أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2019
2186
التاريخ: 25-3-2016
3814
التاريخ: 23-11-2017
4975
التاريخ: 13-4-2019
2259
|
أقلقت الأخبار عن تقدّم الإمام الحسين ( عليه السّلام ) نحو الكوفة ابن زياد وأعوان السلطة الأموية ، فأسرع بكتابه إلى الحرّ بن يزيد الرياحي يطلب فيه أن لا يسمح بتقدّم الإمام حتى تلتحق به جيوش بني اميّة وتلتقي به بعيدا عن الكوفة خشية أن يستنهض أهلها ثانية ، وليستغل ابن زياد ظروف المنطقة الصعبة للضغط على الإمام ( عليه السّلام ) واستسلامه .
وبغباء المنحرف الساذج وجهالته ردّ حامل كتاب ابن زياد على أحد أصحاب الحسين ( عليه السّلام ) - يزيد بن مهاجر - مدافعا عمّا جاء به قائلا : أطعت إمامي ووفيت ببيعتي ، فقال له ابن مهاجر : بل عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك وكسبت العار والنار ، وبئس الإمام إمامك ، قال اللّه تعالى : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص: 41].
وحالت جنود ابن زياد قافلة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) دون الاستمرار في المسير ، فقد منعهم جيش الحرّ بن يزيد وأصرّوا على أن يدفعوا الإمام ( عليه السّلام ) نحو عراء لا خضرة فيها ولا ماء .
وكان زهير بن القين متحمّسا لقتال جيش الحرّ قبل أن يأتيهم المدد من قوات بني اميّة ، فقال للحسين ( عليه السّلام ) : « إنّ قتالهم الآن أيسر علينا عن قتال غيرهم » ، ولكنّ الإمام ( عليه السّلام ) رفض هذا الرأي لأنّ القوم لم يعلنوا حربا عليه بعد ، وما كان ذلك الموقف النبيل إلّا لما كان يحمله الإمام من روح تتسع للامّة جمعاء ، وأيضا لعظيم رسالته التي يدافع عنها وقيمه التي كان يسعى إلى بنائها في الامّة رغم أنّها بدت تظهر العداء سافرا ضدّه ، فقال ( عليه السّلام ) : « ما كنت لأبدأهم بقتال » .
وكان نزول الإمام في كربلاء في يوم الخميس الثاني من محرم سنة إحدى وستين[1] « 2 » ، ثم اقترح زهير على الإمام ( عليه السّلام ) أن يلجأوا إلى منطقة قريبة يبدو فيها بعض ملامح التحصين لمواجهة الجيش الأموي لو نشبت المعركة .
وسأل الإمام ( عليه السّلام ) عن اسم هذه المنطقة فقيل له : كربلاء ، عندها دمعت عيناه وهو يقول : « اللهم أعوذ بك من الكرب والبلاء » ، ثم قال : « ذات كرب وبلاء ، ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفّين وأنا معه فوقف ، فسأل عنه فأخبر باسمه فقال : هاهنا محطّ ركابهم ، وهاهنا مهراق دمائهم ، فسئل عن ذلك فقال : ثقل لآل بيت محمد ينزلون هاهنا »[2].
وقبض الإمام الحسين ( عليه السّلام ) قبضة من ترابها فشمّها وقال : « هذه واللّه هي الأرض التي أخبر بها جبرئيل رسول اللّه أننّي اقتل فيها ، أخبرتني أم سلمة »[3].
فأمر الإمام ( عليه السّلام ) بالنزول ونصب الخيام إلى حين يتّضح الأمر ويتّخذ القرار النهائي لمسيرته .
جيش الكوفة ينطلق بقيادة عمر بن سعد :
وفي تلك الأثناء خرج عمر بن سعد من الكوفة في جيش قدّرته بعض المصادر بثلاثين ألفا ، وبعضها بأكثر من ذلك ، وفي رواية ثالثة : إنّ ابن زياد قد استنفر الكوفة وضواحيها لحرب الحسين وتوعّد كلّ من يقدر على حمل السلاح بالقتل والحبس إن لم يخرج لحرب الحسين .
وكان من نتائج ذلك أن امتلأت السجون بالشيعة واختفى منهم جماعة ، وخرج من خرج لحرب الحسين من أنصار الامويّين وأهل الأطماع والمصالح الذين كانوا يشكّلون أكبر عدد في الكوفة ، أمّا رواية الخمسة آلاف مقاتل التي تبنّاها بعض المؤرّخين فمع أنّها من المراسيل ، لا تؤيّدها الظروف والملابسات التي تحيط بحادث من هذا النوع الذي لا يمكن لأحد أن يقدم عليه إلّا بعد أن يعدّ العدّة لكلّ الاحتمالات ، ويتّخذ جميع الاحتياطات ، وبخاصة إذا كان خبيرا بأهل الكوفة وتقلّباتهم وعدم ثباتهم على أمر من الأمور[4].
وتوالت قطعات الجيش الأموي بزعامة عمر بن سعد فأحاطت بالحسين ( عليه السّلام ) وأهله وأصحابه ، وحالت بينهم وبين ماء الفرات القريب منهم .
وقد جرت مفاوضات محدودة بين عمر بن سعد والإمام الحسين ( عليه السّلام ) أوضح فيها الإمام ( عليه السّلام ) لهم عن موقفه وموقفهم ودعوتهم له ، وألقى عليهم كل الحجج في سبيل إظهار الحق ، وبيّن لهم سوء فعلهم هذا وغدرهم ونقضهم للوعود التي وعدوه بها من نصرته وتأييده ، وضرورة القضاء على الفساد .
ولكن عمر بن سعد كان أداة الشرّ المنفّذة للفساد والظلم الأموي ، فكانت غاية همّته هي تنفيذ أوامر ابن زياد بانتزاع البيعة من الإمام ( عليه السّلام ) ليزيد أو قتله وأهل بيته وأصحابه[5] ، متجاهلا حرمة البيت النبوي بل وحاقدا عليه كما جاء في رسالته لعمر : أن حل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا قطرة كما صنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان[6].
[1] تأريخ الطبري : 3 / 309 ، ومعجم البلدان : 4 / 444 ، وإعلام الورى : 1 / 451 ، والأخبار الطوال : 252 ، وبحار الأنوار : 44 / 380 .
[2] مجمع الزوائد : 9 / 192 ، والأخبار الطوال : 253 ، وحياة الحيوان للدميري : 1 / 60 .
[3] تذكرة الخواص : 260 ، ونفس المهموم : 205 ، وناسخ التواريخ : 2 / 168 ، وينابيع المودة : 406 .
[4] سيرة الائمّة الاثني عشر القسم الثاني : 68
[5] الارشاد للمفيد : 2 / 85 ، الفتوح : 5 / 97 ، بحار الأنوار : 44 / 284 ، إعلام الورى : 1 / 451 ، البداية والنهاية : 8 / 189 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 245 .
[6] إعلام الورى : 1 / 452 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|