المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8718 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصلاة والإنسان والغيب
2025-03-15
الصلاة ومعالجة النسيان
2025-03-15
الصلاة والإنسان والنسيان
2025-03-15
الوثائق التي خلفها الملك (تهرقا) في المعبد الذي أقامه في (الكوة)
2025-03-15
مناظر معبد (صنم) وما تبقى منها
2025-03-15
FORWARD-BREAKOVER VOLTAGE
2025-03-15

مفهوم فقه اللغة عند الثعالبي
11-7-2016
تشعيع المحاليل
2024-04-20
نشر صورة جديدة لقمر زحل إنسيلادوس
22-10-2016
المتغيرات الجغرافية ذات العلاقة بالجريمة - التكنولوجيا الحديثة والعولمة
9-6-2022
علّة الخوف من الموت
14-12-2015
الاعتكاف
2024-12-09


المستحقون للزكاة  
  
97   11:06 صباحاً   التاريخ: 2025-03-11
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 455 - 465
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الزكاة / اصناف المستحقين /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-10 105
التاريخ: 2024-11-04 397
التاريخ: 16-8-2017 1169
التاريخ: 2024-11-05 461

الذي يستحق الزكاة ، هم الثمانية الأصناف الذين ذكرهم الله تعالى في محكم التنزيل وهو قوله تعالى : ( ِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ)  (1).

فأمّا الفقير فهو الذي لا شي‌ء معه ، وأمّا المسكين فهو الذي له بلغة من العيش ، لا يكفيه طول سنته وقال بعض أصحابنا عكس ذلك ، وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله في نهايته (2) وقال في جمله وعقوده (3) وفاق ما ذهبنا إليه ، واخترناه ، وهكذا في مسائل خلافه (4) ، ومبسوطة (5) ، وهو الصحيح من أقوال أهل اللغة والفقهاء ، لأنّ بين الفريقين اختلاف في ذلك ، والذي يدل على صحّة ذلك قوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) (6) فسماهم مساكين ، ولهم سفينة بحرية ، تساوي جملة من المال ، وهذا بخلاف ما يذهب إليه المخالف في المسألة ، وقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) ووجه الدلالة من الآية أنّ القرآن نزل على لسان العرب ، ولغتها ، ومذاهبها ، ومخاطباتها ، وموضوع كلامها ، والعرب تبدأ بالأهم فالأهم ، فلمّا كان الفقير أسوأ حالا من المسكين ، بدأ به تعالى ، ولا يلتفت إلى قول الشاعر:

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته                                   وفق العيال فلم يترك له سبد

لأنّه لا يجوز العدول عن الآيتين من القرآن إلى بيت شعر. وأيضا فالبيت المتمسك به ، ليس فيه دلالة على موضع الخلاف ، لأنّ كل واحد من الفقير والمسكين ، إذا ذكر على الانفراد ، دخل الآخر فيه ، وانّما يمتاز أحدهما عن الآخر ، ويحتاج إلى الفرق إذا اجتمعا في اللفظ ، وآيات القرآن جمعتهما في اللفظ.

وأمّا العاملون عليها ، فهم الذين يسعون في جباية الصدقات.

وامّا المؤلّفة قلوبهم : فهم الذين يتألفون ، ويستمالون إلى الجهاد ، فإنّهم يعطون سهما من الصدقات ، مع الغنى ، والفقر ، والكفر ، والإسلام ، والفسق ، لأنّهم على ضربين مؤلفة الكفر ومؤلفة الإسلام.

وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله : المؤلفة ضرب واحد وهي مؤلفة الكفر ، والأوّل مذهب شيخنا المفيد ، وهو الصحيح ، لأنّه يعضده ظاهر التنزيل ، وعموم الآية ، فمن خصصها يحتاج إلى دليل ، والعامل يعطى مع الغنى ، والفقر ، ولا يجوز أن يعطى مع الفسق ، ولا يكون من بني هاشم ، لأنّ عمالة الصدقات حرمها الرّسول عليه ‌السلام على بني هاشم قاطبة ، لأنّهم لا يجوز لهم أن يأخذوا الصدقة المفروضة. وقال قوم : يجوز ذلك ، لأنّهم يأخذون على وجه العوض ، والأجرة ، فهو كسائر الإجارات ، والأول هو الصحيح ، لأنّ الفضل بن العبّاس ، والمطلب بن ربيعة ، سألا النبي ، صلّى الله عليه وعلى آله أن يوليهما العمالة فقال لهما : الصدقة ، انّما هي أوساخ الناس ، وانّها لا تحل لمحمد وآل محمد هذا إذا كانوا متمكنين من الأخماس ، فأمّا إذا لم يكونوا كذلك ، فإنّه يجوز لهم أن يتولوا الصدقات ، ويجوز لهم أيضا أخذ الزكوات الواجبات عند الحاجة والاضطرار.

فأمّا موالي بني هاشم ، فإنّه يجوز لهم أن يتولوا العمالة ، ويجوز لهم أن يأخذوا من الزكوات ، بلا عمالة.

وسهم المؤلفة والعمال ساقط اليوم ، لأنّ المؤلف انّما يتألفه الإمام ، ليجاهد معه ، والعامل انّما يبعثه الإمام ، لجباية الصدقات.

(وَفِي الرِّقابِ) وهم العبيد عندنا ، والمكاتبون ، بغير خلاف ، ويعتبر فيهم الإيمان والعدالة,

والغارمون ، وهم الذين ركبتهم الديون ، في غير معصية ، ولا فساد.

(وَفِي سَبِيلِ اللهِ) ، وهو كل ما يصرف في الطريق التي يتوصل بها إلى رضى الله وثوابه ، ويدخل في ذلك الجهاد ، وغيره من جميع أبواب البر ، والقرب إلى الله تعالى ، من معونة الحاج ، والزوار ، وتكفين الموتى ، وبناء المساجد ، والقناطر ، وغير ذلك.

وبعض أصحابنا ، يقصر السهم على الجهاد ، فحسب ، ذهب إلى ذلك شيخنا أبو جعفر رحمه‌ الله في نهايته (7) والأظهر الأصح ، ما اخترناه أوّلا ، لأنّه يعضده ظاهر التنزيل ، وعموم الآية ، والمخصّص يحتاج إلى دليل ، وشيخنا أبو جعفر رجع عمّا في نهايته ، في مسائل خلافه (8) ، فقال بما قلناه ، واخترناه.

وابن السبيل ، وهو المنقطع به ، يقال المنقطع ، بفتح الطاء ، ولا يقال المنقطع بكسر الطاء ، في الأسفار ، ويكون محتاجا في الحال ، وإن كان له يسار في بلده وموطنه.

وقال بعض أصحابنا في كتاب له : إذا أقام هذا ، في بلد بنية المقام عشرة أيام ، خرج من أن يكون ابن سبيل. وهذا ليس بواضح ، وانّما يخرج من حكم المسافرين ، في تقصير الصوم والصلاة ، ولا يخرج من كونه ابن سبيل ، ولا منقطعا به ، لحاجته إلى النفقة إلى وطنه ، إلا أن يعزم على الاستطان في هذا البلد ، ويترك السفر إلى بلده ، ونزوعه إليه ، ويستوطن غيره ، فحينئذ يخرج من كونه ابن السبيل.

ويعتبر فيه الإيمان والعدالة ، وأن لا يقدر على الاكتساب ، بقدر ما ينهضه إلى بلده ومئونته.

وإذا كان الإمام ظاهرا أو من نصبه الإمام حاصلا ، فيستحب حمل الزكاة إليه ، ليفرّقها على هذه الأصناف الثمانية ، ويقسم بينهم على حسب ما يراه.

ولا يلزمه أن يجعل لكل صف ، جزء من ثمانية ، بل يجوز له تفضيل بعض منهم على بعض.

