أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-26
1540
التاريخ: 10-04-2015
1921
التاريخ: 13-08-2015
4180
التاريخ: 27-09-2015
3423
|
هو أبو بكر محمّد بن العبّاس الخوارزميّ، و يقال له أيضا الطبرخزيّ لأنّ أباه كان من خوارزم، و كانت أمّه من طبرستان أختا للمؤرخ محمّد بن جرير الطبريّ (توفي 310 ه-923 م) ، فنحتت له نسبة من اسمي البلدين.
ولد أبو بكر الخوارزميّ سنة 323 ه(935 م) في خوارزم. و لمّا شبّ بدأ يتطوّف في البلاد في سبيل العلم و المال. و قد أقام حينا في الشام و اتّصل بسيف الدولة. ثمّ انه غادر حلب إلى بخارى و اتّصل بأبي عليّ البلعميّ وزير منصور (الأول) بن نوح السامانيّ (350-366 ه) ، و لكنّه فارقه وشيكا و ذهب إلى نيسابور. ثمّ استأنف رحلة إلى سجستان و لكنّه
لم يسرّ فيها فهجا و اليها طاهر بن محمّد فألقي في السجن مدّة. بعدئذ قصد الصاحب بن عبّاد في أرّجان، و لكنّه هجاه أيضا و غادر أرّجان. ثم عاد إلى نيسابور؛ فلمّا لم ينل حظوة عند الوزير أبي نصر العتبيّ هجاه، فصادر العتبيّ أمواله و ألقاه في السجن. و لكن الخوارزميّ استطاع أن ينجو من السجن و هرب إلى جرجان. فلمّا قتل العتبي (؟) خلفه أبو الحسين المزنيّ فاستقدم الخوارزميّ إلى نيسابور، فقد كان صديقا له و محبّا، ثمّ عوّضه عمّا كان قد صودر من أمواله.
و تعرّض أبو بكر الخوارزميّ في أواخر أيامه لمنافسة بديع الزمان الهمذانيّ و ناله من جرّاء ذلك أذى كبير، و خصوصا في المناظرة المشهورة (1).
و كانت وفاة الخوارزمي في نيسابور في منتصف رمضان من سنة 382 ه (993 م) في الأغلب.
خصائصه الفنّيّة:
أبو بكر الخوارزميّ أديب شاعر ناثر. لقد كان إماما في اللغة عالما بأشعار العرب عارفا بأنسابها و أخبارها كثير الحفظ للأشعار. أما شعره القليل الذي سلم من الضياع فهو أقرب إلى شعر الكتّاب منه إلى شعر الشعراء المطبوعين: إنه حسن المعاني قويّ السبك صافي الأسلوب و لكنّه قليل الرونق و الطلاوة. و من فنون شعره الهجاء و المديح و الرثاء مع شيء من الحكم المنثورة فيها. و أما نثره فكان ترسّلا، و كان أسمى طبقة من شعره. و مع جودة رسائله فإنّنا نرى عليها شيئا من الجفاف و الجفاء إذا قيست برسائل بديع الزمان الهمذانيّ. و أبو بكر الخوارزميّ يتكلّف الصناعة في رسائله، و لكنّه يصيبها في أحيان كثيرة. و يقصد إلى الفكاهة و التهكّم فيجيدهما حينا.
المختار من شعره و نثره:
- قال الخوارزميّ يرثي ركن الدولة الحسن بن بويه:
أ لست ترى السيف كيف انثلم... و ركن الخلافة كيف انهدم
طوى الحسن بن بويه الردى... أ يدري الردى أيّ جيش هزم (2)
فصيح اللسان بديع البيا...ن رفيع السنان سريع القلم (3)
إذا تمّ شيء بدا نقصه... توقّع زوالا إذا قيل تمّ
- و قال يذكر ضعف خلفاء بني العبّاس:
أ ما رأيت بني العبّاس قد فتحوا... من الكنى و من الألقاب أبوابا
و لقّبوا رجلا لو عاش أوّلهم... ما كان يرضى به للقصر بوّابا (4)
قلّ الدراهم في كفّي خليفتنا... هذا فأنفق في الأقوام ألقابا
- و قال أبو بكر الخوارزمي يصف واليا ظالما عاتيا:
ورد علينا فلان و نحن نيام نوم الأمنة و سكارى سكر الثروة (؟) و متّكئون على فراش العدل و النصفة (5)؛ فما زال يفتح علينا أبواب المظالم و يحتلب فينا ضرعي الدنانير و الدراهم و يسير في بلادنا سيرة لا يسيرها السنّور في الفار و لا يستخيرها المسلمون في الكفّار (6)، حتّى افتقر الأغنياء و انكشف الفقراء، و حتّى ترك الدهقان ضيعته، و جحد صاحب الغلّة غلّته و حتّى نشّف الزرع و الضرع و أهلك الحرث و النسل (7)، و حتّى أخرب البلاد، بل أخرب العباد، و حتّى شوّق إلى الآخرة أهل الدنيا و حبّب الفقر إلى أهل الغنى، و حتّى لقّب بالجراد و كنّي أبا الفساد، و حتّى صار الدرهم في أيامه أقلّ من الصدق في كلامه، و صار الأمن في أعماله أعزّ من السداد في أفعاله (8). فليته إذ أوحش الرجال حصّل المال، و ليته إذ ضيّع المال أرضى الرجال (9)؛ و لكنّه حرم الاثنين فأفلس من الجهتين. و و اللّه، ما الذئب في الغنم بالقياس إليه إلاّ من المحسنين، و لا السوس في الخزّ في الصيف إلاّ من المصلحين، و لا الحجّاج بن يوسف الثقفيّ في العراق إلاّ أول العادلين، و لا يزدجرد الأثيم في أهل فارس بالإضافة إليه إلاّ من النبيّين و الصّدّيقين، و لا فرعون في بني إسرائيل إذا قابلته به إلاّ من الملائكة المقرّبين.
