أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014
3465
التاريخ: 22-3-2016
5200
التاريخ: 14-10-2014
2598
التاريخ: 20-3-2016
2212
|
الفرية على المعصوم (صلى الله عليه واله وسلم ) في قول اللّه تعالى : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ...} [يوسف : 52] .
ولـكـي يـؤيـدوا باطلهم الذي ذكرناه آنفاً ، رووا عن الصحابة والتابعين ما لا يليق بمقام الانبياء ، واختلقوا على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) زوراً ، وقولوه ما لم يقله ، قال صاحب (الدر) :
واخـرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن ابي حاتم ، وابو الشيخ ، والبيهقي في (شعب الايـمـان ) عن ابن عباس ـ رضوان اللّه عليه ـ قال : لما جمع الملك النسوة قال لهن : انتن راودتن يـوسف عن نفسه ؟ {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف : 51] ، قال يوسف : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} ، فـغـمـزه جـبـريـل (عليه السلام) فـقـال : ولا حـيـن هـمـمت بها؟ فقال : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف : 53] .
قـال : واخـرج ابـن جـرير عن مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، والسدي مثله ، واخرج الحاكم في تاريخه ، وابن مردويه والديلمي عن انس : أن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) قرأ هذه الآية : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } قال : لما قال يوسف ذلك قال له جبريل (عليه السلام) : ولا يوم هممت بما هممت به ؟ فقال : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ، قال : واخرج ابن جرير عن عكرمة مثله .
واخـرج سـعـيـد بن منصور ، وابن ابي حاتم عن حكيم بن جابر في قوله : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } قـال جـبـريـل : و لا حين حللت السراويل ؟ الى غير ذلك من المرويات المكذوبة ، والاسرائيليات الباطلة ، التي خرجها بعض المفسرين الذين كان منهجهم ذكر المرويات ، وجمع أكبر قـدر مـنها ، سواء منها ما صح وما لم يصح والإخباريون الذين لا تحقيق عندهم للمرويات ، وليس ادل عـلـى ذلـك مـن انـها لم يخرجها احد من اهل الكتب الصحيحة ، ولا اصحاب الكتب المعتمدة الذين يرجع اليهم في مثل هذا.
القرآن يردّ هذه الأكاذيب
وقـد فـات هؤلاء الـدسـاسـيـن الـكـذّابـيـن ان قـولـه تعالى : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ..} الآيتين ، ليس من مقالة سيدنا يوسف (عليه السلام) وانما هو من مقالة امرأة العزيز ، وهو ما يتفق وسـيـاق الآية ، ذلك : أن العزيز لما أرسل رسوله الى يوسف لإحضاره من السجن ، قال له : أرجع الى ربـك ، فأساله ما بال النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ ؟ فأحضر النسوة ، وسألهنّ ، وشهدن ببراءة يوسف ، فـلـم تـجـد امرأة العزيز بُدّاً من الاعتراف ، فقالت : {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف : 51] الى قوله : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} فكل ذلك من قولها ، ولم يكن يوسف حاضراً ثم ، بل كان في السجن ، فكيف يعقل أن يصدر منه ذلك في مجلس التحقيق الذي عقده العزيز؟ وقـد انـتـصـر لـهـذا الـرأي الـذي يوائم السياق والسباق الامام الشيخ محمد عبده ، في تفسير (المنار) وهو آخر ما رقمه في تفسير القرآن .
وهكذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } :
تـقـول : انـمـا اعترفت بهذا على نفسي ، ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر ، ولا وقع الـمحذور الأكبر وإنما راودت هذا الشاب مراودة ، فامتنع ، فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة ، {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي } [يوسف : 52] تقول المرأة : ولست أبرئ نفسي ، فإن النفس تتحدث ، وتتمنى ، ولهذا راودته ، لأن {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف : 53] أي إلا من عصمه اللّه تعالى {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ }.
قال : وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام ، وقد حكاه الماوردي في تفسيره ، وجعله أول الوجهين في تفسير الآية .
وبعد أن ذكر بعض ما ذكره ابن جرير الذي ذكرناه آنفاً عن ابن عباس ، وتلاميذه ، وغيره قال : والـقـول الأول أقـوى وأظهر ، لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك ، ولم يكن يوسف (عليه السلام) عندهم ، بل بعد ذلك أحضره الملك (1) .
