المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

الرقابة القضائية على اعمال الادارة
8-6-2016
المقصود من «القلب» في القرآن
13-11-2014
سعيد بن مسلمة بن هشام
22-10-2017
متسلسلات فوريير: Fourier Series
2023-09-28
Media For Culturing Fungi
17-11-2015
مرض السفلس Syphilis
10-05-2015


مجمع البيان في تفسير القرآن‏  
  
3063   05:19 مساءاً   التاريخ: 22-3-2016
المؤلف : د . احسان الامين .
الكتاب أو المصدر : التفسير بالمأثور وتطويره عند الشيعة
الجزء والصفحة : ص421-428.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التفاسير وتراجم مفسريها / التفاسير /

المؤلّف :

أمين الاسلام ، أبو علي ، الفضل بن الحسن الطبرسي الطوسي ، أصله من طبرستان ، وقيل من تفرش (طبرس) من نواحي مدينة قم بإيران . ولد سنة 468 هـ وعاش في المشهد الرضوي حتى سنة 523 هـ ، ثمّ انتقل إلى سبزوار حيث عاش فيها حتى وفاته سنة 552 هـ ، وقيل توفّي سنة 548 هـ ، ليلة النّحر ، ثمّ نقل نعشه إلى المشهد الرضوي ، وقبره الآن معروف في موضع يقال له (قتلگاه) ، أي مكان القتل .

وقد ذكر المترجمون للشيخ الطبرسي أنّه تتلمذ على يد الشيخ أبي علي ابن شيخ الطائفة الطوسي ، وكذلك الشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار بن علي المقري الرازي ، والشيخ الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه القمي الرازي . . . .

وإذا علمنا أنّ الشيخ أبا علي ، الحسن بن أبي جعفر محمّد الطوسي ، الذي كان من أعاظم تلامذة والده ، وأحد كبار فقهاء الشيعة ، درس عند والده وخلفه في العلم والفتيا والتدريس ، حتّى توفّي في النجف (بعد سنة 515 هـ) ، وأنّ أبا الوفاء الرازي وكذلك الحسن بن الحسين القمي كانا شريكي الشيخ أبي علي الطوسي في درس والده‏ «1» . . . فإنّ ذلك يفيدنا بأنّ الطبرسي عاش لفترة من حياته في النجف ، حيث أخذ عن ابن الطوسي ورفيقيه ما أخذ من علم ومعرفة ، ومن هنا كان وفاء الشيخ الطبرسي الكبير لرائده الطوسي ، إذ يذكره بأتمّ إجلال وأعظم تقدير ، فهو إذ يراجع محاولات التفسير السابقة عليه يتوقّف عند تبيان الطوسي ، ليعطيه موقع الاستثناء والقدوة بين التفاسير ، وهو يقول :

«وقد خاض العلماء ، قديما وحديثا ، في علم تفسير القرآن ، واجتهدوا في إبراز مكنونه ، وإظهار مصونه ، وألّفوا فيه كتبا جمّة ، غاصوا في كثير منها في أعماق لججه ، وشقّقوا الشعر في إيضاح حججه ، وحقّقوا في تفتيح أبوابه ، وتغلغل شعابه . إلّا أنّ أصحابنا (رض) ، لم يدوّنوا في ذلك غير مختصرات ، نقلوا فيها ما وصل إليهم من الأخبار ، ولم يعنوا ببسط المعاني وكشف الأسرار ، إلّا ما جمعه الشيخ الأجلّ السعيد ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) ، من كتاب (التبيان) ، فإنّه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق ، ويلوح عليه رواء الصدق ، قد تضمّن من المعاني الأسرار البديعة ، واحتضن من الألفاظ اللّغة الوسيعة ، ولم يقنع بتدوينها دون تبيينها ، ولا بتنميقها دون تحقيقها ، وهو القدوة أستضي‏ء بأنواره ، وأطأ مواقع آثاره» «2» .

