أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-06
943
التاريخ: 2023-10-18
735
التاريخ: 22-11-2017
1705
التاريخ: 22-12-2015
1851
|
(عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب) يكنى أبا يزيد ولم يزل اسمه في الجاهلية والإسلام عقيلا وهو أخو أمير المؤمنين " عليه السلام" لامه وأبيه.
كان أسن من جعفر رحمه الله بعشر سنين وجعفر أسن من أمير المؤمنين بعشر سنين، وكان أبو طالب يحب عقيلا أكثر من حبه لسائر بنيه ولذلك قال للنبي والعباس حين أتياه ليقتسما بنيه عام المحل ليخففا عنه ثقلهم دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم فاخذ العباس جعفرا واخذ النبي عليا وقد قال رسول الله لعقيل يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك منى وحبا لما كنت أعلم من حب عمى إياك وكان عقيل قد اخرج إلى بدر مكرها كما أخرج العباس ففداه العباس، روى أن أخاه عليا " ع " مر به وهو أسير فلما رآه صد عنه فقال له عقيل والله لقد رأيتني ولكن عمدا تصد عنى فجاء على إلى رسول الله فقال يا رسول الله هل لك في أبى يزيد مشدودة يداه إلى عنقه بنسعه فانطلق معه رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقف عليه فلما رأى عقيل رسول الله قال يا رسول الله إن كنتم قتلتم أبا جهل فقد ظفرتم وإلا فادركوا القوم ما داموا بحدثان فرحتهم فقال النبي صلى الله عليه وآله قد قتله الله تعالى ولما فدى عاد إلى مكة ثم أقبل مسلما مهاجرا قبل الحديبية وشهد غزاة مؤتة: مع أخيه جعفر " عليه السلام " وقيل إنه لم يعد إلى مكة بل أقام مع رسول الله وشهد معه المشاهد كلها والأول أصح وكان عقيل قد باع دور بنى هاشم المسلمين بمكة وكانت قريش تعطى من لم يسلم مال من أسلم فباع دور قومه حتى دار رسول الله فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم الفتح قيل له ألا تنزل دارك يا رسول الله فقال وهل ترك لنا عقيل من دار وكان عقيل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها ولكنه كان مبغضا إليهم لأنه كان يعد مساويهم وكان له طنفسة تطرح في مسجد رسول الله فيصلى عليها ويجتمع إليه الناس في علم النسب وأيام العرب وكان حينئذ قد ذهب بصره كان يقال إن في قريش أربعة يتحاكم إليهم في علم النسب وأيام قريش ويرجع إلى قولهم عقيل بن أبي طالب ومخرمة ابن نوفل الزهري وأبو الجهم بن حذيفة العدوي وحويطب بن عبد العزى العامري وكان عقيل أسرع الناس جوابا وأشدهم عارضة وأحضرهم مراجعة في القول وأبلغهم في ذلك.
(قال) الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني في شرح (نهج البلاغة) خرج عقيل إلى العراق ثم إلى الشام ثم عاد إلى المدينة ولم يشهد مع أخيه أمير المؤمنين "عليه السلام " شيئا من حروبه أيام خلافته وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه ولم يكلفه حضور الحرب; قال: واختلف الناس فيه هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين حي فقال قوم نعم ورووا أن معاوية قال يوما وعقيل عنده هذا أبو يزيد لولا علمه انى خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه فقال عقيل أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي وقد آثرت دنياي واسأل الله خاتمة خير وقال قوم إنه لم يعد إلى معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين " عليه السلام ".
(قال) ابن أبي الحديد وهذا القول هو الأظهر عندي واستدلوا على ذلك بالكتاب الذي كتبه عقيل إلى أمير المؤمنين في آخر خلافته والجواب الذي أجابه.
(قال المؤلف) عفا الله عنه إن الكتاب المشار إليه من أدل دليل على هذا القول فان عقيلا لما كتب إلى أخيه " عليه السلام " عقيب غارة الضحاك بن قيس الفهري على أطراف أعماله وكان معاوية قد بعثه في وقعة النهروان وذلك في آخر خلافته " عليه السلام " وقد رأيت أن أذكر الكتاب المذكور وجوابه ليطلع عليه من أحب النظر إليه.
