أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-24
![]()
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-24
![]() |
تَفْرِيْعَاتٌ:
أحدُها: قولُ الصَّحابيِّ: ((كُنَّا نَفْعَلُ كذا أو كنَّا نقولُ كذا)) (1) إنْ لَمْ يُضِفْهُ إلى زمانِ رسولِ اللهِ (2) - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فهوَ مِنْ قبيلِ الموقوفِ، وإنْ أضافَهُ إلى زمانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -، فالذي قَطَعَ بهِ أبو عبدِ اللهِ بنُ البَيِّعِ (3) الحافظُ وغيرُهُ مِنْ أهلِ الحديثِ وغيرِهِم أنَّ ذلكَ مِنْ قبيلِ المرفوعِ (4).
وبَلَغَني عَنْ أبي بكرٍ البَرْقانيِّ أنَّهُ سألَ أبا بكرٍ الإسماعيليَّ الإمامَ عنْ ذلكَ فأنكرَ كونَهُ مِنَ المرفوعِ. والأوَّلُ هوَ الذي عَليْهِ (5) الاعتمادُ؛ لأنَّ ظاهرَ ذلكَ مُشْعِرٌ بأنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - اطَّلَعَ على ذلكَ وقرَّرَهُم عليهِ، وتقريرُهُ أحدُ وجوهِ السُّنَنِ المرفوعةِ؛ فإنَّها أنواعٌ منها: أقوالُهُ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -، ومنها: أفعالُهُ (6)، ومنها: تقريرُهُ وسكوتُهُ عنِ الإنكارِ بعدَ اطِّلاعِهِ. ومِنْ هذا القبيلِ قولُ الصحابيِّ: ((كُنَّا لا نرى بأساً بكذا ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فِيْنا، أو كانَ يقالُ: كذا وكذا على عهدِهِ، أو كانُوا يفعلونَ: كذا وكذا في حياتِهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -)). فكلُّ ذلكَ وشبهُهُ مرفوعٌ مُسْنَدٌ مُخَرَّجٌ في كتبِ المساندِ (7).
وذكرَ الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ فيما رُوِّيْناهُ عَنِ المغيرةِ بنِ شُعْبَةَ قالَ: ((كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - يَقْرَعُونَ بابَهُ بالأظافيرِ)) (8): أنَّ هذا يتوهَّمُهُ مَنْ ليسَ مِنْ أهلِ الصَّنْعَةِ مُسْنَداً - يعني: مرفوعاً - لِذِكْرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فيهِ وليسَ بِمُسْنَدٍ بلْ هوَ موقوفٌ (9). وذكرَ الخطيبُ أيضاً نحوَ ذلكَ في جامعِهِ(10).
قلتُ: بلْ هوَ مرفوعٌ كما سبقَ ذِكْرُهُ، وهوَ بأنْ يكونَ مرفوعاً أحرَى؛ لكونِهِ أحرَى باطِّلاعِهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - عليهِ (11)، والحاكمُ مُعْتَرِفٌ بكونِ ذلكَ مِنْ قبيل المرفوعِ، وقدْ كنَّا عَدَدْنا هذا فيما أخذناهُ عليهِ. ثُمَّ تأوَّلناهُ لهُ على أنَّهُ أرادَ أنَّهُ ليسَ بِمُسْندٍ لفظاً، بلْ هوَ موقوفٌ لفظاً، وكذلكَ سائرُ ما سبقَ موقوفٌ لفظاً، وإنَّما جعلناهُ مرفوعاً مِنْ حيثُ المعنى، واللهُ أعلمُ.
الثاني: قولُ الصحابيِّ: ((أُمِرْنا بكذا (12) أو نُهِيْنا عَنْ كذا)) مِنْ نوعِ المرفوعِ والمسنَدِ عندَ أصحابِ الحديثِ وهوَ قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ (13)، وخالفَ في ذلكَ فريقٌ منهم أبو بكرٍ الإسماعيليُّ (14)، والأوَّلُ هوَ (15) الصحيحُ؛ لأنَّ مطلقَ ذلكَ ينصرفُ بظاهرِهِ إلى مَنْ إليهِ الأمرُ والنَّهْيُ، وَهُوَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا قَوْل الصحابيِّ ((مِنَ السُّنَّةِ كَذَا)) (16)، فالأصحُّ أنَّهُ مُسنَدٌ مرفوعٌ؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّهُ لا يريدُ بهِ إلاَّ سُنَّةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - وما يجبُ اتِّباعُهُ (17).
