أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2017
4908
التاريخ: 23-5-2017
7455
التاريخ: 7-2-2016
24523
التاريخ: 2023-09-05
1709
|
اذا كان المرشح للتولية على الوقف أهلاً لها لتوافر شروط التولية العامة المعتبرة شرعاً فيه، والشروط الخاصة التي وضعها الواقف في اسناد تولية وقفه، فهذا لايكفي الا بعد توجيه جهة(1). التولية اليه من قبل الجهة المختصة بذلك. ولما كان موضوع توجيه التولية المشروطه على الوقف يختلف باختلاف نوع الوقف في القانون المقارن، فان الموضوع يستلزم بيان اقسام الوقف اولاً، ومن ثم كيفية توجيه التولية المشروطه.
عرف المسلمون الوقف منذ وجوده بالصدقة، فكان يقال هذه صدقة فلان، ولم يعرفوا تقسيم الوقف وتسميته الى خيري او ذري او مشترك، ولو انه كان موجوداً في معناه.
ويقسم الفقه الحديث والقانون المقارن الوقف الى الاقسام الاتية ومن وجوه مختلفة:
1- اقسام الوقف من حيث الجهة الموقوف عليها(2):ان مآل كل وقف جهة خيرية لاتنقطع(3)، ومع ذلك فانه يمكن تقسيم الوقف بحسب نوع الجهة الموقوف عليها الى:
أ- الوقف الخيري : اذا كانت الجهة الموقوف عليها خيرية ابتداءً او آل اليها نهائياً، أي ما كان الموقوف عليه جهة خيرية منذ وقت انشاء الوقف، كالوقف على المساجد والحسينيات والمدارس والمستشفيات والفقراء والايتام وما اشبه ذلك، او آل مصرف الوقف اليها نهائياً بعد ان كان لغيرها لانقراضهم مثلاً.
ب- الوقف الذُّرّي(4) : اذا كانت الجهة الموقوف عليها الافراد او الذراريّ ، كالوقف على النفس او الذريه او عليهما معاً، او على شخص معين او ذريته او عليهما معاً، او على الواقف وذريته مع شخص معين وذريته.
ج- الوقف المشترك: اذا كانت الجهة الموقوف عليها خيرية وذريه معاً ، وقد تكون نسبة الاشتراك معينه او غير معينه، كالوقف على جهة خيرية ومشروط صرف صافي فضلة وارداته على الافراد او الذراري او بالعكس. يتضح ان الوقف بجميع اقسامه خيري، غير ان الخيرية في الوقف الذري مضافة الى المستقبل بحسب المآل.
2- اقسام الوقف من حيث الصحة : يقسم الوقف بحسب المال الموقوف والجهة الواقفة له الى:
أ- الوقف الصحيح : هو العين التي كانت ملكاً تاماً – رقبتها وحق التصرف فيها – للواقف، فوقفها الى جهة من الجهات، ويوجب تنفيذ شرط الواقف فيه(5).
ب- الوقف غير الصحيح (الارصادي) : هو العين التي رقبتها مملوكه للدولة، والموقوف هو حق التصرف فيها وخصص السلطان منافعه الى جهة من الجهات(6). ويسمى بالوقف الارصادي او التخصيصات او الاقطاع.
وبذلك لايصح الوقف الا من الواقف المالك ملكاً تاماً للعين المراد وقفها، ولايصح للمتصرف في الارض الاميرية ان يقفها، ولا لصاحب السلطة ان يقف رقبتها، لان من شروط الموقوف ان يكون الواقف مالكاً للرقبة، وان رقبة الارض الاميرية للدولة (7).
3- اقسام الوقف من حيث ادارته: يقسم الوقف بحسب الجهة المتولية عليه الى :
أ- الوقف المضبوط : وهو الذي آلت التولية على ادارته بصورة دائمة الى دائرة الأوقاف بموجب شرط الواقف(8). او احكام القانون(9). وتعمل على العنايه بتنفيذ شرط الواقف بما يضمن سلامة التصرف بالاموال الموقوفه على الاوجه الشرعية(10)، ويشمل :
1.الوقف الصحيح الذي اشترط الواقف التولية عليه للقاضي، او لم يشترط التولية عليه لاحد، او انقطع فيه شرط التولية، او لم يجرِ تعامل قديم بالتولية عليه ثابت بحكم.
2.الوقف غير الصحيح.
