أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2019
1958
التاريخ: 28-3-2016
3833
التاريخ: 17-3-2016
3856
التاريخ: 22-3-2016
3349
|
نخب الحزن قلب بضعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وريحانته وبرح بها الألم وأضناها الأسى حينما علمت أنّ أباها مفارق لهذه الحياة فقد جاءت إليه تتعثّر بخطاها وهي مذهولة كأنها تعاني آلام الاحتضار فجلست إلى جانبه وهي محدقة بوجهه وسمعته يقول : وا كرباه!.
ويمتلئ قلبها الطاهر بالأسى والحزن والحسرات فتسرع إليه قائلة : وا كربي لكربك يا أبتي!. فأشفق الرسول (صلّى الله عليه وآله) حينما رأى حبيبته كأنها صورة جثمان قد فارقته الحياة فقال لها مسلّياً : لا كرب على أبيك بعد اليوم ؛ فكانت هذه الكلمات أشدّ على نفسها من هول الصاعقة فقد علمت أنّ أباها سيفارقها ورأها النبي (صلّى الله عليه وآله) وهي ولهى حائرة قد خطف الحزن لونها وهامت في تيارات مذهلة من الأسى فأراد أن يسلّيها فأمرها بالدنو إليه وأسرّ إليها بحديث فلم تملك نفسها أن غامت عيناها بالدموع ثمّ أسرّ إليها ثانية فقابلته ببسمات فيّاضة بالبشر والسرور وعجبت عائشة من ذلك وراحت تقول : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن!
وسألتها عائشة عمّا أسرّ إليها أبوها فأشاحت بوجهها عنها وأبت أن تخبرها ولمّا انصرمت الأيّام أخبرت (سلام الله عليها) عن ذلك فقالت أخبرني : إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرّة وإنه عارضني في هذا العام به مرّتين ولا أراه إلاّ قد حضر أجلي ؛ وكان هذا هو السبب في لوعتها وبكائها وأمّا سبب سرورها وابتهاجها فتقول أخبرني : إنك أوّل أهل بيتي لحوقاً بي ونِعم السلف أنا لك ؛ ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الاُمّة؟ .
لقد كان السبب في إخماد لوعتها إخباره لها أنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به وأخذ (صلّى الله عليه وآله) يخفّف عنها لوعة المصاب قائلاً لها : يا بنية لا تبكي وإذا متّ فقولي : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ؛ فإنّ فيها من كل ميت معوضة.
وقالت له بصوت خافت حزين النبرات : ومنك يا رسول الله؟.
ـ نعم ومنّي واشتدّ الوجع برسول الله (صلّى الله عليه وآله) فجعلت تبكي وتقول لأبيها : أنت والله كما قال القائل :
وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجههِ ثِمالُ اليتامى عِصمةٌ للأراملِ
وأفاق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال لها : هذا قول عمّك أبي طالب ؛ وقرأ قوله تعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران: 144] , وروى أنس بن مالك قال : جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسين إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه فانكبّت عليه وألصقت صدرها بصدره وهي غارقة في البكاء فنهاها النبي عن ذلك فانطلقت إلى بيتها والنبي تسبقه دموعه وهو يقول : اللّهمّ أهل بيتي وأنا مستودعهم كل مؤمن ؛ وجعل يردّد ذلك ثلاث مرات وهو مثقل بالهمّ ؛ لعلمه بما سيجري عليهم من المحن والخطوب.
ميراث النبي (صلّى الله عليه وآله) لسبطيه (عليهما السّلام) : ولمّا علمت سيّدة النّساء أنّ لقاء أبيها بربّه قريب خفّت إلى دارها وصحبت معها ولديها الحسن والحسين وهي تذرف الدموع وتطلب منه أن يورثهما شيئاً من مكارم نفسه التي عطّر شذاها العالم بأسره قائلة : أبَه هذان ولداك فورّثهما منك شيئاً ؛ ويفيض عليهما الرسول ببعض خصائصه وذاتيّاته التي امتاز بها على سائر النبيين قائلاً : أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي ؛ وأمّا الحسين فإنّ له جرأتي وجودي .
ويقومان الحسنان من عند جدّهما وقد ورثا منه الهيبة والسؤدد والجرأة والجود وهل هناك مما تحويه هذه الأرض أثمن وأعزّ من هذا الميراث؟ الذي لا صلة له بعالم المادة وشؤونها وإنّما يحوي كمالات النبوّة وخصائصها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|