(قال) إبراهيم بن محمد بن سعد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات.
(كتاب عقيل بن أبي طالب إلى أخيه) حين بلغه خذلان أهل الكوفة له وتقاعدهم عنه لعبد الله على أمير المؤمنين " عليه السلام " من عقيل بن أبي طالب: سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو: أما بعد: فان الله حارسك من كل سوء وعاصمك من كل مكروه وعلى كل حال إن قد خرجت إلى مكة معتمرا. فلقيت عبيد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من (قديد) في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت إلى أين يا أبناء الشانئين أب معاوية تلحقون عداوة والله منكم قديما غير منكرة تريدون بها إطفاء نور الله وتبديل أمره فأسمعني القوم وأسمعتهم فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون ان الضحاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء ثم انكفأ راجعا سالما فأف لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك وما الضحاك إلا فقع بقرقر وقد توهمت حيث بلغني ذلك أن شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب إلى يا بن أمي برأيك، فان كنت الموت تريد تحملت إليك بيني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ومتنا معك إذا مت فو الله ما أحب أن أبقى في الدنيا بعدك فواقا، وأقسم بالأعز الأجل إن عيشا نعيشه بعدك في الحياة لغير هنى ولا مري ولا نجيع والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه أمير المؤمنين: من عبد الله على أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب: سلام عليك فإني احمد إليك الذي لا إله إلا هو:
أما بعد كلانا الله وإياك كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد، فقد وصل إلى كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه أنك لقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من (قديد) في نحو من أربعين فارسا من أبناء الطلقاء متوجهين إلى جهة الغرب وأن ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصد عن سبيله وبناها عوجا فدع عنك ابن أبي سرح ودع عنك قريشا وخلهم وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق ألا وإن العرب قد أجمعت على حرب أخيك اليوم إجماعها على حرب النبي من قبل اليوم فأصبحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله بادروا بالعداوة ونصبوا له الحرب وجهدوا عليه كل الجهد وجروا إليه جيش الأحزاب اللهم فاجز قريشا عنى الجوازي فقد قطعت رحمي وتظاهرت على ودفعتني عن حقي وسلبتني سلطان ابن أمي وسلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسابقتي في الإسلام إلا أن يدعى مدع مالا أعرف ولا أظن الله يعرفه والحمد لله على كل حال وأما ما ذكرت من غارة الضحاك على أهل الحيرة فهو أقل وأذل من أن يلم بها أو يدنو منها ولكنه قد كان أقبل في جريدة خيل فاخذ على السماوة حتى مر بواقصة وشراف والقطقطانة فما والى ذلك الصقع فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين فلما بلعه ذلك فر هاربا فاتبعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن وكان ذلك حين طفلت الشمس للأياب فتناوشوا القتال قليلا كلا ولا فلم يصبر لوقع المشرفية وولى هاربا وقتل من أصحابه بضع عشر رجلا ونجا جريضا بعد ما أخذ منه المخنق فلا ساء بلائي ما نجا واما ما سألتني أن أكتب إليك برأيي فيما انا فيه فان رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله لا يزيدني كثرة الناس معي عزة ولا تفرقهم عني وحشة لأبي محق والله مع المحق ووالله ما أكره الموت على الحق وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا واما ما عرضت به من مسيرك إلى ببنيك وبنى أبيك فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشدا محمودا فو الله ما أحب أن تهلكوا معي إن هلكت ولا تحسبن ان أبيك لو أسلمه الناس متخشعا ولا متضرعا إنه لكما قال أخو بنى سليم:
فان تسأليني كيف أنت فأنني * صبور على ريب الزمان صليب
يعز على أن ترى بي كآبة * فبشمت عاد أو بساء حبيب
وقد أورد الشريف الرضى (ره) بعض هذا الكتاب الذي كتبه أمير المؤمنين " عليه السلام " جوابا لأخيه في نهج البلاغة إلا أن بين ما أورده وبين ما نقلناه اختلافا يسيرا في العبارة.
(قال المؤلف) القائلون بان عقيلا فارق أخاه في حياته زعموا أنه شهد صفين مع معاوية غير أنه لم يقاتل ولم يترك نصح أخيه والتعصب له فرووا أن معاوية قال يوم صفين لا نبالي وأبو يزيد معنا فقال عقيل وقد كنت معكم يوم بدر فلم أغن عنكم من الله شيئا، واختلفوا في سبب فراقه له " عليه السلام " .