وكذلكَ قول أنسٍ: ((أُمِرَ بلالٌ أنْ يَشْفَعَ الأَذانَ ويُوتِرَ الإِقامةَ))(18)، وسائرُ ما جانسَ ذلكَ، ولا فرْقَ بينَ أنْ يقولَ ذلكَ في زمانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم، وبعدَهُ (19) - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -(20)، واللهُ أعلمُ (21).
الثالثُ: ما قِيلَ مِنْ أنَّ تفسيرَ الصحابيِّ (22) حديثٌ مسندٌ فإنَّما ذلكَ في تفسيرٍ يتعلَّقُ بسببِ نزولِ آيةٍ يُخبرُ بهِ الصحابيُّ أو نحوِ ذلكَ (23) كقولِ جابرٍ - رضي الله عنه ـ: ((كانتْ اليهودُ تقولُ: مَنْ أتى امرأتَهُ مِنْ دُبُرِها في قُبُلِها جاءَ الولدُ أحولَ؛ فأنزلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ... الآيةَ} (24) فأمَّا سائرُ تفاسيرِ الصحابةِ الَّتِي لا تشتملُ عَلَى إضافةِ شيءٍ (25) إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فمعدودةٌ في (26) الموقوفاتِ (27)، واللهُ أعلمُ.
الرابعُ: مِنْ قبيلِ المرفوعِ، الأحاديثُ التي قِيْلَ في أسانيدِها عِندَ ذِكْرِ الصحابيِّ: ((يَرْفُعُ الحديثَ، أو يبْلُغُ بهِ، أو يَنْمِيْهِ (28)، أو رِوَايَةً))، مثالُ ذلكَ: ((سُفيانُ بنُ عُيينةَ، عَنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرجِ، عنْ أبي هريرةَ، رِوَايةً: ((تُقَاتِلُونَ قَوْماً صِغَارَ الأعيُنِ...الحديثَ)) (29). وبهِ ((عنْ أبي هريرةَ يَبْلُغُ بهِ، قالَ: ((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ...الحديثَ))(30)، فكلُّ ذلكَ وأمثالُهُ كِنايةٌ عنْ رفعِ الصحابيِّ الحديثَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -، وحكمُ ذلكَ عندَ أهلِ العلمِ (31) حُكْمُ المرفوعِ صريحاً.
قلتُ: وإذا قالَ الراوي عَنِ التابِعيِّ: ((يَرْفُعُ الحديثَ أو يَبْلُغُ بهِ))، فذلكَ أيضاً مرفوعٌ، ولكنَّهُ مرفوعٌ مرسَلٌ (32)، واللهُ أعلمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الزركشي 1/ 421 - 423: ((حاصله: حكاية قولين: الوقف مطلقاً، والتفصيل بأن تضيفه إلى زمان النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - أو لا، وأهمل مذاهب:
أحدها: أنّه مرفوع مطلقاً، وبه قال الحاكم ورجّحه من الأصوليّين الإمام الرازي. وقال ابن الصبّاغ في العدة: إنّه الظاهر، ومثّله بقول عائشة: ((كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه)) وحكاه النووي في شرحه على البخاري والوسيط عن ظاهر كلام كثير من المحدّثين والفقهاء، وقال: وهو قوي، فإنّ ظاهره أنّه فعله على وجه يحتجّ به، ولا يكون إلّا برفعه.
والثاني: التفصيل بين أن يكون ذلك الفعل ممّا لا يخفى غالباً فمرفوع، وإلّا فموقوف، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق وغيره، حكاه النووي في أوائل شرح مسلم. وقال غيره: أمّا إذا كان في القصة اطِّلاعه - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - فلا شكَّ في رفعه....
