المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



خطاب أبي بكر دراسة وتحليل  
  
3819   09:46 صباحاً   التاريخ: 22-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص245-248.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

بعد أن ولج المهاجرون في مؤتمر الأنصار أراد عمر أن يفتح الحديث فنهره أبو بكر ؛ وذلك لعلمه بشدّته وهي لا تنجح في مثل هذا الموقف الملبد والمليء بالأضغان والأحقاد ويجب أن تستعمل فيه الأساليب السياسية والبراعة الفائقة والكلمات الناعمة لكسب الموقف , وانبرى أبو بكر فخاطب القوم وقابلهم ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً : نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً وأكرمهم أحساباً وأوسطهم داراً وأحسنهم وجوهاً وأمسّهم برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنتم إخواننا في الإسلام وشركاؤنا في الدين ؛ نصرتم وواسيتم فجزاكم الله خيراً فنحن الاُمراء وأنتم الوزراء لا تدين العرب إلاّ لهذا الحيّ من قريش فلا تنفسوا على إخوتكم المهاجرين ما فضّلهم الله به فقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح .

لا بدّ لنا من وقفة قصيرة للنظر في هذا الخطاب :

1 ـ إنه لم يعن بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي هي أعظم رزية مُني بها المسلمون وأفجع كارثة تصدّعت من هولها القلوب وكان الأجدر به أن يعزّيهم بوفاة منقذهم ويذكّرهم بإحسانه وبرّه بدينهم ودنياهم ويدعوهم إلى القيام بتشييع جثمانه الطاهر حتّى يواروه في مثواه الأخير ويعودوا بعد ذلك إلى عقد مؤتمر عام يضمّ جميع الطبقات الشعبية من المسلمين لينتخبوا عن إرادتهم وحرّيتهم مَن يرضونه خليفة لهم على تقدير أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يعهد لأحد من بعده.

2 ـ إنّ منطق هذا الخطاب هو طلب الإمرة والسلطان ولا يعني بأي شيء آخر غير ذلك وقد عرض فيه على الأنصار أن يتنازلوا لإخوانهم المهاجرين عن الخلافة ولا ينافسوهم في شؤون الملك ومنّاهم عوض ذلك أن يكونوا الوزراء إلاّ أنه لمّا تمّ له الأمر أجحف في حقّهم فلم يمنحهم أيّ منصب من شؤون دولته وأقصاهم عن جميع مراتب الحكم.

3 ـ إنّ هذا الخطاب قد تجاهل بالمرّة حقّ العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم أو كسفينة نوح مَن ركبها نجا ومَن تخلف عنها غرق وهوى حسبما يقول النبي (صلّى الله عليه وآله) فكان الأوْلى التريّث بالأمر حتّى يتمّ تجهيزه (صلّى الله عليه وآله) ويُؤخذ رأي أهل بيته في ذلك ؛ لتحمل الخلافة طابعاً شرعياً ولا توصم بالفلتة كما وصفها عمر إذ يقول : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرّها.

ويقول الإمام شرف الدين : فلو فرض أن لا نصّ بالخلافة على أحد من آل محمد (صلّى الله عليه وآله) وفرض كونهم غير مبرزين في حسب أو نسب أو أخلاق أو جهاد أو علم أو عمل أو إيمان أو إخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل بل كانوا كسائر الصحابة فهل كان مانع شرعي أو عقلي أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولو بأن يُوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية موقتاً حتّى يستتبّ أمر الخلافة؟!

أليس هذا المقدار من التريّث كان أرفق بأولئك المفجوعين وهم وديعة النبي (صلّى الله عليه وآله) لديهم وبقيّته فيهم وقد قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]؟! أليس من حقّ هذا الرسول الذي يعزّ عليه عنت الاُمّة ويحرص على سعادتها وهو الرؤوف بها الرحيم لها , أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فُوجئت به والجرح لمّا يندمل والرسول لمّا يُقبر ؟

4 ـ إنّ المنطق الذي استند إليه أبو بكر لأحقيّة المهاجرين من قريش بالخلافة هو أنهم أمسّ الناس رحماً برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأقربهم إليه وهذا الملاك على أكمل وجوهه وأتمّ رحابه متوفّر في أهل البيت (عليهم السّلام) فهم ألصق الناس به وأمسّهم به وما أروع قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) : احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة.

وخاطب (عليه السّلام) أبا بكر بقوله :

فإن كنتَ بالقربى حججتَ خصيمَهمْ         فغيرُكَ أولى بالنبيِّ وأقربُ

وإنْ كنت بالشورى ملكت اُمورَهُمْ         فكيف بهذا والمشيرون غيّبُ

ويقول الكميت :

بحقّكمُ أمست قريشٌ تقودنا             وبالفذِّ منها والرديفين نركبُ

وقالوا ورثناها أبانا واُمّنا                وما ورثتهمْ ذاك اُمٌّ ولا أبُ

يرَون لهم فضلاً على الناس واجباً   سفاهاً وحقّ الهاشميِّين أوجبُ

وعرض الإمام (عليه السّلام) في حديث له عن شدّة قربه من النبي (صلّى الله عليه وآله) وبعض مواهبه فقال : والله إنّي لأخوه أي أخ النبي (صلّى الله عليه وآله) ووليه وابن عمّه ووارث علمه فمَن أحقّ به منّي؟!.

لقد انساب القوم وراء أطماعهم وأهوائهم وتهالكوا على الحكم والظفر بخيراته وأعرضوا عمّا ألزمهم به النبي (صلّى الله عليه وآله) من التمسّك بعترته وعدم التقدّم عليها ووجوب رعايتها في كل شيء.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.