3.الوقف الملحق الذي مضت على توليته المؤقتة من قبل دائرة الأوقاف خمس عشرة سنة(11). أوقاف الحرمين الشريفين المشروط صرف غلتها الى الحرمين الشريفين – المكي والمدني- او احدهما او الى فقراء مكة او المدينة.
4.اعيان حصة الخيرات في الوقف المشترك المصفى والحصة الخيرية من كل وقف ذري جرت تصفيته.
5.الوقف المسجل في دائرة التسجيل العقاري باسم دائرة الأوقاف وقف صحيح خيري مضبوط، والذي انشأه الخيرون على نفقتهم الخاصة على ارض مملكه لهم من الدولة، وسُجلت معاملتا التمليك والوقف سوية بالاستناد الى قرار التمليك والحجة الوقفية(12).
ب- الوقف الملحق : هو الوقف الصحيح الذي يديره متولٍ وجهت التولية اليه بموجب شرط الواقف ويشمل :
1.الوقف الخيري المشروط صرف غلته على المؤسسات الدينية والخيرية(13).والفقراء والمساكين وما يشبه ذلك.
2.الوقف المشترك المشروط صرف جزء من غلته على المؤسسات الدينية والخيرية وغيرهما.
3.الوقف الذري المشروط صرف غلته الى من عينهم الواقف من الذريه او غيرهم.
4.الوصية بالخيرات التي تخرج مخرج الوقف: وهي وصية بصرف غلة عين معينة في وجوه الخير على الدوام والاستمرار، وهي من الوصايا المؤبدة الشبيهة بالوقف وتأخذ حكمه.
5. وقف العتبات المقدسة(14), يتضح مما تقدم، أن اقسام الوقف هي لاسباب تنظيمية واداريه، ولاتتعلق بأصل الوقف بأن يكون على جهة خير لاتنقطع ولو مآلاً. ولنا وقفة ونظر مع المشرع العراقي بالنسبة الى الفقرات (3،5،6) المذكورة آنفاً والتي تدخل ضمن ما اشتمل عليه الوقف المضبوط ، ونعتقد انها تدخل في عداد الوقف الملحق وذلك لما يأتي:
1.ضبط دائرة الأوقاف للوقف الصحيح المشروط له التولية لمضي خمس عشرة سنة على ادارتها له، لايتفق مع احكام الشريعة الإسلامية التي لا تقر التقادم بنوعيه المكسب والمسقط(15). ضبط إدارة اعيان حصة الخيرات في الوقف الصحيح المشترك المصفى من قبل دائرة الأوقاف ، ينافي انه وقف ملحق يديره متولٍ ، ويقتضي استمراره بالتولية على حصة الخيرات فيه مضافاً اليه 10% من الباقي عند تصفية الحصة الذريه لانه اصبح وقفاً خيرياً.
2.ضبط الوقف الصحيح الخيري الذي ينشئه الخيرون على ارض مملكة من الدولة، ومنعهم من التولية عليه او اشتراطها، قد يتقاطع مع نيتهم الخيرية ويؤدي الى احجام بعضهم.
في القانون المصري، وقبل الغاء الوقف الذري، كانت التولية المشروطه لمتولي الوقف الخيري او الذري توجه الى من يستحقها من قبل المحكمة الشرعية المختصة حسب شرط الواقف، وبعد الغاء الوقف الذري ، فان التولية على الوقف الخيري لوزارة الأوقاف بحكم القانون مالم يشترط الواقف التولية لنفسه(16). وفرّق المشرع الاردني بين توجيه التولية على الوقف الذري والوقف الخيري، فجعل الاصل في توجيه التولية على الوقف الذري الى المشروط له من المحكمة الشرعية المختصة وتتولى وزارة الأوقاف مراقبة اعماله، وجعل الاصل في تولية الوقف الخيري الى وزارة الأوقاف بوصفها متولياً عاماً بحكم القانون ، الا اذا اشترط الواقف التولية الى شخص او جهة غير الوزارة، فتوجه له او لها من المحكمة الشرعية المختصة، ويعد هذا الشخص او الجهة متولياً خاصاً وتتولى الوزارة مراقبة المتولين الخاصين بوصفها متولياً عاماً(17). اما موقف المشرع العراقي فقد كان اكثر وضوحاً في رسم كيفية توجيه جهة التولية المشروطة الى من يستحقها الذي يقال له متولٍ بالمشروطة على الوقف الصحيح الملحق، لان الوقف غير الصحيح(18). وقف مضبوط