(فروى) أن عليا " عليه السلام " كان يعطيه في كل يوم ما يقوته وعياله فطلب منه أولاده مريسا فجعل يأخذ كل يوم من الشعير الذي يعطيه أخوه قليلا ويعزله حتى اجتمع مقدار ما جعل بعضه في التمر وبعضه في السمن وخبز بعضه وصنع لعياله مريسا فلم تطلب نفوسهم بأكله دون أن يحضر أمير المؤمنين ويأكل منه فذهب إليه والنمس منه أن يأتي منزله فاتاه فلما قدم المريس بين يديه سأله عنه فحكى له كيف صنع، فقال " عليه السلام " وهل كان يكفيكم ذاك بعد الذي عزلتم منه قال نعم فلما كان اليوم الثاني جاء ليأخذ الشعير فنقص منه أمير المؤمنين مقدار ما كان يعزل كل يوم (وقال) إذا كان في هذا ما يكفيك فلا تجعل لي أن أعطيك أزيد منه فغضب من ذلك فحمى له أمير المؤمنين حديدة ثم قربها من خده وهو غافل فجزع من ذلك وتأوه فقال أمير المؤمنين مالك تجزع من هذه الحديدة المحماة وتعرضني لنار جهنم فقال عقيل والله لأذهبن إلى من يعطيني تبرا ويطعمني برا ثم فارقه وتوجه إلى معاوية.
(وروى) أنه وفد على أمير المؤمنين " عليه السلام " بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه فقال انما أريد من بيت المال فقال تقيم إلى يوم الجمعة فلما صلى قال له ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين قال بئس الرجل قال فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية فامر له يوم قدومه بمائة ألف درهم وقال له يا أبا يزيد انا خير لك أم على قال وجدت عليا انظر لنفسه منه لي ووجدتك انظر لي منك لنفسك .
(وروى) أنه قدم على أمير المؤمنين " عليه السلام " فوجده جالسا في صحن المسجد بالكوفة فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وكان عقيل قد كف بصره فقال عليك السلام يا أبا يزيد ثم التفت أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن فقال له قم وانزل عمك فقام فأنزله ثم عاد إليه فقال اذهب فاشتر لعمك قميصا جديدا ورداءا جديدا وإزارا جديدا فذهب فاشترى له ذلك فغدا عقيل على أمير المؤمنين بدر فلم أغن عنكم من الله شيئا، واختلفوا في سبب فراقه له " عليه السلام " .
(فروى) أن عليا " ع " كان يعطيه في كل يوم ما يقوته وعياله فطلب منه أولاده مريسا فجعل يأخذ كل يوم من الشعير الذي يعطيه أخوه قليلا ويعزله حتى اجتمع مقدار ما جعل بعضه في التمر وبعضه في السمن وخبز بعضه وصنع لعياله مريسا فلم تطلب نفوسهم بأكله دون أن يحضر أمير المؤمنين ويأكل منه فذهب إليه والنمس منه أن يأتي منزله فاتاه فلما قدم المريس بين يديه سأله عنه فحكى له كيف صنع، فقال " عليه السلام " وهل كان يكفيكم ذاك بعد الذي عزلتم منه قال نعم فلما كان اليوم الثاني جاء ليأخذ الشعير فنقص منه أمير المؤمنين مقدار ما كان يعزل كل يوم (وقال) إذا كان في هذا ما يكفيك فلا تجعل لي أن أعطيك أزيد منه فغضب من ذلك فحمى له أمير المؤمنين حديدة ثم قربها من خده وهو غافل فجزع من ذلك وتأوه فقال أمير المؤمنين مالك تجزع من هذه الحديدة المحماة وتعرضني لنار جهنم فقال عقيل والله لأذهبن إلى من يعطيني تبرا ويطعمني برا ثم فارقه وتوجه إلى معاوية.
