أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2016
2446
التاريخ: 29-09-2015
1999
التاريخ: 19-1-2023
1282
التاريخ: 29-09-2015
2392
|
قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب : 33].
مع كون عبارة أهل البيت مطلقة ، لكن المراد منها هم أهل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بقرينة الآيات السابقة واللاحقة ، واتّفاق علماء الإسلام والمفسّرين على ذلك.
المهمّ هنا هو مَنِ المراد من أهل البيت عليهم السلام ، هل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (هذه الأنوار الخمسة المقدّسة) فقط ، أم زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وباقي أقربائه أيضاً؟
عموم علماء الشيعة والبعض من علماء السنّة أخذوا بالقول الأوّل ، في حين ذهب الكثير من علماء أهل السنّه إلى القول الثاني «1».
ولأجل الوقوف على حقيقة المراد من أهل البيت في الآية الشريفة ، لابدّ من التأمّل في الروايات الكثيرة المذكورة في ذيل هذه الآية عن الكثير من الصحابة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
1- السيوطي في «الدرّ المنثور» الذي يُعدّ من أشهر كتب أحاديث تفسير القرآن عند أهل السنّة ، ذكر حوالي عشرين حديثاً في ذيل هذه الآية ، جاء في خمسة عشر منها أنّها نزلت في حقّ الخمسة أهل الكساء ، أي : النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، واللطيف هنا هو انتهاء عشر من هذه الروايات الخمس إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وكون رواتها هم امّ سلمة ، أبو سعيد ، عائشة ، سعد ، واصل بن أصقع ، أبو سعيد الخدري ، أنس ، أبو الحمراء. (البعض من هذه الروايات ينتهي سندها إلى امّ سلمة زوجة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله).
في حين أنّ أربعة من هذه الأحاديث فقط تشير إلى أنّ الآيات ناظرة إلى زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، والملفت للنظر هو أنّ أيّاً من هذه الأحاديث الأربعة لا ينتهي سنداً إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، بل قد نقلت عن ابن عبّاس وعروة وآخرين كما شهدوا على ذلك بأنفسهم ، فضلًا عن رائحة الوضع التي تشمّ منها ، إذ قد ورد في أربعتها أنّ المراد من الآية زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فقط! في حين أنّ الخطاب ب «كم» في جملة {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ} و{وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ، الوارد بصيغة المذكّر يبيّن أنّ هناك رجالًا مخاطبين في هذه الآية أيضاً ، على خلاف الآيات السابقة النازلة في خصوص نساء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، والتي استعمل فيها «نون النِسوة» ، إذن فالحديث القائل بأنّ المراد هو زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، هو خلاف ظاهر القرآن ولا يمكن قبوله.
2- هناك العديد من الروايات في باب حديث الكساء بين طيّات المصادر الإسلامية (وخاصّة مصادر أهل السنّة) التي يستخلص منها هذا المعنى وهو أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (أو أنّهم حضروا عنده) وغطّاهم بردائه ، وقال طبقاً لرواية عن جعفر الطيّار (ابن عمّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله) اللهمّ لكلّ نبي أهل وإنّ هؤلاء أهلي ، فأنزل اللَّه تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ، وفي هذه الأثناء تقدّمت زينب زوجة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وقالت : ألا أدخل معكم؟ قال مكانك فإنّك على خير إن شاء اللَّه «2».
هذا الحديث يصرّح بعدم دخول زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في آية التطهير.
والأهمّ من هذا هو الحديث الوارد عن عائشة بنفس هذا المعنى والذي تقول في خاتمته : فقلت : يا رسول اللَّه ألست من أهلك؟ قال صلى الله عليه وآله : «إنّك لعلى خير ، ولم يدخلني معهم» «3».
كما أنّ نفس هذا المعنى جاء في صحيح مسلم ، غاية الأمر أنّ ذيل الحديث الذي يرتبط بطلب عائشة لم يرد فيه «4».
وورد نفس هذا المعنى في حديث آخر عن «امّ سلمة» وأنّها قالت في ذيله : يا رسول اللَّه وأنا معهم؟! قال : إنّك على خير (لكنّك لست منهم) «5».
ونقل «الحاكم» نفس هذا المعنى بصراحة أكبر في «مستدرك الصحيحين» عن امّ سلمة أنّه صلى الله عليه وآله قال : «إنّك على خير وهؤلاء أهل بيتي» «6».
حديث امّ سلمة هذا ورد في الكثير من الكتب المعروفة ، من جملتها ما جاء في «صحيح الترمذي» أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله حينما غطّى عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بردائه وقال : «اللهمّ! هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فقالت امّ سلمة : وأنا معهم يا نبي اللَّه؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله : أنت على مكانك وأنت على خير» (وإن لم تكوني في زمرة أهل البيت في هذه الآية) «7».
هذه التعابير تبيّن بمجموعها وبكلّ وضوح أنّ الآية لم تشمل أيّاً من زوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، لا «امّ سلمة» ولا «عائشة» ولا سواهما ، والذي يدعو للإستغراب هو إصرار البعض من مفسّري أهل السنّة على شمول هذه الآية لزوجات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله مع عدم اكتراثهم بكلّ هذه الأحاديث المعروفة المعتبرة.
والعجيب من الفخر الرازي المعروف بشروحه وتفصيلاته الوافية ودقّة ملاحظاته عند تناول آيات القرآن ، هو مروره مرّ الكرام على هذه الآية التي يطول فيها الحديث من كافّة الأبعاد ، وتفسيره لها لفظيّاً بسطرين أو ثلاثة لا غير؟!