والثالث: إنّ ذكره الصحابي في معرض الحجّة، حمل على الرفع، وإلاّ فعلى الوقف، حكاه القرطبي في أصوله)). وانظر: التقييد والإيضاح 66، ونكت ابن حجر 2/ 515.
(2) في (ب): ((النبي)).
(3) بفتح الباء وكسر الياء المشدّدة، بعدها عين مهملة. ويقال له أيضاً: ابن البَيَّاع، وهذه اللفظة تقال لمن يتولّى البياعة والتوسّط في الخانات بين البائع والمشتري من التجّار للأمتعة. انظر: الأنساب 1/ 448، ووفيات الأعيان 4/ 281، وسير أعلام النبلاء 17/ 163، والتاج 25/ 368.
(4) انظر: معرفة علوم الحديث 22.
(5) عبارة: ((الذي عليه)) ليست في (م).
(6) قوله: ((ومنها أفعاله)) ساقطة من (م).
(7) في (ب) و (جـ) و (م): ((المسانيد))، وفي (أ): ((المسانيد)) وكتب فوقها: ((المساند)).
(8) رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 19، ومن طريقه البيهقي في المدخل: 381 (659) من طريق محمد بن أحمد الزيبقي البصري، عن زكريا بن يحيى المنقري، عن الأصمعي، عن كيسان مولى هشام بن حسان، عن محمد بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة، به. قلنا: الزيبقي لم نقف على حاله، لكن ذكره ابن ماكولا في الإكمال 4/ 228 من غير أن يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً. والمنقري: ذكره ابن حبّان في ثقاته 8/ 255، وكذا الخطيب في تاريخه 8/ 459 من غير أن يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً. وكيسان - مولى هشام بن حسان -: ذكره البخاري في التاريخ الكبير 7/ 235، وابن أبي حاتم 6/ 166، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في الثقات 7/ 358. ومحمد بن حسان، قال الحاكم فيه: حسن الحديث. هكذا نقل السخاوي في فتح المغيث 1/ 138. ونقل الزركشي عنه 1/ 426 أنّه قال: ((غريب الحديث)). ونقل البيهقي عنه أنّه قال: ((عزيز الحديث)). المدخل (659). وقد روي من حديث أنس، أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، والخطيب في الجامع 1/ 161 (223)، من طريق مالك بن إسماعيل، عن المطلب بن زياد، عن أبي بكر بن عبد الله الأصبهاني، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس، به. قلنا: المطلب بن زياد الكوفي: وثَّقه ابن معين وأحمد، وقال أبو حاتم: لا يحتجّ به، وقال ابن سعد: ضعيف. ميزان الاعتدال 4/ 128، وقال ابن حجر: صدوق ربّما وهم. التقريب (6709). وأبو بكر بن عبد الله الثقفي الأصبهاني: قال الذهبي فيه: أصبهاني غير معروف، روى عنه المطلب بن زياد فقط. ميزان الاعتدال 4/ 506. وقال ابن حجر: مجهول، من السابعة، ووهم مَن زعم أنّه يعقوب القمي. التقريب (7975). ومحمد بن مالك بن المنتصر: قال الذهبي: لا يعرف. ميزان الاعتدال 4/ 23. وقال ابن حجر: مجهول. التقريب (6260). وذكره ابن حبّان في ثقاته 5/ 371، كما هي عادته في توثيق المجاهيل، ولكنّه شكّك في سماعه من أنس، فقال معرّفاً به: يروي عن أنس بن مالك إن كان سمع منه. ورواه الخطيب في جامعه 1/ 162 (224) من طريق حميد بن الربيع، عن المطلب بن زياد، عن عمر بن سويد، عن أنس بن مالك، به. قلنا: حميد هذا: هو الخزّاز اللخمي، كوفي يُكنَّى أبا الحسن، وثَّقه أحمد وعثمان بن أبي شيبة، وكان الدارقطني حسن الرأي فيه، وقال البرقاني: عامّة شيوخنا يقولون: ذاهب الحديث. وكذّبه ابن معين. وقال النسائي: ليس بشيء. وقال ابن عدي: يسرق الحديث ويرفع الموقوف. ميزان الاعتدال 1/ 611. وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه ببغداد، وتكلّم الناس فيه فتركت التحديث عنه. الجرح والتعديل 2/ 222. وقال مسلمة بن قاسم: ضعيف. لسان الميزان 2/ 363. وتابع حميداً في روايته عن المطلب: ضرار بن صرد أبو نعيم، عند البزّار كما في مجمع الزوائد 8/ 43، والخطيب في الجامع 2/ 291 (1890). قال ابن معين فيه: كذّاب. وقال البخاري: متروك. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتجّ به. ميزان الاعتدال 2/ 327. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 43: رواه البزار وفيه ضرار بن صرد، وهو ضعيف.