وإذا لم يكن الإمام ظاهرا ، ولا من نصبه الإمام حاصلا ، فرقها الإنسان بنفسه ، على ستة أصناف ، ويسقط بعض السادس ، لا جميعه ، على ما حرّرناه وشرحناه.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته (9) إذا لم يكن الامام ظاهرا ، ولا من نصبه الامام حاصلا ، فرقت الزكاة على خمسة أصناف ، من الذين ذكرناهم ، وهم الفقراء والمساكين (وَفِي الرِّقابِ) والغارمون وابن السبيل ، ويسقط سهم المؤلفة قلوبهم ، وسهم السعاة ، وسهم الجهاد ، وقد قلنا نحن ان السهم الذي هو في سبيل الله ، ليس هو مخصوصا بالجهاد ، على انفراده دون غيره من أبواب البر ، قال رحمه‌ الله : لأنّ هؤلاء لا يوجدون إلا مع ظهور الإمام ، لأنّ المؤلّفة إنّما يتألفهم الإمام ليجاهدوا معه ، والسعاة إنّما يكونون أيضا من قبله في جمع الزكوات ، والجهاد أيضا انما يكون به أو بمن نصبه ، فإذا لم يكن ظاهرا ، ولا من نصبه ، فرّق فيمن عداهم.

والذين يفرق فيهم الزكاة اليوم ، ينبغي أن يحصل فيهم مع احدى الصفات الأصلية ، وهي المسكنة والفقر ، وكونه ابن سبيل ، وكونه غارما ، أن ينضاف خمس صفات أخر إلى الصفة الأصلية ، فتجتمع فيه ست صفات ، وهي الفقر ، والايمان ، والعدالة ، أو حكمهما ، وأن لا يقدر على الاكتساب الحلال بقدر ما يقوم بأوده ، وسدّ خلّته وأود من يجب عليه نفقته ، والأود بفتح الواو ، الاعوجاج ، ولا يكون من بني هاشم ، مع تمكنهم من أخماسهم ، ومستحقاتهم ، ولا يكون ممن يجبر المعطى على نفقته ، وهم العمودان ، الإباء ، وإن علوا ، والأبناء وإن سفلوا ، والزوجة ، والمملوك ، فإن لم يكونوا كذلك ، فلا يجوز أن يعطوا منها شيئا ، فمن أدّى زكاته لغير من سمّيناه ، مع العلم بحاله ، فإنّه لا تبرأ ذمّته ، مما وجب عليه بغير خلاف ، ووجب عليه إخراجها ثانيا بغير خلاف أيضا ، وان لم يعرفه فقد برئت ذمته ، وأخذها من أخذها حراما ، إذا علم انها من الزكاة ، وانه غير مستحق لها.

ولو أنّ مخالفا أخرج زكاته إلى أهل معتقده ، من الاسلاميين ، ثمّ استبصر ، وعاد إلى الحق ، كان عليه إعادة الزكاة ، دون سائر ما فعله من العبادات الشرعيات ، قبل رجوعه واستبصاره ، لأنّ الزكاة حق للآدميين ، وباقي العبادات حقّ لله تعالى ، وقد فعلها على ما كان يعتقده.

ولا بأس أن يعطى الزكاة أطفال المؤمنين ، سواء كان آباؤهم المؤمنون فسّاقا ، أو عدولا ، وكل خطاب دخل فيه المؤمنون ، دخل فيه من جمع بين الفسق والايمان ، وإلى هذا ذهب السيد المرتضى في الطبريات (10) وشيخنا أبو جعفر الطوسي في التبيان ، وستراه محققا محرّرا في باب الوقوف من كتابنا هذا (11) إن شاء الله تعالى ، وهو الصحيح الذي لا خلاف فيه من محصّل.

ولا يجوز أن يعطى أطفال مخالفي الحق ، من سائر الأديان.

ومتى لم يجد من وجبت عليه الزكاة ، مستحقا لها في بلده ، وبعث بها إلى بلد آخر ، لتفرق هناك ، فاصيبت في الطريق ، وكان الطريق آمنا ، لم تظهر فيه أمارة الخوف ، فقد أجزأت عنه ، وإن كان قد وجد لها في بلده مستحقا ، فلم يعطه ، وآثر من يكون في بلد آخر ، كان ضامنا لها ، إن هلكت ، ووجب عليه إعادتها.

ومن وصي إليه بإخراج الزكاة ، أو اعطي شيئا منها ليفرّقه على مستحقه ، فوجده ولم يعطه من غير عذر أباح له التأخير ، ثمّ هلكت ، كان ضامنا للمال.

