أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2016
1978
التاريخ: 2024-09-04
385
التاريخ: 11-3-2022
1776
التاريخ: 2024-08-31
332
|
لاشكَّ في أنّ إيذاء أي إنسان بلا مبرر غير جائز ، ...[و] إنّه لا يجوز تعذيب أحدٍ لأخذ الإعترافات منه ، وأنّ كل إقرار مأخوذ بهذا الأسلوب غير معتبر شرعاً وليس له أيّة قيمة قانونية.
ففي حديث عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام قال : «مَنْ أقرَّ عِنْدَ تجريدٍ أو تخويف أو حَبسٍ أو تهديد فلا حدَّ عَلَيْه» (1).
ولكن إذا كان المتهم قد ارتكب جرماً بيّناً غير ذلك الجرم الذي لم يثبت عليه ، جاز تعزيره لأجله ، كما لو ألقي القبض على سارق في أثناء اقتحامه منزل أحد الناس ولم تثبت سرقته ، فلو عزّر لاقتحامه المنزل واعترف أثناء التّعزير بالسّرقة ظناً منه أنّ هذا التّعزير تعذيب لأخذ الإقرار ، وثبت بالقرائن صدق اعترافه هذا (كما لو دلَّ على مواضع إخفاء تلك المسروقات وتبين صحة ذلك) ، أمكن الأخذ بهذا الإقرار واعتباره شرعيّاً ، وذلك لأنّ القرائن القطعيّة هي التي تثبت صحة هذا الإقرار.
كما يمكن اتباع هذا في مثل هذه الحالة يمكن تعذيب هذا الجاسوس والتّضييق عليه بشرط مراعاة التّعامل الإنساني.
وقد مرَّ بنا في قصة «حاطب بن أبي بلتعة» ، عندما امتنعت «سارة» تلك الجاسوسة ، عن الإعتراف وتسليم الكتاب الذي كتبه حاطب لأهل مكة ، سلّ علي عليه السلام سيفه وهدّدها بالقتل ، فخافت «سارة» فأخرجت الكتاب من شعرها وسلمته للإمام عليه السلام. فهذا الإقرار كان مقروناً بالتّعذيب الرّوحي ومع ذلك حكم بصحته.
فمن الواضح أنّ مثل هذه الضّغوط في مثل هذه الموارد ، ليست أمراً مخالفاً للعقل ولا للشّرع ، لأنّ أهميّة المسألة تكون إلى درجة يجوز معها مثل هذا التّعذيب ، ففي تلك الحادثة ، لو أن خبر عزم الرّسول صلى الله عليه و آله على فتح مكة ، كان قد وصل إلى أسماع قريش ، لأريقت دماء كثيرة في ذلك البلد الآمن مع أنّ نتيجة الحرب كانت واحدة.
وفي قصة قضاء أمير المؤمنين عليه السلام نجد موارد كثيرة مارس الإمام عليه السلام فيها التّعذيب النفسي ضد المجرمين وخاصّة في القضايا المهمّة التي كانوا يرفضون الإعتراف والإقرار فيها ، فكان الإمام يمارس مثل ما مرَّ ذكره من الأساليب للحصول على إقرارهم ، فمثلًا جاء في قضيته : أنّ رجلين تداعيا عنده ، وكان كل منهما يدعي أنّه السيّد وأنّ الآخر غلامه ، فقال الإمام عليه السلام لقنبر : يا قنبر علي بسيف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لأجل أن أضرب رقبة العبد (بعد أن أدخل رأسيهما في ثقبين أعدّهما خصّيصاً لهذا الأمر) ، قال : فأخرج الغلام رأسه مبادراً ، فقال عليّ عليه السلام للغلام : ألست تزعم أنّك لست بعبد ، ومكث الآخر في الثقب ، قال : بلى إنّه ضربني وتعدّى علي (2).
فلا شك في أنّ هذا التهديد كان مؤذياً للغلام الواقعي ولكن هذا المقدار جائز للكشف عن واقع حقٍّ مهم ففي موارد التجسس يكون الأمر كذلك ، بل هو أعلى وأولى.
وبتعبير آخر ، فإنّ قانون «الأهم والمهم» و «تزاحم الواجبات والمحرمات» يُجيز مثل هذا التعذيب في مثل هذه الموارد.
ولكن ، ينبغي أن لا يُستغل هذا القانون بهذه الذّريعة ويُعذَّب المتهمّون تعذيباً شديداً لا يطاق أو يطبق هذا القانون والإستثناء لأدنى سوءِ ظنٍ بالأشخاص.
وينبغي أن لا ننسى أنّ هذا مجرد استثناء ، ولا يجوز الاستفادة من مثل هذه الأساليب إلّا في موارد الضّرورة مع رعاية الحقوق الإنسانيّة كمّاً وكيفاً.
ومن هنا تتضح لنا مسألة أخرى وهي أنّ بعض المأمورين لجمع المعلومات والأسرار يضطرون- ولكسب الأخبار الحسّاسة والمصيرية- أن يتزيّوا بزي الأعداء ويتقمصوا شخصيات أفراد العدو في الملبس والمأكل كي يتمكنوا من اختراق العدو ، وفي مثل هذه الحالات قد يضطرون إلى ارتكاب بعض الذّنوب كأكل الحرام أو الحديث ضدّ الإسلام والمقدّسات الإسلاميّة لتحقيق أغراضهم ، فالحكم هنا مشمول لقاعدة «تزاحم الواجب والحرام» و «الأهم والمهم» ، فمتى ما كان الهدف أعلى وأهم من الذّنب ، كان ارتكاب ذلك الذّنب جائزاً ، لتحقيق الهدف.
________________________
(1) وسائل الشّيعة ، ج 18 ، ح 2 ، الباب السابع من أبواب حدِّ السرقة.
(2) وسائل الشيعة ، ج 18 ، أبواب كيفية الحكم ، باب 21 ، ح 4 ، ص 208.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|