وهكذا عزم الطبرسي بعد التوكّل على اللّه تعالى على انجاز مشروعه الكبير في خدمة القرآن الكريم ، وهو يصف جهده خير وصف ويشرح خطّته في العمل وانطلاقته من التفاسير السابقة وما وصل إليه من نتائج تميّز محاولته التفسيرية الشامخة ، فيقول :

«واستخرت اللّه تعالى ثمّ قصرت وهمي وهمّي على اقتناء هذه الذخيرة الخطيرة واكتساب هذه الفضيلة النبيلة ، وشمّرت عن ساق الجد ، وبذلت غاية الجهد والكد ، وأسهرت الناظر ، وأتعبت الخاطر ، وأطلت التفكير ، وأحضرت التفاسير ، واستمددت من اللّه سبحانه التوفيق والتيسير ، وابتدأت بتأليف كتاب هو في غاية التلخيص والتهذيب ، وحسن النظم والترتيب ، يجمع أنواع هذا العلم وفنونه ، ويحوي نصوصه وعيونه ، من علم قراءته وإعرابه ، ولغاته وغوامضه ومشكلاته ، ومعانيه وجهاته ، ونزوله وأخباره ، وقصصه وآثاره ، وحدوده وأحكامه ، وحلاله وحرامه ، والكلام على مطاعن المبطلين فيه ، وذكر ما يتفرّد به أصحابنا (رض) ، من الاستدلالات بمواضع كثيرة منه على صحّة ما يعتقدونه من الاصول والفروع ، والمعقول والمسموع ، على وجه الاعتدال والاختصار ، فوق الإيجاز ودون الإكثار ، فإنّ الخواطر في هذا الزمان ، لا تحتمل أعباء العلوم الكثيرة ، وتضعف عن الاجراء في الحلبات الخطيرة ، إذ لم يبق من العلماء إلّا الأسماء ، ومن العلوم إلّا الذماء .

وقدّمت في مطلع كل سورة ذكر مكّيّها ومدنيّها ، ثمّ ذكر الاختلاف في عدد آياتها ، ثمّ ذكر فضل تلاوتها ، ثمّ اقدّم في كلّ آية الاختلاف في القراءات ، ثمّ ذكر العلل والاحتجاجات ، ثمّ ذكر العربيّة واللّغات ، ثمّ ذكر الإعراب والمشكلات ، ثمّ ذكر الأسباب والنزولات ، ثمّ ذكر المعاني والأحكام والتأويلات ، والقصص والجهات ، ثمّ ذكر انتظام الآيات .

على أنّي قد جمعت في عربيّته كلّ غرّة لائحة ، وفي إعرابه كلّ حجّة واضحة ، وفي معانيه كلّ قول متين ، وفي مشكلاته كلّ برهان مبين ، وهو بحمد اللّه للأديب عمدة ، وللنحويّ عدّة ، وللمقرئ بصيرة ، وللناسك ذخيرة ، وللمتكلّم حجّة ، وللمحدّث محجّة ، وللفقيه دلالة ، وللواعظ آلة» «3» .

إلّا أنّ هذه التلمذة والاقتباس والاقتداء مع كمال الاجلال لإمامه الطوسي ، لم تمنع الطبرسي الألمعي من أن يقف موقف الناقد البصير من التبيان ، وهو ما أهّله لكي يبدع ويضيف ويزيد عليه في مجمعه ، فجمع في منطلقه ومنطقه بين الأصالة والتجديد ، وبين الاحترام لجهود السابقين وعدم الوقوف عند إنجازاتهم ، بل الانطلاق منها وبها نحو إبداعات جديدة وابتكارات وأفكار مستحدثة تفرضها طبيعة الفكر الانساني المتجدّد الذي يتعامل مع غنى فكري قرآني لا ينفد ولا يبيد .

وهكذا نجد الطبرسي في مقدّمة تفسيره يشخّص نواقص الخطى السابقة ليميّز منهجه الجديد في التفسير فهو ينتقد «التبيان» ويقول : «غير أنّه خلط الألفاظ في مواضع من متضمّناته قاهرة عن المراد ، وأخلّ بحسن الترتيب وجودة التهذيب ، فلم يقع لذلك من القلوب السليمة الموقع المرضي ، ولم يعل من الخواطر الكريمة المكان العلي» «4» .

وقد أصاب الطبرسي الحقّ ، فإنّ ما سطّرته أنامله الكريمة ، كان ذا منهجيّة فريدة ورائعة في عصره ، وحتّى يومنا الحاضر ، ممّا جعلت تفسيره من أحسن التفاسير ، جمع فيه بين جمال التعبير وحسن الاسلوب مع دقّة النظر وعمق الفكر ، جعلت منه علما شامخا في سماء التفسير حتّى مع مرور مئات السنين .