(9) قال الزركشي 1/ 425: ((تبع الحاكم في ذلك أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ، وحكاه المصنف عن الخطيب أيضاً)).
(10) قال البلقيني في محاسنه: 127: ((ما ذكر عن الخطيب أنّه ذكر في " جامعه " نحو ما ذكر الحاكم لم أقف عليه في " جامع الخطيب " فلينظر. نعم وجدت في " جامع الخطيب " حديث القرع بالأظافير من حديث ((أنس)) ولم يتعرّض لقوله موقوفاً)). قلنا: بل هو في جامع الخطيب 1/ 291 عقب (1890). وانظر: نكت الزركشي 1/ 425، ونكت ابن حجر 2/ 518.
(11) سقطت من (جـ).
(12) انظر: نكت الزركشي 1/ 426.
(13) نسب إليهم الخطيب في الكفاية: (592 ت-421هـ)، والنووي في المجموع 1/ 59، والآمدي في الإحكام 2/ 87، والأسنوي في نهاية السول 3/ 187، وابن السبكي في الإبهاج 2/ 329.
(14) وكذلك أبو بكر الصيرفي من الشافعية، وأبو الحسن الكرخي والرازي من الحنفية، وابن حزم والغزالي وجماعة من الأصوليين، وأكثر مالكية بغداد، وحكاه إمام الحرمين عن المحقّقين، وذكر الزركشي أنّه قول إمام الحرمين، بل حكى ابن فورك وسليم الرازي وابن القطان والصيدلاني: أنّه الجديد من مذهب الشافعي وكذا نسبه المازري إلى أحد قولي الشافعي. انظر: البرهان 1/ 649، والمنخول: 278، والتبصرة في أصول الفقه: 331، وإحكام الأحكام 2/ 87، والإبهاج 2/ 328، والبحر المحيط 4/ 375، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 235، ونكت ابن حجر 2/ 523، وشرح السيوطي: 149، وهو الخلاف نفسه الذي يأتي في قول الصحابي: ((من السنة كذا ...)). وانظر: نكت ابن حجر 2/ 520.
(15) ليست في (أ).
(16) انظر: نكت الزركشي 1/ 428، ونكت ابن حجر 2/ 523.
(17) قال الحاكم: ((وقد أجمعوا على أن قول الصحابي: سنة: حديث مسند)). المستدرك 1/ 358.
وقال البيهقي: ((لا خلاف بين أهل النقل أنّ الصحابي - رضي الله عنه - إذا قال: أُمِرنا، أو نُهِينا، أو من السنة كذا، أنّه يكون حديثاً مسنداً)). نكت ابن حجر 2/ 522.
(18) أخرجه الطيالسي (2095)، وعبد الرزاق (1794)، وابن أبي شيبة 1/ 205، وأحمد 3/ 103 و 189، والدارمي (1196) و (1197)، والبخاري 1/ 157 (603)، و1/ 158 (606)، ومسلم 2/ 2 (378)، وأبو داود (508)، وابن ماجه (729) والترمذي (193)، والنسائي 2/ 3، وأبو يعلى (2792)، وابن خزيمة (366)، وأبو عوانة 1/ 327، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 132، وابن حبان (1675)، والدارقطني 1/ 239، والحاكم 1/ 198، والبيهقي 1/ 390، والبغوي (403) من طرق عن أبي قلابة، عن أنس.
(19) في (ع): ((أو بعده)).