تديره دائرة الوقف المختصة ، وشرط التولية بالاسم أو الوصف يثبت وجوده، اما بالحجة الوقفيه او بتعامل ثابت بحكم(19). ولنفرق بين توجيه جهة التولية المشروطة على وقف خيري او مشترك وبين توجيهها على وقف ذري او وقف العتبات المقدسة. فاذا كان الوقف خيرياً او مشتركاً ، فان محكمة الاحوال الشخصية المختصة تحكم بترشيح من هو احق بالتولية المشروطة (20). وليس لها ان تحكم بنصبه او تعيينه متولياً، لان ذلك ليس من وظائفها بل من وظائف دائرة الوقف(21). وتثبت اهلية المرشح لإدارة الوقف وصلاحيته بامتحان يجريه له المجلس العلمي بكل ما له علاقة بالوقف من ادارة ومحاسبة وما يحكمه من احكام شرعية وقانونية وانظمة ويصدر قرار بذلك(22)، ويسري ذلك ايضاً على الواقف الذي شرط التولية لنفسه، وحسناً فعل المشرع العراقي، لانه بذلك يحصن الوقف بمتولٍ عليه اهلاً عالماً بأحكام الوقف الشرعية والقانونية ، ثم يصادق مجلس الأوقاف الاعلى على قرار المجلس العلمي، وبعدها يصدر أمر ديواني بتوجيه جهة التولية(23). وبذلك، فان من الصحيح القول بأن المرشح للتولية على الوقف الخيري او المشترك، يتطلب توافر فيه الاهلية العامة وهي الشروط العامة للتولية، واهليته خاصة وهي شروط التولية الخاصة التي وضعها الواقف، واهلية إدارة محاسبة ومعرفة بالاحكام الشرعية والقانونية، كل ذلك لتمكينه من التولية على الشخص المعنوي-الوقف- وتمثيله له والدفاع عن حقوقه وادارته. والسؤال الذي يمكن ان يثار، هو انه اذا لم تتحقق اهلية وصلاحية المرشح للتولية لعدم اجتيازه امتحان المجلس العلمي، هل يعني أن ديوان الأوقاف ملزم بتوجيه جهة التولية اليه، لانه مرشح من المحكمة المختصة ومحكوم له باحقيته وارشديته بالتولية، وان كان هذا لم يحصل على الواقع العملي؟. ونعتقد ان الديوان غير ملزم ، ولكن له ان يعيد امتحانه الى ان يجتازه بنجاح وتوجه التولية اليه توافقاً مع احكام المحاكم، فان فشل بعد ذلك يطلب من المحكمة ترشيح غيره. اما التولية المشروطه على الوقف الذري(24). ووقف العتبات المقدسة(25) ، فينصب او يعين المتولي عليها من قبل محكمة الاحوال الشخصية المختصة على وفق الشروط المحددة في الوقفيه دون مداخلة دائرة الوقف، ومع ذلك فان المحكمة تستأنس برأيها في كل ما يتعلق بالوقف ومنها التولية والنظارة. وفي هذا المجال، ولأهمية الموضوع، وجدنا من المفيد ضرورة بيان دعوى طلب التولية وما تتضمنه، ونظر القاضي فيها والفقرة الحكمية الخاصة بها وفقاً للآتي :
1.تقام دعوى طلب التولية على الوقف الصحيح الملحق في محكمة الاحوال الشخصية المختصة على وفق المادة (300/3) من قانون المرافعات على دائرة الوقف بوصفها واضعة اليد على الوقف، لانحلال توليته بوفاة متوليه او عزله او استقالته.
2.يجب ان تتضمن الدعوى اسم الوقف والواقف، ونوع الوقف، والموقوفات واوصافها، والموقوف عليه، وشرط التولية، وحصر ذرية الواقف الاحياء المشروط لهم التولية او الذين اختصهم بالتولية من غير ذريته.
3.في حالة كون المشروط له التولية ليس بالاسم وانما بالوصف ، كاشتراط ارشد ذرية الواقف، فعندئذ يطلب المدعي الحكم بنصبه او ترشيحه للتولية-حسب نوع الوقف-بعد ثبوت ارشديته، وتسليمه الموقوفات لإدارتها على وفق شرط الواقف.
4.والطريقة التي يجب على قاضي دعوى طلب التولية على الوقف اتباعها(26) هي:
أ- الطلب من المدعي بالتولية تقديم حجة إذن بالخصومة، وللقاضي ان يأذن له بذلك في اثناء المرافعة بقرار منه.
