة .
ويقول الامام الرضا (عليه السلام) : إن حول قبر الحسين سبعين الف ملك شعثا غبرا يبكون عليه الى يوم القيامة وقد حظى مرقده العظيم باستجابة الدعاء عنده فما قصده مكروب أو ملهوف الا فرج اللّه عنه مما ألم به يقول الجواهري :
تعاليت من مفزع للحتوف وبورك قبرك من مفزع
تلوذ الدهور فمن سجد على جانبيه ومن ركع
ويقول المؤرخون إن الامام الهادي (عليه السلام) ألم به مرض فأمر أبا هاشم الجعفري أن يبعث له رجلا إلى الحائر الحسيني ليدعو له بالشفاء وقد سئل (عليه السلام) عن ذلك فقال : ان اللّه أحب أن يدعى في هذا المكان .
لقد احتل ابو الشهداء المكانة العظمى عند اللّه تعالى كما احتل قلوب المسلمين وحظى بأصدق محبتهم فهم يشدون الرحال الى مثواه من كل فج عميق وفاء بحقه واعترافا بفضله والتماسا لعظيم الأجر الذي كتبه اللّه لزائريه ويقول (نيكلسون) : وخلال بضع سنوات عن مصرع الحسين اصبح ضريحه في كربلاء محجا تشد إليه الرحال .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|