(20) قال الزركشي 1/ 431: ((قلت: يقتضيه تساوي الأمرين، وهذا صحيح بالنسبة إلى أصل الاحتجاج إلاَّ أنّهما يتفاوتان في القوة، فإنّه يحتمل أن يكون الآمر والناهي من أدرك الخلفاء؛ لكن احتمال إرادته النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - أظهر، قلت: والخلاف في هذا قريب منه في الذي قبله.
فائدة: ويلتحق بقول الصحابي ((من السنّة كذا)): ((لا تلبسوا علينا سنّة نبينا)). كما رواه أبو داود عن عمرو بن العاص في عدّة أم الولد. وقوله: ((أصبت السنّة))، كما رواه الدارقطني عن عمر في المسح على الخفّين، وكذا قوله: ((سنّة أبي القاسم - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -)) في حديث ابن عباس في متعة الحاج. وأقربها للرفع: ((سنة أبي القاسم))، ثمَّ: ((ولا تلبسوا))، ثمَّ: ((أصبت السنّة)). وأمّا حديث أبي هريرة في الخارج من المسجد بعد الأذان: ((أمّا هذا فقد عصى أبا القاسم))، وقوله: ((من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله))، فحكى المنذري عن بعضهم أنّه موقوف، وذكر ابن عبد البر أنّه مسند عندهم، قال ولا يختلفون في هذا وذاك أنّهما مسندان مرفوعان)) ويلتحق به قول عمّار في صوم يوم الشك)). وانظر: محاسن الاصطلاح: 128.
(21) عبارة: ((والله أعلم)) ليست في (ع)، وهي من جميع النسخ المعتمدة.
(22) قال الزركشي 1/ 434: ((ما اختاره في تفسير الصحابي سبقه إليه الخطيب وكذلك الأستاذ أبو منصور البغدادي، قال: إذا أخبر الصحابي عن سبب وقع في عهد النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - أو أخبر عن نزول آية فيه فذلك مسند، لكن قال الحاكم في المستدرك: تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند البخاري ومسلم حديث مسند)).
والتحقيق أن يقال: إن كان ذلك التفسير ممّا لا مجال للاجتهاد فيه فهو في حكم المرفوع، وإن كان يمكن أن يدخله الاجتهاد فلا يحكم عليه بالرفع. وممّا أهمله المصنّف ويليق ذكره هنا تأويل الصحابي الخبر على أحد محتمليه، وقال الشيخ أبو إسحاق في اللمع: إذا احتمل اللفظ أمرين احتمالاً واحداً فصرفه إلى أحدهما - كما روي عن عمر أّنه حمل قوله - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -: ((الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء)) على القبض في المجلس - فقد قيل: يقبل؛ لأنّه أعرف بمعنى الخطاب. وفيه نظر عندي)). انتهى. وقال شيخه القاضي أبو الطيّب: يجب قبوله على المذهب كتفسير ابن عمر التفرّق بالأبدان دون الأقوال)). قلنا: فصَّل ابن حجر في نكته 2/ 530 هذا الأمر تفصيلاً أوسع على نحو ما قال الزركشي.
(23) أطلق كثير ممّن صنّف في علوم الحديث عن الحاكم القول بأنّه يرى تفسير الصحابي مرفوعاً، وهذه الدعوى يسعفها كلامه في المستدرك 1/ 27 و 123 و 542 وغيرها. لكن الذي ينبغي التنبيه عليه أنّ الحاكم ليس من مذهبه الإطلاق الذي حكى عنه، وإنّما خصّه بأسباب النزول - كَمَا اختاره ابن الصَّلاح هنا - فَقَالَ في مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث: 20 بعد أن روى حديثاً في التفسير عن أبي هريرة: ((فأمّا ما نقول في تفسير الصحابي: مسند، فإنّما نقوله في غير هذا النوع))، ثم ساق حديثاً عن جابر في سبب نزول آية، فقال: ((هذا الحديث وأشبهه مسندة عن آخرها وليست بموقوفة، فإنّ الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عن آية من القرآن أنّها نزلت في كذا وكذا، فإنّه حديث مسند)). وانظر: تدريب الراوي 1/ 190، وشرح السيوطي: 154.