ب- الاستماع الى اقوال المدعى عليه – دائرة الوقف – وتدوينها ، ولايمكن الاعتداد باقراره بدعوى المدعي ومصادقته في دعواه، لانه متولٍ مؤقت .
ج- الاستفسار من دائرة التسجيل العقاري المختصة عن اعيان الموقوفات ونوع الوقف، فاذا كانت مسجلة وقفاً صحيحاً، يستمر القاضي بالدعوى، وان كانت غير مسجلة، فيجب عليه البت في وقفيتها.
د- تكليف المدعي تقديم بينة وضع يد المدعى عليها – دائرة الوقف – على الموقوفات ، ولايكفي تصادق الطرفين.
هـ- الاطلاع على مستندات المدعي والاعتداد بها اذا كانت معتبرة قانوناً، والتي توضح الواقف والموقوف والموقوف عليه وشروط اسناد التولية بحجة وقفية شرعية او بحكم شرعي يثبت التعامل على الوقف باكثر من متوليين سابقين.
و- يكلف المدعي إثبات نسبه الى الواقف او الى من شرطت التولية الى ذريته وحسب شروط الوقفيه.
ز- يكلف المدعي بحصر المستحقين للتولية واثبات انه ارشدهم على ان يقوم الدليل على الحصر والارشدية.
ونعتقد أن على القاضي التحري والتحقيق في اختيار المتولي بالمشروطة، بحصر الذريه جميعهم وتدوين سيرة كل منهم، ثم يحصر من تتوافر فيهم الشروط العامة للتولية، ثم يحصر الذين تتوافر فيهم شروط التولية الخاصة التي وضعها الواقف في وقفيته، ثم تجري المقايسة والتفاضل على وفق القواعد التي تحكم التولية المشروطة والتي فصلناها سابقاً، ويتبع القاضي الاحكام الشرعية على وفق مذهب الواقف في تفسير شروط وقفيته وتطبيقها ومنها شروط التولية(27). فان كان الواقف جعفرياً يعد الوقف جعفرياً- مالم يكن هناك شرط صريح يحدد نوع الوقف وجهته- ويطبق المذهب الجعفري(28). فان اكتمل اثبات فقرات الادعاء بالتولية، فان الحكم بها قد توافرت اسبابه ما لم يبد المدعى عليه دفوعاُ يعتد بها، وهي اما الدفع بعدم اهلية المدعي بالتولية لعدم توافر شروط التولية فيه، او الدفع بان الوقف المطلوب التولية عليه مضبوط لمرور خمس عشرة سنة على ادارته من قبل دائرة الوقف، فقد نصت الفقرة (6/ج) من المادة – الأولى- من قانون إدارة الأوقاف على ان الوقف المضبوط هو : ((الوقف الذي مضت على ادارته خمس عشرة سنة من قبل وزارة الأوقاف او مديرية الأوقاف العامة او ديوان الأوقاف))، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز العراقية في قرار لها بانه : ((يصبح الوقف مضبوطاً اذا مضت على ادارته من قبل دائرة الأوقاف خمس عشرة سنة ولايقبل طلب الترشيح للتولية على الوقف المذكور))(29). وجاء في قرار آخر بان : ((قيام مديرية الأوقاف بإدارة الوقف بعد وضع اليد عليه لمدة تزيد على خمسة عشر عاماً يكون وقفاً مضبوطاً))(30). ويتضح من النص وقرارات محكمة التمييز اعلاه، ان المدة المذكورة مانعة من سماع دعوى التولية، وتقف بالعذر الشرعي او وجود مانع يستحيل معه للمدعي المطالبة بحقه بالتولية، كما تنقطع بالمطالبة القضائية والاقرار(31). ونعتقد ان هذا النص يتعارض مع ما أورده المشرع العراقي من ضرورة تنفيذ شروط الواقف وشروط التولية من ضمنها(32). فضلاً عن ان المشرع أبقى الوقف تابعاً للأحكام الشرعية، فقد جاء في الفقرة (3) من الاسباب الموجبة للائحة القانون المدني العراقي ((هذا ولاتزال قواعد الوقف تستقى من الفقه الإسلامي مباشرة))، وجاء في المادة الثانية من مرسوم جواز تصفية الوقف الذري رقم (1) لسنة 1955 المعدل ((اما الوقف الخيري فيبقى تابعاً للاحكام الشرعية والقوانين