فهذا الإمام الشيخ محمود شلتوت ، إمام الجامع الأزهر ، يكتب عنه في مقدّمة طبعته بالقاهرة :

«إنّ هذا الكتاب نسيج وحده- لا نظير له- بين كتب التفسير ، وذلك لأنّه مع سعة بحوثه وعمقها وتنوّعها ، له خاصيّة في الترتيب والتبويب والتنسيق والتهذيب . . .» «5» .

أمّا الدكتور الذهبي ، فمع موقفه المذهبي المتعصّب تجاه الشيعة ، والذي رأينا نماذج منه في الفصل الأوّل من هذا الكتاب ، إلّا أنّه يقف أمام «مجمع البيان» معترفا بعظمته وموسوعيّته العلمية . . . فهو يقول :

«والحقّ أنّ تفسير الطبرسي- بصرف النظر عمّا فيه من نزعات تشيعية وآراء اعتزالية- كتاب عظيم في بابه ، يدل على تبحّر صاحبه في فنون مختلفة من العلم والمعرفة . والكتاب يجري على الطريقة التي أوضحها لنا صاحبه ، في تناسق تام وترتيب جميل ، وهو يجيد في كل ناحية من النواحي التي يتكلّم عنها ، فإذا تكلّم عن القراءات ووجوهها أجاد ، وإذا تكلّم عن المعاني اللّغوية للمفردات أجاد ، وإذا تكلّم عن وجوه الإعراب أجاد ، وإذا شرح المعنى الإجمالي أوضح المراد ، وإذا تكلّم عن أسباب النزول وشرح القصص استوفى الأقوال وأفاض ، وإذا تكلّم عن الأحكام تعرض لمذاهب الفقهاء ، وجهر بمذهبه ونصره إن كانت هناك مخالفة منه للفقهاء ، وإذا ربط بين الآيات آخى بين الجمل ، وأوضح لنا عن حسن السبك وجمال النظم ، وإذا عرض لمشكلات القرآن أذهب الإشكال وأراح البال . وهو ينقل أقوال من تقدّمه‏

- من المفسّرين معزوة لأصحابها ، ويرجح ويوجه ما يختار منها» «6» .

ومع ذلك فإنّ الذهبي لم يستطع التخلّص من عقده المذهبية ، وعدم تحمّله للآراء الاخرى؛ سنّيّة كانت أم شيعيّة ، لذا فهو أيضا يأخذ على الطبرسي استدلاله بالقرآن بما يدعم عقائده وآراءه فيقول : «وإذا كان لنا بعض المآخذ عليه فهو تشيّعه لمذهبه وانتصاره له ، وحمله لكتاب اللّه على ما يتّفق وعقيدته ، وتنزيله لآيات الأحكام على ما يتناسب مع الاجتهادات التي خالف فيها هو ومن على شاكلته ، وروايته لكثير من الأحاديث الموضوعة ، غير أنّه- والحق يقال- ليس مغاليا في تشيّعه ، ولا متطرّفا في عقيدته ، كما هو شأن كثير غيره من علماء الإماميّة الاثني عشرية» «7» .

وقد علمنا فيما سبق أنّ الذهبي حمل على جملة من مفسّري الشيعة والمعتزلة وصنّفهم في فصل تحت عنوان : «التفسير بالرأي المذموم أو تفسير الفرق المبتدعة» ، متّهما إيّاهم بتفسير القرآن وفقا لآرائهم المذهبية ، وجعل من امّهات المطالب التي يستدلّ بها على تفسيرهم «المذهبي المبتدع» إنكارهم مسألة رؤية اللّه تعالى وذلك لتنزيههم إيّاه عن الجسمية والتشبيه ، حتى أنّك تجد عنوانا مستقلّا في دراسته لأي تفسير تحت عنوان «رؤية اللّه» ، فإذا كان المفسّر ممّن ينكر رؤية اللّه- من قبل الناس يوم القيامة- فإنّه قد خرج عن «أهل السنّة والجماعة» ، وفسّر القرآن برأيه ووفقا لمذهبه!! فأخرج بذلك جملة من المفسّرين شيعة وسنّة «8» . وأضاف مسائل اخرى عدّها من أساسيّات عقائد «أهل السنّة والجماعة» كالقول بأنّ كرسي العرش الإلهي هو من جنس السرير ، لا العلم والقدرة التي تأوّلها المعتزلة والشيعة «9» ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) قد وقع عليه السحر لا كما أنكره هؤلاء . . . ومسائل اخرى مشابهة لا يسعها البحث هنا .

