أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
4002
التاريخ: 3-04-2015
7597
التاريخ: 7-11-2017
4256
التاريخ: 7-5-2019
3103
|
بعد أن ولج المهاجرون في مؤتمر الأنصار أراد عمر أن يفتح الحديث فنهره أبو بكر ؛ وذلك لعلمه بشدّته وهي لا تنجح في مثل هذا الموقف الملبد والمليء بالأضغان والأحقاد ويجب أن تستعمل فيه الأساليب السياسية والبراعة الفائقة والكلمات الناعمة لكسب الموقف , وانبرى أبو بكر فخاطب القوم وقابلهم ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً : نحن المهاجرون أوّل الناس إسلاماً وأكرمهم أحساباً وأوسطهم داراً وأحسنهم وجوهاً وأمسّهم برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنتم إخواننا في الإسلام وشركاؤنا في الدين ؛ نصرتم وواسيتم فجزاكم الله خيراً فنحن الاُمراء وأنتم الوزراء لا تدين العرب إلاّ لهذا الحيّ من قريش فلا تنفسوا على إخوتكم المهاجرين ما فضّلهم الله به فقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح .
لا بدّ لنا من وقفة قصيرة للنظر في هذا الخطاب :
1 ـ إنه لم يعن بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) التي هي أعظم رزية مُني بها المسلمون وأفجع كارثة تصدّعت من هولها القلوب وكان الأجدر به أن يعزّيهم بوفاة منقذهم ويذكّرهم بإحسانه وبرّه بدينهم ودنياهم ويدعوهم إلى القيام بتشييع جثمانه الطاهر حتّى يواروه في مثواه الأخير ويعودوا بعد ذلك إلى عقد مؤتمر عام يضمّ جميع الطبقات الشعبية من المسلمين لينتخبوا عن إرادتهم وحرّيتهم مَن يرضونه خليفة لهم على تقدير أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يعهد لأحد من بعده.
2 ـ إنّ منطق هذا الخطاب هو طلب الإمرة والسلطان ولا يعني بأي شيء آخر غير ذلك وقد عرض فيه على الأنصار أن يتنازلوا لإخوانهم المهاجرين عن الخلافة ولا ينافسوهم في شؤون الملك ومنّاهم عوض ذلك أن يكونوا الوزراء إلاّ أنه لمّا تمّ له الأمر أجحف في حقّهم فلم يمنحهم أيّ منصب من شؤون دولته وأقصاهم عن جميع مراتب الحكم.
3 ـ إنّ هذا الخطاب قد تجاهل بالمرّة حقّ العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم أو كسفينة نوح مَن ركبها نجا ومَن تخلف عنها غرق وهوى حسبما يقول النبي (صلّى الله عليه وآله) فكان الأوْلى التريّث بالأمر حتّى يتمّ تجهيزه (صلّى الله عليه وآله) ويُؤخذ رأي أهل بيته في ذلك ؛ لتحمل الخلافة طابعاً شرعياً ولا توصم بالفلتة كما وصفها عمر إذ يقول : إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرّها.
ويقول الإمام شرف الدين : فلو فرض أن لا نصّ بالخلافة على أحد من آل محمد (صلّى الله عليه وآله) وفرض كونهم غير مبرزين في حسب أو نسب أو أخلاق أو جهاد أو علم أو عمل أو إيمان أو إخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل بل كانوا كسائر الصحابة فهل كان مانع شرعي أو عقلي أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولو بأن يُوكل حفظ الأمن إلى القيادة العسكرية موقتاً حتّى يستتبّ أمر الخلافة؟!
أليس هذا المقدار من التريّث كان أرفق بأولئك المفجوعين وهم وديعة النبي (صلّى الله عليه وآله) لديهم وبقيّته فيهم وقد قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]؟! أليس من حقّ هذا الرسول الذي يعزّ عليه عنت الاُمّة ويحرص على سعادتها وهو الرؤوف بها الرحيم لها , أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فُوجئت به والجرح لمّا يندمل والرسول لمّا يُقبر ؟
4 ـ إنّ المنطق الذي استند إليه أبو بكر لأحقيّة المهاجرين من قريش بالخلافة هو أنهم أمسّ الناس رحماً برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأقربهم إليه وهذا الملاك على أكمل وجوهه وأتمّ رحابه متوفّر في أهل البيت (عليهم السّلام) فهم ألصق الناس به وأمسّهم به وما أروع قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) : احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة.
وخاطب (عليه السّلام) أبا بكر بقوله :
فإن كنتَ بالقربى حججتَ خصيمَهمْ فغيرُكَ أولى بالنبيِّ وأقربُ
وإنْ كنت بالشورى ملكت اُمورَهُمْ فكيف بهذا والمشيرون غيّبُ
ويقول الكميت :
بحقّكمُ أمست قريشٌ تقودنا وبالفذِّ منها والرديفين نركبُ
وقالوا ورثناها أبانا واُمّنا وما ورثتهمْ ذاك اُمٌّ ولا أبُ
يرَون لهم فضلاً على الناس واجباً سفاهاً وحقّ الهاشميِّين أوجبُ
وعرض الإمام (عليه السّلام) في حديث له عن شدّة قربه من النبي (صلّى الله عليه وآله) وبعض مواهبه فقال : والله إنّي لأخوه أي أخ النبي (صلّى الله عليه وآله) ووليه وابن عمّه ووارث علمه فمَن أحقّ به منّي؟!.
لقد انساب القوم وراء أطماعهم وأهوائهم وتهالكوا على الحكم والظفر بخيراته وأعرضوا عمّا ألزمهم به النبي (صلّى الله عليه وآله) من التمسّك بعترته وعدم التقدّم عليها ووجوب رعايتها في كل شيء.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|