-مرض أبو بكر الخوارزميّ فأغفله أحد أصدقائه: لم يعده (يزره) في علّته و لا كتب إليه مهنّئا بزوال العلّة عنه. فكتب الخوارزميّ إلى ذلك الصديق:
كتابي-و قد خرجت من البلاء خروج السيف من الجلاء (10) و بروز البدر من الظلماء؛ و قد فارقتني المحنة و هي مفارق لا يشتاق اليه، و ودّعتني و هي مودّع لا يبكى عليه. فالحمد للّه تعالى على محنة يجلّيها و نعمة ينيلها و يولّيها. كنت أتوقّع أمس كتاب سيّدي بالتسلية، و اليوم بالتهنئة: فلم يكاتبني في أيام البرحاء (11) بأنّها غمّته و لا في أيّام الرخاء بأنّها سرّته. و قد اعتذرت عنه إلى نفسي و جادلت عنه قلبي فقلت: أمّا إخلاله بالأولى فلأنّه شغله الاهتمام بها عن الكلام فيها، و أما تغافله عن الأخرى فلأنّه أحبّ أن يوفّر عليّ مرتبة السابق إلى الابتداء و يقف بنفسه على محلّ الاقتداء (12) لتكون نعم اللّه تعالى موقوفة من كلّ جانب عليّ و محفوفة من كلّ بيئة (13) بي. فإن كنت أحسنت الاعتذار عن سيّدي فليعرف لي حقّ الإحسان و ليكتب لي بالاستحسان. و إن كنت أسأت فليخبرني بعذره فإنّه أعرف منّي بسرّه، و ليرض منّي بأنّي حاربت عنه قلبي، و اعتذرت من ذنبه حتّى كأنّه ذنبي، و قلت:
يا نفس، اعذري أخاك و خذي منه ما أعطاك، فمع اليوم غد، و العود أحمد!
- كلمات لأبي بكر الخوارزميّ تجري مجرى الأمثال (يتيمة الدهر 4: 182-185) :
الشكر على قدر الإحسان، و السلع بإزاء الأثمان (14). النفس مائلة إلى أشكالها، و الطير واقعة على أمثالها. الأيام مرآة الرجال. الاعتذار في غير موقعه ذنب. الدواء لغير حاجة إليه داء. الغضب ينسي الحرمات (15) و يدفن الحسنات و يخلق للبريء جنايات. الدنيا عروس كثيرة الخطّاب الملك سلعة كثيرة الطلاّب. الشجاع محبّب حتّى إلى من يحاربه. حفظ الصحّة أيسر من علاج العلّة. في الزوايا خبايا، و في الرجال بقايا. نعم الشفيع الحبّ. نعم العدّة المدّة (16)، و نعم الوقاية العافية. بئس الخصم الزمان، و بئس الشفيع الحرمان، و بئس الرفيق الخذلان.
___________________
1) راجع ترجمة بديع الزمان الهمذاني.
2) الردى: الموت.
3) رفيع السنان سريع القلم (كناية عن الظفر في الحروب و عن نفاذ أوامره!) .
4) لو عاش أولهم: لو كان الخلفاء العباسيون الاولون أحياء.
5) الأمنة (بفتح الهمزة و الميم و النون) : الأمن، الأمان، السلامة. النصفة (بفتح النون و الصاد و الفاء) : الانصاف، المساواة في المعاملة.
6) السنور: الهر، القط. الكفار: الذين ليس لهم كتاب سماوي و لا نبي مرسل، و الذين يجحدون اللّه أو يشركون به غيره.
7) ترك الدهقان (صاحب الأراضي) ضيعته و جحد (أنكر، تبرأ من) غلته لأن الضريبة عليهما أكبر من قيمتهما. الزرع: نبات الأرض. الضرع: ثدي الأنعام الحلوبة (كالغنم و البقر و الإبل) . الحرث: الزرع. النسل: ما يتكاثر بالتوالد من الإنسان (و الحيوان) -استولى على نتاج كل شيء ثم أهلك جميع المنتجين.
8) أعز: أندر، أقل. السداد (بفتح السين) : الصواب في القول و العمل.
9) أوحش الرجال: نفرهم منه. حصل المال: جمع مالا (للدولة) . -إنه بأعماله قد نفر الناس من الدولة و جعلهم لها أعداء ثم لم يستطع أن يجمع الخراج و الضرائب لأنه أفسد كل شيء و أفقر البلاد.
10) الجلاء (بكسر الجيم) : صقل السيف، شحذه، سنه (بفتح السين) .
11) البرحاء (بضم الباء و فتح الراء) : شدة الأذى (من المرض و غيره) .
12) يقف بنفسه على محل الاقتداء: لا يتقدم علي في عمل بل يقتدى بي في كل شيء.
13) البيئة (بكسر الباء) : المحل، المكان؛ الحال.
14) جودة السلعة (البضاعة) تابعة لمقدار ثمنها.
15) الحرمات جمع حرمة (بضم الحاء المهملة) : ما يجب على الإنسان الدفاع عنه كالعرض و الكرامة. . .
16) العدة: الاستعداد، التهيؤ. المدة: الزمن (طول العمر) .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|