ولا تحل الصدقة الواجبة في الأموال لبني هاشم قاطبة ، قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته : وهم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين عليه‌ السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وعقيل بن أبي طالب ، وعباس بن عبد المطلب (12).

قال محمّد بن إدريس : وهذا القول ليس بواضح ، والصحيح انّ قصي بن كلاب ، واسمه زيد ، وكان يسمّى مجمعا ، لأنّه جمع قبائل قريش ، وأنزلها مكة ، وبنى دار الندوة ، ولد عبد مناف ، وعبد الدار ، وعبد العزى وعبدا.

فأمّا عبد مناف ، فاسمه المغيرة ، فولد هاشما ، وعبد شمس ، والمطلب ونوفلا وأبا عمرو. فأمّا هاشم بن عبد مناف ، فولد عبد المطلب ، وأسدا وغيرهما ، ممّن ، لم يعقب ، فولد عبد المطلب عشرة من الذكور ، وست بنات أسماؤهم ، عبد الله وهو أب النبي عليه‌ السلام ، والزبير ، وأبو طالب ، واسمه عبد مناف والعباس ، والمقوّم ، وحمزة ، وضرار ، وأبو لهب ، واسمه عبد العزى ، والحرث ، والغيداق ، واسمه جحل ، الجيم قبل الحاء ، بفتح الجيم ، وسكون الحاء ، والجحل ، اليعسوب العظيم ، وأسماء البنات ، عاتكة ، وأميمة ، والبيضاء ، وبرّة ، وصفية ، وأروى ، هؤلاء الذكور والإناث لأمهات شتى ، فلم يعقب هاشم إلا من عبد المطلب عليه‌ السلام ولم يعقب عبد المطلب من جميع أولاده الذكور ، إلا من خمسة ، وهم عبد الله ، وأبو طالب ، والعباس والحرث ، وأبو لهب ، فجميع هؤلاء ، وأولاد هؤلاء ، تحرم عليهم الزكاة الواجبة ، مع تمكنهم من أخماسهم ، ومستحقاتهم على ما قدّمناه ، وهؤلاء بأعيانهم أيضا مستحقو الخمس ، وإلى ما حرّرناه واخترناه ، يذهب شيخنا في مسائل خلافه (13) وانّما أورده إيرادا في نهايته ، للحديث الواحد ، لا اعتقادا.

فأمّا ما عدا صدقة الأموال الواجبة ، فلا بأس أن يعطوا إياها ، ولا بأس أن يعطوا صدقة الأموال مواليهم ، ولا بأس أن يعطي بعضهم بعضا ، صدقة الأموال الواجبة ، في حال تمكنهم من مستحقاتهم ، وانّما يحرم عليهم صدقة من ليس من نسبهم.

ولا يجوز أن يعطى الزكاة لمحترف ، يقدر على اكتساب ما يقوم بأوده ، وأود عياله على ما قدّمناه ، فإن كانت صناعته لا تقوم به ، جاز له أن يأخذ ما يتسع به على أهله.

واختلف أصحابنا فيمن يكون معه مقدار من المال ، ويحرم عليه تملك ذلك المال أخذ الزكاة ، فقال بعضهم : إذا ملك نصابا من الذهب ، وهو عشرون دينارا ، فإنّه يحرم عليه أخذ الزكاة. وقال بعضهم : لا تحرم على من ملك سبعين دينارا. وقال بعضهم : لا اقدّره بقدر ، بل إذا ملك من الأموال ما يكون قدر كفايته لمئونته ، طول سنته على الاقتصاد فإنّه يحرم عليه أخذ الزكاة ، سواء كانت نصابا ، أو أقل من نصاب ، أو أكثر من النصاب ، فإن لم يكن بقدر كفايته سنته فلا يحرم عليه أخذ الزكاة ، وهذا هو الصحيح ، وإليه ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه ‌الله في مسائل الخلاف.