لماذا يبتلى عالم بمثل هذا التعصّب الذي يغلق عليه أبواب الحقيقة مع ما تميّز به من قابلية واطّلاع واسع؟!
3- الملاحظة الاخرى هي أنّه : قد جاء في الكثير من الأحاديث ، والتي اشير إلى البعض منها فيما تقدّم أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وبعد نزول هذه الآية كان ينادي لمدّة أربعين يوماً أو ستّة أشهر أو ثمانية أشهر أو أكثر من ذلك عند صلاة الفجر ، أو كلّ الصلوات أو حين مروره ببيت فاطمة الزهراء عليها السلام : الصلاة يا أهل البيت إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً» ، وجاء في البعض منها أنّه صلى الله عليه وآله كان يقول : «السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته أهل البيت إنّما يريد اللَّه ...» «8».
التفاوت الملحوظ في هذه الروايات من الناحية الزمنية لا أهميّة له أصلًا ، إذ من الممكن أنّ «أنساً» قد شهد هذا الموقف ستّة أشهر ، وأبا سعيد الخدري ثمانية أشهر وغيرهما أكثر أو أقل ، إذ في الواقع كلّ يذكر المدّة التي شهدها هو بنفسه دون أن ينفي ما زاد عليها.
ولكن على أيّة حال فهذه الرواية دليل واضح جدّاً على أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، كان يريد بيان هذه الحقيقة لعموم المسلمين وترسيخها في أذهانهم ، وهي أنّ هذه الأسرة فقط دون سواها هي أهل بيته في هذه الآية.
وإلقاؤه الرداء على هؤلاء النفر من أهل بيته وتشخيصه لهم به ، وحجب الآخرين حتّى زوجاته من الدخول تحته إنّما هو لبيان أنّ مصاديق هذه الآية هم أهل الكساء فقط.
نحن لا ندري لو أنّ أحداً أراد تمييز أفراد معدودين من بين جمع كثير ، ومخاطبتهم ، بحيث لا يعترض عليه أهل الشبهات والحجج ، ماذا ينبغي له أن يفعل؟ ألا يكفي لهذا الغرض إلقاء الرداء عليهم ، أو مخاطبتهم عند المرور بالقرب من منازلهم لشهور متوالية !
ألا يثير الدهشة والعجب إهمال البعض لهذه الحقائق ، والإصرار على توسيع دائرة تلك الفضيلة المهمّة المحدودة بالخمسة أهل الكساء لتشمل غيرهم ؟
والملفت للنظر أنّ الحاكم الحسكاني من علماء أهل السنّة المعروفين ، قد ذكر أكثر من مائة وثلاثين حديثاً! حول هذا الموضوع.
و«السيّد علوي بن ظاهر الحضرمي» يقول في كتاب «القول الفصل» : «حديث آية التطهير هو من الأحاديث المشهورة المتواترة التي تقبّلتها الامّة الإسلامية .. واعترف بصحّته سبعة عشر من كبار حفّاظ الحديث» «9».
آخر ما يتعلّق بهذا الموضوع ، هو أنّ الكثير من الروايات الواردة بهذا الشأن مذكورة في كتاب «فضائل الخمسة من الصحاح الستّة» عن صحيح مسلم ، صحيح الترمذي ، تفسير الطبري ، مستدرك الصحيحين ، مسند الإمام أحمد ، خصائص النسائي ، تاريخ بغداد ، مسند أبي داود ، اسد الغابة ، وكتب اخرى يمكن الرجوع إليها لمزيد من الإطّلاع والتعمّق ولإمكانية الحكم بشأنها بشكل أفضل «10».
_________________________
(1) جاء في «في ظلال القرآن» أنّ التعبير بأهل البيت بشكل مطلق إشارة إلى أنّ البيت الحقيقي في العالم هو بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، «مثلما أنّ هذا التعبير قد ورد بشكل مطلق في حقّ بيت اللَّه الحرام في البعض من آيات القرآن» وفي الواقع فانّ هذا التعبير هو نوع تكريم وتعظيم خاصّين لأهل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
(2) شواهد التنزيل للحسكاني ، ج 2 ، ص 32 ، ح 673.
(3) شواهد التنزيل للحسكاني ، ج 2 ، ص 38 ، ح 683.
(4) صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 1883 (باب فضائل أهل بيت النبي) ح 61.
(5) ابن الأثير نقل هذا الحديث في اسد الغابة ، ج 3 ، ص 413.
(6) مستدرك الصحيحين ، ج 2 ، ص 416 (ط. حيدر آباد دكن) نقلًا عن إحقاق الحقّ ، ج 3 ، ص 518.
(7) صحيح الترمذي ، ج 5 ، كتاب تفسير القرآن ، الباب 34 ، ص 351 ، ح 320.
(8) جاء هذا الحديث في شواهد التنزيل عن أنس بن مالك ، ج 2 ، ص 11 ، وعن أبو سعيد الخدري في نفس الجزء ، ص 28 و29 ، وفي الدرّ المنثور في ذيل الآية مورد البحث عن ابن عبّاس وأبو الحمراء.
(9) هذه الأحاديث ذكرها في القول الفصل ، ج 2 ، ص 10 إلى 92 ، (ص 82) فراجعها.
(10) فضائل الخمسة من الصحاح الستّة ، ج 1 ، ص 270 إلى 289.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|