(وروى) أنه وفد على أمير المؤمنين " عليه السلام " بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه فقال انما أريد من بيت المال فقال تقيم إلى يوم الجمعة فلما صلى قال له ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين قال بئس الرجل قال فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية فامر له يوم قدومه بمائة ألف درهم وقال له يا أبا يزيد انا خير لك أم على قال وجدت عليا انظر لنفسه منه لي ووجدتك انظر لي منك لنفسك (وروى) أنه قدم على أمير المؤمنين " عليه السلام " فوجده جالسا في صحن المسجد بالكوفة فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وكان عقيل قد كف بصره فقال عليك السلام يا أبا يزيد ثم التفت أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن فقال له قم وانزل عمك فقام فأنزله ثم عاد إليه فقال اذهب فاشتر لعمك قميصا جديدا ورداءا جديدا وإزارا جديدا فذهب فاشترى له ذلك فغدا عقيل على أمير المؤمنين
في ردائه وقال اشتر به خير عسل تقدر عليه قال عقيل والله لكأني انظر إلى يدي على " عليه السلام " وهما على فم الزق وقنبر بقلب العسل فيه ثم شده وجعل يبكى ويقول اللهم اغفر للحسين فإنه لم يعلم فقال معاوية ذكرت من لم ينكر فضله رحم الله أبا حسن فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده هلم حديث الحديدة قال نعم أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته فجمعت صبياني وجئت بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم فقال " عليه السلام " إيتني عشية لأدفع إليك شيئا فجئته يقودني أحد ولدى فأمره بالتنحي ثم قال ألا فدونك فأهويت حريصا قد غلبني الجشع أظنها صرة فوضعت يدي على حديدة تلتهب نارا فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يدي جازره فقال لي ثكلتك أمك هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا فكيف بك وفى غد إن سلكنا في سلاسل جنهم ثم قرأ عليه السلام إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون ثم قال " عليه السلام " ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى فانصرف إلى أهلك فجعل معاوية يتعجب ويقول هيهات هيهات عقمت النساء أن تلدن مثله (وروى) أن عقيلا رضي الله عنه غدا يوما عند معاوية وذلك بعد وفاة أمير المؤمنين " عليه السلام " وصلح الحسن " عليه السلام " لمعاوية وجلساء معاوية حوله فقال يا أبا يزيد أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك فقد وردت عليهما قال أخبرك مررت والله بعسكر أخي فإذا ليله كليل رسول الله ونهاره كنهار رسول الله إلا أن رسول الله ليس في القوم ما رأيت إلا مصليا ولا سمعت الا قارئا ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممن نفر برسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة ناقته ثم قال من هذا من يمينك يا معاوية قال هذا عمرو بن العاص قال هذا الذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزار قريش فمن الآخر قال الضحاك بن قيس الفهري قال اما والله لقد كان أبوه جيد الأخذ لعسب التيوس فمن هذا الآخر قال أبو موسى الأشعري قال هذا ابن السراقة فلما رأى معاوية أنه قد اغضب جلساءه علم أنه أن استخبره عن نفسه قال فيه سوء فأحب أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهب بذلك غضب جلسائه قال يا أبا يزيد ما تقول في؟ قال دعني من هذا قال لتقولن قال أتعرف حمامة قال ومن حمامة يا أبا يزيد قال قد أخبرتك ثم قام فمضى فأرسل معاوية إلى النسابة فدعاه وسأله عن حمامة قال ولى الأمان قال نعم قال حمامة جدتك أم أبى سفيان كانت بغيا في الجاهلية صاحبة راية فقال معاوية لجلسائه قد ساويتكم وزدت عليكم فلا تغضبوا.
(وروى) ابن عبد ربه في كتاب العقد ان معاوية قال لعقيل إن عليا قد قطعك ووصلتك ولا يرضيني منك الا أن تلعنه على المنبر قال افعل قال فاصعد فصعد ثم قال بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه قال أيها الناس ان أمير المؤمنين معاوية أمرني أن العن علي بن أبي طالب فالعنوه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ثم نزل، فقال له معاوية انك لم تبين يا أبا يزيد من لعنت بيني وبينه قال والله ما ازددت حرفا ولا نقصت آخر والكلام إلى نية المتكلم.