ومن ملك دارا يسكنها بقدر حاجته ، وخادما يخدمه ، جاز له ان يقبل الزكاة ، فإن كانت داره ، دار غلة تكفيه ولعياله ، لم يجز له ان يقبل الزكاة ، فان لم تكن له في غلتها كفاية ، جاز له ان يقبل الزكاة.

وقد روي (14) أنّه ينبغي ، أن يعطى زكاة الذهب والفضة ، للفقراء والمساكين المعروفين بذلك ، ويعطى زكاة الإبل والبقر والغنم أهل التجمّل ، فإن عرف الإنسان من يستحق الزكاة ، وهو يستحي من التعرض لذلك ، ولا يؤثر إن تعلمه أنّها من الزكاة ، جاز لك أن تعطيه الزكاة ، وإن لم تعلمه أنّه منها ، وقد أجزأت عنك ، إذا نويت.

وإن كان لك على إنسان دين ، ولا يقدر على قضائه ، وهو مستحق له ، جاز لك أن تقاصّه من الزكاة ، وكذلك إن كان الدين على ميّت ، جاز لك أن تقاصّه منها ، وإن كان على أخيك المؤمن دين ، وقد مات ، جاز لك أن تقضي عنه من الزكاة ، وكذلك إن كان الدين على والدك ، أو والدتك أو ولدك جاز لك أن تقضيه عنهم ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، من الزكاة ، لأنّ قضاء الدين لا يجب أن يقضيه الولد عن الوالد ، وإن كانت نفقته واجبة عليه ، إلا أن قضاء دينه غير واجب على من تجب عليه نفقته.

وإذا صرفت سهما (فِي الرِّقابِ) ، وأعتق الذي اشتري من الزكاة ، فإن أصاب بعد ذلك مالا ، ثم مات ، ولا وارث له ، كان ميراثه لأرباب الزكاة.

وروي أنّ من أعطى غيره زكاة الأموال ، ليفرقها على مستحقيها ، وكان مستحقا للزكاة ، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يعطي غيره ، اللهم إلا أن يعيّن موكله له أعيانا بأسمائهم ، فإنّه لا يجوز له حينئذ أن يأخذ منها شيئا ، ولا أن يعدل عنهم إلى غيرهم.

والأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية ، وإن كان قد أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته (15) ، إلا أنّه حقق القول فيها ، وفي أمثالها ، في مبسوطة في الجزء الثاني ، فإنه قال : إذا وكله في إبراء غرمائه لم يدخل هو في الجملة ، وكذلك في حبس غرمائه ، ومخاصمتهم ، وكذلك إذا وكله في تفرقة ثلثه ، في الفقراء والمساكين ، لم يجز له أن يصرف إلى نفسه منه شيئا ، وإن كان فقيرا مسكينا ، لأنّ المذهب الصحيح ، انّ المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إيّاه ، في أمر غيره ، فإذا أمر الله تعالى نبيه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا لم يدخل هو في ذلك الأمر (16) هذا آخر كلامه رحمه‌ الله في مبسوطة وهو سديد في موضعه.

واختلف أصحابنا في أقل ما يعطى الفقير من الزكاة في أوّل دفعة، فقال بعض منهم: أقلّه ما يجب في النصاب الأول ، من سائر أجناس الزكاة. وقال بعض منهم: أخصّه بأوّل ، نصاب الذهب والفضّة ، فحسب. وبعض قال: أقلّه ما يجب في النصاب الثاني من الذهب والفضّة ، وذهب بعض آخر إلى أنّه يجوز أن يعطى من الزكاة الواحد من الفقراء ، القليل ، والكثير ، ولا يحد القليل بحدّ لا يجزئ غيره ، وهذا هو الأقوى عندي ، لموافقته طاهر التنزيل ، وإليه ذهب السيد المرتضى رحمه ‌الله ، في جمل العلم والعمل (17)، وما روي من الأخبار (18) في المقدار ، فمحمول على الاستحباب ، دون الفرض والإيجاب ، ولأنّه إذا أتاها في الزكاة ، وأخرجها قليلا ، في دفعات عدّة ، فلا خلاف انّه ينطلق عليه اسم مؤت ومعط ، فانّ الله تعالى قال ( َقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (19) وهذا قد آتاها ، وامتثل ما أمر به.