ولذا فإنّ قدح الذهبي لا يتوقّف عنده ، فيما يبقى من الذهبي تقييمه الايجابي لتفسير الطبرسي ، رغم موقفه المذكور منه‏ «10» .

وممّا يزيد من عظمة «مجمع البيان» أنّ روعته وعمقه وسعته لم تكن في جانب دون جانب ، بل شملت سائر العلوم المتعلّقة بالقرآن من قراءات ، ولغات ، ونحو ، وأسباب نزول ، ثمّ الروايات ، واستخراج المعاني ، وترجيح التأويلات ، ممّا جعله محطّ عناية الباحثين واهتمام الدارسين به ، فقد اتّجهت إليه الدراسات الأكاديمية وأعدت عدّة رسائل جامعية عليا في منهجه التفسيري عموما ، وبعضها متخصّصة في تفسير ألفاظه وقضاياه النحوية ومنهجه اللّغوي ، كما إنّه اختصر لأكثر من مرّة «11» .

منهج المفسّر :

ابتدأ المفسّر كتابه- وقد طبع في عشرة مجلّدات- بمقدّمات مختصرة عن مسائل أساسية في علوم القرآن ، كتعداد آي القرآن وذكر أسماء القرّاء المشهورين والرأي في القراءات المختلفة ، ثمّ بحث التفسير والتأويل والمعنى واعراب القرآن ، وذكر أسماء القرآن ومعانيها ، ومن ثمّ التأكيد على سلامة القرآن وصيانته عن التحريف ، مع ذكر بعض ما جاء من الأخبار في فضل القرآن وأهله واستحباب قراءته وتحسين الصوت فيه .

بعد ذلك يبدأ متن التفسير ويشرع المؤلّف عادة بذكر نزول السورة وآياتها المكيّة والمدنيّة ، ثمّ أسمائها وفضلها ، ومن ثمّ يبدأ في مباحث تفسير الآيات ، فيقدّم لها بمباحث‏ القراءة والحجّة فيها ، ثمّ مباحث اللّغة في شرح الكلمات وبيان معانيها واستعمالها وإعراب الآيات بما له دخل في وضوح معانيها وتفسيرها ممّا هو معلوم في مسائل إعراب القرآن .

بعد ذلك يدخل المفسّر إلى بيان معنى الآيات ، فينظر في السياق القرآني ليربط الآيات بما سبقها ، إن وجد ارتباط ، وما في الآية من إشارات عامّة ، ثمّ يدخل في بيان الآيات استنادا إلى الأقوال المذكورة في الآية ، ناسبا إيّاها إلى مصادرها رواية أو خبرا أو رأيا لأحد المفسّرين ، فإذا كانت الأقوال يتكامل بعضها مع بعض أو أنّها تعطي وجوها مختلفة ومحتملة في آن واحد ، فقد يتركها دون ترجيح ، وإذا كان بين الآراء تناف أو كانت لديه الحجّة وقوي الدليل لأحدها أو بعضها دون البعض الآخر ، عرض رأيه ورجّح ما رجح لديه مع بيان الدليل بأجلى صورة وأقوى بيان .

وقد يستفيد من السياق القرآني والمعنى اللّغوي الظاهر لديه رأيا دون سائر الآراء التي يرجّحها لتعارضها مع السياق أو عدم نهوض الدليل عليها ، فيعرض رأيه مناقشا بقيّة الآراء بأسلوب علمي هادئ وأدب رفيع ، وهو ما ميّز تفسيره عن الكثير من غيره من التفاسير التي لا تخلو من نقد وتجريح .