(وروى أيضا) أنه لما قدم عقيل إلى معاوية أكرمه وقربه وقضى عنه دينه ثم قال له في بعض الأيام والله إن عليا لم يكن حافظا لك إذ قطع قرابتك وما وصلك وما اصطنعك فقال له عقيل والله لقد أجزل العطية وأعظمها ووصل القرابة وحفظها وحسن ظنه بالله إذ ساء به منك وحفظ أمانته وأصلح رعيته إذ خنتم وأفسدتم وجرتم فاكفف لا أبا لك فإنه عما تقول بمعزل، قال ودخل عقيل على معاوية وقد كف بصره فأجلسه معاوية على سريره وقال له أنتم معشر بنى هاشم تصابون في أبصاركم قال وأنتم معشر بنى أمية تصابون في بصائركم، وقال له معاوية يوما والله إن فيكم خصلة ما تعجبني يا بنى هاشم قال وما هي قال لين قال لين؟ ماذا قال هو ذاك قال إيانا تعير يا معاوية أجل والله أن فينا للينا من غير ضعف وعزا من غير جبروت واما أنتم يا بنى أمية فان لينكم غدر وعزكم كفر فقال معاوية ما كل هذا أردنا يا أبا يزيد فأنشد عقيل يقول شعرا:
لذي اللب قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما
وقال له إن فيكم لشبقا يا بنى هاشم قال اجل هو منا في الرجال وفيكم في النساء يا بنى أمية ولذلك لا يقوم بالأموية إلا هاشمي. وقال معاوية يوما وعنده عمرو بن العاص وقد أقبل عقيل لأضحكنك من عقيل فلما سلم قال معاوية مرحبا برجل عمه أبو لهب فقال عقيل وأهلا برجل عمته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد لأن امرأة أبى لهب أم جميل بنت حرب بن أمية قال معاوية يا أبا يزيد ما ظنك بعمك أبى لهب قال إذا دخلت النار فاعدل ذات اليسار تجد عمى أبا لهب مفترشا عمتك حمالة الحطب فانظر أناكح في النار خير أم منكوح قال كلاهما شر والله.
وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية غلبك أخوك يا أبا يزيد على الثروة قال نعم واستبقني وإياك إلى الجنة قال اما والله ان شدقيك لمضمومان من دم عثمان فقال وما أنت وقريش والله ما أنت فينا إلا كنطح التيس فغضب الوليد وقال والله لو أن أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعودا وأن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا فقال صه والله إنا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط.
وقرأت في كتاب لم يذكر مؤلفه أسمه أن عقيلا رضي الله عنه قدم على فقال له ما جاء بك أيها الشيخ فقال مشورة الشقيق وإلحاح الصديق وتطلع النفس إلى كل ممنوع فقال له ألم يك عطاؤك دارا ورزقك جاريا وأنت في دعة مقيم مع أهلك قال بلى ولكن أحببت أن أنال من دنياك وما حوت كفاك فقال وأبيك إن ذلك لديك لمنزور وقد أخذت عطائي خمسة آلاف درهم فدونكها فاقبضها ثم خرج فأتى معاوية فلما دخل عليه أمر له بمائة ألف درهم وأجلسه معه على سريره وأذن للناس فلما غص المجلس باهله قال معاوية يا أهل الشام هذا عقيل بن أبي طالب أتى أخاه عليا وهو يجبى إليه أموال العراق فامر له بخمسة آلاف درهم وأتاني فأمرت له بمائة ألف درهم فقال لهم عقيل يا أهل الشام عنى فاسمعوا لا عن معاوية انى أتيت أخي عليا " ع " فوجدته رجلا قد جعل دنياه دون دينه وخشي الله على نفسه ولم تأخذه في الله لومة لائم فوصلني بما اتسعت له كفاه واحتمله ماله فحسبكم انه خرج إلى من جميع ماله وإني أتيت معاوية فوجدته رجلا قد جعل دينه دون دنياه وركب الضلالة واتبع هواه فأعطاني ما لم يعرق فيه جبينه ولم تكدح فيه يمينه رزقا أجراه الله على يديه وهو المحاسب عليه دوني لا محمود ولا مشكور فيه ثم التفت إلى معاوية فقال اما والله يا بن هند ما تزال منك سوالف يمرها منك قول وفعل فكأني بك قد أحاط بك ما الذي تحاذر فأطرق معاوية ساعة ثم قال من يعذرني من بنى هاشم ثم أنشد يقول:
أزيدهم الاكرام كي يشعبوا العصا * فيأبوا لدى الاكرام أن يتكرموا
إذا عطفتني رقتان عليهم * نأوا حسدا عنى فكانوا هم هم
وأعطيهم صفوا الاخا فكأنني * معا وعطاياي المباحة علقم
وأغضي عن الذنب الذي لا يقيله * من القوم إلا الهزبري المصمم حيا
واصطبارا وانعطافا ورقة * وأكظم غيظ القلب إذ ليس يكظم
أما والله يا بن أبي طالب لولا أن يقال عجل معاوية لخرق ونكل عن جواب لتركت هامتك أخف على أيدي الرجال من حولي الحنظل فأجابه عقيل:
عذيرك منهم من يلوم عليهم * ومن هو منهم في المقالة أظلم
لعمرك ما أعطيهم منك رأفة * ولكن لأسباب وحولك علقم
أبى لهم ان ينزل الذل دارهم * بنو حرة زهر وعقل ومسلم
وانهم لم يقبلوا الضيم عنوة * إذا ما طغى الجبار كانوا هم هم
فدونك ما أسديت فأشدد به يدا * وخيركم المبسوط والشر فالزموا
ثم رمى المائة ألف درهم ونفض ثوبه وقام ومضى فلم يلتفت إليه.