وأيضا الأصل براءة الذمة ، من المقادير والكيفيات ، لأنّها أمور شرعيات ، تحتاج في إثباتها إلى أدلة شرعيّة ، ولا دليل على ذلك ، لأنّ في المسألة بين أصحابنا خلافا ، على ما صوّرناه ، وإذا لم يكن إجماع فيبقى الأصل ، وهو براءة الذمة.

وليس لأكثر ما يعطى الفقير حدّ محدود ، بل إذا أعطاه دفعة واحدة ، فجائز له ما أراد ، ولو كان الف قنطار.

وقال شيخنا المفيد في مقنعته ، في باب من الزيادات في الزكاة : وروى حماد عن حريز عن بريد العجلي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌ السلام يقول : بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله مصدقا ، من الكوفة إلى باديتها ، ثم أورد الحديث بطوله ، إلى قوله: ولا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق ، في الساعات التي تريح ، وتعنق ، وأرفق بهن جهدك (20).

قال محمّد بن إدريس ، مصنّف هذا الكتاب : سمعت من يقول تريح وتغبق بالغين المعجمة ، والباء ، يعتقده أنّه من الغبوق ، وهو الشرب بالعشي ، وهذا تصحيف فاحش ، وخطأ قبيح ، وإنّما هو بالعين غير المعجمة المفتوحة ، والنون المفتوحة ، وهو ضرب من سير الإبل ، وهو سير شديد ، قال الزاجر:

يا ناق سيري عنقا فسيحا                              الى سليمان فنستريحا

لأنّ معنى الكلام ، أنّه لا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق ، في الساعات التي لها فيها راحة ، ولا في الساعات التي عليها فيها مشقّة ، ولأجل هذا قال تريح من الراحة ، ولو كان فيها من الرواح ، لقال تروح ، وما كان يقول تريح ، ولأنّ الرواح عند العشي يكون قريبا منه ، والغبوق هو شرب العشي ، على ما ذكرناه ، فلم يبق له معنى ، وانّما المعنى ما بيّناه ، وانّما أوردت هذه اللفظة في كتابي ، لأني سمعت جماعة من أصحابنا الفقهاء يصحّفونها.

__________________

(1) التوبة : 60 .
(2) النهاية : كتاب الزكاة ، باب مستحق الزكاة.
(3)
الجمل والعقود : كتاب الزكاة فصل 11 من مستحق الزكاة.
(4)
الخلاف : ج 2 كتاب قسمة الصدقات مسألة 10 .
(5)
المبسوط : كتاب الزكاة كتاب قسمة الزكاة والأخماس والأنفال ص 246 .
(6) الكهف : 79 .

(7) النهاية : كتاب الزكاة ، باب مستحق الزكاة.
(8)
الخلاف : ج 2 ، كتاب قسمة الصدقات ، مسألة 21 .

(9) النهاية : كتاب الزكاة ، باب مستحق الزكاة ، وفي المصدر (حاضرا) بدل (حاصلا).

(10) رسائل الشريف المرتضى : ج 1 ص 155 المسألة السابعة من المسائل الطبريات.
(11) السرائر : كتاب الوقوف والصدقات ، فيما إذا وقف شيئا على المسلمين.
(12)
النهاية : باب مستحق الزكاة.

(13) الخلاف : ج 2 ، كتاب الوقوف والصدقات ، مسألة 4 .

(14) الوسائل : كتاب الزكاة ، الباب 26 من أبواب المستحقين للزكاة.

(15) النهاية : باب مستحق الزكاة.

(16) المبسوط : ج 2 ، كتاب الوكالة ـ حكم التوكيل في إبراء الغرماء ، ص 403 .

(17) جمل العلم والعمل : فصل في وجوه إخراج الزكاة ص 125 ، طبع النجف الأشرف سنة 1387 .
(18)
الوسائل : الباب 23 من أبواب المستحقين للزكاة.
(19)
البقرة : 43 و 83 و 110 .
(20)
المقنعة : باب الزيادات من الزكاة ، ص 255. وفي الوسائل : الباب 14 في أبواب زكاة الأنعام ، ح 1 .

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.