المرعية الخاصة به))(33)، وان الشريعة الإسلامية لاتقر التقادم المسقط او المكسب للحق. لذا نأمل من المشرع العراقي أن يلغي نص الفقرة (6/ج) من المادة الأولى من قانون إدارة الأوقاف المذكورة آنفاً، وقد يؤخذ على ذلك بان القاضي سوف يرد دعوى التولية عند الدفع بمرور الزمن اذا ثبت ترك المدعي دعواه خمس عشرة سنة من تاريخ صلاحيته للادعاء بحقه بالتولية دون عذر مشروع، وبذلك قضت محكمة التمييز العراقية بانه : ((لاتسمع دعوى التولية بعد مضي خمس عشرة سنة على صلاحية طلبها من قبل من يدعيها اذا لم يطلبها خلال المدة دون عذر مشروع ودفع الخصم بمرور الزمن))(34). لذا نقترح على المشرع العراقي إضافة النص الاتي ذكره الى قانون إدارة الأوقاف : ((في جميع الاحوال لايجوز تملك اعيان الوقف ولا أمواله، أو اكتساب حق عيني عليها، أو اسقاط حق طلب التولية المشروطة لمستحقها بالتقادم – مرور الزمن – مهما طالت المدة)). أما الفقرة الحكمية التي يصدرها القاضي في دعوى طلب التولية بعد توافر اسباب الحكم، فهي تختلف بحسب نوع الوقف، فتكون في الوقف الخيري او المشترك ، الحكم بترشيح المدعي للتولية على الوقف بعد ثبوت ارشديته وأحقيته بالتولية المشروطة، ورفع يد المدعى عليها – دائرة الوقف – عن الوقف وتسليمه اليه لادارته على وفق شرط الواقف والاحكام الشرعية والقانونية بعد استحصال وثيقة التولية من دائرة الوقف على وفق الاصول المتبعة(35). غير ان هذا الحكم المعلق، محل نظر لدى الفقهاء القانونيين، لان البت في تعيين المتولي وعزله من اختصاص القضاء وهو المختص بالفصل في الحقوق، وان اعطاء دائرة الوقف حق توجيه التولية بعد ثبوت اهليته وصلاحيته بقرار المجلس العلمي والمصادقة عليه، يجعلها هي القاضي والخصم، وهذا الجمع لايتفق مع قواعد العدل والانصاف(36).أما الفقرة الحكمية في دعوى طلب التولية على الوقف الذري(37). ووقف العتبات المقدسة(38). فهي الحكم بنصب او تعيين المدعي متولياً على الوقف وتسليمه له لادارته. ونعتقد أن اتجاه المشرع الى التفرقة في طريقة توجيه جهة التولية على الوقف حسب نوعيته، محل نظر، لانه ان الفقه الإسلامي وضع احكام الوقف بشكل عام ولم يفرق بين انواعه التي فصلها المشرع العراقي وغيره، فان كان القصد ان الوقف الذري موقوف على الذراري وليست فيه منفعة عامة او خيرية ، فان ذلك غير مقبول، لان الوقف الذري تتحقق فيه المنفعة الخاصة بدفع حاجة الذرية من الصغار والمرضى والفقراء وغيرهم والتي تدخل في عداد المنفعة العامة او الخيرية، فضلاً عن الوقف الذري مآله جهة بر لا تنقطع. لذا نأمل من المشرع العراقي توحيد نصوص توجيه جهة التولية المشروطة على الوقف بانواعه كافة من قبل محكمة الاحوال الشخصية المختصة، بعد تحقق أهلية المرشح بتوافر الشروط العامة للتولية فيه، واهليته بتوافر الشروط الخاصة المنصوص عليها في الوقفية فيه، واهليته بثبوت معرفته للاحكام الشرعية والقانونية بالوقف وبقرار من المجلس العلمي، ثم تقوم دائرة الوقف باصدار وثيقة توجيه التولية على الوقف الى المحكوم له حتى تمكنه من ممارسة أعماله بوصفه ممثلاً للوقف(39). والسؤال الذي يمكن أن يثار هو، هل يمكن الحكم بنصب او ترشيح من شرط له التولية بالاسم، او الوصف-إن انطبقت عليه شروط التولية-، أو لم يكن هنالك نزاع بين المستحقين للتولية على الوقف المنحلة التولية عليه، باصدار حجة شرعية بالتولية