أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
2209
التاريخ: 2024-09-15
358
التاريخ: 6-03-2015
1923
التاريخ: 14-10-2014
2228
|
روى الـسـيـوطي فـي (الـدر المنثور) ، في تفسير قوله تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ } [البقرة : 102] روايات كثيرة وقصصاً عجيبة ، رويت عن ابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، ومجاهد ، وكعب ، والربيع ، و السدي رواها ابن جرير الطبري في تفسيره ، وابـن مـردويـه ، والـحاكم ، وابن المنذر ، وابن ابي الدنيا ، والبيهقي ، والخطيب في تفاسيرهم وكتبهم (2) .
وخلاصتها : انه لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر باللّه ، قالت الملائكة فـي الـسـمـاء : اي رب ، هذا العالم انما خلقتهم لعبادتك ، وطاعتك ، وقد ركبوا الكفر ، وقتل النفس الـحـرام ، واكـل الـمـال الحرام ، والسرقة ، والزنى ، و شرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ، ولا يعذرونهم ، فقيل لهم : انهم في غيب ، فلم يعذروهم وفي بعض الروايات : ان اللّه قال لهم : لو كنتم مـكـانهم لعملتم مثل اعمالهم ، قالوا : سبحانك ، ما كان ينبغي لنا وفي رواية : قالوا : لا ، فقيل لـهـم : اخـتـاروا مـنكم ملكين آمرهما بأمري ، وانهاهما عن معصيتي فاختاروا هاروت وماروت ، فأهبطا الى الارض ، وركبت فيهما الشهوة ، وأُمرا ان يعبدا اللّه ، ولا يشركا به شيئاً ، ونهيا عن قتل الـنفس الحرام ، واكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنى وشرب الخمر فلبثا على ذلك في الارض زمـانـا ، يـحكمان بين الناس بالحق ، وذلك في زمان ادريس وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر الـنـاس كـحـسـن الـزهـرة فـي سـائر الـكـواكب وانها اتت عليهما فخضعا لها بالقول ، وانهما اراداهـا عـلـى نـفـسها ، فأبت الا ان يكونا على امرها ودينها ، وانهما سألاها عن دينها ، فأخرجت لهما صنما ، فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فصبرا ما شاء اللّه ، ثم اتيا عليها ، فخضعا لها بالقول ، واراداها على نفسها ، فأبت الا ان يكونا على دينها ، وان يعبدا الصنم الذي تعبده ، فأبيا ، فلما رأت انهما قد ابيا ان يعبدا الصنم ، قالت لهما : اختارا احدى الخلال الثلاث : اما ان تعبدا هذا الصنم ، او تـقـتـلا الـنفس ، او تشربا هذا الخمر فقالا : كل هذا لا ينبغي ، واهون الثلاثة شرب الخمر ، وسـقـتهما الخمر ، حتى اذا اخذت الخمر فيهما وقعا بها . فمر بهما انسان ، وهما في ذلك ، فـخـشيا ان يفشي عليهما ، فقتلاه ، فلما ان ذهب عنهما السكر ، عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وارادا ان يـصـعـدا الـى الـسـماء ، فلم يستطيعا وكشف الغطاء فيما بينهما ، وبين اهل السماء ، فنظرت الـملائكة الى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا ان من كان في غيب فهو اقل خشية ، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الارض فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة ، قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا ، او عـذاب الاخـرة ، فـقـالا : اما عذاب الدنيا فينقطع ، ويذهب واما عذاب الاخرة فلا انقطاع له ، فـاخـتـارا عذاب الدنيا ، فجعلا ببابل ، فهما بها يعذبان معلقين بأرجلهما وفي بعض الروايات ، انهما عـلـمـاهـا الـكلمة التي يصعدان بها الى السماء ، فصعدت ، فمسخها اللّه ، فهي هذا الكوكب المعروف بالزهرة .
ويـذكـر الـسـيـوطي ، وابـن جرير ، وابن ابي حاتم ، والحاكم ، و البيهقي في سننه ، عن عائشة : انها قدمت عليها امرأة من دومة الجندل ، وانها اخـبـرتـها انها جيء لها بكلبين اسودين فركبت كلباً ، وركبت امرأة اخرى الكلب الاخر ، ولم يمض غـيـر قـلـيـل ، حـتـى وقفتا ببابل فاذا هما برجلين معلقين بأرجلهما ، وهما هاروت وماروت ، واسترسلت المرأة التي قدمت على عائشة في ذكر قصة عجيبة غريبة .
ويـذكـر ايضا : ان ابن المنذر اخرج من طريق الاوزاعي ، عن هارون بن رباب ، قال : دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة ، وهو متكئ عليها ، فقالوا : هذا قد لقي هاروت ومـاروت ، فـقـلـت هـذا ، قـالوا نعم ، فقلت : حدثنا رحمك اللّه ، فأنشأ الرجل يحدث بقصة عجيبة غريبة (3) .
وكل هذا من خرافات بني اسرائيل ، واكاذيبهم التي لا يشهد لها عقل ، ولا نقل ، ولا شرع ، ولم يقف بعض رواة هذا القصص الخرافي الباطل عند روايته عن بعض الصحابة والتابعين ، ولكنهم اوغلوا بـاب الإثم ، والتجني الفاضح ، فالصقوا هذا الزور الى النبى (صلى الله عليه واله وسلم ) ورفعوه اليه .