قال المؤلف ثم إن معاوية استعطفه بعد ذلك ولم يبد له إلا المحبة وكان يحتمل له ما يجبه به يدل على ذلك ما رواه الزمخشري في ربيع الأبرار أن معاوية كتب إلى عقيل يعتذر إليه من شئ جرى بينهما من معاوية بن أبي سفيان إلى عقيل ابن أبي طالب اما بعد يا بنى عبد المطلب فأنتم والله فروع قصي ولباب عبد مناف وصفوة هاشم فأين أحلامكم الراسية وعقولكم الكاسية وحفظكم الأواصر وحبكم العشائر ولكم الصفح الجميل والعفو الجزيل مقرونان بشرف النبوة وعز الرسالة وقد والله ساءني ما كان جرى ولن أعود لمثله إلى أن أغيب في الثرى فكتب إليه عقيل (ره).
صدقت وقلت حقا غير انى * أرى أن لا أراك ولا تراني
ولست أقول سوء في صديقي * ولكني أصد إذا جفاني
فركب إليه معاوية وناشده في الصفح وأجازه مائة ألف درهم حتى رجع.
(وروى) ابن عبد ربه أن معاوية قال لعقيل بن أبي طالب لم جفوتنا يا أبا يزيد فأنشأ يقول:
وإني امرؤ منى التكرم شيمة * إذا صاحبي يوما على الهون أضمرا
ثم قال أيم الله يا معاوية لئن كانت الدنيا أفرشتك مهادها وأظلتك بسرادقها ومدت عليك اطناب سلطانها ما ذاك بالذي يزيدك منى رغبة ولا تخشعا لرهبة فقال معاوية لقد نعتها أبا يزيد نعتا هش له قلبي وأيم الله يا أبا يزيد لقد أصبحت علينا كريما والينا حبيبا وما أصبحت أضمر لك إساءة.
(ويروى) أن زوجة عقيل وهي فاطمة ابنة عتبة بن ربيعة قالت له يا بنى هاشم لا يحبكم قلبي ابدا أين أبى أين عمى أين أخي كأن أعناقهم أباريق فضة ترد آنافهم الماء قبل شفاههم قال إذا دخلت جهنم فخذي على شمالك فشدت عليها ثيابها وأتت عثمان فشكت عليه فبعث عبد الله بن عباس ومعاوية حكمين فقال ابن عباس لأفرق بينهما وقال معاوية ما كنت لأفرق بين سنخين من قريش فلما أتياهما وجداهما قد أغلقا بابهما واصطلحا.
توفى عقيل رحمه الله في خلافة معاوية، قال ابن الضحاك ولم يوقف على السنة التي مات فيها وقال ابن أبي الحديد توفى في خلافة معاوية في سنة خمسين وعمره ست وتسعون سنة وكان له من البنين ثمانية عشر ذكرا قتل بالطف منهم مع الحسين " ع " خمسة وانقرض الجميع ولم يعقب منهم الا محمد بن عقيل ولا عقب له من غيره.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|