تحتوي على فقرة حكمية(40)؟. ونعتقد أنه لايوجد مانع تشريعي من ذلك عند عدم وجود منازع او معارض(41). الا ان اتجاه محكمة التمييز العراقية هو اقامة دعوى شرعية في المحكمة المختصة وليس اصدار حجة شرعية، لانه لايجوز الزام دائرة الوقف بمنع معارضتها للمتولي وتسليم الموقوفات له ضمن حجة الترشيح للتولية، وانما يكون بصدور حكم بدعوى مقامة(42). وتجدر الاشارة الى انه يمكن الحكم بنصب او ترشيح متول بالمشروطة على الوقف الصحيح الملحق غير المنحلة التولية عليه بالاشتراك مع المتولين الاخرين في حالة عدم ممانعتهم او ان اقتضت مصلحة الوقف ، باصدار حجة شرعية او حكم قضائي بدعوى (43). ان ما ذكرناه آنفاً في كيفية توجيه جهة التولية المشروطة ، يسري على كيفية توجيه جهة النظارة المشروطة على متولي الوقف وحسب نوعه (44). واذا لم يكن المشروط له النظارة موجوداً فتكون لدائرة الوقف ، الا ان القضاء العراقي اجاز توجيه جهة النظارة من غير شرط بالوقفية ، بل وحتى لو اشترط الواقف عدم توجيه النظارة، مادامت مصلحة الوقف تقتضي ذلك، وبذلك جوّز مخالفة شرط الواقف لوجود مصلحة الوقف، كما في حالة عدم ثبوت الطعن في امانة المتولي، فيجوز ان يضم اليه متولٍ ثقة يشاركه في التولية-وهذا اتجاه القضاء المصري- وينصب ناظر مشرف على تصرفاته- وهذا اتجاه القضاء العراقي(45).
________________________
[1]- يطلق اسم (الجهة) على خدمة المؤسسات الوقفية كالتولية والتدريس ومحافظة الكتب والخطابة وغيرها، المادة –1- من نظام توجيه الجهات الصادر في 2 رمضان سنة 1331هـ الموافق 23/تموز/1923م.
2- اخذت التشريعات العربية بهذا التقسيم ضمناً كما في قانون الوقف المصري، او صراحة كما في المادة –1234- من القانون المدني الاردني، والمادة –1- من مرسوم جواز تصفية الوقف الذري العراقي رقم (1) لسنة 1955.
3- الى ذلك ذهبت جميع التشريعات العربية، ولو ان بعضها لاينص على ذلك صراحة الا ان تخصيص حصة من الوقف الذري المصفى الى الجهة الخيرية يدل على ذلك معنىً.
4- يسمى بالوقف الذري في العراق وسوريا والاردن ولبنان، وبالوقف الاهلي في مصر، وبالمعقب في المغرب، وبالخاص في تونس، والغي في سوريا ومصر وليبيا، ونظمه المشرع اللبناني، وجوز تصفيته المشرع العراقي.
5-المادة - الأولى / 4-من قانون الأوقاف العراقي؛ المادة –6/أ – من قانون التسجيل العقاري العراقي.
6- المادة – الأولى / 5- من قانون الأوقاف نفسه؛ المادة –6/ب – من قانون التسجيل العقاري نفسه.
7- المادة –1022 – من القانون المدني الاردني؛ والمادة –1172 – من القانون المدني العراقي؛ محمد طه البشير و د. غني حسون طه، المصدر السابق، ص375؛ قرار محكمة التمييز في العراق بتاريخ 19/6/1950، اشار اليه عبد الرحمن العلام، المبادئ القضائية ، مطبعة العاني- بغداد، 1957، ص361.
8- تراجع على سبيل المثال : الحجة الشرعيه المرقمة 1037 في 31/10/1978 الصادرة من محكمة الاحوال الشخصية في الموصل، غير منشورة.
9- تراجع : المادة – الأولى / 6 – من قانون إدارة الأوقاف العراقي.
0[1]- المادة –3/ج – من قانون هيئة إدارة واستثمار اموال الأوقاف العراقي رقم 18 لسنة 1993 .
1[1]- ويسجل وقف مضبوط في دائرة التسجيل العقاري بالاستناد الى حجة شرعية؛ يراجع على سبيل المثال : وقفية الضبط المرقمة 809 في 8/11/1988 والصادرة عن محكمة الاحوال الشخصية في الموصل غير منشورة.