(24) أخرجه الحميدي (1263)، وابن أبي شيبة 4/ 229، والدارمي (2220)، والبخاري 6/ 36 (4528)، ومسلم 4/ 156 (1435)، وأبو داود (2163)، وابن ماجه (1925)، والترمذي (2978)، والنسائي في تفسيره (58) و (59)، وأبو يعلى (2024)، والطحاوي 3/ 40، وفي شرح المشكل (6119)، وابن حبان (4166). كلهم من طرق عن جابر، به.
(25) أي: لا حكماً ولا قولاً. أفاده البقاعي في نكته 106 أ.
(26) في (جـ): ((من)).
(27) في (ب): ((الموقوف)).
(28) قال السخاوي في فتح المغيث 1/ 120: ((الاصطلاح في هذه اللفظة موافق للغة، قال أهلها: نميت الحديث إلى غيري نمياً: إذا أسندته ورفعته)). وانظر: القاموس المحيط 4/ 397.
(29) أخرجه الحميدي (1101)، وابن أبي شيبة 5/ 92، وأحمد 2/ 530، والبخاري 4/ 52 (2928) و 4/ 238 (3587)، ومسلم 8/ 184 (2912)، وابن ماجه (4097)، والبيهقي 9/ 175، والبغوي (4242).
(30) أخرجه الحميدي (1044) و (1045)، وأحمد 2/ 242 و 257 و 418، والبخاري 4/ 217 (3495)، ومسلم 6/ 2 (1818).
قال النووي في الإرشاد 1/ 164: ((فكل هذا وشبهه كناية عن رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - وحكمه عند أهل العلم حكم المرفوع صريحاً)).
(31) عبارة: ((حكم ذلك عند أهل العلم)) ساقطة من (جـ).
(32) فيما مضى من كلام ابن الصلاح، حاصله أنّه ذكر فيما يتعلق بالصحابي أربع مسائل: الأولى: قولهُ: كنّا نفعل كذا، أو كانوا يفعلون كذا ونحوها. الثانية: قوله: أُمِرنا بكذا ونحوه. الثالثة: قوله: مِنَ السُّنَّةِ كذا. الرابعة: يرفعه ويبلغ به ونحوها.
ولَمَّا انتقل إلى ما يتعلق بالتابعي لم يذكر إلا حكم المسألة الرابعة فحسب، فأحببنا أن ننبّه على حكم ما سكت عنه:
فأمّا المسألة الأولى: إذا قال التابعي: كنا نفعل؛ فليس بمرفوع قطعاً. ثمّ هَلْ لَهُ حكم المَوْقُوْف؟ إن لم يضفه إلى زمن الصحابة فليس بمرفوع بل هو مقطوع، وإن أضافه ففيه الاحتمالان. وأمّا قوله: كانوا يفعلون كذا، فلا يدل على فعل الأمّة جميعها بل البعض، حتّى يصرّح بنقله عن أهل الإجماع، فيكون بمثابة نقل الإجماع، وفي ثبوته بخبر الواحد خلاف. وأمّا المسألة الثانية: إذا قال التابعي: أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا، فجزم ابن الصبّاغ: أنّه مرسل، أمّا الغزالي فذكر احتمالين: كونه موقوفاً، أو مرفوعاً مرسلاً، من غير ترجيح. وأمّا المسألة الثالثة: إذا قال التابعي: من السنّة كذا، فهل هو موقوف أو مرسل مرفوع؟ فِيهِ الوَجْهَانِ كلاهما لأصحاب الشَّافِعيّ، وحكى الداوودي أن الشَّافِعيّ كَانَ يرى ذَلِكَ مرفوعاً سَوَاء صدر من الصَّحَابيّ أو التَّابِعيّ، ثُمَّ رجع عَنْهُ، وَلَمْ يوافق الداوودي عَلَى حكاية رجوع الشافعي؛ فإنّه قد احتجّ به في مواطن من الجديد. وانظر: نكت الزركشي 1/ 436، والتقييد والإيضاح: 67.
|
|
السكر والملح وسرطان الجهاز الهضمي.. دراسة تحدد "صلة قوية"
|
|
|
|
|
روسيا تطلق صاروخا يحمل مركبة فضائية لأغراض دفاعية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يعلن عن محاور مؤتمر الإمام الهادي (عليه السلام)
|
|
|