التفسير الصحيح لقوله تعالى : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}
قال أبو شهبة : والصحيح في تفسير قوله تعالى : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف : 24] أن الـكـلام تم عند قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) وليس من شك في أن همها كان بقصد الفاحشة ، (وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ).
الـكلام من قبيل التقديم والتأخير ، والتقدير : ولولا ان رأى برهان ربه لهم بها ، فقوله تعالى : (وَهَمَّ بِهَا) ، جواب (لولا) مقدم عليها ، ومعروف في العربية أن (لولا) حرف امتناع لوجود ، أي امتناع الجواب لوجود الشرط ، فيكون (الهم ) ممتنعاً ، لوجود البرهان الذي ركزه اللّه في فطرته. والـمـقدم إما الجواب ، أو دليله ، على الخلاف في هذا بين النحويين ، والمراد بالبرهان : هو حجة اللّه الـباهرة الدالة على قبح الزنى ، وهو شي مركوز في فطر الأنبياء ومعرفة ذلك عندهم وصل الـى عـيـن الـيـقـين ، وهوما نعبر عنه بالعصمة ، وهي التي تحول بين الأنبياء والمرسلين ، وبين وقوعهم في المعصية .
ويـرحـم اللّه الامـام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) حيث قال : البرهان : النبوة التي أودعها اللّه في صدره ، حالت بينه وبين ما يسخط اللّه .
وهـذا هـو الـقـول الـجزل الذي يوافق ما دل عليه العقل من عصمة الانبياء ، ويدعو إليه السابق والـلاحق وأما كون جواب (لولا) لا يجوز أن يتقدم عليها ، فهذا امر ليس ذا خطر ، حتى نعدل عن هـذا الـراي الـصـواب ، الى التفسيرات الاخرى الباطلة ، لهم يوسف (عليه السلام) ، والقرآن هو اصل اللغة ، فـورود أي اسـلـوب فـي الـقرآن يكفي في كونه اسلوبا عربيا فصيحا ، وفي تأصيل أي قاعدة من الـقـواعد النحوية ، فلا يجوز لأجل الأخذ بقاعدة نحوية ، ان نقع في محظور لا يليق بالأنبياء كهذا والـصحيح ان الجواب محذوف بقرينة المذكور ، وهو ما تقدم على (لولا) ، ليكون ذلك قرينة على الجواب المحذوف .
وقـيـل : ان مـا حصل من (هم يوسف ) كان خطرة ، وحديث نفس بمقتضى الفطرة البشرية ، ولـم يـسـتقر ، ولم يظهر له اثره قال البغوي في تفسيره : (قال بعض اهل الحقائق : الهم همان : هم ثابت ، وهو اذا كان معه عزم ، وعقد ، ورضا ، مثل هم امرأة العزيز ، والعبد مأخوذ به وهم عارض ، وهـو الـخطرة ، وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم ، مثل هم يوسف (عليه السلام) والعبد غير مأخوذ بـه ، مـا لـم يـتكلم به او يعمل ) (2) ، وقيل : همت به هم شهوة وقصد للفاحشة ، وهم هو بضربها ولا أدري كيف يتفق هذا القول ، وقوله تعالى : (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ).
والـقـول الجزل الفحل هو ما ذكرناه أولا ، وصرحت به الرواية الصحيحة عن الامام ابي عبداللّه جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) . والسر في اظهاره في هذا الأسلوب ـ واللّه أعلم ـ : تصوير المشهد الـمـثـيـر الـمُغري العرم ، الذي هيأته امرأة العزيز لنبي اللّه يوسف ، وانه لولا عصمة اللّه له ، وفطرته النبوية الزكية ، لكانت الاستجابة لها ، والهم بها أمراً محققاً .
وفي هذا تكريم ليوسف ، وشهادة له بالعفة البالغة ، والطهارة الفائقة .
__________________
1- تفسير ابن كثير ، ج2 ، ص481-482 . وراجع : تفسير الماوردي ، ج3 ، ص47 ؛ المنار ، ج12 ، ص323.
2- تفسير البغوي ، ج2 ، ص419.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|