2[1]- قرار ديوان التدوين القانوني في 1/11/1963 (تعليمات الطابو رقم 632) ، أشار اليه مصطفى مجيد، شرح قانون التسجيل العقاري، ج3، مطبعة المعارف- بغداد، 1979، ص185؛ وبالمعنى نفسه قرار محكمة التمييز في العراق المرقم 692/شخصية/1993 في 25/5/1995، غير منشور.
3[1]- المؤسسات الدينية والخيرية : هي المساجد والتكايا والمدارس الدينية ودور التهذيب والمكتبات والسقايا والمياتم والملاجئ وغيرها من المؤسسات التي انشأها الواقفون او التي ينشئها ديوان الأوقاف والاشخاص الاخرون وتهدف الى البر او النفع العام، تراجع المادة –الأولى/8 – من قانون الأوقاف العراقي.
4[1]- العتبات المقدسة : هي التي تضم اضرحة الائمة عليهم السلام بما تدور عليه اسوار الصحن في الروضة الحيدرية في النجف الاشرف والروضتين الحسينية والعباسية في كربلاء والروضة الكاظمية والروضة العسكرية في سامراء ومراقد الائمة من آل البيت التابعة لتلك الرياض سواء كانت داخل اسوار الروضة او خارجها؛ تراجع : المادة –1/أ- من نظام العتبات المقدسة رقم 21 لسنة 1969 وتعديلاته، منشور في الجريدة الرسمية بالعدد 1730 في 17/5/1969.
5[1]- لمزيد من التفصيل حول التقادم يراجع : محمد طه البشير ود. غني حسون طه، المصدر السابق، ص220-221.
6[1]- المادة –2- من قانون النظر على الأوقاف الخيرية رقم 247 لسنة 1953 والمعدلة بالقانون رقم 28 لسنة 1970، منشور في الجريدة الرسمية بعدد 21 في 21/5/1970.
7[1]- المادتان – (21،23) – من قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية رقم 32 لسنة 2001.
8[1]- المحكمة الشرعية ليست مختصة بنصب متولي الوقف غير الصحيح، يراجع: قرار مجلس التمييز السني المرقم 302 في 24/7/1948 ، مجلة القضاء، العدد الأول، السنة السابعة، 1949، ص119-120.
9[1]- المادة – الأولى – من نظام المتولين، وبالمعنى نفسه حكم محكمة الاحوال الشخصية في الموصل المرقم 897 /2001 في 7/4/ 2001، غير منشور.
20- المادة – الثانية – من نظام المتولين؛ والمادة – 300/3 – من قانون المرافعات.
[1]2- قرار محكمة التمييز في العراق المرقم 110/هيئة عامة ثانية/ 1976 في 24/7/1976 ، منشور في مجموعة الاحكام العدلية، العدد الثالث، السنة السابعة، 1976، ص71.
22- المادة – الثالثة – من نظام المتولين.
23- كان سابقاً يصدر مرسوم جمهوري بتوجيه جهة التولية على الوقف للشخص، يراجع على سبيل المثال : المرسوم الجمهوري المرقم 734 في 14/11/1959، منشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 264 في 25/11/1959، وفي العهد الملكي تصدر ارادة ملكية، على سبيل المثال : وثيقة خاصة بالجهات رقم 39 في 7/6/1950 والتي اعطيت بعد صدور الارادة الملكية في 30/1/1950/غير منشورة، ولايتصرف بالتولية الا بإرادة ملكية، يراجع : قرار مجلس التميز السني المرقم 430 في 26/11/1946، منشور في المجموعة الرسمية لمقررات المحاكم، العدد الثالث، السنة الأولى، 1947، ص104.
24- تراجع : المادة –300/3 – من قانون المرافعات، وبالمعنى نفسه قرار مجلس التمييز السني المرقم 339 في 29/8/1948، منشور في مجلة القضاء، العدد الثاني والثالث، السنة السابعة، 1949، ص141-144.
25- تراجع : المادة – الرابعة – من قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966، وبالمعنى نفسه قرار محكمة التمييز في العراق المرقم 882/شخصية شرعيه/72 في 7/7/1973، النشرة القضائية، العدد الثالث، السنة الرابعة، 1973، ص142.
26- للتوسع في ذلك يراجع : محمد شفيق العاني، اصول المرافعات والصكوك في القضاء الشرعي، المصدر السابق، ص260-261.
27- المادة – الثالثة – من قانون إدارة العتبات المقدسة.
28- قرار محكمة التمييز في العراق المرقم 125/هيئة عامة ثانية/1976 في 18/9/1976، منشور في مجموعة الاحكام العدلية، العدد الثالث، السنة السابعة، 1976، ص73.
29- رقم القرار 2976/شخصية/1979 في 24/9/1980، منشور في مجموعة الاحكام العدلية، العدد الثالث، السنة الحادية عشرة، 1980، ص35.
30- رقم القرار 2179/شخصية/2002 في 7/10/2002، غير منشور.
[1]3- لمزيد من التوضيح تراجع المواد (435،437،438) من القانون المدني العراقي ؛ ومحمد طه البشير و د. غني حسون طه، المصدر السابق، ص226 وما بعدها.
32- تراجع : المادة – الأولى /ثامناً- من قانون وزارة الأوقاف رقم 50 لسنة 1981؛ والمادة –3/ج- من قانون هيئة إدارة استثمار اموال الأوقاف رقم 18 لسنة 1993.
33- يراجع في تطبيق احكام الشريعة الإسلامية من قبل مجلس الأوقاف الاعلى على سبيل المثال : الفقرة (9) من محضر اجتماعه بجلسته الثانية في 19/2/1994 غير منشور؛ والفقرة (10/ج) من جلسته الثالثة عشرة في 14/9/1997، غير منشور.
34- رقم القرار 1355/شرعية/1973 في 12/6/1974 النشرة القضائية، العدد الثاني، السنة الخامسة،1974، ص146-147.
35- المادة –300/1-من قانون المرافعات المدنية، والمواد – 1و2و3- من نظام المتولين؛ وينظر على سبيل المثال: احكام محكمة الاحوال الشخصية في الموصل المرقمة 3456/1974 في 4/2/1975، 5341/1987 في 29/12/1988، 1856/2000 في 7/12/2000، غير منشورة.
36- يراجع : محمد شفيق العاني، اصول المرافعات والصكوك في القضاء الشرعي، المصدر السابق، ص263.
37- تراجع المادة – 300/1- من قانون المرافعات المدنية.
38- تراجع : المادة –الرابعة- من قانون العتبات المقدسة؛ وقرار محكمة التمييز في العراق المرقم 125/هيئة عامة ثانية/1976 في 18/9/1976، منشور في مجلة الاحكام العدلية، العدد الثالث، السنة السابعة، 1976، ص73.
39- توحيد احكام توجيه التولية يكون بتعديل المواد القانونية التي اختصتها في قانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 وقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 ونظام المتولين رقم 46 لسنة 1970.
40- الحجج الشرعية تكون دون دعوى مقامة ولاخصومة حقيقية وهي نوعان : حجة حكمية تحتوي على فقرة حكمية مثل الحجة الوقفية، والنوع الاخر : حجة غير حكمية لا تحتوي على فقرة حكمية كحجة الاذن بالتعمير، محمد شفيق العاني، أصول المرافعات والصكوك ، المصدر السابق، ص374.
[1]4- وبالمعنى نفسه الحجة الشرعية بالتولية المرقمة 211 في 22/7/1965 الصادرة من المحكمة الشرعية في الموصل، غير منشورة؛ والحجة المرقمة 606 في 13/10/1974 الصادرة من محكمة الاحوال الشخصية في الموصلـ، غير منشورة.
42- يراجع : قرار محكمة التمييز في العراق المرقمة 6244/شخصية/1978، منشور في مجموعة الاحكام العدلية، العدد الرابع، السنة التاسعة، 1978، ص49؛ والقرار المرقم 1373/شرعية اولى/ 1972 في 18/7/1973، النشرة القضائية، العدد الثالث، السنة الرابعة، 1973، ص142.
43- تراجع : على سبيل المثال الحجة الشرعية المرقمة 574 في 14/8/1990 ، والحكم القضائي المرقم 954/2000 في 1/7/2000 والصادرين من محكمة الاحوال الشخصية في الموصل ، غير منشورين.
44- تراجع على سبيل المثال : الحجة الشرعية بالنظارة المرقمة 665 في 4/12/1991 الصادرة من محكمة الاحوال الشخصية في الموصل ، غير منشورة .
45- قرار محكمة التمييز في العراق المرقم 122 / هيئة عامة ثانية /1974 في 6/8/1974 ، النشرة القضائية ، العدد الثالث ، السنة الخامسة ، 1974 ، ص 105-107.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|