فقد قال السيوطي : اخرج سعيد ، وابن جرير ، والخطيب في تاريخه ، عن نافع ، قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان من آخر الليل قال : يا نافع ، انظر هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ، مرتين او ثلاثا ، ثم قلت : قد طلعت قال : لا مرحباً بها ، ولا اهلاً قلت : سبحان اللّه !! نجم مسخر ، سامع ، مطيع !! قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، قال : ان الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : اني ابتليتهم وعافيتكم قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا ان يـخـتـاروا فاختاروا هاروت وماروت ، فنزلا ، فألقي اللّه عليهم الشبق . قلت : وما الشبق ؟ قال : الـشـهـوة ، فـجـات امرأة يقال لها : الزهرة ، فوقعت في قلبيهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صـاحبه ما في نفسه ، ثم قال احدهما للاخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم فطلباها لأنفسهما ، فقالت : لا امكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به الى السماء ، وتهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها ايضا ، فأبت ، ففعلا ، فلما استطيرت طمسها اللّه كوكبا ، وقطع اجنحتهما ثم سالا التوبة من ربـهـمـا ، فـخـيرهما بين عذاب الدنيا ، وعذاب الاخرة ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الاخرة ، فأوحى اللّه اليهما : ان ائتيا (بابل ) (4) فانطلقا الى بابل ، فخسف بهما ، فهما منكوسان بين السماء والارض ، معذبان الى يوم القيامة .
ثـم ذكر ايضا رواية اخرى ، مرفوعة الى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) لا تخرج في معناها عما ذكرنا (5) ، ولا يـنـبغي ان يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في ان هذا موضوع على النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) مهما بلغت اسـانـيده من الثبوت ، فما بالك اذا كانت اسانيدها واهية ، ساقطة ، ولا تخلو من وضاع ، او ضعيف ، او مجهول ؟ ونص على وضعه أئمة الحديث . (6) وهكذا فنده الائمة من آل البيت (عليهم السلام).
قـال الامـام ابـو محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) وقد سئل عن الذي يقوله الناس بشأن الملكين هـاروت وماروت ، و انهما عصيا اللّه ، قال : (معاذ اللّه من ذلك ، ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف اللّه تعالى .
فقد قال اللّه فيهم : {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم : 6].
وقال : ({ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ ـ يعني الملائكة ـ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء : 19، 20] .
وقال ـ في الملائكة ـ : {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء : 26 - 28] (7) .
وهـكـذا سـأل الـخليفة المأمون العباسي الامام على بن موسى الرضا(عليه السلام) عما يرويه الناس من امر (الزهرة ) وانها كانت امرأة ، فتن بها هاروت وماروت ، وما يرويه الناس من امر (سهيل ) ، وانه كان عشارا باليمن .
فـقال الامام : كذبوا في قولهم : انهما كوكبان ، وانما كانتا دابتين من دواب البحر وغلط الناس انهما كوكبان ، وما كان اللّه تعالى ليمسخ اعداءه انواراً مضيئة ، ثم يبقيهما ما بقيت السماء والارض (8) .
وقال الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في تفسير الآية :
كان بعد نوح (عليه السلام) قد كثرت السحرة والمموهون ، فبعث اللّه تعالى ملكين الى نبي ذلك الزمان بذكر مـا يـسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم وبرد كيدهم فتلقاه النبى عن الملكين واداه الى عباد اللّه بأمر اللّه ، وامرهم ان يقفوا به على السحر وان يبطلوه ، ونهاهم ان يسحروا به الناس . وهذا كما يدل على السم ما هو ، وعلى ما يدفع به غائلته . ثم يقال لمتعلم ذلك : هذا السم فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا ، وإياك ان تقتل بالسم احداً (9).
وقال الامام ابو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) بشأن الشياطين في الآية :
لـمـا مات سليمان النبى (عليه السلام) وضع الشيطان السحر وكتبه في كتاب ثم طواه ، وكتب على ظهره : هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ، من اراد كذا فليعمل كذا ، ثـم دفـنـه تحت سرير سليمان ، ثم استثاره لهم فقرأه ، فقال الكافرون : ما كان سليمان يغلبنا الا بهذا ، فـقـال اللّه : {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ـ بأعمال السحرـ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } [البقرة : 102].
___________________________
1- تركنا القلم هنا بيد الدكتور محمد بن محمد أبي شهبة في كتابه " الإسرائيليات والموضوعات " فقد استوفى هذا الجانب استيفاء كاملاً واستقصى الإسرائيليات بشكل رتيب ، ومن ثم فقد اقتبسنا مما ذكره ، مع شيء من التصرف أحياناً . راجع : كتابه ، ص159 – 305.
2- الدر المنثور ، ج1 ، ص97-103 ؛ تفسير ابن جرير ، ج1 ، ص362 – 367 (ط بولاق).
3- الدر المنثور ، ج1 ، ص101 ؛ تفسير الطبري ، ج1 ، ص366.
4- بابل : بلد من أوساط العراق قرب الحلة .
5- الدر المنثور ، ج1 ، ص97 ؛ تفسير الطبري ، ج1 ، ص364 – 365 .
6- راجع : الموضوعات ، ج1 ، ص 187 ؛ البداية والنهاية ، ج1 ، ص37.
7- راجع : تفسير الامام الحسن العسكري ، ص 475 ؛ عيون أخبار الرضا للصدوق ، ج1 ، ص208 -211 ( ط نجف ) ؛ البرهان في تفسير القرآن ، ج1 ، ص294 – 299.
8- عيون اخبار الرضا ، ج1 ، ص211 ( ط نجف ) .
9- تفسير الإمام الحسن العسكري ، ص 473.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|