وممّا سبق ، فإنّ قارئ التفسير يجد في تسلسل المواضيع- قراءة ولغة ونحوا ومعنى- صورة واضحة ومتناسقة للمعاني القرآنية ، فالقراءة تهيّئ لمعرفة السياق وارتباط الجمل ، واللّغة ترسم أبعاد الكلمة ومحتملات المعاني ممّا تقرّب الانسان من صورة الكلمات وآفاق البيانات ، وتعطيه أفقا للسياحة في فضاء الآيات ، وإعراب الآيات يحدّد بدقّة مواقع الأحكام ويخصّص الأفعال بفواعلها ومفاعيلها ، وتلك جميعا تهيّئ القارئ بعد لدراسة المعاني المحتملة للآيات ، وتضعه في موضع مكين يستطيع من خلاله تذوّق البيانات القرآنية وتبصّر معانيها والتأمّل في آفاقها .

وباختصار فإنّ التفسير جمع الجمال في النّظم مع الكمال في الرأي ، واليسر في العرض مع القوّة في الاستدلال ، فكان حقّا «نسيج وحده بين كتب التفسير» «12» .

ومع الاستقصاء الواسع والعرض الشامل للروايات والأخبار وآراء المفسّرين السابقين ، تقدّم «مجمع البيان» على سائر التفاسير من قبله ومن بعده ، في الجانب المأثور من التفسير ، رغم كثرة البحوث العقليّة التي انتشرت في مساحاته المختلفة ، إلّا أنّه وبالنظر إلى حجم المادّة المأثورة والطريقة العلمية والموضوعية في التعامل معها ، كان له السّبق في هذا الميدان .

وممّا يجدر التنبيه والتأكيد عليه ، هو أنّ اسلوب تعامل الشيخ الطبرسي مع المأثور من التفسير لا بدّ أن يحظى بالدراسة والعناية ، ليكون أسوة ومقتدى ، فهو- رحمه اللّه- لم يهمل رأيا ولم يحاكم رواية أو خبرا على أساس مذهبي أو رؤية مسبقة ، بل تراه يستقصي سائر المنقولات ليعرضها بأمانة علمية وأخلاقيّة أدبيّة رفيعة ، ثمّ يناقش أو يرجّح- حيث كان هناك موجب لذلك- الرأي لا القائل ، لذا كانت له جولة واسعة مع الآراء وصحب فيها من سبقه صحبة عالم لعلماء يحترم رأيهم ولا يقلّد أحدا منهم .

وربّما كان ممّا يساعد على ذلك أنّ غالب الروايات في التفسير ، لا يمكن الترجيح بينها على أساس الاسناد- لإرساله وضعفه غالبا- وهو ما يوفّر فرصة لمناقشة المتون على أساس السياق واللّغة والشواهد القرآنية والقرائن الحالية وغير ذلك من الأدلّة والبيانات .

وقد استشهدنا في كتابنا هذا وفي مواضع متعدّدة بنماذج من تفسير الطبرسي ممّا قد يبيّن جانبا من آرائه ، إلّا أنّه لا يمكن درك عظمة هذا التفسير إلّا بالرجوع إليه وسبر أغواره المتلألئة والزاخرة بالبيانات الجميلة والمعاني الرائعة ، فجزاه اللّه عن كلّ حرف خطّه في تفسيره خير الجزاء .

__________________________

(1)- راجع ترجمته في مقدّمة المحقق الشيخ آغا بزرگ الطهراني للتبيان/ ج 1/ ص أ ش .

(2)- التبيان/ مقدّمة المفسّر/ ص 33 .

(3)- مجمع البيان/ مقدّمة المفسّر/ ص 35 .

(4)- م . ن .

(5)- التفسير والمفسّرون/ الذهبي/ ج 2/ ص 123 .

(6)- م . ن/ ص 113 .

(7)- م . ن .

(8)- التفسير والمفسّرون/ الذهبي/ ج 1 : ص 367 ، 369 ، 375 ، 378 ، 404 ، 445 ، 455 و467 ، وج 2 : ص 141 ، 197 ، 212 و248 .

(9)- راجع م . ن/ ص 378 و450 .

(10)- م . ن/ ج 2/ ص 145 و251 .

(11)- راجع للاطّلاع على تفاصيل الدراسات ومحاولات الاختصار : المفسّرون ، حياتهم ومنهجهم/ السيد محمّد علي أيازي/ ص 618 .

(12)- من مقدّمة الشيخ محمود شلتوت ، والتي أشرنا لها سابقا .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .