أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
![]()
التاريخ: 16-10-2014
![]()
التاريخ: 16-10-2014
![]()
التاريخ: 16-10-2014
![]() |
نعم ، كانت السوانح الفكرية التي تدعى واردات القلوب ، يمكن تفسيرها بظاهرة تداعي المعاني (الشيء يذكر بالشيء) فقد ينسبق الى أذهان أصحاب المعالي لطائف أفكار وظرائف أنظار ، ولا منشأ لها سوى تلاوة آيات قرعت أسماعهم ، وإذا بدقائق هي رقائق الفكر سنحت لهم بالمناسبة ، ومن غير أن تكون مدلوله ذاتية للكلام ما عدى الفحوى العام .
فكم من طرائف فكر وظرائف عبر تسنح أذهان ذوي الاعتبار ، بمجرد أن واجهوا حادثة أو شاهدوا واقعة أوقفتهم عند حدها وألزمتهم حجتها فأخذوا منها دروساً وعبراً .
وهكذا عند استماع تلاوة أو قراءة آية ذكرتهم مكارم أخلاق ومبادي آداب ، كان كل ذلك من قبيل تداعي المعاني ، الخارج من دلالة اللفظ ذاته ، بل الشيء قد يذكر بالشيء ، حتى ولو كان ضده ، فضلاً عما لو كان نظيره .
مثلاً : عندما يستمع العارف السالك الى قوله تعالى – خطاباً مع موسى وهارون - : {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [طه : 43 ، 44] ، ينسبق الى ذهنه بادرة ضرورة تهذيب النفس وارعوائها عن الطغيان والعصيان قبل كل شيء .
فيخاطب نفسه : ما بالك أنت ، منشغلاً عن فرعنة نفسك الطاغية ، فاذهب إليها واجمع جموعك تهذيبها وترويضها ، ولاطف معها بلين ، لعلها تتعظ وترعوي وترضخ لإشارات العقل الحكيم .
فهذا لم يفسر القرآن ولا جعل فرعون مراداً به النفس الأمارة بالسوء ، ولا موسى وهارون كل إنسان لبيب حكيم . بل خطر الى ذهنه هذا المعنى ، متعظاً ومتذكراً من فحوى الآية بالمناسبة .
يقول الإمام الحافظ تقي الدين ابن الصلاح – في فتاواه وقد سئل عن كلام الصوفية في القرآن - : " الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئاً من أمثال ذلك ، أنه لم يذكره تفسيراً ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم ؛ فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية ، وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن ، فإن النظير يذكر بالنظير . ومن ذلك قتال النفس في الآية الكريمة : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ } [التوبة: 123] . فكأنه قال : أمرنا بقتال النفس ومن يلينا من الكفار ، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك ، لما فيه من الإبهام والإلباس " (1) .
يعني : إن ما يذكرونه بهذا الشأن لا يعنون به التفسير ولا تأويل الآية بذلك ، وإنما الشيء يذكر بالشيء من باب " تداعي المعاني " فيخطر ببالهم خواطر هي نفحات قدسية ملكوتية عند تلاوة الآي أو استماعها عن وعي وحضور قلب .
فهم عندما يستمعون الى نداء الآية العام يراجعون أنفسهم ، وفي طيهم كافر عاتٍ هو أقرب إليهم وأخطر من الكفار البعداء ، فيجب مقاتلته قبل مقاتلة سائر الكفار ، أخذاً بقياس الأولوية في منطق العقل الرشيد .
وهذا معنى قول سهل : " النفس كافرة فقاتلها بالمخالفة لهواها ، واحملها على طاعة الله والمجاهدة في سبيله وأكل الحلال وقول الصدق وما قد أمرت به من مخالفة الطبيعة " (2) .
فهذا المعنى العرفاني الرقيق مستفاد من فحوى الآية ومستنبط من بطنها بالمناسبة من غير أن يكون ذا صبغة تفسيرية أو بياناً للمراد من الآية بالذات .
وقد صرح بذلك الإمام القشيري في تفسيره للبسملة ، قال : " وقوم عند ذكر هذه الآية يتذكرون من الباء بره بأوليائه ، ومن السين سره بأصفيائه ، ومن الميم منته على أهل ولايته . فيعملون أنهم ببره عرفوا سره ، وبمنته عليهم حفظوا أمره ، وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره " ، الى آخر ما ذكره بهذا الصدد (3) تراه لم يجعله تفسيراً أمره للآية ، وإنما هو تذكر قلبي عند استماعها أو استماع حروفها من قبيل الخواطر القلبية محضاً ، من غير أن يكون تحميلاً على القرآن أو تفسيراً بالرأي .
__________________________
1- فتاوي ابن الصلاح ، ص29 (التفسير والمفسرون ، ج2 ، ص368) .
2- راجع : تفسير السلمي ، ج1 ، ص292 .
3- تفسير القشيري ، ج1 ، ص56 .
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقيم ورشة تطويرية ودورة قرآنية في النجف والديوانية
|
|
|